يقف الأردن على أعتاب خطوات من مرحلة مهمة ومفصلية في تاريخه قد تكون تمهيدا واستكمالا لعملية الإصلاح السياسي التي تشهدها البلاد، وذلك مع توجه الأردنيون يوم غدا الأربعاء، إلى صناديق الاقتراع لاختيار مجلس نيابي جديد ربما يشكل لبنة أساسية قوية في إطار عملية الإصلاح السياسي. ويختار الأردنيون في مختلف محافظات وألوية وبوادي المملكة ممثليهم في مجلس النواب السابع عشر الذي سيتكون من 150 عضوا بدلا من 120 في المجلس السابق.
المرشحون والناخبون ويبلغ عدد المرشحين في الانتخابات 1425 مرشحا ومرشحة، منهم 606 في الدوائر المحلية من بينهم 105 سيدات، و819 في الدائرة العامة من بينهم 86 سيدة.
ويعتبر عدد المرشحين في الانتخابات النيابية المقبلة الأكبر حتى الآن، حيث سبق أن ترشح لانتخابات العام 2010 نحو 760 مترشحا تنافسوا على 120 مقعدا، فيما ترشح في انتخابات العام 2007 ما يقرب من 880 مرشحا للتنافس على 110 مقاعد، في حين تنافس في انتخابات العام 2003 ما يقرب من 760 مرشحا، وفي انتخابات العام 1997 ترشح 540.
وتشير بيانات رسمية للهيئة المستقلة للانتخاب، الجهة المشرفة على الانتخابات للمرة الأولى بعد أن تم النص على وجودها ضمن التعديلات الدستورية التي أقرها مجلس النواب المنحل، إلى أن مليونين و 272 ألفا و182 ناخبا سجلوا أسماءهم للمشاركة في الانتخابات، وهو ما يمثل أكثر من 70 بالمائة من الأشخاص الذين يحق لهم الاقتراع، البالغ عددهم 1ر3 مليون بعد أن تم إسقاط أسماء العاملين في الأجهزة الأمنية والمغتربين في الخارج بحيث لايحق لهم الاقتراع، ويقدر عددهم بنحو 600 ألف نسمة.
وفيما يتعلق بعدد المرشحين، ذكرت الهيئة أن العدد الكلي للمرشحين بلغ نحو 1518 مرشحا ومرشحة مع نهاية فترة تقديم الطلبات وفق الاستحقاق القانوني في الرابع والعشرين من شهر ديسمبر العام 2012.
وحول حجم الإنفاق المالي خلال فترة الحملة الانتخابية من قبل المرشحيين، فقد تم تقديرها بحوالي 8ر37 مليون دينار، وبمعدل إنفاق في المتوسط يبلغ نحو 25 ألف دينار للمرشح، وهي الأموال التي تم صرفها على كافة متطلبات الحملة الانتخابية التي تشمل تكاليف الحملة الدعائية.
وبالعودة إلى عدد مقاعد مجلس النواب المرتقب، فإن مشروع القانون المعدل للانتخابات النيابية الذي صادق عليه العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني في الثالث والعشرين من شهر يوليو الماضي، رفع عدد المقاعد المخصصة للقائمة الوطنية من 17 إلى 27 مقعدا، إضافة إلى 108 مقاعد للدوائر الانتخابية المحلية، وتخصيص 15 مقعدا للكوتا النسائية ليرتفع بذلك عدد أعضاء المجلس الجديد إلى 150 عضوا، مقابل 120 في المجلس السابق.
إجراءات وقائية
وعن إجراءات سير العملية الانتخابية، تؤكد الهيئة المستقلة للانتخابات أن عملية الاقتراع تتضمن سلسلة مما وصفتها بالإجراءات الواضحة لضمان سلامة العملية الانتخابية، وعدم السماح بالعبث بهذه الإجراءات، حيث ستقوم لجنة الاقتراع والفرز لحظة وصول الناخب إلى صندوق الاقتراع بالتحقق من شخصيته عبر الإطلاع على بطاقته الشخصية، والتأكد من مدى مطابقتها مع بطاقة الانتخاب، ومن ثم التحقق من وجود اسم الناخب في جدول الناخبين الورقي والإلكتروني الخاص بالصندوق داخل غرفة الاقتراع والفرز.
وعن عملية الفرز والإحصاء، فمن المقرر إجراؤها في ذات الغرفة التي يتم فيها الاقتراع، حيث سيكلف رئيس اللجنة أحد مساعديه بتسجيل الأصوات التي حصل عليها كل مرشح أو قائمة على اللوحة الظاهرة للحضور والمخصصة لذلك.
