أكد محيى الدين مصطفى المحامى والناشط الحقوقى الكردي، عضو اللجنة الكردية لحقوق الإنسان، وأحد سكان مدينة كوبانى السورية المحاصرة من تنظيم “داعش”، ل”الحياة” أن المعارك فى كوبانى بدأت مع بداية الثورة السورية قبل 3 أعوام، حين شكل الأكراد وحدات حماية الشعب بالتعاون مع الجيش السورى الحر، بهدف حماية الأكراد، ولكن تصاعدت المعارك الحالية فى كوبانى منذ منتصف الشهر الماضي، بعد سيطرة تنظيم “داعش” على مدينة الموصل العراقية وامتلاكهم أسلحة ضخمة، ودخولهم إلى سوريا بعد زيادة الحصار عليهم فى العراق، فحاصروا مدينة كوبانى الكردية وأصبح هناك عدم توازن فى القوى، بعد امتلاك عناصر “داعش” لأسلحة ثقيلة حصلوا عليها من مخازن القوات العراقية المنسحبة من الموصل. وأوضح “مصطفى” أن الأكراد المتظاهرين ضد حكومة “أردوغان” الداعمة لسيطرة تنظيم “داعش” على “كوباني”، قاموا برفع الإعلام الكردية وإقامة حواجز ببعض مراكز ولاية ديار بكر التركية التى تشهد اشتباكات بين الحكومة التكرية والمتظاهرين الأكراد، مشيراً إلى أن أغلب الأكراد المؤيدين لأردوغان انضموا للمتظاهرين وأصبحوا ضده، مشيراً إلى أن المتظاهرين يطالبون بوقف الدعم التركى لتنظيم “داعش” وفك التحالف بين التنظيم الإرهابى وحزب “أردوغان”، وهددوا بوقف العمل باتفاق السلام مع تركيا، لو تمكنت “داعش” من دخول كوباني، موضحًا أن المطالب يمكن أن تتصاعد للمطالبة بإدارة ذاتية وحكم ذاتى للأكراد فى تركيا. وكشف الناشط الكردى أن الدعم التركى ل“داعش” يتمثل فى مدهم بالسلاح وفتح الحدود التركية أمامهم؛ للعلاج فى المستشفيات التركية، فضلًا عن وجود معسكرات سرية لتدريبهم فى تركيا، يشرف عليها بلال رجب طيب أردوغان نجل الرئيس التركي، الذى جمعته العديد من المقابلات مؤخرًا مع عدد من قيادات “داعش” المعروفين بممارستهم لعمليات قطع الرؤوس، وفى المقابل تقوم تركيا بحبس وقتل الأكراد السوريين الفارين من كوبانى إلى الأراضى التركية. وأكد أن تركيا تخشى من وجود أى إدارة ذاتية للأكراد فى سوريا، ولذلك يدعمون تنظيم “داعش” بقوة، من أجل تدمير “الكنتونات” الكردية شبه المستقلة التى أعلنها الأكراد فى سوريا، وتابع: “الموضوع معقد جدًا لأن القوات الكردية المقاتلة ضد “داعش” التى تسمى قوات حماية العشب هى فرع من حزب العمال الكردستانى الموجود فى تركيا، وأنقرة لديها حساسية إزاء إقامة أية كيانات سياسية أو إدارية للأكراد، وبالفعل قام الأكراد فى سوريا بإقامة 3 كنتونات هى إقليم الجزيرة وكوبانى وعفرين، وتحاول تركيا حاليًا إقناع التحالف الدولى بتدخلها ضد “داعش” من خلال قوات برية لإقامة منطقة عازلة، بهدف القضاء على كنتونات الإدارة الذاتية الكردية وليس حماية اللاجئين السوريين، وهو ما رفضه البنتاجون والولايات المتحدة”. ويرى السيد عبد الفتاح، رئيس مركز القاهرة للدراسات الكردية، أن التعامل العنيف لقوات الشرطة التركية مع المتظاهرين الأكراد السلميين، وسقوط عشرات القتلى، كشف حقيقة الموقف التركى الرسمى والتوجه من جانب الرئيس التركى رجب طيب أردوغان من تصاعد خطر تنظيم الدولة “داعش” بالمنطقة، ومن الحرب التى تشنها على الأكراد فى سوريا، وهجومها الوحشى على مدينة “كوباني”. وتابع ل”الحياة”: أن سقوط الضحايا الذين خرجوا فى احتجاجات فى عدة مدن تركية، احتجاجاً على الموقف التركى من الهجوم على مدينة “كوباني” الكردية السورية، كشف حقيقة موقف أردوغان الذى ظل الفترة الماضية يراوغ ويماطل ثم يضع شروطاً لمشاركة تركيا فى الحرب الدولية على الإرهاب “الداعشي”، وهو ما يؤكد أن ثمة علاقة قوية تربط بين تركيا أردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم، وبين تنظيم الدولة الإسلامية”داعش” الإرهابي، الذى تستخدمه تركيا فى تحقيق أهدافها الاستراتيجية فى المنطقة”. وأكد “عبدالفتاح” أن الرئيس التركى يريد التملص من الاستمرار فى مفاوضات السلام مع حزب العمال الكردستانى فى تركيا بزعامة عبد الله أوجلان، وهو ما يلزمه بإعادة حقوق الأكراد المهدرة منذ عشرات السنين فى تركيا، كذلك فإنه وبمساعدته الواضحة لتنظيم ”داعش” يريد أن يستنزف قوة مقاتلى حزب العمال الكردستانى ومعهم مقاتلى حزب الاتحاد الكردستانى فى سوريا، ما يضعف موقف الأكراد التفاوضى مع أنقرة، حيث أن الهجوم الذى تشنه “داعش” بنحو 5 آلاف مقاتل على مدينة كوباني، ورغبة التنظيم المستميتة للسيطرة على المدينة، يستهدف القضاء على القوة العسكرية للأكراد فى كل من تركياوسوريا، حيث أن أردوغان وعن طريق “داعش” يريد أن يجعل “كوباني” والمناطق الكردية فى سوريا بمثابة “المغناطيس” الذى يجذب جميع المقاتلين الأكراد للدفاع عنها ضد الهجوم من “داعش”، ما يسهل عليه مسألة إنهاك هؤلاء المقاتلين واستنزاف قواهم، علاوة على أنه يخطط للاستفادة من هذا الهجوم لدفع أمريكا والغرب للموافقة على القيام بعملية برية فى سوريا، تتيح له التسريع فى إسقاط النظام السورى من جانب، والتحكم وعزل الجزء الكردى السورى عن التركي، ما يقوى موقفه التفاوضى مع حزب العمال الكردستاني.