سليم عزوز بدا وزير الإعلام المصري كما لو كان نائما منذ ان تولى مهام منصبه في شباط/فبراير 2005، واستيقظ تواً ليدخل حربا ضروسا ضد 'مافيا بيع تراثنا الفني'.. ادخل على بأغنية يا حبيبتي يا مصر'!
الوزير أحال صفقة بيع التراث الغنائي لقناة روتانا للنائب العام، وسط 'زفة إعلامية' تصلح لتقديمه مرشحا للرئاسة.
فهو يحارب الفساد، ويواجه المافيا، ويتصدى لبيع التراث، خوفا من وصوله لإسرائيل عقب صفقة الوليد بن طلال مع روبرت موردخ.
واللافت ان الإعلام الموالي لرئيس مجلس الشورى صفوت الشريف قد شارك في هذه 'الزفة'، وهو أمر لم تهضمه معدتي بسهولة، مع أنها تهضم 'الزلط'، وجعلت قبيلة من الفئران تعبث في صدري، كناية عن الشك
ولما لا؟، وأنا متآمر قديم، وتستهويني قراءة ما بين السطور.
موشح التصدي للفساد، ومنذ ثلاثين عاما، هو الحق الذي يراد به باطل في كثير من الأحيان، وتحت هذه اللافتة يتم التنكيل بالخصوم، منذ أن أحيل شقيق الرئيس الراحل أنور السادات وأبنائه للمحاكمة بتهمة الفساد، وسط حالة من الابتهاج التاريخي من قبل المعارضة، التي اعتبرت ان البلاد تقف على أعتاب مرحلة جبارة.
وقد يكون القوم متورطين في عمليات فساد.. لكن لم يكن هذا هو الدافع لمحاكمتهم وتجريمهم..
ومؤخرا قضى وزير المالية السابق في السجن سنين عددا، بتهمة الفساد، وهللنا وكبرنا، فنحن في عهد لا يحمي فاسدا مهما كان وزنه، لكن محكمة النقض عندما تصدت وفصلت في القضية قامت بتبرئته من كل ما نُسب إليه.
وظهر الرجل عبر تلفزيون البلاد يشير بإصبع الاتهام إلى مسؤول كبير بمجلس الوزراء كان وراء التنكيل به لخلافات سابقة بينهما، ولم يصرح باسمه، لكن الجميع أوشكوا ان يمسكوا بتلابيبه.
وكان هذا مبررا لفتح الباب أمام تحقيق جنائي وسياسي، لكن بدا أن هناك حرص على إغلاق الملف، وحماية المتورط، ورد الاعتبار للوزير السابق بدعوته لحضور خطب الرئيس في المناسبات المختلفة جبرا للخواطر.
واقعة بيع التراث الغناني لقناة 'روتانا' تمت منذ ست سنوات بالتمام والكمال. قبل أسابيع نشرت الصحف المصرية، الحكومية، والحزبية، والخاصة.. وفي يوم واحد إحالة 14 قيادة بمبنى ماسبيرو (المقر الدائم لتلفزيون الريادة) للمحاكمة، بتهمة ارتكاب مخالفات مالية.
وقد لفت انتباهي وجود اسم سيدة تنتمي الى عصر البرامكة، فذهبت أبحث في الأمر، لاكتشف ان القضية عمرها عشر سنوات، ومنذ ان كان صفوت الشريف وزيرا للإعلام.. وكما ان السحر أحيانا ينقلب على الساحر، فقد انقلب الفقي على الشريف.
ومنذ فترة ونحن نستمتع بمسلسل 'كيد الضرائر'.. والذي يعرض على القنوات الأرضية فقط، ولذا فلن يتمكن كثير من القراء من متابعته، فلا ترهقوا أنفسكم بالبحث.
صفقة البيع لروتانا تمت في سنة 2004، وقد ظننت ان هذه حلقة من المسلسل سالف الذكر، لكن راعني احتفاء الصحف وثيقة الصلة بالشريف بالأمر، ومشاركتها في 'الزفة' التي تستهدف تعميد الفقي زعيما، وقد اكتشفت ان عملية البيع تمت في عهد وزير الإعلام السابق ممدوح البلتاجي..
وما يجمع بين الفقي وزير الإعلام الحالي والشريف الوزير الأسبق هو عدم استلطاف الرجل، لان الأسبق كان ينادي في البرية انه آخر وزير إعلام في مصر، فجيء بشخصية مستقلة لتشغل الموقع بعد شحنه هو لمجلس الشورى.
