مازال يعترينا العجب من مواقف بعض الجماعات الثورية و الحزبية يصعب علي الكثيرين فهم في أي إطار يتم محاولة هدم منصة الإخوان و طردهم من الميدان ، فهل هي احتكاكات عشوائية أم أن هناك أمر ما؟ و كيف يتحول موقف بعض القوي السياسية من الإلحاح علي الإخوان للمشاركة في الاحتجاجات علي أحداث شارع محمد محمود الذي وصل لدرجة التخوين والاتهام بالمتاجرة بدماء الشهداء في سبيل الكرسي إلي رفض المشاركة وهدم المنصة؟ أغلبية من في الميدان لا يستطيع أن ينكر أحد حقيقة أنه كان هناك الكثير من منتسبي الإخوان ومنهم قيادات في الميدان في فعاليات الاحتجاج علي أحداث شارع محمد محمود ولا أتجاوز إن قلت أنهم كالعادة كانوا يمثلون أغلبية من في الميدان و لكن بدون منصة ولا قيادة ميدانية، فبعد أن رفعت هذه الجماعات عقيرتها بتخوين جماعة الإخوان أعادت تقييم موقفها و راقت لها فكرة مشاركة شباب الإخوان بدون منصة و لا قيادة ،
فلما نزلت الجماعة هذه المرة بمنصة و إلتف حولها أبنائها و جميع الإسلاميين تَغير مركز ثقل الميدان لصالح منصة الإخوان فثارت ثائرة هذه المجموعات لأنها أحست أنها مكشوفة من حيث العدد و أنها إفتقدت الأعداد المطلوبة لتسويق أجندتها وقيادة الحشود نحو التصادم مع الشرطة و الجيش، وربما أفشل التواجد الرسمي للجماعة إفتعال بعض الأطراف (منها أمن الدولة ) أحداث دموية لكسب التعاطف المطلوب لإعطاء زخم لفكرة "الثورة الثانية" أو "إستعادة الثورة" أو "جمعة الغضب" أو أي من هذه التسميات ، و تمركز الحشد في الميدان حول منصة "عام علي الثورة" و "البرلمان ينجز مطالب الثورة" ،
جماعة تحت الطلب وفي أحداث شارع محمد محمود لتحليل موقف جماعة الإخوان من فعاليات الاحتجاجات علي الأحداث حين رفضت الجماعة الاستجابة لضغوط الجماعات السياسية و الحزبية و حتى من داخل الجماعة نفسها للمشاركة في الإعتصامات، والإخوان جماعة تحت الطلب" قلت برغم إدراك هذه القوي أهمية وجود أكبر جماعة سياسية في البلاد في الميدان إلا أنها لم تستشيرها في الفعاليات و فقط تريد أن تطلب الجماعة للمشاركة و ما علي الإخوان إلا الاستجابة و كأنه يحرم علي الجماعة إعمال العقل و المنطق و كل ماعليها أن تستجيب للطلب بدون تفكير ، و لاحقت الجماعة وقتها اتهامات الخيانة و المتاجرة بدماء الشهداء و ألحقوا بالجماعة كل نقيصة ، و خوفوها بخسارة الانتخابات و لكن كما قلت في آخر المقال "الصندوق أصدق أنباء من الإعلام" و قد كان ،
بالريموت كنترول و ليس هناك شك أن الجميع يعلم أن جماعة الإخوان هي أكبر فصيل سياسي في مصر و أن حزب الحرية و العدالة هو الحزب الحاصل علي أعلي الأصوات يليه حزب النور السلفي بنصف عدد مقاعد الحرية و العدالة ثم حزبي الوفد و تحالف الكتلة المصرية بأقل من تسع (أي والله واحد علي تسعة) من عدد مقاعد حزب الحرية و العدالة ، ومع ذلك مازالت القوي السياسية تتعامل مع الإخوان بمنطق غريب جدا ، فهم يعلمون جيدا أنها الجماعة الوحيدة القادرة علي الحشد الكبير في ميدان التحرير و حتى عندما تتخذ الجماعة قرارا بعدم النزول مراعاة للمصلحة و حقنا للدماء أو أن لديها تخوفات باستهدافها هي شخصيا من الأحداث (كما في حالة أحداث شارع محمد محمود) فإن بعض منتسبيها يشاركون كأفراد و أطباء ، و عليه فهذه القوي السياسية تريد من الجماعة أن تنزل و قتما يقرر أحدهم و تخرج من الميدان متى يُطلب منها ذلك أو الأفضل (من الآخر كما نقول نحن المصريون) يريدون الحشد الكبير للجماعة (سواء بإرادة القيادة أو بدون) و يتحكموا هم في الحشود ، أما التواجد الرسمي فمرفوض ، باختصار المطلوب أن تسلم الجماعة "الريموت كنترول" الذي يتحكم فيها لهذه المجموعات لتتحكم في أعضائها كما تشاء ،
إستقطاب شباب التيارات الإسلامية النتيجة التي خلصت لها بعض المجموعات الثورية من مشاركة أفراد الإخوان في فعاليات الاحتجاجات علي أحداث محمد محمود: يمكن إستقطاب شباب التيارات الإسلامية بدون وجود رسمي للجماعة ، فلم تجد هذه الجماعات فائدة من الإلحاح علي الجماعة للمشاركة في فعاليات "الثورة الثانية" إذا كانت الفكرة ستجتذب الشباب الإسلامى!!! بل علي العكس تماما ستنفرد هذه الجماعات بقيادة حشود التحرير من كافة الإتجاهات لتمرير أجندتها الخاصة دون الحاجة للحوار مع قيادات الجماعة ، أجندة الإخوان في الذكري الأولي للثورة (الثورة مستمرة ) : يعلم الجميع أن الثورة لها إنجازات يجب أن نفخر بها ، و علي رأس هذه الإنجازات البرلمان الذي أنيط به إنجاز مطالب الثورة و تحويلها إلي قوانين ، وعلي ذلك خرجت الجماعة كأغلبية الشعب المصري للإحتفال بالعيد الأول للثورة (ليس معني ذلك أنها إكتملت) و التصميم علي إستكمالها عبر البرلمان المنتخب ، أي أن "الثورة مستمرة" من خلال المؤسسات المنتخبة علي رأسها البرلمان.
