باحث في الحركات الإسلامية : تركيا تطلق أجهزة الإنذار لمساعدة مقاتلي داعش خبير في الشأن التركي : داعش تعاملت مع تركيا بذكاء وحصلت منها على معلومات وأسلحة. قيادي إسلامي : داعش ورطت تركيا بمؤامرة لإطلاق رهائنها. حالة ضبابية باتت تخيم على طبيعة المشهد التركي ،واقع مشوش بل ومعقد أحيانا يصاب به كل من أراد أن يكشف حقيقة تركيا وعلاقتها بتنظيم ما يسمى بالدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش». بعد أن أفرجت داعش عن رهائن القنصلية التركية ،جاء رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي يتهم تركيا بدعمها الأخرى، لتتسرب معلومات أنها سمحت لقوات التحالف الدولي باستخدام قواعدها العسكرية لضرب ذلك التنظيم الإرهابي، لكنها سرعان ما نفت تلك المعلومات مكتفية بالموافقة على المناورة العسكرية لحلف الناتو على أراضيها. ما الذي جعل داعش تتجنب المساس ببعض المعالم المتعلقة بتركيا في سوريا رغم أنها لم تتوانى عن تدمير كل أضرحة المسلمين في كل أرض وطأته..الدلائل باتت تشير إلى أن ثمة تفاهم وتنسيق..لكن ما سر هذا التفاهم المُستَنكَر بين من أعلن نفسه خليفة وبين من يسعى إلى الخلافة ؟ تحقق شبكة الإعلام العربية «محيط »في حقيقة تلك العلاقة المشبوهة مستعينة بآراء خبراء الإسلام السياسي في مصر،كذلك ترصد موقف الإخوان الذي بدا داعماً للأوردوغان بدمائه. شبح كردي قال محمد كامل باحث في الإسلام السياسي في تصريحات خاصة ل« محيط»:"إنه برغم الضغوط الأمريكية لإجبار تركيا على عمليات عسكرية ضد تنظيم الدولة الإسلامية ومظاهرات الأقباط وقرار البرلمان التركي بالمشاركة في التحالف؛ إلا أن الحكومة التركية لم تفعل شيئا فعليا ضد تنظيم الدولة الذي اقترب كثيرا من أراضيها". وعن مصلحة تركيا في دعم داعش، أوضح أنه لا يمكن إنكار أن تنظيم الدولة الإسلامية يقدم خدمة جليلة لتركيا بتخليصها من أعتى أعدائها في الداخل، حزب العمال الكردستاني، الذراع المسلح لحزب الشعوب الديمقراطي الكردي، هناك في تركيا وحدها 15 مليون كردي يعلون من قوميتهم الكردية على جنسيات بلادهم سواء في تركيا أو سوريا أو العراق ويرغبون في إنشاء دولة كردية مقتطعة من الدول الثلاث؛ ما يضغط به الغرب على تركيا وما يجد صدى له عند الغرب من توجهات الأكراد العلمانية وهو أمر مرفوض تماما في تركيا التي خاضت حربا ضد الأكراد سواء في تركيا قبل حزب العدالة والتنمية الأردوغاني أو بعده. واستشهد كامل بعدد من الأحداث التي تدعم رؤيته مبينا أنه قد عم حالة من الغضب على الأكراد في تركيا فتظاهروا بعنف مطالبين بالتدخل في عين العرب لإنقاذ الأكراد ما قوبل بأعمال أمنية قوية من الشرطة التركية حتى أن عدد من الضباط الأتراك هتفوا أمام الأكراد "تحبا الدولة الإسلامية"،كما أن طلب تركيا بإنشاء منطقة عازلة على الحدود لا يخدم إلا تنظيم الدولة الإسلامية لأنه يمنع الطيران، وهي قوة لا تملكها الدولة الإسلامية بينما يملكها أعدائها سواء التحالف أو العراق أو سوريا. وتابع :"شهود عيان من الدولة الإسلامية ومن مواطنين في عين العرب أكدوا أن الجيش التركي على الحدود التركية التي يمكن رؤيتها