- فتوى لا حرج في الدعاية ما لم تحدث مفسدة - البر: هناك فرق بين الدعاية الحزبية والدعوة السياسية - السلفيون: يجب أن يكون هناك أخلاق انتخابية - الجهاديون: المجاهدون يعملون لإعلاء كلمة الله والحزبيون لإعلاء كلمة البشر
كتب - عمرو عبد المنعم: الدعاية الانتخابية ركن أصيل في العملية الانتخابية من دونها لا تصل أهداف الحزب أو الجماعة أو التيار أو المرشح إلي المجتمع، وجاءت جلسة الحوار الوطني الأخيرة التي عقدت بمصر مساء الثلاثاء 26 فبراير، فخرجت بعدة توصيات من أجل "ضمان نزاهة الانتخابات"، وعلى رأسها التحذير من الدعاية الانتخابية داخل دور العبادة.
والقرار ليس بجديد فقد جاء قرار اللجنة العليا للانتخابات رقم 21 لسنة 2011 الخاص بضوابط الدعاية الانتخابية فتضمن أربعة عشر بندا جاء في البند الثاني "الحفاظ علي الوحدة الوطنية والامتناع عن الدعاية ذات الطابع الديني أو التفرقة بسبب الجنس أو اللغة أو العقيدة " وفي البند الخامس "عدم استخدام دور العبادة أو المدارس أو الجامعات أو مؤسسات التعليم".
لذلك استبقت كثير من التيارات السياسية الدعاية للعملية الانتخابية مبكرا وبدأت تعد العدة لذلك، ولعلم بعض التيارات المدنية من تأثير الدعاية الانتخابية في دور العبادة وقوتها لدى التيار الإسلامي، بدأت تهاجم هذا التوجه بشكل مبكر لذلك كان من أولي المطالب في جلسات الحوار الوطني.
ولكن قراءة فكرة حذر الدعاية الانتخابية داخل فكر ووجدان التيار الإسلامي أمر هام ولا يستطيع بعض المراقبين تغير ما في فكر وإستراتيجية حزب الحرية والعدالة الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين ما قبل وصولهم في الحكم وذلك عندما كانوا في المعارضة وبعد وصولهم للحكم عندما أصبحوا حزب الأغلبية الآن، وبالطبع لا يقتصر الأمر عند جماعة الإخوان وحزبها الحرية والعدالة بل ويمتد لتيارات الإسلامية التي تري الممارسة السياسية و المشاركة في العمل الحزبي، لذلك اختلفت المواقف والرؤى.
- وفي البداية نلقي الضوء علي مشروعية هذه الفكرة في مخيلة أبرز التيارات السياسية الإسلامية:
فنوى جواز الدعاية الانتخابية في المساجد ونجد أن الأمر أثير في السابق فنجد بعض علماء التيار السلفي، يتحدثون في فتوى عن حكم الدعاية الانتخابية لحزب مسلم في المساجد؟ هل تجوز وجاء رد بعضهم بأن الدعاية الانتخابية إن اقترنت بالخصومات والنزاعات ووقوع اللغط والفتنة والخلاف بين المصلين، فيجب صيانة المساجد و تنزيهها عنها، فقد قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لِيَلِنِي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثَلَاثًا وَإِيَّاكُمْ وَهَيْشَاتِ الْأَسْوَاقِ» رواه مسلم.
وأضافت الفتوى بأنه في حالة إن خلت هذه الدعاية من ذلك، ومن كافة المحاذير الشرعية كالكذب والغيبة، وكانت موافقة لمقاصد الشريعة من نصرة الحق، وتحصيل مصالح المسلمين وبذل للنصيحة لهم ولم تكن مفسدتها أرجح من مصلحتها، فلا حرج فيها.
دور المسجد في الإسلام ونجد أن كثير من أدبيات التيار الإسلامي تعتبر المسجد منبر أوسع بكثير من تأدية الشعائر التعبدية ويردون علي مخالفيهم من الذين يقولون بعدم استخدام المساجد في الدعاية السياسية بأن الرسول أستخدمها ويعقدون مقارنة سريعة بين دور العبادة في الإسلام وبين دور العبادة في اليهودية وكيف أن الشريعة اليهودية تلتزم في النواحي الاجتماعية جميعها بالمعابد الدينية سواء في الزواج والطلاق والدفن وكافة الجوانب المجتمعية وبالتالي تنسحب علي أمور السياسية.
