عندما تتجول فى قرى ونجوع الصعيد تختلف الصورة تماما عنها فى القاهرة والمدن .فستجد محبة وهموم مشتركة وعادات وتقاليد مألوفة تتجاوز اختلاف الأديان . ومن المدهشات وجود مداحين أقباط فى حب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.وللوهلة الأولى لا يمكن ان تميز ان الأصوات الصداحة بمدح الرسول التى تستجدى المدد من أولياء الله هى لفنانين أقباط اتخذوا من فن الموال وسيلة لبث روح التسامح ونبذ العنف الطائفي .
فقد اعتاد أهالي الصعيد دعوة هؤلاء المداحين الأقباط فى المناسبات الدينية والأفراح دون غضاضة ليشدوا مستشهدين بعدالة الفاروق عمر وينادوا على الورد الذى تفتح لنبي الإسلام حيث يلتف الجميع مسلمين وأقباط فى حالة توحد صوفى غير مسبوق حول أصوات مكرم المنياوي وجميل الدشلوطى وجرس وهبة جرس.التى اشتهرت بفن المديح.
ربما كان مكرم المنياوي صاحب التاريخ الطويل فى فن الموال صاحب السبق بعد ان تحدى التطرف والطائفية بالربابة والموال حيث ظل يجول فى قرى ونجوع الصعيد طيلة 30 سنة ينادى بالعدل والإحسان مادحا الرسول الكريم قائلا(الورد فتح لنبينا..نفسى أروح المدينة..احمد ربنا على ما ادانا ) ويمتدح المنياوي فيقول(ميت مسا على اليمام..مدد يافولى يا بوسليمان).
وهنا يستجدى مددا من الأمام الفولى صاحب الضريح الشهير بالمنيا ويكرر طلب المدد من سيدنا الحسين والسيدة نفيسة والشيخ فرغل.
اللافت فى سيرة المداح مكرم المنياوي انه وقف في طريق المد الإرهابي فى الصعيد من خلال الموال بل الأدهى انه قام بغناء مواويل تحط من شأن الإرهاب في الصعيد والإشارة إلى سماحة الإسلام.
تجربة المنياوي شجعت مجموعة أخرى من المداحين الأقباط الذين ظهروا مع أوائل التسعينيات من أعماق الصعيد ويبرز منهم الشيخ جميل الدشلوطى كما يلقبونه فى الصعيد وكانت بدايته من قرية دشلوط بمدينة ديروط بأسيوط وهى نفسها بلد الشيخ ابوالعيون صاحب أشهر الأضرحة فى الصعيد.
والذى يقام له مولد سنوي هناك بدأ فيه جميل الدشلوطى احتراف فن الموال والمديح ومنة ذاع صيته الى كل مدن وقرى الصعيد.ومن مواويلة(فى محاسن الدين..رضا الوالدين وطاعتهم..وتقوم كل صباح تبوس ايدهم..من رضا الله وطاعتهم ..وتقوم تفرد جناحك عليهم..وتطلب من الله يعطيك من رضاهم وطاعتهم).وفى موال اخر يقول(من طلب الهداية ربنا يهدية..والاستقامة سلامة والإمام يهدية..يافاعل الخير يبقالك كتير عندالله..أقولك الجد وغير الجد مسألكش..مينفعكش يوم الحشر غير عملك تلاقيه .