وقد عمل صاحبنا الشريف كل ما في وسعه من اجل الإطاحة بالبلتاجي، وجلب انس الفقي وزيرا تحت الوصاية، وتبدو المشكلة الآن انه لا يريد ان يقوم بدور وكيل الوزارة وان يصبح الوزير الفعلي هو صفوت الشريف.
الحرب على المافيا
كلام ضخم فخم قيل في حفلة التعميد، من نوعية إعلان الحرب على 'المافيا'.. والمحافظة على التراث المصري.. والعمل من اجل منع وصول هذا التراث لإسرائيل..
كما لو ان من يتم تعميده هو رئيس جبهة الصمود والتصدي.. رحم الله موتاكم!.
بح صوتنا دفاعا عن التراث المصري، الذي يتعرض للتلف في التلفزيون، والذي تمت سرقته والخروج به من المبنى في حقائب كبار المسؤولين بماسبيرو تصحبهم السلامة، لتسليمها لصاحب احدى الفضائيات معروف بالاسم والرسم.
وما نسمعه في هذا الصدد هو وثيق الشبه بحكاية 'علي بابا والأربعين حرامي'.. على الأقل فان صاحب روتانا اشترى من التلفزيون بعقد بيع، لكن المشكلة في من اشترى النسخ الأصلية من اللصوص!
في تقديري ان إسرائيل ليست بحاجة الى توقيع صفقة الوليد وميردوخ لتسطو على التراث الفني المصري، فالشاهد ان عملية السطو قائمة، وان من سطوا على أرض الغير ليس مستغربا ان يكونوا قد سطوا على أغنية.
وليس في تاريخ وزير الإعلام انس الفقي ما يشير الى ان له موقفا معارضا من الكيان الإسرائيلي، فهو عضو في حكومة تبيع الغاز لإسرائيل بثمن بخس اقل من تكاليف الاستخراج ، وتتمسك بذلك أمام القضاء، دون ان يهتز لها رمش!.
ما علينا، ففي لحظة يأس من عدم التدخل الحكومي للحفاظ على تراث التليفزيون المصري، وجد البعض ان عملية النهب قد تحافظ على هذا التراث من ان يبدد تلفا، وكثير من الأعمال في العلب.
بل وكثيرا ما كان يتم مسحها والتسجيل عليها لان القائمين على أمرها ليس لديهم شعور بأهميتها.
هناك أكثر من سبب وراء هذا الاستيقاظ المتأخر لوزير الإعلام، للتحقيق في وقائع صفقة أبرمت منذ ست سنوات، فبجانب الظهور بمظهر المحارب للفساد، وانها تمت في عهد ممدوح البلتاجي، فان هناك حالة عداء مستحكمة مع الوليد صاحب قناة 'روتانا'.
والقوم يفتشون الآن في الدفاتر القديمة من اجل استعداء الشعب المصري عليه في معركة تكسير العظام، منذ ان أذاعت هالة سرحان حلقة 'بنات الليل' بعد اتفاق مع الأمير على عدم بثها.
لقد تم تسريب العقد الذي تم بينه وبين الحكومة المصرية، بخصوص أراضي توشكي، ووصف بأنه عقد إذعان، وهو بالفعل كذلك، اذ حصل على ملايين الأفدنة من الأراضي، بتراب الفلوس، كما لو كانت الجهة التي منحته كل هذا هي حكومة المعتمد البريطاني.
مع ان أهل الحكم في مصر هم الذين منحوه كل هذه التيسيرات، عندما كان رجلهم وقبل ان تحل عليه لعنة الآلهة. وفي الماضي كان إذا طلب منهم لبن العصفور جاءوا له به، وكان لديهم استعداد لان يمنحوه الأرض ومن عليها وبالمجان.. لكنه في واقعة التراث الفني فقد اشترى ودفع ثلاثة ملايين دولار.
حلقة ذكر
الوزير قال ان البيع كان بثمن بخس ومخالفا للوائح والأسعار المقررة، ونصبت له الصحف 'حلقة ذكر'.. فهو 'يعلن الحرب على مافيا بيع تراثنا الفني في محاولة لمنع وصوله لإسرائيل'، مع أن الغاز المصري الذي يحتاجه المصريون يصل الى إسرائيل بموافقة الحكومة في أمان الله.