بالعين من كوباني قبل غارات التحالف الجوية يطلقون أجهزة الإنذار ما يجعل جنود الدولة الإسلامية في كوباني أو عين العرب يغيرون أماكنهم. وأكد الباحث أن الدولة الإسلامية تحقق لتركيا التخلص من شبح دولة الأكراد العرقية ومحاولة تخفيف الضغوط الغربية عليها، كما أنها تعلم أن مشروع الدولة الإسلامية في النهاية مشروع توسعي شعاراته باقية وتتمدد ما يهدد تركيا نفسها، ولكنه ليس في هذا الوقت؛ ما يجعلهم لا يفعلون شيئا ضد داعش، موضحا أن تركيا ما زالت معبرا للمجاهدين من العالم الذين يرغبون في الانضمام للدولة ومرتبط بالوضع الإقليمي في الشرق الأوسط. وبين أن حزب العدالة والتنمية استطاع التعايش والتأقلم مع الشعب التركي والنظام العالمي فهم يعلمون أنه لن يسمح العالم بعودة الخلافة وكل ما يطمحون إليه هو ما تطمح له إيران فهم يتفقون مع إيران في الهدف وفرض النفوذ على دول المنطقة وتصدير النموذج التركي لكل دول المنطقة . اتفاق مشترك وعلى نفس السياق قال دكتور محمود العدل باحث في الشأن التركي في تصريحات خاصة ل«محيط »:"إن تركيا وتنظيم داعش اتفقوا في بداية الأمر على أمر واحد مشترك فيما بينهم وهو إسقاط نظام بشار الأسد بسوريا ،ووصلت المساعدة التركية من كل اتجاه إلى داعش لإنهاء هذا الأمر الذي اعتقد الأتراك أنهم يملكون زمام الأمور حياله. وأوضح العدل أن داعش قد تعاملت مع الطرف التركي بكل ذكاء حتى حصلت على معلومات وأسلحة عديدة منها ،كما رأت تركيا أن تسليح داعش أهم من تسليح الجيش الحر في سوريا على الأقل في هذا التوقيت . واعتبر العدل أن الفترة الأولى من عمر التنظيم ( ما قبل كوبانى ) هي الفترة الذهبية في العلاقات بينهم حيث صارت الأمور أفضل مما تمنت تركيا حتى إن احتجاز رهائن أتراك بمدينة الموصل التركية تم بالاتفاق مع الجانب التركي ويؤيد هذا الاقتراح جانب كبير من الباحثين وذلك لما وجدوه من راحة وبشاشة وجه الرهائن عقب إطلاق سراحهم حتى إن بعض المحللين وصفوهم بأنهم قادمون من رحلة خارج البلاد وليس من معسكر اسر ورهائن. وأشار إلى أن تركيا وداعش اتفقا على ما يخدم الطرفين في البداية، إلى أن حدثت التطورات الأخيرة واتهم الأكراد تركيا بالتواطؤ و"افتضح الأمر التركي على الملأ"، موضحا أن كوباني التي تبعد 700 متر عن الحدود التركية هي منطقة بالغة الأهمية بالنسبة إلى أكراد تركيا لارتباطهم بالمنطقة الزراعية وصلات قرابة ونسب فيما بينهم دون النظر إلى حدود الدول.. فكثير من أبناء كوبانى يعيشون بالجانب التركي مع أبناء عرقهم وجلدتهم من الأكراد بالجانب الآخر. وبحسب " العدل" فإنه من السهل سيطرة تركيا على كوبانى، ولكنها أرادت توريط حزب العمال الكردستاني في الحرب بتلك المنطقة وبذلك تكون تستفيد من هذا الأمر، لكون أن حزب العمال الكردستاني العدو الاستراتيجي والأزلي للجيش التركي الذي لم يخض أي حرب في حياته سواء مع حزب العمال الكردستاني بداية من عام 1985 وحتى وقت قريب. موقف إرغامي من جانبه قال محمد الصاوي قيادي "إخواني" موضحا طبيعة العلاقة بين تركيا وداعش:"بعد الانتهاء من تسوية عملية اختطاف الدبلوماسيين الأتراك من قبل تنظيم داعش، بدأت تركيا