أكد عمرو الجارحي وزير المالية استعداد الوزارة لتطبيق قانون الضريبة علي القيمة المضافة من الشهر التالي لتاريخ إصداره من مجلس النواب ، مشيرا إلى أن الحكومة أرسلت بالفعل إلى "مجلس النواب" مشروع القانون بعد تعديله ومراجعته من قبل مجلس الدولة. جاء ذلك خلال مشاركة الوزير بورشة عمل نظمتها وزارة المالية ممثلة في وحدة الاتصال السياسي برئاسة وفاء موسي وكيل وزارة المالية ، وبالتعاون مع المجلس الوطني المصري للتنافسية برئاسة سيف الله فهمي ، وأمينة غانم المدير التنفيذي لمجلس التنافسية بعنوان تنافسية الاقتصاد المصري وقانون القيمة المضافة مساء أمس الأربعاء ، بمشاركة عمرو المنير نائب وزير المالية للسياسات الضريبية والدكتور علي المصيلحي رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب ، وعبد المنعم مطر رئيس مصلحة الضرائب ، والدكتور مصطفي عبد القادر الرئيس السابق للمصلحة وعدد من أعضاء البرلمان من لجنتي الاقتصادية والخطة والموازنة . وقال الوزير - خلال الورشة - أن التحول إلي الضريبة علي القيمة المضافة يستهدف تحقيق إيرادات إضافية للخزانة العامة بنحو 1% من الناتج المحلي الإجمالي ، وهو جزء من إصلاحات اقتصادية تتبناها الحكومة من أجل التحول إلى دورة اقتصادية إيجابية لمواجهة تزايد نسب عجز الموازنة العامة التي يتوقع أن تسجل العام المالي الحالي نحو 11.5% من الناتج المحلي ، وهو ما يزيد بدوره من عبء خدمة الدين العام المتوقع أن يستحوذ على 30% من إجمالى الإنفاق العام ، مقابل نحو 19.5% عام 2009/2010. وأشار إلى أن الإصلاحات تشمل أيضا حزمة من الإجراءات المالية ، ومساندة القطاع السياحي لاستعادة عافيته ، ودفع النشاط الصناعي والزراعي لزيادة معدلات التصدير ، إلى جانب تسهيل استخراج التراخيص وتحسين مناخ الأعمال وزيادة دور البنوك الداعم للنشاط الاقتصادي ، خاصة في تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة ، مع استعادة استقرار أوضاع سوق الصرف ، وهو أمر حتمي حتي نشهد عودة الاستثمارات الأجنبية في سوق المال ، وأيضا الاستثمارات المباشرة التي يحد من تدفقها عدم استقرار أسعار الصرف. وقال الوزير أن مشاركة عدد كبير من نواب البرلمان في ورشة العمل يمثل فرصة للحديث عن الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها مصر وخطط مواجهتها، حيث عانت مصر في السنوات السابقة من تباطؤ معدلات النمو التي تراوحت بين 1 و2% فقط، ولم تتحسن إلا العام المالي الماضي لتتجاوز حاجز ال 4% ، في ظل زيادة كبيرة في المصروفات العامة بلغت نحو 23% ، خاصة بالأجور وبرامج البعد الاجتماعي ، مثل مساهمات الخزانة العامة في نظم المعاشات واستحداث برنامجي كرامة وتكافل وبرامج دعم الطاقة من كهرباء وبترول والسلع التموينية ، ولم يتواكب مع هذه الزيادات زيادة مماثلة في الإيرادات العامة مما أوجد فجوة تمويلية يتزايد عبئها الآن. وأضاف أن الضريبة علي القيمة المضافة من الآليات التي نعتمد عليها لتقليل حجم الفجوة التمويلية، فهو لا يعد ضريبة جديدة وإنما تطوير لنظام ضريبة المبيعات الحالي، كما نعمل علي رفع كفاءة الادارة الضريبية من خلال الاهتمام بتحسين بيئة العمل وتدريب داخلي وخارجي للعاملين بالمصالح الإيرادية ، إلى جانب استكمال مشروعات الربط الإلكتروني بين المصالح الإيرادية وبناء قواعد البيانات والمعلومات لمكافحة التهرب الضريبي. ودعا وزير المالية أعضاء مجلس النواب للتعاون مع الحكومة للتغلب علي