سلطت مجلة (إيكونوميست) البريطانية اليوم الضوء على الطموحات النووية لإيران، قائلة "إنه على الرغم من أن أحدا لن يرحب بإيران كدولة ذات تسليح نووي إلا أن توجيه ضربة لمنشآتها النووية لا يعد الحل الأنسب لتحجيم هذه الطموحات ". وأضافت المجلة في سياق تقرير أوردته بموقعها على شبكة الإنترنت "إن طهران لجأت لأساليب الخداع والإنكار لسنوات طويلة فيما يتعلق ببرنامجها النووي، وظلت تتوعد لمن يتحدث عن هذا البرنامج بغرض كسب المزيد من الوقت واضعة نصب عينيها اليوم الذي تتمكن فيه من صنع السلاح النووي".
وأوضحت أن المجتمع الدولي سعى أولا لمناقشة طهران حول برنامجها النووي، ثم وازن بين آلام العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها والمكافأة التي قد تحصل عليها إذا تخلت عن حلم القنبلة النووية على الرغم من اعتماد القوى الخارجية على الاعتداء العسكري كملاذ أخير للتعامل مع هذه الأزمة.
وأشارت إلى أن المواجهة السابق ذكرها يبدو في الفترة الحالية أقرب إلى الفشل، ذلك أن إيران واصلت تخصيبها لليورانيوم وهي تكتسب ما تحتاجه من تقنيات لإعداد السلاح النووي ، ولا أدل على ذلك من تجهيز مصنع تخصيب اليورانيوم تحت الأرض في (فردو) بالقرب من مدينة قم والذي يعتقد الكثيرون أنه محصن ضد الهجوم الجوي.
وذكرت المجلة أن إيران لا يبدو أنها امتلكت ترسانة نووية إلى وقتنا هذا ، غير أن تلك اللحظة قد تأتي قريبا ، الأمر الذي دفع بعض المحللين ولا سيما في إسرائيل إلى الحكم بأن فرصة استخدام القوة ضد إيران بدأت في النفاد، وإذا صحت تلك التوقعات فإن عائقا لن يواجه إيران في طريقها لامتلاك القنبلة النووية .
وقالت مجلة (إيكونوميست) البريطانية "إن الأجواء الحالية للملف الإيراني أصبحت ملبدة بنذر الحرب ، واستدلت على ذلك بما صرح به وزير الدفاع الأمريكي ليونى بانيتا بشأن هجوم إسرائيلي محتمل على إيران في أوائل شهر أبريل القادم ".
ويتوقع البعض - بحسب المجلة البريطانية -أن الهجوم الإسرائيلي رسم ليتم إدراجه في سيرة الرئيس الأمريكي باراك أوباما خلال تنافسه على الفترة الرئاسية المقبلة في بلاده، غير أن قرار شن الحرب لا يجب أن يرتبط بالموقف الانتخابي لشخص ما ، بل يعتمد على مدى ضمان الحرب وفرص نجاحها.
وأضافت "إن النوايا الإيرانية تتسم بالخبث كما أن امتلاكها للسلاح النووي قد يكون أمرا خطيرا ، وبالنظر إلى النظام الإيراني فإنه لا يمكن تجنب فكرة الحرب بشكل دائم ، وفي مقابل ما سبق لا يمكن الجزم بنجاح هذه الحرب ذلك أن الهجوم على إيران لن يمنعها من امتلاك القنبلة النووية بل سيؤجله فقط ".
وتابعت " إن استخدام الغرب لقنابله ضد إيران لدرء مخاطر التكاثر النووي سيولد المزيد من الإصرار لديها لصنع هذه النوعية من الأسلحة ، وهو ما ينعكس على خطورة الوضع بالنسبة للغرب في حالة امتلاكها للسلاح النووي.
وأشارت المجلة إلى أنه وعلى صعيد المنطقة فإن امتلاك إيران للقنبلة النووية يمثل تهديدا كبيرا ، فالدولة غير مؤمنة ولديها أيديولوجيتها الخاصة بها ، كما أنها تتدخل في شئون جيرانها ، بالإضافة لذلك فإنها وحلفائها كحزب الله في لبنان وحركة حماس في قطاع غزة قد تتعامل مع مختلف قضايا المنطقة بشكل أكثر تبجحا مما يتعاملون به الآن .. بحسب تعبيرها.
ولفتت مجلة (إيكونوميست) إلى أن أكثر دول المنطقة استشعارا بالتهديد الإيراني هي إسرائيل ، حيث لا يمكن لليهود الإسرائيليين أو غيرهم من اليهود حول العالم أن يتغافلوا ما صرح به المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي بوصفه للنظام الصهيوني بأنه "ورم سرطاني يجب استئصاله".
وقالت المجلة "إنه حتى في حال امتلاك إيران للسلاح النووي بغرض حماية نفسها فإن دولا أخرى بالمنطقة ستشعر بالحاجة لامتلاك السلاح ذاته ، فالمملكة السعودية مثلا أعلنت أنها ستلجأ في هذه الحالة إلى التسلح النووي ، ويعتقد في هذا الصدد بأن باكستان لن تبخل بقنبلة نووية عن الرياض ردا لقيامها في وقت سابق بدعم البرنامج النووي لإسلام أباد ".
وأضافت قائلة " في السياق ذاته فإن مصر وتركيا كقوتين إقليميتين قد تسعيان للانضمام إلى النادي النووي إذا ما انضمت له إيران ، كما أن دولا أخرى بالعالم ، ومنها البرازيل ، ستنظر إلى التسلح النووي بوصفه أمرا حيويا لتعزيز سيطرتها الإقليمية أو خوفا من امتلاك إحدى جيرانها لهذه النوعية من السلاح ".
واختتمت (إيكونوميست) تقريرها قائلة "إن بعض الخبراء يرون أن الدول ذات التسلح النووي عليها أن تتصرف بمسئولية ، غير أنه من المفزع أن نتخيل منطقة الشرق الأوسط تحتضن خمس قوي نووية يحتدم بينها التناحر وتشتد بينها الخلافات الطائفية ، ففي هذا الوضع ستبقي كل دولة من هذه الدول طرف أصبعها ملامسا لزر انطلاق الصاروخ الذي يحمل الرأس النووية ، معتقدة بأن من يضغط على هذا الزر أولا سيكون الأطول بقاء".