ستظل التيارات والقوى السياسية الليبرالية واليسارية وغيرها من القوى غير الإسلامية تعض أناملها وتبكي على اللبن المسكوب، وتتبادل الاتهامات حول استغلال الشارع المصري في الدعاية وتوظيف المناسبات الدينية في عمليات الدعاية للمرشحين. وأنا على يقين أن الانشغال بهذا الأمر سيظل الشغل الشاغل لمختلف التيارات، وترك القضية الجوهرية، ذات الصلة بكسب أصوات الناخبين، والتعريف ببرامج إعادة بناء مصر، خارج الاهتمام. وشاءت الظروف أن أزور تسع محافظات في بر مصر خلال أيام عيد الأضحى المبارك ويوم وقفة عرفات، وظل همي الأساسي التدقيق في طبيعة الدعاية الانتخابية، وإن كانت في بدايتها، فإن التيارات الإسلامية وعلى رأسها حزب جماعة الإخوان المسلمين "الحرية والعدالة"، والحزب السلفي "النور"، ترك الأخرين يتناحرون وانشغل في الدعاية. أعتقد أن حزبي "الحرية والعدالة" و"النور" استغلا عيد الأضحى بشكل جيد، ولم يلتفتا إلى اعتراضات الأخرين، وانغمس أعضاؤهما في أعمال الدعاية، ولم يتركا مسجدا ولا زاوية داخل المدن والقرى وعلى الطرق بين المحافظات إلا وتم استغلالها في الترويج لمرشحيهم. صحيح أن هذا خطأ واستغلال للدين، ولكني تصورت أن يسعى الجميع للاستفادة من هذا الحشد خلال أيام وصلاة العيد في الدعاية الانتخابية، أو حتى مجرد التواجد، ولكني فشلت في البحث عن صوت أخر غير صوت حزب الحرية والعدالة، ونفس الشيء في المساجد التي يسيطر عليها السلفيون. ودخلت في حوار طويل مع بعض المرشحين وأنصارهم حول الفصل بين دور فرائض العبادة والسياسة، وكانت الردود أنها مجرد دعوة للمصلين لصلاة العيد، ولم نمنع أي أحد من توزيع وسائل الدعاية الانتخابية خاصته. قد يكون الرد مقنعًا، ولكنه يحمل في طياته خبث سياسي وفي نفس الوقت خبرة انتخابية، يفتقدها الأخرون، والذين لم يتعلموا الدرس حتى الآن، وفشلت في إقناع صديق مرشح في محافظة الجيزة بإيجاد وسيلة للاستفادة من حشود المصلين في صلاة العيد، وكان رده: "إنني على قناعة بالفصل بين الدين والسياسة"، قلت له إنني أوافقه الرأي سياسيا،ولكني لا أوافقه على أرض الواقع في هذه اللحظة التاريخية. المؤشرات تقول إن سياسة التيار الإسلامي اللعب بكل الأوراق! وقل كل الوعود! ونفذ ما تراه في صالح كسب أصوات الناخبين! بينما ستظل باقي التيارات تبحث في نقاط الخلاف حول كل شيء، حتى لوكان شكسبير من أصل عربي أو أصل إنجليزي، والمطالبة بنقل رفاته المجهول إلى السعودية! ليجدوا أنفسهم خارج كل الملاعب. أتمنى أن تكون الرسالة قد وصلت والانتخابات بعد أقل من ثلاثة أسابيع.