إستمرار الحالة الثورية أجندة بعض المجموعات الثورية (إستمرار الحالة الثورية ) : رفعت هذه المجموعات عناوين ثورية تمثل الخط الذي لاتحيد عنه ألا و هو "إستمرار الحالة الثورية" و ليس "الثورة مستمر" و الفارق كبير ، فإستمرار الحالة الثورية يعني إستمرار الإحتجاجات و الإضطرابات و الإعتصامات التي يمكن أن تصل إلي خلع المجلس العسكري أو تنحيه كما أنجزت الثورة الأولى ، هناك طبعا جماعات متطرفة تدعوا إلي هدم الدولة بالكامل ليتسني بناء الدولة الجديدة من عدم ، و بإستبعاد هذه التيارات المتطرفة و للإنصاف سنركز علي التيار الوسطي في هذه المجموعات و التي تسهوي أفكارها أيضا الشباب الإسلامى ، فمطالب هذه المجموعات هي أن يقوم المجلس العسكري بتسليم السلطة فورا و الآن و بدون إبطاء إلي مجلس رئاسي مؤقت ثم تطورت الفكرة أخيرا إلي رئيس مؤقت ، وكما في الأحداث السابقة (محمد محمود و القصر العينى) تزيد الإحتجاجات بشدة ثم تظهر ورقة الإنقاذ التي يوجد بها إسم الرئيس المؤقت الذي يختاره البرلمان.
المنصة الأم دور منصة الإخوان في الذكري الأولي (الثورة مستمرة): لعبت المنصة دور الأم التي يلتف حولها أبنائها ، فتجمع حولها ليس فقط شباب الجماعة و لكن أيضا شباب الإسلاميين من كافة المشارب ، فما هو دور منصة الإخوان في الذكري الأولي للثورة: مركز ثقل الميدان : جذبت أكبر تجمع للمتظاهرين في الميدان و ظهر ماهو معلوم من له التواجد الأكبر و من يستطيع تقديم أكبر حشد ، فطاشت كفة المنصات الأخرى ، و تسلل لأصحابه الإحساس بعدم وجود الدعم الكافي لتقديم أجندتها.
مصيدة التسلل (بلغة الكرة ) ضد الشرعية : لما كان مركز المتظاهرين أو المحتفلين هو الميدان ، فإن أي خروج من الميدان والإتجاه إلي شارع محمد محمود أو القصر العيني سيصبح مكشوفا شرعيا (تسلل بلغة الكرة) ، فلا نزعم أن الإخوان كان لهم سيطرة أمنية لمنع من تسول له نفسه لإستفزاز الشرطة أو ضرب الجيش و لكن وجودهم في الميدان سيكشف و ينزع الشرعية عن أي خروج من الميدان.
· درس لشباب الإخوان والتيار الإسلامي : لا يغرنكم حماس الشباب و لا العاطفة الوطنية عن محاولة قراءة أسباب و مسببات قرارات القيادات فهذه الطاقات الشبابية في حاجة دائما لحكمة الشيوخ و تغليب العقل علي العاطفة ، وهاقد رأيتم أن البعض لايرضي عنكم إلا إذا إتبعتم أجندتهم بالكامل و لا يقبلون منكم أنصاف الحلول و الحل عندهم رفع الأحذية و الشتائم و ليس الحوار.
تدشين مرحلة الثورة مستمرة بدلا من إستمرار الحالة الثورية : بإحتمال الجماعة الأذي و الإهانة و الحفاظ علي سلمية ميدان التحرير ساهمت الجماعة بنقل الثورة من مرحلة "الحالة الثورية" الغير مستقرة إلي مرحلة "الثورة مستمرة" عبر المؤسسات المنتخبة و دعم إستقرار الدولة ، و أول مؤشراتها المكاسب الضخمة التي حققتها البورصة لمجرد عقد البرلمان فما بالنا بزيادة الإستقرار.
الخلاصة إن جماعة الإخوان كعهد الشعب المصري بها تتحمل الأذي دائما في سبيل إنقاذ الوطن من الشرور ، فكما كان موقفها في أحداث محمد محمود بعدم المشاركة في فعاليات الإحتجاجات مانعاً لإستمرارها و إلتهابها كان أيضا مشاركتها في فعاليات السنة الأولي للثورة للتأكيد علي الإنتقال من "الحالة الثورية" إلي حالة "الثورة مستمرة" عبر المؤسسات و دعم إستقرار الدولة ، و تحملت الجماعة و عندها الإستعداد لتحمل (وإن عدتم عدنا) إتهامات التخوين و الإهانة في سبيل الله ثم مصلحة الوطن.