تم اصدار ترجمة كتاب "عباس الثاني" للورد كرومر الذي نشره عام 1915 بعد خلع الخديوي عباس حلمي بعام واحد . يستحق هذا الكتاب أن يطلق عليه " انتقام كرومر " ، كما وصفه أحد المؤرخين البريطانيين بأنه " الضربة الأخيرة من كرومر لعباس الثاني " . و يشهد القاريء لسطوره إحساس كرومر بالمرارة و الرغبة في الثأر لكبريائه بسبب ذلك الشاب الغرّ الذي أطاح به كحاكم فعلي لمصر على امتداد 24 عاماً . و الكتاب سردٌ تاريخي موجز و مُحكم لتاريخ الأحداث و الصراعات بين كرومر و عباس الثاني من وجهة نظر كرومر . و رغم صغر حجمه ، فإنه يحتاج لقراءة متأنية ، حتى يستطيع المرء فهم التوجهات الشخصية لعباس و كرومر و حتى لا ينخدع بالشكل الظاهري للأحداث دون فهم ما وراءها عباس حلمي الثاني بن محمد توفيق بن إسماعيل (14 يوليو 1874 - 19 ديسمبر 1944)، خديوي مصر من 8 يناير 1892 إلى عزله في 19 ديسمبر 1914.وكان آخر خديوي لمصر والسودان. هو أكبر أولاد الخديوي توفيق، حاول أن ينتهج سياسة إصلاحية ويتقرب إلى المصريين ويقاوم الاحتلال البريطاني، فانتهز الإنجليز فرصة بوادر نشوب الحرب العالمية الأولى وكان وقتها خارج مصر، فخلعوه من الحكم وطلبوا منه عدم العودة ونصبوا عمه حسين كامل سلطانًا على مصر بدلًا من أن يكون خديوي. وفرضوا على مصر الحماية رسميًا، ويوجد في القاهرة كوبري باسمه وهو كوبري عباس الذي يربط بين جزيرة منيل الروضة والجيزة. بعد عام من توليه الحكم أقال وزارة مصطفى فهمي باشا، فوقعت أزمة مع إنجلترا، وتحدى المندوب السامي البريطاني لورد كرومر فأدى ذلك إلى زيادة شعبيته، فعندما ذهب لصلاة الجمعة في مسجد الحسين في 11 يناير 1893 دوت الهتافات بحياته وارتفع صوت الدعاء له وعبر الجميع عن حبهم له. وأرسل لورد كرومر لوزارة الخارجية في إنجلترا بأن الخديوي في حوار معه قال له إن إنجلترا وعدت بترك مصر وشرفها مقيد بهذا الوعد وظهر هذا في تصاريح الوزراء في مجلس النواب بل وفى خطب الملك. وسافر الخديوي للأستانة ليشكر السلطان عبد المجيد على الثقة التي أولاها له ولينال تأيدة على الخطوات العودة المصرية لحضن الخلافة، وقد ذكر الخديوي في مذكراته أن السلطان عبد الحميد الثاني شجعه على معارضة إنجلترا. وعندما عاد الخديوي واصل سياسة التحدى للاحتلال، وبإيعاز منه قررت لجنة مجلس شورى القوانين رفض زيادة الاعتماد المخصص للجيش البريطاني وتخفيض ضرائب الأطيان وتعميم التعليم، فاتهمه الإنجليز بأنه نسق مع نظارة مصطفى رياض باشا ولجنة المجلس، ولهذا اضطرت نظارة مصطفى رياض باشا للرضوخ لرغبة الإنجليز وزيادة الاعتمادات.