ويشارك في مراقبة الانتخابات 28 منظمة محلية وعربية ودولية، إضافة إلى برنامج الأممالمتحدة الانمائي، ويصل عدد المراقبين إلى 7377 مراقبا، من بينهم 6945 مراقبا محليا، و 432 مراقبا دوليا.
مقاطعون
ويقاطع هذه الانتخابات، أكبر الأحزاب المعارضة وفي مقدمتها حزب جبهة "العمل الإسلامي" (الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين)، و"الجبهة الوطنية للإصلاح" وأحزاب معارضة أخرى أعلنت المقاطعة احتجاجا على نظام الصوت الواحد، والمطالبة بإقرار قانون انتخاب مختلط (50 % قائمة وطنية و50 % دوائر فردية) ترى أنه "يمنح الناخب حق انتخاب عدد مساو لعدد مقاعد دائرته".
ووفق الدستور، فإن الانتخابات النيابية تجرى في الأردن مرة كل أربع سنوات، إلا أن الانتخابات الأخيرة جرت في عام 2010، وذلك بعد أن قرر العاهل الأردني حل البرلمان، والدعوة إلى انتخابات نيابية جديدة يأمل الأردنيون خلالها الوصول إلى تحقيق الديمقراطية وحرية الرأي وفق التطلعات التي رسمها الملك عبدالله الثاني، وتلبية لطموحات أغلبية الأردنيين بمختلف أطيافهم، وميولهم السياسية.
النزاهة والشفافية
وتشدد الحكومة الأردنية، من جانبها، على أن الانتخابات النيابية المقبلة ستكون نزيهة ونظيفة، ولن يكون للدولة بكل أجهزتها تدخل مباشر أو غير مباشر بها سواء كان تدخلا إيجابيا أو سلبيا، أو ماديا أو معنويا، أو عملياتيا.
وأكد الدكتور عبدالله النسور رئيس الوزراء، أن المواطن هو صاحب القرار في الاختيار، مشددا على نظافة وشفافية الانتخابات النيابية المقبلة، منوها بالدور الذي ستضطلع به الهيئة المستقلة للانتخاب من مسئولية الإدارة والإشراف على العملية الانتخابية.
ويرى التحالف المدني لمراقبة الانتخابات النيابية "راصد" أن الإجراءات التي اتبعتها الأجهزة الرسمية، وعلى رأسها الهيئة المستقلة للانتخاب والأجهزة التنفيذية والأمنية والقضائية، من شأنها تعزيز شفافية العملية الانتخابية، والدفع باتجاه إعادة الثقة بها بعد أن شابتها في تجارب سابقة عمليات استخدام معيبة لما أسماها "المال السياسي" وشراء أصوات الناخبين".
تجريم "المال السياسي"
وينص قانون الانتخاب في الأردن للعام 2012 في مادته (63) على تجريم "المال السياسي" كوسيلة للتأثير على إرادة الناخبين، وفرض عقوبة مغلظة على استخدامه، وقد صنف القانون هذه الجريمة ضمن الجنايات، وعاقب مقترفها بالأشغال الشاقة مدة لا تقل عن ثلاثة أعوام، ولاتزيد على سبعة.
وأشاد "راصد"، الذي يضم 125 مؤسسة مجتمع مدني في تقرير له، بالإجراءات التي اتخذتها أجهزة الدولة في محاربتها وتعقبها ل "المال السياسي" خلال الحملات الانتخابية.
من جانبه، يؤكد رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات عبدالاله الخطيب، أن الهيئة تعمل بأقصى درجات الجدية لضمان سلامة العملية الانتخابية من خلال اعتماد معايير وممارسات تضمن صوت الناخب في الصندوق، مشيرا إلى أن الهيئة تشعر بأنها اقتربت كثيرا من تطبيق المعايير الدولية المعتمدة في عملية الانتخاب.
ويظهر استطلاع رأي أجراه "راصد" حول آراء المرشحين في نزاهة العملية الانتخابية وإجراءات الهيئة المستقلة للانتخاب أن 2ر80% من المرشحين، الذين شاركوا في الاستطلاع، يعتقدون أن الانتخابات ستكون نزيهة وشفافة، فيما رأى 8ر19 بالمائة عكس ذلك.
كما أبدى 25% من المرشحين رضاهم عن أداء الهيئة المستقلة للانتخاب "بدرجة عالية"، فيما عبر 57% عن رضاهم بأدائها "إلى حد ما"، و18 بالمائة عدم رضاهم عن أدائها.