صعوبات المشهد الاقتصادي من خلال إقرار مشروع قانون القيمة المضافة لزيادة الإيرادات العامة، حيث ترتبط حصيلة ضريبة القيمة المضافة بأداء النشاط الاقتصادي الحقيقي ، بمعني أنه كلما زاد الاستهلاك زادت الحصيلة، لافتا إلى ضرورة أن نحفز الاقتصاد الوطني ليحقق معدلات نمو تزيد علي 6% سنويا من أجل إحداث تحسن حقيقي في مستويات المعيشة وتخفيض لمعدلات البطالة والفقر ، فهذه هي العدالة الاجتماعية الحقيقية. وحول مدي تطور مساهمة الحصيلة الضريبية للناتج المحلي ، أوضح الوزير أن المعدل الآن في حدود 13% وفي سنوات سابقة وصلنا إلى نحو 15% من الناتج المحلي ، ما يعني أن لدينا قدرات لزيادة الحصيلة الضريبية إلى معدلات 16 أو 17% ، بما يخفض بالفعل من عجز الموازنة العامة وبالتالي أسعار الفائدة ومعدلات التضخم. وأكد الوزير استمرار إعفاءات ضريبة المبيعات علي السلع الأساسية ، مع التحول للضريبة علي القيمة المضافة ، حيث سيستمر إعفاء جميع السلع الغذائية وأيضا خدمات الصحة والتعليم وكل ما يمس الحياه اليومية للمواطن، كما أن هذه الخطوة سوف تساعد الإدارة الضريبية في ضبط المجتمع الضريبي، لافتا إلى أنه وفريق العمل بالوزارة يعقدون اجتماعات متعددة مع ممثلين عن الأنشطة الاقتصادية المختلفة لاستطلاع رأيهم حول مشروع القانون آخرها مع ممثلين عن شركات كبري أكدوا ترحيبهم بالتعاون مع مصلحة الضرائب ومدها بقواعد بيانات عن التعاملات في السوق. ووجه الوزير رسالة للنواب قائلا" نواجه تحديات كثيرة ونأمل في تخفيض عجز الموازنة العامة إلى أقل من 10% ، وهو ما يتطلب نموا اقتصاديا وسيطرة علي الإنفاق العام وزيادة كفاءته لأقصى درجة ممكنة ، مع تحسين الأداء الضريبي ومنظومة الجمارك ، وبشكل خاص نقضي علي التهريب والتلاعب في قيم الفواتير ، أيضا نسيطر علي نسب تزايد المديونية العامة. من جانبه أكد عمرو المنير نائب وزير المالية للسياسات الضريبية أن الوزارة تعتبر النواب شركاء للحكومة في تحقيق هدف واحد وهو الصالح العام ، مشيرا إلى أنه من الممكن أن يكون لنا وجهات نظر متباينة ولكن يجمعنا جميعا الصالح العام. كما عرض لأهم ملامح حزمة الإصلاحات التشريعية التي تعكف وزارة المالية علي الانتهاء منها وإحالتها لمجلس الوزراء ثم مجلس النواب، والتي تشمل بجانب مشروع قانون ضريبة القيمة المضافة ، إصدار نظام مبسط وفعال للمنشآت الصغيرة ومتناهية الصغر، ثم إصدار قانون التصالح الضريبي لتصفية المنازعات الضريبية في مراحلها المختلفة التي يقدر عددها حاليا بنحو 60 ألفا، إلى جانب تنقية جميع التعليمات التفسيرية والتنفيذية الخاصة بقوانين الضرائب مع إصدار تعليمات عامة لتحقيق مزيد من الوضوح والشفافية، ومراجعة قانون الضريبة العامة على الدخل ، للوصول إلى قانون يتفق مع الممارسات الضريبية الحديثة بالعالم واستكمال إصلاحات المنظومة الجمركية بما فيها إصدار قانون جديد للجمارك ، حيث نستهدف من هذه المنظومة دعم جهود حماية الصناعة الوطنية من المنافسة غير المشروعة نتيجة التهريب. وقال إن حزمة الإصلاحات الضريبية تشمل أيضا رفع كفاءة وتطوير أداء الإدارة الضريبية لتعظيم الحصيلة ، خاصة من بعض الأنشطة التي لايزال أداؤها دون الطموحات مثل المهن الحرة والتصرفات العقارية والضرائب المرتبطة بالقطاع المالي ، وذلك من خلال الإسراع في استكمال جهود الربط الإلكتروني بين المصالح الإيرادية المختلفة وتحديث وتطوير نظم المعلومات بكل منها ، وميكنة نظم الفحص وتفعيل التحصيل