شيء محير.. لم تمر 48 ساعة علي اللقاء المثمر الذي عقده الثلاثاء الماضي الدكتور محمد مرسي مع نحو 130 من رجال الاعمال ، يمثلون قطاعات السياحة والتجارة والزراعة والصناعة والخدمات، ضم من بين من ضم، من كانوا مقربين من النظام السابق، واتفقوا جميعا بعده علي سرعة دوران عجلة الانتاج من جديد وزيادة الاستثمارات المحلية لضمان جذب استثمارات أجنبية جديدة، أقول لم تمر هذه الساعات حتي قام 25 عاملا بإحدي اكبر المجموعات الصناعية المنتجة للمواد الغذائية في مصر، باقتحام مواقع الانتاج وهددوا زملاءهم بالسكاكين والمطاوي والسنج، وهددوهم، ما لم يتوقفوا عن العمل حتي يستجيب رجل الاعمال محمد فرج عامر صاحب مصانع فرج الله لمطالبهم بصرف ارباح العام المقبل مقدما، وهو ما رفضه صاحب الشركة، فاضطروه الي اغلاق مصانعه ال 28 ببرج العرب بالإسكندرية، بما يتهدد معه مصير 14 ألف عامل وذويهم بالتشريد!! وبصرف النظر عن مشروعية المطالب من عدمها، غير انه من الواضح ان البعض – سمهم او صفهم بما شئت من الأسماء والأوصاف والانتماءات في الداخل أو الخارج – لا يريد لهذا البلد وان شئت الدقة فقل لهذا النظام الحاكم ان يستقر، أو حتي يهدأ لينجز. عند فرج الله خسائر ب50 مليون جنيه يوميا، وفي إغلاق ميناء بورسعيد خسائر ب30 مليون جنيه مع كل طلعة شمس ، و10 مليارات أخري في الجمارك منذ بداية العام المالي الحالي، و36 مليارا في بنك الاستثمار القومي، واحصائيات عن خسائر مليارية أخري، لا حصر لها في قطاعات مختلفة علي مستوي الخدمات وفي مرافق الدولة، أشهرها 100 مليار بسبب الاضرابات والاحتجاجات والمليونيات خلال العامين الماضيين، وغلق 4000 مصنع بالمدن الصناعية الجديدة تشرد معها مئات آلالاف من العمال، ذلك بخلاف ما أعلنته الحكومة مؤخرا حول عدم كفاية مخزون القمح لأكثر من ثلاثة أشهر وعشرة، ورصيد سكر لا يتجاوز شهرين وستة، حرص في كل ذلك ورغمه، ومن له هدف ومصلحة في اسقاط النظام واحراجه، علي اعلاء لغة البلطجة والتهديدات والعصيان المدني بدلا من الحوار في ظل استمرار العمل والانتاج ، وتركت القوي السياسية لاطفال الشوارع وبلطجيتها مقود السيارة لتفخيخ الاقتصاد المصري، عسي ان يفلحوا معه في اسقاط النظام الحاكم في ذات اللحظة التي يرفع خلالها الرآية البيضاء معلنا عجزه عن قيادة دفة الحكم. بالطبع لم يعجب أصحاب الغايات التحريضية في الداخل والخارج، ان يؤكد الرئيس لرجال الاعمال أنهم أصحاب البلد وانه لا فرق بين مستثمر أخواني أو فلول أو قبطي، نافيا وبشدة وجود نية لما يسميه البعض بتصفية الحسابات. وانه سيعقد اجتماعا شهريا معهم، فيما هو اشبه بالمصالحة معهم . لم يعجهم أن ينجح الرئيس في استعادة الثقة المفقودة بين الحكم وبين رجال الصناعة في جميع محافظات مصر- وأن تأخر كثيرا- ودعوته لهم، والاستماع شخصيا لمشاكلهم، و اعلان دعمهم، باعتبارهم الرقم المهم وربما الأوحد في دائرة اهتماماته للنهوض بالدولة وخروجها من ازمتها الراهنة! أذهلتهم مفاجأة الدكتور مرسي باقتحام سياج الترهيب الاعلامي الممنهج عبر فضائيات بعينها، كانت ولا تزال تنفخ في كير تربص السلطة برجال أعمال محسوبين علي النظام السابق، وانهم ضمن قائمة جاهزة للانتقام منهم وتصفية الحسابات معهم، فإذا بتوجبه الدعوة لهم للقاء الرئيس مع غيرهم دون استثناء، تعفر وجوه المتربصين بالسلطة بالتراب، بعد ان وصلت رسالة الأمان للكافة، لخصها المشهد في عبارة الرئيس: "اعتبروني رئيس الوزراء وسوف أحل لكم جميع المشاكل". تداعيات أزمة مصانع فرج الله بالاسكندرية لاقت اهتماما وقلقا كبيرين علي المستوي العالمي بعد ان تناقلت أنباءها طوال الساعات الأخيرة الماضية عدد كبير من المحطات التليفزيونية والأوساط الاقتصادية للمستثمرين وجهات التجارة الدولية، بل وتم اعتبارها في كثير من التحليلات كمؤشر علي زيادة التدهور الاقتصادي في مصر. إذا كانت السلطة الآن في مأزق يروق لأعدائها في الداخل والخارج الفرجة عليه، فإنه ينبغي علي رجال الأعمال الوطنيين- وكلهم كذلك- ان يغتنموا الفرصة، وأن يترجموا مصالحة – ان جاز التعبير- الرئيس لهم في لقاء الثلاثاء، بالتجرد من انتماءاتهم السياسية، وخلع العباءات الحزبية والايديولوجية عند بوابات الانتاج والاستثمار والتنمية من أجل مصر، حكمها من حكمها ، فالشرعية دائما للصندوق الانتخابي والارادة الشعبية، وليست للبلطجة والتشكيك في النوايا وتهديد اقتصاد واستقرار مصر، بآفات العصيان المدني ودعم إرهاب الشركات والمصانع المنتجة، وخراب البيوت!! This e-mail address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it