اليوم يمر ثلاث سنوات على ذكرى رحيل الفنان الفوتوغرافي هاني الجويلي، الذي ولد في القاهرة في 16ديسمبر 1969، وتوفى 15أبريل 2007 عبر حادث أليم على طريق مصر إسكندرية الصحراوي حينما كان يعود من أجازة قصيرة كان يقضيها مع زوجته وأصدقائه. رحل الجويلي عن عمر يناهز السابعة والثلاثين، إلا أنه في هذه الفترة القصيرة من العمر استطاع أن يحقق شهرة كبيرة في مجال التصوير الفوتوغرافي، ويمكن أن يرجع السبب في حبه وعشقه للفن منذ كان طفلا إلى أنه نشأ وترعرع في بيت فني, ساعده على تكوين شخصيته الفنية, فأبوه هو الفنان كمال الجويلي شيخ النقاد, وأمه هي الفنانة الراحلة فاطمة طلبه. أقام له الناقد محمود بقشيش أول معرض خاص في أتيلية القاهرة حينما بلغ من العمر خمس سنوات، وشاركه في افتتاحه الفنان الكبير صلاح جاهين الذي أعجب بإحدى لوحاته التي صور فيها بنتا جميلة واشتراها منه بخمس جنيهات, وظل محتفظا بها في مكتبه طوال حياته معبرا عن إعجابه بالموهبة البريئة, وفي نفس الوقت أرسل إليه الكاتب الكبير أنيس منصور مصورا ومحررا من مجلة " آخر ساعة " حيث قدما "ريبورتاجا" في أربع صفحات عن موهبته الفريدة. اشتهر بين فناني جيله بلقب "الفوتوغرافي" حيث كان يتناول موضوعاته الفوتوغرافية برؤية مختلفة عن كونها مجرد لقطة لصورة أو تسجيل لحدث, وبدأ في ذلك منذ بداية صالون الشباب, ثم مر بالعديد من المراحل الفنية المختلفة، منها "المرحلة الإيطالية" التي أنتجها أثناء إقامته في إيطاليا, وهي عن الحياة الإيطالية والطبيعة والمشاهد والتاريخ والتراث الإيطالي. كما تناول طبيعة مصر في مراحله الحديثة، فصورها من الأقصر وأسوان حتى الإسكندرية. أما عن لوحات "الأسفلت" المميزة فقد عرضها تحت عنوان "صحراء المدينة". وفي أيامه الأخيرة أقام معرضه "بني آدم" الذي أهتم فيه بالمجتمع والأشخاص من حوله، فأخذت عدسته تلتقط الناس بانفعالاتهم وتعبيراتهم ومواقفهم المختلفة. تخرج هاني في كلية الفنون التطبيقية قسم الزخرفة التطبيقية جامعة حلوان عام 1992, واستطاع أن يحصل على عضوية نقابتين معا وهما: نقابة الفنانين التشكيليين, ونقابة مصممي الفنون التطبيقية. أقام معرضا خاصا بالمعهد الإيطالي الثقافي بالزمالك عام 1998, وفي نفس العام سافر في بعثة إلى روما للإقامة والتجريب والإبداع لمدة ثمانية عشر شهرا حتى عام 1999, ولم تفوته الفرصة في إقامة معرض بجامعة بروجيا, وآخر بالأكاديمية المصرية بروما. عاد الجويلي إلى وطنه محملا بخبرات جديدة اكتسبها من الخارج, ودفعه حماسه إلى إقامة معرض بأتيلية القاهرة في فبراير عام 2000, وبعدها بشهرين في المعهد العالي للفنون التطبيقية بمدينه 6أكتوبر. توالت بعدها معارض الفنان التي زينت جدران مركز الجزيرة للفنون عامي 2001, و2005, ومعرض "خيط أحمر رفيع" بأتيلية القاهرة 2006 الذي عرض فيه لوحاته الفوتوغرافية التي التقطها عن ما شاهدته مصر من تظاهرات عارمة عام 2005, فأخذ يترصد احتشاد آلاف الجنود في مواجهة المتظاهرين ويلتقط كادراته ببراعة, فقد اهتم بإظهار ملامح الأشخاص, ونظرات العابرين المندهشة أو الخائفة، قبضة الحرس على الحواجز الحديدية، والتجمعات التي تبدو من الأعلى كتلاً منفصلة ومتدافعة. لم تهدأ عدسة الفنان منذ معرضه الأول, فقد كان يشترك في الكثير من المعارض الجماعية من بينها جماعة الفن والمجتمع, وصالون الجمعية الأهلية, صالون الشباب "الرابع, الخامس, السابع, التاسع, الثاني عشر, الثالث عشر, الخامس عشر", صالون الأعمال الصغيرة, المعرض القومي, نور الشكل, نجوم اليوم. شارك أيضا ببينالي القاهرة الدولي الثالث للخزف عام 1996, بينالي شباب البحر الأبيض وأوروبا تورينو إيطاليا في أبريل 1997, و7 فوتوغرافيين من المتوسط أوروبا بيوساسكو إيطاليا عام 1997, وبينالي خيال الكتاب الدولي الثاني بمكتبة الإسكندرية 2005. كما انضم لورشة عمل دولية فوتوغرافية في فيرتشيللى, وتوسكانا بإيطاليا عامي 1997, 1998. حصل في حياته على عدد من الجوائز منها أربع جوائز في صالون الشباب السنوي, وجائزة الدولة للإبداع الفني الفوتوغرافي عام 1998, وشهادة تقدير من الجمعية المصرية للنقاد عن المشاركة في مسابقة نقدية عن فن وحياة الفنانة تحية حليم عام 1994. وما لبث أن سلك أيضا طريق النقد كوالده الناقد الكبير, وقام بتحليل الفن والمعارض التشكيلية في عدة إصدارات منها دورية الأهرام - أحوال مصرية, وأنتج كتاب "النصوص والفوتوغرافيا -دنيا وعلامات لأشياء أخرى", ومن أهم أعماله مجموعة فوتوغرافيات السمبوزيوم الدولي للنحت بأسوان, وآخر معرض شهد إبداعه في الخارج هو "على حافة الذاكرة", في مدينة حلب بسوريا وكان بمناسبة احتفالياتها كعاصمة للثقافة الإسلامية. ومن كتاباته التي دونها في موقعه الخاص والتي توضح المؤثرات التي انعكست عليه فكرياً و فنياً: "..... في الحياة تتوالى الصور والمشاهد في شريط لا نهائي، على هذا الطريق أقف لأتأمل وأحاور وأجادل هذه المتوالية، أبحث عن ذلك المشهد الفاني في قوام اللحظة أرصد، وأسجل شهادتي على الزمن، ثم احتوى هذا الحنين والشجن والتطلع وأعود إلى أوراقي وأدواتي، ابحث في مركب أوراقي الحساسة، مياه التقنية الخطيرة فإذا صمد فهو ما تشاهدونه تتفاعلون به، وما يغيب في المحصول فهو تماما ما يدعوني للعودة مرة أخرى كي اصنع قاربا جديدا كي اكتشف عالما وحلما وأنشودة ، تبحر بي ثانية إلى لقاء ولحظات قلائل أقف فيها صامتا، أرصد وأترقب تعبيرات الوجوه في مرآة الفن والحياة ....." . وقد كتب الجويلي قبل رحيله : " أنا الفوتوغرافي جئت.. أبحث عنك أجدك أحملك معي ونمضي سويا.. على دروب الذاكرة معا نتلاشى لكن كائنا من ورق سيبقى ليحكي أننا كنا هنا هكذا.. الآن" .