افتتح أول أمس معرض الفنان الراحل هاني الجويلي ضمن حفل تأبينه الذي أقيم بالقاعة المستديرة بنقابة الفنانين التشكيليين تحت عنوان "صور ومشاهد في شريط لا نهائي". محيط : رهام محمود ضم المعرض أربعين لوحة احتفاءا بذكرى رحيل هاني الأربعين, وقد استغرق المعرض يوما واحدا, وتحدث به الكثير من الفنانين والنقاد والمحبين لهاني الجويلي. يقول عنه أبيه شيخ النقاد كمال الجويلي "رئيس الجمعية المصرية للنقاد": موهبة لفتت الأنظار منذ بداية الطفولة, يطلب الأوراق والألوان ويرسم بطلاقة وبراءة, وهو في الرابعة من العمر يرسم من حوله, في ذلك العام اشترى منه الزميل "عبد الفتاح الجمل" رسما ملونا أثار اعجابه ودهشته, صور فيه اشارة المرور عملاقة مضيئة بالأحمر تتحرك وتنحني لتمنع السيارات المارقة من المرور. أضاف: وهو في الخامسة من العمر أقام له الناقد محمود بقشيش معرضا خاصا في أتيلية القاهرة عام 1974 شارك في افتتاحه الفنان الكبير صلاح جاهين الذي أعجب بإحدى لوحاته التي صور فيها بنتا جميلة, فسأله من هذه يا هاني؟ وأجاب على الفور: " إنها خطيبتي" فقال الفنان الخالد: دعني اشتري خطيبتك, وقدم له على الفور خمسة جنيهات كاملة, وظل محتفظا بها في مكتبه طوال حياته معبرا عن اعجابه بالموهبة البريئة, في نفس الوقت أرسل إليه الكاتب الكبير أنيس منصور مصورا ومحررا من مجلة " آخر ساعة " حيث قدما "ريبورتاجا" في أربع صفحات مازالت الأسرة تعتز بها. تابع: أما التحول الكبير فقد جاء وهو في سن العاشرة تقريبا, حين كانت أختاه الشقيقتان تمسكان بآلتي تصوير وتقفان أمام المرآة تصور إحداهما الاخرى في عيد ميلادها, وحين رأى هذا المشهد عاد سريعا ليحضر الكاميرا البسيطة التي أهديت له ويقف خلفهما ليلتقط الصورة من مرآتين أمامية وجانبية في وقت واحد. يواصل الجويلي حديثه: حين طبع الفيلم ظهرت صورة أذهلت الجميع.. إضاءة.. وتكوينا.. وتناسقا.. وكأنها لخبير, هنا لمعت الموهبة, ليمسك هاني بعد ذلك بأثمن الكاميرات, ويحصل على أول جائزة للإبداع الفني في مادة التصوير الضوئي, وهي خمسة عشر شهرا يمضيها في الأكاديمية المصرية بروما معايشا لورش عمل دولية, عائدا بحصاد ثمين من الخبرة والمستوى الإبداعي, مشاركا بعد ذلك في العديد من البيناليات والمعارض الدولية, حاصلا على العديد من الجوائز في دورات صالون الشباب, وغير ذلك كثير في عمر قصير. ثم يختطفه الموت في لحظة واحدة, وهوعائد من الاسكندرية على الطريق الصحراوي , ما زال الشك يراودني, وما زال الذهول مسيطرا حتى اليوم في ذكرى الأربعين بالقاعة المستديرة, كالزمن, تحيط بنا مختارات سريعة من بين آلاف الصور من أعماله, التي لمعت مثله كالبرق الخاطف أو الشهاب المضيء, هل أقول وداعا, أم إلى اللقاء؟. يقول انريكو ماسانو أستاذ تاريخ الفن بايطاليا: في متوالية الأبيض والأسود نجد أن هاني الجويلي يقدم لنا ببساطة خريطته الخاصة لكي يرشدنا بها إلى عالم الكائنات دون السقوط في المصيدة المألوفة التي تجعل الصور الفوتوغرافية تحفظ لقطة للحظة بعينها لينقلك إلى بقية اللقطات فقد تجاوزت المدخل الحقيقي لرؤية الجويلي الحقيقة للحياة, وهنا ننتقل إلى سياق متوالية كاملة من هذه اللحظات لنصل في النهاية إلى لب الموضوع, وهو ما قد يحدث في الجولة الثانية بالمعرض. أضاف: ها نحن أمام فنان شديد الحساسية يستخدم فن الفوتوغرافيا كوسيط للتعبير الفني لكي يقول لنا في هدوء "كلنا ذلك الكائن, وهنا معا يمكن أن نكون". أما صديقه الفنان هاني درويش فقال: على هذه المقاعد الشاغرة انتظرتك في موعدنا, هل من حكمة في إلتقاطك لها حزينة؟ انتظرتك كما انتظرتك المقاعد وخيالات كل من استقروا بها للحظات, كل من تعجلوا الرحيل مثلك, كل من كانت لهم الحرية وقتا مستقطعا بين فاصلين في الحياة, وحدك انفصلت بوقت مستقطع طويل هذه المرة لتتركني هناك معلقا في جنائزية المقاعد الشاغرة. وتقول الناقدة فاطمة علي: جاء رحيل الفنان الشاب هاني الجويلي سريعا ودراميا في سرعة فتح وغلق عدسة كاميرا, ودرامية أبيض وأسود صورة الفوتوغرافية, وجاء أيضا رحيلة خسارة فنية كبيرة لفنان موهوب اتخذ لنفسه مكانا سريعا متميزا في مجال التصوير الضوئي. أضافت: اعتمد في أعماله على منظور الرؤية الأدنى, معتمدا على زوايا منخفضة كوجهة نظر لإدراكه للمكان المادي الأرضي الذي يشكل أهمية كبيرة في صورة خاصة الأماكن الليلية التي يجيد فيها رفع الضوء إلى مساحة بعيدة بين مساحات الأسود الليلي, تبعا لإتجاة حركة مصابيح إضاءة السيارات, وبها شكل فوق الأرض انعكاسات لأوضاع ضوئية شبه مخروطية مع خلق مقاطع هندسية. وقد توالت في هذا الحفل كلمات الفنانين والنقاد وأصدقاء الفنان, كان يتصدرها الفنان محمد الطراوي, والناقد مكرم حنين, والناقد ابراهيم عبد الملاك, مع حشد من متفقدي لوحات الجويلي الذي أمتلأت القاعة بهم, منتهيا بكلمة زميلة دعت إلى مشاهدة اعمال الفنان هاني الجويلي التي لم ترحل في موقعه الألكتروني www.elgowely.com.