فقد كان المسجد في الصدر الأول للإسلام، كدار البرلمان الآن، ففيه تؤخذ البيعة للخليفة "الانتخابات"، وفيه تناقش أمور الحرب والسلم، وكان إمام المسلمين هو ذاته إمامهم في الصلاة وخطيبهم على المنبر، ولم تكن خطب تقليدية كما هي موجودة الآن.
وفي المسجد عقدت البيعة للخلفاء الراشدين، وكان المسجد هو أداة لإعلان رأي الجماهير ومراقبة الحكام ومتابعة تصرفاتهم، وفيه وقفت امرأة ترد على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب كلام في "السياسة "، لأنه أراد أن يحد من قيمة المهور التي تعالى فيها الناس، فقالت: ليس ذلك لك يا عمر، وسألها الخليفة لم؟ فقالت: لأن الله تعالى يقول «وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلاَ تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً» سورة النساء آية 20. فقال عمر: أصابت امرأة وأخطأ عمر.
عدد المساجد والزوايا في مصر وكشفت أحدث إحصائيات للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن إجمالي عدد المساجد والزوايا في محافظات جمهورية مصر العربية، بلغ 83 ألفاً و 548 مسجدًا وزاويةً. منها 67 ألفاً و 99 مسجدًا ونحو 16 ألفاً و 449 زاوية.
وتصدرت محافظة الشرقية الترتيب العام للمحافظات؛ حيث تضم 7920 مسجدًا، ثم تليها محافظة البحيرة، ثم سوهاج، فأسيوط، فالدقهلية، فالمنيا.
وفي المركز الأخير جاءت محافظة البحر الأحمر وتحتوي على 114 مسجدًا، وفيما يتعلق بالزوايا جاءت القاهرة في المركز الأول 3041 زاوية تلتها محافظة الشرقية ثم الجيزة والغربية، وجاءت محافظة جنوبسيناء في المركز الأخير وبها زاوية واحدة فقط.
السلفيون والدعاية في دور العبادة يقول الباحث احمد زغلول المتخصص في الشأن السلفي عن علاقة السلفيين بالدعاية الانتخابية أنه في خطبة ل د.سعيد عبد العظيم يوم الجمعة 21 10 2011 بعنوان "أخلاق الانتخابات" وضع فيها م اسماه "ميثاق الشرف للعملية الانتخابية وسط الأحزاب الإسلامية "، حيث لا بد من التأدب والالتزام بالأخلاق الإيمانية والآداب الشرعية في الحفاظ علي العرض والنفس والمال.
وأضاف زغلول بأن عبد العظيم طالب بانتخاب الأكفأ ومن تتحقق به المصلحة، وعدم طمس الدعاية لحزب إسلامي آخر، وطالب المرشحين بالبعد عن تزكية النفس، خاصة في الصفات الدينية ولا تستعر صفات النبي يوسف الكريم بن الكريم ابن الكريم وتقول "اجعلني علي خزائن الأرض"، هذه كانت نصائح القيادي السلفي الكبير للمرشحين الإسلاميين عموما ومرشحي حزب النور خاصة، وقد طبقت النصائح بشكل ما.
- وفي تحليله لخطاب الدعاية السلفي في الانتخابات الماضية قال: الاستخدام المكثف للرموز الدينية سواء بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر، حيث يتمثل الشكل المباشر في استخدام لافتات للحزب تعتمد علي صور العديد من شيوخ العمل الدعوي الكبار أمثال الشيوخ: محمد إسماعيل المقدم، ياسر برهامي، سعيد عبد العظيم، أحمد فريد، محمد حسان، عبد المنعم الشحات، وذلك تحت شعار مقتبس من حزب الحرية والعدالة يقول: "حزب النور حزب أسسه السلفيون لكل المصريين "علي غرار شعار" حزب الحرية والعدالة أسسه الإخوان المسلمون لكل المصريين".
أما الشكل غير المباشر فيتمثل في ألقاب "الحاج" و"الشيخ" التي تسبق أسماء العديد من مُرشحيه، أما بالنسبة لصور المرشحات علي قوائم الحزب فقد أثارت هذه الصور العديد من الانتقادات، سواء من قِبل بعض الأصوات السلفية أو من قبل المتابعين للحملات الانتخابية، حيث تم وضع صورة "وردة" بديلاً عن صورة المرشحة، وبرر الحزب ذلك بأن المرشحات هن من رفضن وضع صورهن في الشوارع.
