الرياض: تسعى دول مجلس التعاون الخليجي إلى إيجاد إجراءات موحدة تستهدف خلق مرونة أكثر في التشريعات المصرفية وفي نفس الوقت تكون حازمة في الأمور الجوهرية، إلى جانب وضع أسس محددة تعطى بموجبها البنوك الوطنية في الدول الأعضاء التمكين المناسب بموجب التشريعات لأداء وظائفها وحرية التفرع في دول المجلس كافة. وبحثت لجنة محافظي مؤسسات النقد والبنوك المركزية في دول المجلس في اجتماعها أمس في أبوظبي، موضوع السماح للبنوك الوطنية بفتح فروع لها في الدول الأعضاء، كما ناقشت مواضيع الإشراف والرقابة على الجهاز المصرفي. واطلع الاجتماع على محاضر اللجنة الفنية لنظم المدفوعات، ولجنة الإشراف والرقابة على الأجهزة المصرفية والتي بدورها أعدت دراسة حول الصعوبات والعقبات التي تعترض تحقيق المساواة في المعاملة بين البنوك الوطنية في مجال فتح فروع لها في الدول الأعضاء وذلك في إطار تحقيق المواطنة الاقتصادية وما أتاحته السوق الخليجية المشتركة. ومن المعلوم أن موضوع منح البنوك الوطنية في أي دولة من دول المجلس المعاملة الوطنية في الدول الأعضاء الأخرى من المواضيع التي تتعلق بتطبيق السوق الخليجية المشتركة فيما يخص القطاع المصرفي والمالي، والتي ينص مبدأها الأساسي على أن يعامل مواطنو دول المجلس الطبيعيون والاعتباريون في أي دولة من الدول الأعضاء معاملة نفس مواطنيها دون تفريق أو تمييز في المجالات الاقتصادية كافة، وبالتالي يتطلب أن تعامل البنوك الوطنية في أي دولة من دول المجلس نفس معاملة البنوك الوطنية في الدول الأعضاء الأخرى، لها ما لها وعليها ما عليها. وأكد سلطان السويدي محافظ المصرف المركزي، الذي ترأس اجتماع محافظي البنوك المركزية الخليجية، أهمية توحيد التشريعات الرقابية التي يجب أن تأخذ في الاعتبار مطلباً مستمراً للأنظمة المصرفية في الدول الأعضاء وهو حرية التفرع في دول مجلس التعاون كافة وفق أسس موحدة. وقال السويدي في تصريحاته التى أوردتها صحيفة "الاقتصادية":" إن تمكين البنوك المؤسسة في الدول الأعضاء من حرية التفرع سيوفر آلية للاستخدام الأفضل للأموال من أجل استثمارها في القطاعات الاقتصادية الواعدة لدى دول المجلس كافة مما يخلق شركات وأعمال جديدة ويوفر فرص عمل كثيرة". وأشار السويدي إلى أن القطاع المصرفي في دولنا بحاجة إلى توضيح مناسب وأن توفر له وسائل التمكين الضرورية لتحقيق التنمية المستدامة المتزنة والمبنية على الأسس الصحيحة، مشدداً على أن تشريعات الرقابة المصرفية يجب ألا تكون مقيِّدة بشكل كبير إلا في الأمور الجوهرية التي قد يؤدي عدم تحديد متطلباتها بدقة إلى انعكاسات سلبية على رؤوس أموال أو نوعية أصول البنوك. وقال:"ما عدا ذلك يجب أن يكون مبسطاً وسلسا بما يمكن المؤسسات المصرفية من النمو ومساعدة الاقتصادات الوطنية على النمو بوتيرة متزنة". وأضاف أن التشريعات الرقابية يجب أن تركز على التسهيلات المقدمة للعملاء الأفراد من أجل تحديد العلاقة بينهم وبين البنك المعني بشكل دقيق وفيه كثير من الشفافية وبما يحفظ حقوق الطرفين. كما نوه إلى ضرورة مناقشته وتحديد إطار عام للاتفاق حول موضوع القروض المصرفية العابرة للحدود، مؤكدا أن الاتفاق على كيفية التعامل مع هذه القروض سواءً العادية "الجيدة أو الصعبة" سيضع منظومة تتمتع بالشفافية وتعزز الثقة في النظم المصرفية في دول المجلس جميعها، ويوفر القروض بأسعار فائدة منافسة لأنواع الشركات كافة العاملة في دول مجلس التعاون. ولفت السويدي إلى أن اللجنة بحثت في التنسيق والتعاون بين دول المجلس في مجال استيفاء متطلبات "بازل 3"، مؤكدا في هذا الصدد أن البنوك الخليجية استوفت متطلبات رأس المال التي حددتها بازل 3، ويتعين عليها أن تستوفي السيولة المطلوبة خلال الفترة المتبقية والتي تمتد حتى عام 2018. وقال إن اللجنة بحثت في مجال تقنية المعلومات وأنظمة الدفع تحسين خدمات الشبكة الخليجية وإدخال خدمات جديدة وربط أجهزة طرفيات هذه الشبكة في البنوك الخليجية، كما تطرقت في هذا الصدد إلى مشروع الربط الإلكتروني الذي يرعاه صندوق النقد العربي بين جميع الدول العربية، وتعديل بعض الأنظمة والقوانين في مجال الإحصاءات، مؤكدا استكمال المنظومة الإحصائية لدول مجلس التعاون. من جهته، أكد محمد المزروعي الأمين العام المساعد لمجلس التعاون للشئون الاقتصادية أن دول المجلس بحاجة في هذه الظروف إلى رفع مستوى التعاون والتكامل في مجالات العمل الاقتصادي، واستفادة المواطن الخليجي من المكتسبات التي تحققت مما يساعد على زيادة الروابط بين مواطني دول المجلس. واستعرض المزروعي في كلمة ألقاها نيابة عن عبد الرحمن العطية الأمين العام للمجلس المواضيع المطروحة في الاجتماع خصوصا موضوع السماح للبنوك الوطنية بفتح فروع لها في الدول الأعضاء، استراتيجية ربط نظم المدفوعات، ودراسة أهم المستجدات في إطار اللجنة المالية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، إضافة إلى تنفيذ برنامج العمل المشترك بين دول المجلس مع الاتحاد الأوروبي في مجالات التعاون الاقتصادي والنقدي ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. هذا، واستعرضت لجنة محافظي مؤسسات النقد والبنوك المركزية الخليجية الترتيبات المتعلقة بعقد المؤتمر المصرفي العاشر لدول المجلس في قطر خلال يومي 23 و24 مارس/ آذار الجاري، إلى جانب تقرير الأمانة العامة لدول المجلس حول الاجتماع العام الأول من الدورة ال 22 لمجموعة العمل المالي لمواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب والذي سيعقد في باريس خلال أكتوبر/تشرين الأول المقبل. ووجهت اللجنة بتشكيل فريق من المختصين في مجال مواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب والتنسيق بين دول المجلس في هذا المجال. يذكر أن مؤسسات النقد والبنوك المركزية في دول مجلس التعاون تجتمع مرتين سنويا بصورة دورية وذلك بغرض تبادل وجهات النظر والتشاور حول أبرز القضايا الاقتصادية والنقدية والمصرفية المشتركة والمتعلقة بأعمال مؤسسات النقد والبنوك المركزية في الدول الأعضاء.