وصل رئيس الوزراء المصرى د. هشام قنديل إلى الدوحة لإجراء محادثات مع قطر التى تقدم أكبر دعم مالى لمصر وذلك لحل المشاكل التى نجمت فجأة فى علاقات الدولتين خصوصاً بعد تصريح وزير المالية القطرى يوسف كمال يوم 11 مارس الماضى رداً على سؤال عما إذا كانت بلاده ستقدم المزيد من المساعدات لمصر فأجاب "ليس بعد". خبر الزياره الذى تناقلته وكالات الأنباء كان مثار تعليقات بين الصحفيين والسياسيين وخبراء البورصة ، وكل كان له رأى مختلف فى زيارة قنديل، إلا أنهم أجمعوا على أنها بغرض التسول، وأن مصر بدون قطر ستعلن أفلاسها، خاصة بعد تعثر المفاوضات مع صندوق النقد الدولى لإعطاء مصر قرضاً ب4.8 مليار دولار.
زيارة قنديل للدوحة توضح عدة أشياء أولها أن الدوحة اقتصرت على مساعدة دول الربيع العربى التى وصل فيها الأخوان المسلمون للحكم ... ثانيا ان الاستثمار القطرى فى دول الأخوان هو استثمار فى التطرف الدينى .. والحقيقة أن الدوحة تهوى الأستثمار فى التطرف حتى لو كان اسرائيليا ... فقد أعلن صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطنين قبل فترة أن لديه وثائق تثبت استثمار قطر لملايين الدولارات فى مستوطنات اسرائيلية بالضفة الغربيةالمحتلة .. قطر تريد أن تكسب رضا إسرائيل وأمريكا من ناحية، ومن ناحية أخرى تريد أن تظهر بأنها زعيمة العرب الكبرى بأموالها واستثماراتها.
لكن الأزمة بين مصر وقطر اظهرت أن الأموال والمساعدات القطريه لأرض الكنانة ليست لوجه الله أو لسواد عيوننا، ولكن سعياً إلى ما يريده اي صاحب رأس مال دائماً وهو الاستفادة المقرونة بتفصيل قوانين على مقاسه تحقق أقصى فائدة له ولأمواله.
ولأن رأس المال إذا تزاوج مع السلطة فإنه يلوى القانون لمصلحته، تماماً كما كان رجال الأعمال بالحزب الوطنى السابق يفعلون مع نظام مبارك، فقد بدا الزواج المصري القطري تظهر اثاره سريعا
فبعد أن افلست مصر – أو كادت – ببركات الأخوان التى حلت علينا وانخفض احتياطى النقد الأجنبى إلى 13.4 مليار دولار بعد ان كان 36 ملياراً فى يناير 201 ،وهو مالا يكفى لشراء احتياجات مصر من السلع الاساسية إلا لمدة 3 شهور فقط، كان لابد من الجوء لقطر وبذل الغالي والنفيس حتي ترضي..
سياسة الأخوان الفاشلة جعلت مصر تخسر كل الدعم الذى اعتادت على تلقيه من دول الخليج العربى خاصة الإمارات والسعودية والكويت، خصوصاً بعد أن هدد الرئيس مرسى دولة الإمارات الشهر الماضى فى إحدى خطبه السياسية واتهمها بتمويل الاضرابات والمظاهرات والقلاقل ضده.
من ثم لم يتبق لمصر من سند سوى قطر التى لا تزيد مساحتها عن مساحة حى مدينة نصر بالقاهرة ويقل عدد سكانها عن المصريين المقيمين بأحد شوارع العاصمة الكبرى .. لكن القدر شاء أن تكون قطر هى صاحبة "طوق النجاة" لأى دولة من دول الربيع العربى، فتلقيه لمن تشاء فتنقذه من الغرق وتمنعه عمن تريد وتتركه يغرق فى اليم. وهكذا شاء قدرنا ان تعلمنا الدوحه فن العوم..
والآن نجئ لأسباب غضب قطر من مصر وهو للأسف الغضب الذى دفع برئيس الوزراء المصرى للذهاب مهرولا للدوحة وتقبيل رأس رئيس الوزراء القطرى حمد بن جاسم آل ثانى ويسأله الصفح والمغفرة.
فقد طلبت شركة كيو انفست القطرية (Q-invest) التى تمتلك مصرف قطر الاسلامي اقامة مشروع مشترك بينها وبين المجموعة المالية هيرمس أكبر بنك استثمارفى الشرق الأوسط.
وقد تباطأت الهيئة العامة للرقابة المالية فى مصر في الموافقه علي هذه الصفقة التى ستنعش البورصة، وقد أعلن مسئول بهيرمس أن الصفقة التى تم توقيعها العام الماضى لن تتم اذا لم تصل موافقة الهيئة قبل 3 مايو القادم.
هنا يظهر الوجه القبيح لرأس المال والنظام السياسى إذا ما تلاقت مصالحهما .. فهناك اثنين من مسئولى المجموعة المالية هيرمس يحاكمان مع نجلي الرئيس السابق مبارك فيما يعرف بصفقة التلاعب فى البورصة التى تمت عام 2007.
فورا قررت الحكومة المصرية التدخل فى مسار الدعوى القضائية وتبرئة كل المتهمين فى قضية التلاعب بالبورصة من أجل عيون قطر .. وثبت بالدليل القاطع أن الحكومة يمكن أن تنظر دعوى قضائية بصفقة مستعجلة إذا جاء لها توجيه رئاسى، ويمكن أيضاً أن تعطل دعاوى أخرى لسنوات.
أيضاً غضبت قطر من قرار مصر الشهر الماضى بفرض ضريبة عشرة فى المائة على صفقة استحواذ بنك قطر الوطنى على البنك ألاهلي سوسيتيه جنرال، ومرة أخرى تتدخل الحكومة لإرضاء قطر .. فقد أعلن مساعد وزير المالية يوم الأثنين 8 إبريل عشية زيارة قنديل للدوحة أن الحكومة قررت الغاء الضريبة على التوزيعات النقدية وصفقات الاندماج والاستحواذ ورد المبالغ التى حصلتها من المساهمين القطريين بالفعل.
من هذا المنطلق، فإن أى قطرى يرتكب جريمة فى مصر مستقبلا لن يحاكم وربما يصدر له قانون "تفصيل" لتبرئته .. فالرضا القطرى على مصر صار أهم أولوية عند حكومة قنديل .. لأن حمد بن خليفة أمير قطر هو "صاحب المخل" فى مصر وإذا غضب – وقانا الله شر غضبه – سنأكل الطوب والحجارة.
اللهم دم علينا نعمة قطر واحسانها، وإخسف بمن أذلونا لها الأرض. لقد كنا كراماً أعزه، فصرنا شحاذين أذله على يد الاخوان .. يا رب انقذ مصر من البلاءين والابتلائين .. قطر والأخوان.
الآراء المنشورة في الموقع تعبر عن توجهات وآراء أصحابها فقط ، ولا تعبر بالضرورة عن الموقع أوالقائمين عليه