الإخوان واستخدام دور العبادة في الدعاية الانتخابية اعتمدت جماعة الإخوان المسلمين طوال تاريخها علي المسجد كأداة رئيسية في الدعاية لها ولأهدافها سواء التنظيمية أو الانتخابية وذلك منذ الأربعينيات من القرن الماضي لكن لا نستطيع أن نغفل أنها كجماعة دينية ثم سياسية تعرضت لضغوط كثيرة في المساجد التابعة لها من قبل أنظمة سياسية متعاقبة منذ عهد الملك حتى مبارك.
وانتقلت الجماعة من المسجد إلي النادي وإلي النقابات المهنية وتعاملت مثل كل الأحزاب العصرية في نشر دعايتها الانتخابية لكنها لا تجد عضاضة في بث دعايتها المباشرة في المساجد والزوايا التي لا إشراف عليها من قبل المؤسسات الدينية لذلك مهما جاء قانون وحاول منع هذه الدعاية فلن يفلح لان الجماعة واثقة من تواجدها الوحيد والمنفرد في مساجدها وقراها وخاصة بعض محافظات الوجه البحري.
وهنا يري مفتي جماعة الإخوان المسلمين د عبد الرحمن البر مسألة رفض الداعية داخل دور العبادة بأنها ذات هدف انتخابي فيقول "إن الجدل يشتد حول دور الداعية والمسجد بشكل كبير مع اقتراب مواعيد الانتخابات، حيث ترى التيارات الموصوفة بالليبرالية واليسارية وغيرها أن حديث الأئمة والدعاة في السياسة يصب بشكل واضح في صالح أصحاب المشروع الإسلامي في السياسة والحكم، ولهذا تتعالى الأصوات بالدعوة لمنع الدعاة من الحديث في الشأن السياسي".
وهنا يفرق د البر بين السياسة والعمل الحزبي، فيقول «الفارق بعيد بين الحزبية والسياسية، وقد يجتمعان وقد يفترقان، فقد يكون الرجال سياسيا بكل ما في الكلمة من معان وهو لا يتصل بحزب ولا يمت إليه، وقد يكون حزبياً ولا يدري من أمر السياسة شيئاً، وقد يجمع بينهما فيكون سياسياً حزبياً أو حزبياً سياسياً على حد سواء، وأنا حين أتكلم عن السياسة (التي يجب أن يمارسها الداعية في مسجده وفي خطبه) في هذه الكلمة فإنما أريد السياسة المطلقة، وهى النظر في شئون الأمة الداخلية والخارجية غير مقيدة بالحزبية بحال» (ويقتبس نص من كلام الإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله في مؤتمر طلبة الإخوان المسلمين).
أما العمل الحزبي و«الكلام للبر» فهو الذي يجب أن يتجنبه الداعية في المسجد وعلى المنبر وفي الدرس المسجدي، فلا يصح أن يدعو في خطبته أو في درسه المسجدي لحزب بعينه أو لمرشح بعينه، حتى لو كان هو نفسه مرشحا، فلا يصح له أن ينتهز فرصة صعوده على المنبر أو جلوسه على كرسي الدرس في المسجد ليدعو لنفسه أو لحزبه أو للمرشح الذي يؤيده، بل يجب أن يكون كلامه عاما منصبا على تنمية الإيجابية والدعوة للمشاركة وحسن الاختيار وشرح القواعد، وبيان المنهج الإسلامي والدعوة للفكرة لا للأشخاص ولا للأحزاب، وبيان الأحكام الشرعية لكل ما يتعلق بعملية الانتخاب، والتحذير من العصبية البغيضة ودعاوى الجاهلية المقيتة، ونحو ذلك بصورة عامة. فإذا خرج من المسجد فله أن يمارس العمل الحزبي كمواطن له كافة حقوق المواطنة، وله أن يرشح نفسه، وأن ينضم للحزب الذي يقتنع به، وأن يؤيد المرشح الذي يراه أصلح للمهمة التي ينتخبه لأجلها، وله أن يدعو الجماهير إلى رأيه واختياره بلا حرج.
العمل الدعوى مباح والعمل الحزبي في المسجد فيه نظر وبهذا التفريق بين العمل السياسي والعمل الحزبي ننزه المساجد عن المشاحنات الحزبية، وبهذا نفهم معنى إعلان الأزهر كمؤسسة إسلامية دائما أنه لا يمارس السياسة، مع أنه يصدر الوثائق والبيانات والمواقف السياسية المتعلقة بالأوضاع المحلية والإقليمية، فهو لا يمارس السياسة بالمعنى الحزبي، لكنه لا يمكن أن يغمض العين عن السياسة بالمعنى المطلق الذي غايته الاهتمام بأمر الأمة وتوجيه الرأي العام، ولهذا رأينا الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يدعو لمناصرة التيارات الإسلامية في الانتخابات في أي بلد كانت، لكنه لا يتعرض للدعوة إلى انتخاب حزب كذا أو حزب كذا.
