سادت حالة من التفاؤل الشارع التونسي عقب إعلان فوز الرباعي الراعي للحوار الوطني في تونس بجائزة نوبل للسلام لعام 2015، مستبشرين بمستقبل أفضل لبلادهم على الرغم من الصعوبات التي تمر بها تونس من اقتصاد ضعيف وتحديات إرهابية، كانت آخرها محاولة اغتيال النائب البرلماني عن حزب نداء تونس رضا شرف الدين أمس الأول. ويعتبر حصول تونس علي جائزة نوبل هي المرة الأولي في تاريخها، في محاولة منها لإثبات أن الحوار والتوافق الوطني هو السبيل الوحيد للوصول بقافلة الوطن إلي بر الأمان. وقالت هاجر عجرودي، مواطنة تونسية، لمراسلة وكالة أنباء الشرق الأوسط بتونس، "مرة أخرى تضرب تونس شعبا وساسة ومجتمعا مدنيا موعدا مع التاريخ ومع الاستثناء في التجربة وفي توخي الحلول. رغم كل الاختلافات التي لا زالت عالقة، تبرهن تونس أن السياسة والمكانة والنجاح لا يتم إلا بالحوار. مرة أخرى، ترسم ملامح تونس في خضم الصراعات كنموذج للحل السلمي، لقبول الأخر ولواقعية السياسة. تونس البلد الصغير جدا، بلا عتاد ولا سلاح، يحكمه الشعب والمجتمع المدني الممثل في الرباعي الراعي للحوار". واختتمت هاجر كلامها بقولها "فخورة بكوني تونسية". وقال أحمد لطفي، مواطن تونسي، كيف لا نصاب بجرعة من الفرح وتونس تحصد جائزة نوبل للسلام، مضيفا "هي تستحق بجدارة لأنها في طريقها للديمقراطية والتعددية". الفرحة التي حلت علي تونس لم تكن للتونسيون فقط بل شاركهم مواطنو الدول العربية، حيث دشن عدد من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاج (#تونس_تفوز_بنوبل_للسلام) للتعبير عن فرحتهم ومشاركتهم للأخوة التونسيين بالجائزة. فقال أحمد الحاسي، مواطن ليبي، "تونس تفوز بنوبل للسلام لأنها بذلت جهوداً عظيمة لمنع وقوع حرب أهلية بعد اغتيال النائبين شكري بلعيد ومحمد الإبراهمي، جهود بعد ضغط شعبي". وعلي الصعيد المحلي، علق الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي على الفوز، قائلا "لا حلول بدون الحوار.. تونس تحتاج إلى تكاتف كافة أطياف الشعب لمواجهة التهديدات الإرهابية التي تهدد أمن البلاد. وعقب التتويج، قال حسين العباسي، رئيس الاتحاد العام التونسي للشغل إن الجائزة جاءت في الوقت المناسب بينما تواجه تونس بعض التهديدات الإرهابية، معتبرا أنها تكريم لشهداء وجرحي الثورة ولكل التونسيين. وأضاف العباسي أن الجائزة هي رسالة للدول العربية التي ما زالت تعيش أزمات لتتمكن من تجاوز خلافاتها من خلال الحوار، مضيفا أنه بإمكان المجتمع المدني التوصل لحلول سليمة. وأكدت نوال الطياش، النائبة عن حركة نداء تونس بسوسة، أن فوز تونس بجائزة نوبل للسلام رسالة إلى التونسيين لمزيد من العمل والابتعاد عن المزايدات ورفع الشعارات الرنانة لأن تونس بحاجة لكل أبنائها، مضيفة أن هذه الجائزة تمثل تشجيعا لكل التونسيين وخاصة للرباعي الراعي للحوار الذي قام بمجهود كبير للوصول إلى توافقات وحلول دون الدخول في الفوضى. وأشارت الطياش إلى أن الجائزة رسالة من العالم جاءت لتقول أن تونس بخير رغم كل الصعوبات التي تواجهها. كما كان لفوز تونس أيضا صدي كبير علي الساحة الدولية حيث رحب المجتمع الدولي بذلك التكريم، قائلين إنها خطوة على طريق ترسيخ مبدأ الديمقراطية وإحياء عمليات السلام. وكانت فرنسا من أوائل المهنئين بفوز تونس حيث أكد الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أن منح تونس جائزة نوبل السلام هذا العام يكرس نجاح عملية الانتقال الديمقراطي بها، مؤكدا علي أن بلاده لابد أن تسعى لإقامة تعاون مع تونس يرقى إلى المستوى المطلوب الصعيد الاقتصادي والسياحي والدفاعي. ودعا أولاند إلى دعم تونس لتمضي أكثر في نجاح عمليتها الانتقالية، مشددا على أن "أوروبا والعالم ينبغي ألا يكتفيا ببساطة بمنح جائزة، بل إعطاء أهمية للمساعدات الواجب تقديمها إلى تونس". وفي تغريدة على تويتر باللغة العربية، رحب رئيس الحكومة الفرنسية مانويل فالس بفوز تونس بالجائزة، قائلا "تحيا الديمقراطية التونسية". وأعربت رئيسة لجنة نوبل النرويجية كولمان فايف عن آملها في أن تسهم تلك الجائزة في الحفاظ على الديمقراطية في تونس وأن يسير على خطاها كل من يسعون إلى السلام والديمقراطية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وباقي بلدان العالم. ورحب المتحدث باسم الأممالمتحدة بجينف أحمد فوزي بفوز الرباعي الراعي للحوار الوطني بجائزة نوبل للسلام، قائلا "نحتاج إلى مجتمع مدني لمساعدتنا على دفع عمليات السلام قدما". وأضاف فوزي "هذا مثال رائع. أعتقد أن تونس إحدى الدول العربية التي أبلت بلاء حسنا منذ ما يعرف بالربيع العربي والانتفاضات في هذا الجزء من العالم"، معتبرا فوز تونس بهذه الجائزة دفعة للنشطاء الذين يقودون جهود السلام. ومن جانبها، قالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فريدريكا مورجيني إن فوز تونس بتلك الجائزة بداية لحل المشاكل الإقليمية خاصة في أفريقيا والعالم بصفة عامة، مضيفة أن منح الجائزة لتونس "شيء إيجابي في سبيل حل المشكلات الإقليمية في المنطقة والسعي نحو الديمقراطية". وعلي الصعيد العربي، هنأ الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي تونس قيادة وحكومة وشعبا بفوز اللجنة الرباعية للحوار الوطني بجائزة نوبل للسلام، قائلا إن حصول تونس علي هذه الجائزة العالمية هو مبعث فخر واعتزاز ليس فقط للشعب التونسى وإنما للوطن العربى كله. واستطاعت تونس، بنهاية عام 2013، الخروج من أزمة سياسية عميقة عقب مبادرة تقدم بها الرباعي الراعي للحوار الوطني، الذي يضم منظمات الاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والهيئة الوطنية للمحامين التونسيين لحث الأحزاب الحاكمة وخاصة حركة النهضة الإسلامية الجلوس علي طاولة الحوار مع أحزاب المعارضة لتمرير السلطة إلى حكومة انتقالة مستقلة عن الأحزاب من أجل تنظيم انتخابات نزيهة. وتمكنت الأحزاب المشاركة في الحوار بعد جلسات من الأخذ والشد الوصول إلى توافق على تعيين مهدي جمعه رئيسا لحكومة انتقاليه مطلع عام 2014.