الالكتروني ، مع الاهتمام بقطاع التدريب من أجل تعزيز القدرات النوعية للعاملين بالإدارة الضريبية والعمل علي إرساء بيئة عمل مناسبة والفصل بين دور وزارة المالية كجهة وضع للسياسات ومراقبة تنفيذها ، والمصالح الإيرادية كجهات تنفيذية واستكمال تطوير منظومة الضرائب العقارية علي المباني ، وتفعيل تحصيل إيرادات الضرائب العقارية بأنواعها المختلفة من خلال تطوير نظم المعلومات والحصر والفحص ورفع كفاءة التعامل مع المواطنين واستكمال الاتفاقيات التحاسبية مع القطاعات المختلفة. وأضاف أن المنظومة تشمل أيضا مكافحة عمليات التهرب والممارسات الضريبية الضارة علي المستوي المحلي والدولي من خلال وضع آليات لمنع التهرب الضريبي المحلي وتجفيف منابعه ، ومكافحة التهرب الدولي من خلال تطبيق اتفاقيات تجنب الازدواج الضريبي والتعاون مع المؤسسات الضريبية الدولية وتفعيل مبادئ تسعير المعاملات بين الشركات الشقيقة والتابعة لشركة قابضة عالمية والسعر المحايد لهذه المعاملات وتبادل المعلومات مع الدول الاخري. وأكد أن النظام الحالي لضريبة المبيعات هو خليط بين ضريبة المبيعات وضريبة القيمة المضافة ، فمثلا السلع تخضع للضريبة في جميع مراحل تداولها وهو ما يعد ضريبة علي القيمة المضافة ، لكن الفرق الوحيد انها ستستفيد من التوسع في الخصم الضريبي لما سبق سداده من ضرائب علي مدخلات الإنتاج سواء مباشرة أو غير مباشرة ، حيث أن القانون الحالي لا يسمح سوي بخصم ضرائب المدخلات المباشرة فقط. وقال أنه بالنسبة للضريبة علي الخدمات فحاليا لا توجد سوي 17 خدمة فقط الخاضعة للضريبة ، ومع التحول للقيمة المضافة ستخضع جميع الخدمات ما عدا قائمة من الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة والثقافة سيستمر إعفاؤها من الضريبة ، أيضا سيستمر إعفاء السلع الأساسية مثل اللحوم والدواجن والألبان ومنتجاتها ، ولأول مرة سيتم إعفاء محضرات أغذية الأطفال والشاي والسكر والبن والأسماك والخضراوات والفاكهة والبقوليات والحبوب والملح والتوابل المجهزة والمعبأة أو المعلبة الطازجة والمجمدة أو المحفوظة ، وأيضا الدقيق الفاخر المستورد، ومن مزايا القانون الجديد أن الخدمات ستستفيد لأول مرة من الخصم الضريبي للضريبة المسددة علي المدخلات. من جانبه قال الدكتور علي المصيلحي رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب أنه يؤيد مشروع قانون الضريبة علي القيمة المضافة من أجل إرساء نظام ضريبي عادل وبسيط وواضح لافتا إلى أن ماذكره وزير المالية من أرقام حول الأداء الاقتصادي أمر في غاية الأهمية مثل أن نسبة مساهمة الإيرادات الضريبية 13% فقط مقابل 20% في الدول المثيلة لمصر من حيث حجم الاقتصاد. وأضاف أنه يثق أن جميع المواطنين يرغبون في العدل وأن يسود النظام الجميع وأن يدفع الضرائب كل شخص يحقق دخلا ويستحق عليه ضرائب، وقال " أنني اؤيد جهود تحسين الإدارة الضريبية وزيادة كفاءتها ولذا أوافق على زيادة حد التسجيل بالنظام الجديد إلى 500 ألف جنيه من أجل تخفيض عدد من تتعامل معهم الإدارة الضريبية ". وقال إن جزء من العدالة أيضا أن نحمي الشرائح الأولى بالرعاية ، وهو ما يتحقق من خلال قائمة السلع والخدمات التي ستظل معفاة ضريبيا ، داعيا إلى توضيح هذه الجوانب للمجتمع ، والتأكيد عليها مع الإعلان صراحة عن جميع السلع المعفاة حتي لا يحدث أي تلاعب من البعض، متسائلا كيف يمكننا تحسين خدمات التعليم والصحة دون منظومة إيرادات عامة مستقرة وكافية؟