الإخوان يستخدمون المساجد ثم يتراءون وعلي سبيل المثال في السويس نشبت بعض المعارك في المساجد أثناء انتخابات رئاسة الجمهورية السابقة بين شيوخ ومواطنين بسبب إصرار شيوخ المساجد على الدعاية لمرشح الإخوان المسلمين مثل مسجد مدينة السلام ومسجد الغوري وأحد المساجد بقرية أبو حسين بحي الجناين.
في حين ترفض قيادات الإخوان مثل هذه الاتهامات ففي محافظة السويس يرفض المهندس أحمد محمود، رئيس حزب الحرية والعدالة بالسويس، أن يكون حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان المسلمين قد استخدمت المساجد في الدعاية إلي أي مرشح وأن حملتها تقتصر على الدعاية في الشوارع وتنظيم سلاسل بشرية وتوزيع الدعاية بكورنيش السويس على المواطنين وأن الجماعة حريصة جدا على عدم استخدام دور العبادة في الدعاة الانتخابية.
الجهاديون والدعاية الانتخابية لا يشغل بال الجهاديون كثيرا ما يدور في العمل السياسي والحزبي فمن يري عدم ممارسة السياسية والاندماج في الأحزاب يعتبر الدعاية الانتخابية من قبيل "ماء النجاسة" لا يجوز الحديث فيه إلي من باب التحذير ويعتبر أن من مدخل الشيطان بداء من العمليات الانتخابية وقبول الديمقراطية وعندهم مصطلح دائم يرددونه أن المجاهدون يقاتلون الكفار لإعلاء كلمة الله، والإسلاميون الديمقراطيون يشاركون الكفار في إعلاء كلمة البشر.
الحزب الإسلامي الدعاية تبدأ من المسجد أما بخصوص من يقبلون العملية الانتخابية فهم يستعدون لخوض الانتخابات البرلمانية القادمة بتحالف مع حزب أبو إسماعيل ، فقد أعلن الحزب الإسلامي، تحت التأسيس، الذراع السياسية لمجموعات الجهاد ، تحالفه مع حزب «الراية»، الذي يرأسه حازم أبو إسماعيل، مؤكدا خوضه ب 29 مرشحا ضمن التحالف الذي يضم إلى جانب «الراية» عدد من الأحزاب الإسلامية الصغيرة، مطالبين بتطبيق الشريعة الإسلامية.
وقال "أبو سمرة" أمين عام الحزب، إن الاتفاق تم بشكل نهائي، مع أبو إسماعيل، وأنهم ينتظرون موافقة الجماعة الإسلامية على الانضمام للتحالف، مشيرا إلى أن فرصتهم كبيرة في الانتخابات، حيث ستكون قوائم أبو إسماعيل هي الحصان الأسود في الانتخابات المقبلة، متوقعا حصولهم على المركز الثاني بانتخابات النواب، نتيجة للصراع الحالي بين السلفيين و"الإخوان".
ويري "أبو سمرة" أن الحزب يستهدف 3 مطالب من خوض الانتخابات، هي تطبيق الشريعة الإسلامية، وإقامة الدولة الإسلامية كاملة، وتطهير القضاء وتنفيذ مطالب الثورة في العدالة الاجتماعية، مشيرا إلى أن الحزب سيبدأ في الحشد للتحالف من خلال الخطب والندوات والمؤتمرات الجماهيرية والحشد في المساجد.
وهنا نلحظ إشارة أبو سمرة بأن الحشد سوف يكون من خلال الخطب والندوات والمؤتمرات الجماهيرية وكل ذلك سوف يبدأ من المسجد.
للمسجد دور هام عند تيارات العمل الإسلامي وقد نشبت معارك في كثير من المساجد بين الإخوان والجماعة الإسلامية من جانب والسلفيين والجماعة الإسلامية من جانب أخر وبين الجهاديين والجماعة الإسلامية من جانب أخر في محافظات أسيوط و بني سويف ومناطق مثل عين شمس والمطرية وشبرا وذلك من أجل السيطرة عليها ، ومن المستحيل أن يسيطر عليها قانون دعاية انتخابية أو أي قانون يجرمها فالممارسة تقول أنها رصيد الإسلاميين في الشارع.