بالوقوع في حرج كبير من موضوع تحفظها على المشاركة في الحلف الأمريكي لمحاربة هذا التنظيم في العراقوسوريا؛ لذا بات الموقف التركي أكثر انكشافا من ذي قبل في ظل غياب هذه الذريعة التي استخدمتها في أكثر من مناسبة للإشارة إلى أنها مرغمة على التردد في موقفها بفعل رغبتها في الحفاظ على حياة مختطفيها خاصة بعد التسويق إعلامياً لما أقدم هذا التنظيم عليه من إعدام للصحفيين الأميركيين في فترة قريبة". وأوضح الصاوي في تصريحات خاصة ل«محيط »:" وجدنا بأن الجانب التركي قد بدأ بالانتقال من موقفه السابق باتجاه التقدم خطوة للاقتراب من هذا الحلف في ضوء التطورات المتسارعة التي بدأت بالحصول في الأيام الماضية والتي تزامنت بشكل خاص مع تدفق عشرات الآلاف من الأكراد الفارين من كوباني باتجاه الحدود التركية التي باتت في اضعف حالاتها بفعل الانتقال المعاكس أيضا لمقاتلي حزب العمال الكردستاني للدفاع عن الأكراد في سوريا، كما تزامن الموضوع مع اللقاء الذي عقدته الأممالمتحدة في نيويورك وشارك فيه أردوغان الذي أكد بأن الموقف الرسمي لبلاده سيعلن بعد العودة إلى أنقرة." وتابع:" بالرغم من نظرية المؤامرة التي تلف المشهد الخاص بإطلاق الرهائن الأتراك على اعتبار أن بقائهم بيد الخاطفين كان سيعطي لتركيا الحجة في عدم التسرع في انخراطها بهذا الحلف كما سيعطي لتنظيم داعش القدرة على خلق مزيد من الانقسام الدولي تجاه العمليات والخطط المعدة للتعامل معه على اعتبار أن المصلحة بالنتيجة تفضي إلى عدم انجاز صفقة التسوية لهذا الملف بين الطرفين المتهمين بعلاقتهما الوثيقة، فقد أعلن أردوغان مؤخرا بأن بلاده ستقف إلى جانب الحلف الدولي لمكافحة الإرهاب وستقدم ما عليها تقديمه في هذا الخصوص." وعن تحول الموقف التركي قال الصاوي في إشارة خفية إلى إبراز الضغوط التي تعانيها تركيا:"هذا التحول المفاجئ في الموقف التركي لم يأتِ فقط استجابة للضغوط الأميركية فحسب وإنما جاء أيضا ليعبر عن الانتقال التدريجي إلى مرحلة مهمة يبدو أن تركيا مُجبرة على الدخول فيها، لكن هذه المرة أيضا بفعل الضغط الشعبي الذي بدأت تلوح معالمه في سماء المجتمع التركي حيث عبر أحد الاستفتاءات التي أجريت مؤخرا على أن 53% من الأتراك قلقون من وجود داعش بالقرب من الحدود التركية السورية التي تسهل له الحركة والعمل على عدم استقرار الأمن الحدودي والمخاوف من تمدد خطره إلى داخل تركيا، وهو ما دعا قادة حزب العدالة والتنمية إلى التأكيد على أن بلادهم غير متعاونة مع هذا التنظيم وأنها تؤكد لمواطنيها بأنها هي الأخرى من بين أهم الدول المهددة بتداعيات الحرب على داعش." واستطرد:" في ضوء هذا الضغط والرغبة في التغيير البطيء لمسار السفينة التركية الكبيرة في بحر السياسة المضطرب بدأت تركيا بالتلويح إلى المحددات الجيوبولتيكية التي يجب مراعاتها عند المطالبة بانضمام تركيا إلى الحلف الدولي لمحاربة داعش، على اعتبار أن هنالك مخاوف من أن تؤدي هذه الحرب إلى سحب البساط من تحت أقدام الأتراك وتحويل مسار التفاعلات القادمة بعيدا عن قدرة اللاعب التركي في التأثير على مخرجاتها. لذا صرح رئيس الوزراء الجديد بان تركيا ستقوم بتعديل