كان للبدو دور كبير داخل المجتمع المصري ترك أثره الإيجابي في أحيان والسلبي في أحيان أخرى على سلوكيات المصريين، ولكن أثره السلبي كان له بالغ الأثر .منذ تولي محمد علي حكم مصر، وذلك لأنهم بلغوا أقصى درجات القوة وشدة البأس. هكذا استهلت حديثها الدكتور إيمان عامر رئيس قسم التاريخ بجامعة القاهرة, ومدير مركز البحوث والدراسات التاريخية وعضو إتحاد المؤرخين العرب, لها العديد من الأبحاث التي أثارت جدلا واسعا , أهمها بحث "الاستيطان العنصري, دراسة مقارنة بين إسرائيل وجنوب أفريقيا", و"الجامعة العربية ومشكلة اللاجئين, الحفاظ على الهوية الفلسطينية", "المرأة في الصحافة السياسية (قراءة في أوراق روزاليوسف 1925-1956)", وغيرها .. إنها الدكتور إيمان عامر التي استضافها صالون "دار ابن رشد" في ندوة أقيمت مساء الأحد, لمناقشة ورقتها البحثية التي حملت عنوان "سيناء .. البدو بين التهميش والتوطين", بحضور عدد من المثقفين والباحثين. وكانت الكاتبة الصحفية عبير عطية الندوة قد افتتحت الندوة بالحديث عن أن موضوع البدو هو قضية الساعة مشيرة إلى أن ورقة الدكتورة إيمان عامر "سيناء .. البدو بين التهميش والتوطين", تعد بمثابة قراءة تاريخية لوضع البدو في عهد محمد علي والقرن التاسع عشر, في محاولة لربط الماضي بالحاضر واسشتشراق المستقبل لتحسين حالة البدو في مصر. ونوهت عامر في مستهل حديثها عن قضية البدو في مصر إلى أن ورقتها البحثية هى إعادة قراءة لدراستها التي حصلت بها على رسالة الدكتوراه, وأنه لكي نفهم ظاهرة البداوة وبدايتها يجب أن نبحر في التاريخ بحثا عن تجربة توطين البدو في تاريخ مصر الحديث، حيث تعد هذه التجربة من أهم ملامح التغيير في البناء الاجتماعي المصري, متابعتا "برغم أن البدو من مصر لكن يغيب في عقليتهم معني الوطن, ولابد من غرس جذور الإنتماء والمواطنة لدى تلك الجماعات لدمجهم في نسيج المجتمع المصري. وأكدت عامر أن الكثير من قرى مصر الوسطي والدلتا كانت تخشي التعامل مع البدو وينظرون إليهم كما ينظرون إلي وباء مخيف. وتناولت عامر قضية بحث نمط السكان وتركيبتهم عند البدو واعتبرته منطلقا أساسا لنجاح التوطين في المرحلة القادمة لأن برامج التنمية التي تقدمها الأممالمتحدة منذ عام 1986 كانت تقتصر مشاركتها علي تقديم عون عذائي لبدو الصحراء خلال فترة بناءهم لمنازلهم فقط دون النظر لتركيبتهم السكانية. وعن توصياتها قالت "علينا أن ننتقل من الوادي الي الحدود فأبناء مصر في هذه المناطق البدوية يمثلون قوة بشرية ذات طابع خاص, لافتة إلى أن الوقت قد حان لتنفيذ المشروعات المؤجلةالخاصة بهم , فالمشروع التنموي هو مشروع أمني لحماية الحدود خاصة في سيناء". وأعقبت كلمة عامر تعليقات عديدة من قبل الحضور, منهم بيسان عدوان, المدير التنفيذي لدار ابن رشد, حيث قالت إن الإعلام يورد من حين لآخر وبطريقة غير مباشرة أن بدو سيناء خائنين لوطنهم على الرغم من انهم تصدوا لإسرائيل أثناء حروب مصر معها, مضيفة أنه لم يتم تحديث البنية التحتية في سيناء من قبل الدولة المصرية وأنهم حتى الأن يعيشون على البنية التي خلفتها وراها إسرائيل, فضلا عن مشكلتهم في التوطين مشيرتا أنه يوجد حالة إقصاء ق وتهميش لهم في المجتمع المصري. من جانبه قال الكاتب الصحفي شريف عارف إن الأزمة في سيناء تتمثل في أن شيوخ القبائل فقدوا السيطرة على الشباب , لأنهم وجدوا أنفسهم يحصدون أموالا طائلة من التهريب عبر الأنفاق, مضيفا أن الهدف الأن يكمن في إعادة الهيبة لشيخ القبيلة وعمل مشاريع جادة وحقيقية تغني هؤلاء الشباب عن التوجه إلى التهريب فضلا عن ضرورة إستيعاب الدولة للقوانين والأعراف الداخلية لتلك القبائل البدوية لعدم التصادم مع مقدراتهم. فيما أشار حسام جاد, المسئول عن قسم تحرير دار ابن رشد, إلى ضرورة التطرق لنظرة بدو سيناء وخاصة الشباب منهم إلى الدولة, مضيفا أنه بتعامله الشخصي مع البدو وجد بينهم شباب يشعرون بأنهم بالغربة في أوطانهم وعدم الاتنتماء , مؤكدا أن ذلك أمرا خطير وعلى الدولة التعامل معه لإعادة شعورهم بالإنتماء لمصر.