أفاد تقرير صدر مؤخرا عن مجلس المخابرات الوطني الأمريكي بأن عددا من الدول النامية ستشهد طفرات اقتصادية خلال العقدين المقبلين بحيث تصبح ذات أهمية خاصة للاقتصاد العالمي عام 2030، من بينها (مصر، وتركيا، والبرازيل، والهند، وإندونيسيا، وكولومبيا، ونيجيريا، وجنوب أفريقيا)، بينما ستتراجع القوة الاقتصادية للدول التي تعتمد اقتصاداتها على عائدات النفط. وأوضح التقرير -الذي نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية وبثته في موقعها الإلكتروني اليوم /الثلاثاء/- أن الاتجاه العام للاقتصاد العالمي سيشهد تغيرا وتحولا خلال العقدين المقبلين، حيث ستعتمد حالة الاقتصاد دوليا على أداء الدول النامية أكثر من ارتباطه التقليدي بأداء الدول الغربية المتقدمة. وقال: "إن الصين ستتخطى الولاياتالمتحدة لتقود الاقتصاد العالمي في عام 2030، بينما ستظل الأخيرة القوة الأولى التي لا غنى عنها في العالم لكن على المستوى السياسي، وسيدعم اكتفاءها الذاتي في مجال الطاقة، على سبيل المثال لا الحصر موقفها الاقتصادي خلال هذه الفترة". ومن ناحية أخرى، توقع التقرير أن يشهد النفوذ السياسي لروسيا تراجعا قبل عام2030، مرجحا عدم وجود قوة أحادية تنفرد بالهيمنة على المشهد السياسي العالمي بعد عقدين، وإنما بدلا من ذلك ظهور الشبكات والتحالفات الدولية في عالم متعدد الأقطاب. وفي مؤشر يبعث على التفاؤل، توقع التقرير أيضا أن رخاء واسع النطاق سيؤدي إلى تمكن الطبقة الوسطى على مستوى العالم من زيادة حجمها بحلول عام 2030، وهي الطبقة الأفضل تعليما والأكثر حصولا على خدمات الرعاية الصحية والتعامل مع تكنولوجيا الاتصالات مثل شبكة الإنترنت والهواتف الذكية. كما رجح أن مليارات الأفراد في مختلف أنحاء العالم سيتخطون مرحلة الفقر، وأن الطبقة الوسطى ستصبح القطاع الاجتماعي والاقتصادي الأكثر أهمية في أغلب دول العالم، لافتا إلى أن 15 دولة على الأقل ستواجه عام 2030 مخاطر عالية تهدد بسقوط أركان الدولة، من بينها (أفغانستان، باكستان، اليمن، الصومال، بروندي، رواندا، أوغندا). وحذر مجلس المخابرات الوطني الأمريكي من أن ما يقرب من نصف سكان الكرة الأرضية في 2030 سيعيشون في مناطق تتعرض لنقص مياه الشرب النقية، الأمر الذي يوضح أن إدارة الموارد الطبيعية ستمثل عنصرا حيويا في جهود الأمن القومي العالمي، كما حذر من تمكن الجماعات الإرهابية، في هذا الموعد، من شن هجمات على شبكات الحاسب الآلي التي سيقدر ضحاياها بملايين الأشخاص، الذين سيعانون من تدمير البنى التحتية وسقوط شبكات الكهرباء. وأشار التقرير إلى "المرونة" التي ستتسم بها الأحداث العالمية في المستقبل، ووجود عوامل هامة لتغيير قواعد اللعبة بصورة ستؤثر على المشهد العالمي حتى2030، ومنها تعرض الاقتصاد العالمي للأزمات، وقصور القيادة والحكم، والصراعات بين الدول وداخل الدولة الواحدة، وتأثير التكنولوجيا الحديثة، وقدرة الولاياتالمتحدة على التعامل مع شركائها الجدد لإعادة تشكيل النظام الدولي. وفيما يتعلق بالمخاوف من نشوب صراعات داخل الدولة الواحدة، مثل الحروب الأهلية أو التمرد والعصيان، أوضح التقرير احتمال نشوب مثل هذه الصراعات في أمريكا اللاتينية، مع احتمال قوي لنشوبها في منطقة جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا. وقال التقرير "إن الأمر الأكثر خطورة، والذي يمثل جزءا من الحراك الأمني العالمي، هو توقع أن تشهد الحروب المستقبلية في مناطق مثل آسيا والشرق الأوسط اللجوء إلى استخدام السلاح النووي". ورجح أن تشكل الشراكة السياسية المتنامية بين واشنطن وبكين الموقف الأمثل للأمن العالمي حتى 2030، متوقعا أن تسفر هذه الشراكة عن نشوب أزمة قوية، مستشهدا في ذلك بأزمة المواجهة النووية بين الهند وباكستان قبل سنوات، والتي لم يتم حلها إلا بتعاون وثيق بين الصين والولاياتالمتحدة.