مسارها بعد أن يتم تطمين احتياجاتها الضرورية التي تُطرح بصيغة عدد من المحددات هي اتخاذ كل التدابير اللازمة لحماية الأمن القومي التركي،السماح من قبل بلاده باستقبال جميع اللاجئين السوريين والعراقيين بغض النظر عن أصولهم وأديانهم،أن تؤدي العملية إلى تحقيق الاستقرار والسلم الإقليمي،احترام الجغرافيا الحالية بما هي عليه في المنطقة ومعارضة أي عملية تستهدف السيطرة على النفط وبقية مصادر الطاقة في الإقليم." وأردف الصاوي :"لم تكن هذه المحددات التي اتسمت بالعمومية لتعبر عن حقيقة الإدراك التركي إلا في نقطتين جوهريتين، الأولى تمثلت في حماية الآمن القومي التركي الذي بات مكشوفا أكثر من ذي قبل خاصة في ظل إقحامه في لعبة فك الارتباط بهذا التنظيم ودخوله ربما لاحقا إلى مرحلة الصراع المباشر معه على الأراضي التركية وخارجها، والثانية في نقطة مفصلية ممثلة بالسيطرة على النفط في دولتي جوار مهمتين مثل العراقوسوريا إذ تخشى أنقرة بان تقود الحملة الأميركية ضد داعش إلى السيطرة على بعض النطاقات النفطية المهمة بدون مشاركة فعلية لها في مثل هذه السيطرة التي لابد وأنها سوف تصطدم وفكرة الإبقاء على الوحدة الجغرافية لهذه الدول التي يبدو أنها مقدمة على مشاريع فدرالية لا تبعد كثيرا عن المظلة التركية الأميركية باعتبارها المدخل الذي تبحث عنه هاتين القوتين لتحقيق ما يسمى تهكما بالسلم الإقليمي." وأضاف:"مصداقا لهذه الافتراضات وجدنا أردوغان بعد عودته من نيويورك يصرح بأن بلاده تفرض شروطاً محددة أمام الآخرين لاستخدام قاعدة انجر ليك، في إشارة مضافة إلى بداية التغيير في الموقف التركي، ومن بين هذه الشروط العمل على تشكيل منطقة عازلة داخل الأراضي السورية لاستقبال وإعادة اللاجئين السوريين الذين أجهدوا تركيا اقتصاديا وامنيا، فضلا عن شرط آخر يتمثل بإعلان منطقة حظر للطيران فوق الأراضي السورية بحجة حرمان النظام السوري من إمكانية استخدام الطيران والأوضاع الإستراتيجية التي ستتشكل لاحقا للإضرار بالمعارضة السورية التي تحولت إلى شرط ثالث أكد عليه أردوغان تحت تسمية توفير كل أشكال الدعم لما يسمى بالمعارضة السورية المعتدلة." وأشار القيادي الإخواني إلى قيام الإدارة الأميركية (27 سبتمبر) بالرد على هذه الخطوة من خلال الإعلان بأنها تفكر جديا بالعمل على إقامة منطقة عازلة في سوريا وإقرار منطقة حظر الطيران حيث ذكرت صحيفة نيويورك تايمز في هذا الصدد نقلا عن وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان المشتركة مايلي "إن الإدارة الأميركية لا تستبعد إقامة منطقة حظر طيران فوق شمال شرق سوريا لحماية المدنيين من الغارات الجوية للنظام السوري،وأن إقامة منطقة عازلة ربما تصبح في مرحلة ما أمرا ممكنا. إلا أن الصاوي بين سبب ذلك للدلالة فقط على حجم التناغم الذي بدأ بالتشكل بين طرفين مهمين في لعبة صياغة التفاعلات الجيوبولتيكية،ما جعله يطرح شكوكه وتساؤلاته كمتابع من جراء الإشارات التي تم التأكيد عليها بين هاتين الدولتين والتي يبدو أنها بدأت بتشكيل ملامح العقيدة الجيوبولتيكية لكلاهما في تقاسم الأدوار وفي تحديد مجالات النفوذ في هذه الحملة.