مَ أولي بالانتماء لمصر.. الذين ولدوا ونشأوا وتربوا واصبح لأكتافهم لحم من خيرها، أم الذين وفدوا اليها طلباً للعلم أو ذهب علمها وعلماؤها ومشايخها الي بلادهم لنقل فيض خبراتهم في مختلف التخصصات والعلوم اليهم؟! يأتى الي بلادنا الداعية الإسلامي الدكتور محمد العريفي بدعوة من الأزهر الشريف، فيقرعنا بعصا التبكيت - مشكورا- علي اقتصادنا المتهالك،علي عجز الحكومة عن شراء الوقود، علي غلق أكثر من 4000 شركة أبوابها وتشريد عشرات الآلاف من العمال خربت بيوتهم علي خلفية الإضرابات والاعتصامات ضاع معها 100 مليار جنيه في الأرض في عامين ، علي احتياطي القمح الذي لا يتجاوز 2.9 مليون طن، تكاد بالكاد تكفينا لأربعة أشهر فقط ، وعلي احتياطي السكر الذي لا يتجاوز 100 ألف طن، لا تكفي لتحلية أكواب الشاي سوي لما تبقي من اسابيع يناير الجاري، فيما نفد رصيد زيت التموين إلا لما نحتاجه حتي 15 فبراير المقبل فقط ، ورغم ذلك نتوعد باعتصامات وإضرابات أشد في ذكري 25 يناير، فى إشارة مريرة لأحداث ذكري محمد محمود الأخيرة. يبكينا الشيخ العريفي علي حالنا، علي انقسامنا المفضوح والمستغرب ، يذكرنا بما تاه عنا تحت وطأة التكالب علي السلطة باسم الثورة، يسأل حين يعيد علي مسامعنا قوله تعالى" ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين": كيف غاب الأمن عنكم وفيكم، كيف وصل الانفلات الي هذا الحد من السوء الذي انتشرت معه السرقات والبلطجة والتهريج المروري واللامبالاة الشرطية عند جانب ليس بالقليل في بعض الأجهزة الأمنية؟!! يتعجب الداعية السعودي في زيارتيه المتعاقبتين للقاهرة مؤخرا من اغتيال عين الحكمة فينا، بكثرة الإضرابات والاعتصامات الفئوية والسياسية، فأذهب عين العقل منها، إضراب الأطباء عن العمل، والذي عاني علي أثره ودون رحمة آلاف المرضي بالمستشفيات، سواء من كان منهم علي "لستة العمليات" لإجراء جراحات عاجلة ، فلم تتم ، أو من كان بعيادات الطوارئ يبحثون عن طبيب منقذ دون جدوي!! بل ولعله تعجب كذلك من إضرابات القضاة وتعليقهم العمل بالمحاكم على خلفية إقالة النائب العام السابق وتعيين آخر محله ،جري على أثرها ما جري على إضراب الأطباء من تعطيل مصالح المتقاضين مهما قيل عن انتظام العمل في بعض الدوائر أو الدرجات القضائية، فيما لا يزال التربص بالنائب العام الحالي ساري المفعول، بعد مهلة غريبة تنتهي بعد غد الاثنين، ولا يعرف أحد بالطبع شيئاً عما تخبئه الأقدار!! أكاد أجزم بأن رسالة العريفي من القاهرة لشعب مصر قد أعادت الكثير من الانتماء لهذا البلد، وخاصة لجيل الشباب الذي طحنته- إن جاز التعبير- مطالب الحياة وضيق الرزق، مع كثرة سعي بلا طائل نحو فرصة عمل تضمن له حياة كريمة ، ومع يأس في غد أفضل، بعد أن إلتهم فساد العقود الأخيرة موارد البلد وخيراته بما حجب عنه عوائد الفرص المنتظرة من تنمية كانت موعودة فإذا بها تذهب أدراج الرياح مع المفسدين دون امل في عودتها، يتواكب معها ومن ناحية أخرى، دعوات لا تنفض لمظاهرات مليونية وتطاحنات سياسية، يرجعها الدكتور العريفى إلى بعض القوي الاقليمية التي يسيل لعابها علي مصر " لأنهم يعرفون مكانتها وتاريخها وحضارتها " . ينبهنا العريفي فيما يشبه التحذير إلى ما غفلنا عنه - هبلاً وعبطاً ومؤامرة – فيقول بكلام العاشق، موصياً من يجهل قدر المحروسة من ابنائها : " إن مصر في كفة ، وباقى الأمة في كفة اخرى، لذا يلجؤون إلى كل الحيل والوسائل لعرقلة تقدمها ونهضتها، لأنهم يدركون أنه بتقدم مصر تتقدم الأمة، وهذا لا يروق للقوي المتربصة ". الرجل بالنيابة عن أهل مصر الغافلين، يدعو - بقلب العارف بقدرها أكثر من بعض أهلها. - المستثمرين والتجار والسياح لدعم الاقتصاد المصري وعدم تفويت الفرصة لمساعدتها في ظل الظروف التي تمر بها، دون أن ينسي قبل مغادرته المحروسة، إنصاف مصر وتعظيم قدرها في عين أبنائها، لعل دماء الانتماء تعود كما كانت تسري في عروقهم. فيذكرهم بأنه لا يكاد بلد يخلو من عالم أو داعية أو إمام مسجد أو مدرس أو مصلح يحمل الجنسية المصرية أو تلقي العلم علي يد مصري. هذه مصر التي في خاطر العالم.. فهل يسترد أبناؤها الانتماء الذي غاب؟! This e-mail address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it