ولم نسمع ان الوزير اعترض على ذلك.. يبدو ان المُعترض عليه هو ان يكون الوصول عبر الوليد، وليس عبر الطرق الشرعية!
الحديث عن الخوف على وصول التراث المصري لإسرائيل لا أظن انه كان مطروحا على جدول أعمال وزير الإعلام عندما اتخذ قراره لإحالة المتورطين في الصفقة للنائب العام، لكنه من اختراع صحافة الحب العذري.
لعل 'الشروق' هي الصحيفة الوحيدة التي تعاملت مع الموقف بمهنية، وأطلعتنا على الرأي الآخر، بمقابلة للزميلة إيناس عبد الله مع نادية صبحي رئيسة القطاع الاقتصادي بالتلفزيون وقت إبرام الصفقة، والتي بدت واثقة من سلامة موقفها، ونفت مسؤولية الوزير ممدوح البلتاجي، وقالت انها المسؤولة، كما نفت وجود لائحة في هذا الشأن لتخالفها.
وقالت ان ما بيع كان في 'العلب' وأوشك ان يتعرض للتلف بسب عدم استخدامه، وان رؤساء القنوات التابعة لتلفزيون الريادة كانوا يرفضون عرضه.. هناك احتفاء غير مسبوق بأغنية 'بحبك يا حمار'. وقالت ان المبلغ الذي باعت به أحدث انتعاشا في اتحاد الإذاعة والتلفزيون.
والسؤال: إذا كان ما جرى هو عقد فساد، فهل كان الأمر يحتاج الى مرور ست سنوات لاكتشافه؟!
عزل منى الشاذلي
على الرغم من ان منى الشاذلي مذيعة برنامج 'العاشرة مساء' استأذنت المشاهدين في إجازة تعود بعدها لاستئناف نشاطها، إلا ان البعض نصب لها 'حلقة ذكر'، فمرة يقال انها في خلاف مع رئيس القناة رجل الأعمال احمد بهجت.
وتارة يقال ان جهات تابعة للدولة تدخلت وطلبت منه أبعادها لخطها السياسي المعارض، وهجومها الحاد على الحكومة.. البعض يتحدث جادا ومع ذلك يبدو وكأنه يقول نكتة، فيضحك الثكالى!
الذين يطلقون مثل هذه النكات هم يمثلون عناصر 'الشلة' الذين تستضيفهم منى باعتبارهم مفكرين استراتيجيين، فيقومون بالكتابة عنها بإطلاق أوصاف من نوعية المذيعة المرموقة، والمذيعة المتألقة، والمذيعة الجميلة..
أول مرة أشاهد مذيعة يتم ذكرها مسبوقا بمثل هذه الصفات مع أنها تتحدث من بطنها، وتتعارك طوال الحلقة من اجل الإمساك بخناق جملة او كلمة، فتخرج من فمها قلقة ومترنحة وكأن الكلمة او الجملة تعرضت لوصلة.
تعذيب في غوانتانامو!
فرقة الإنشاد إياها، تستغل مقابلتها مع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين لتوحي بأن قرار الإبعاد هو في الأساس قرار حكومي للتصدي لهذه المذيعة المعارضة، كما تستغل حلقة الدكتور محمد البرادعي لتأكيد نفس المعنى، مع انها سعت بكل ما أوتيت من قوة من اجل التقليل من قدر البرادعي بأسئلة مرتبكة ووجلة.
أما حلقة المرشد، فقد احتوت على خطأ مهني جسيم، أوقعها فيه الإخوان بذكائهم، عندما وضعوا خلفه شعار الجماعة الذي ظل ظاهرا للمشاهدين طوال الحلقة.. وكأنها كانت تقدم إعلانا عن الاخوان مدفوع الأجر، لا بأس فهالة سرحان قبل ان تعمل مذيعة عملت ممثلة إعلانات، وقدمت إعلانا عن احد أنواع الصابون.
سوف تعود منى الشاذلي، لسبب بسيط وهو انها ليست معارضة، وليست ضد الحكومة، وقد تقع في خطأ لقلة الخبرة، لكنه ليس مقصودا.
أرض جو
لاستكمال الديكور السياسي استدعى التلفزيون المصري قادة الأحزاب السياسية لعرض برامجهم من خلاله، بمناسبة انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى.. وقد فوجئ المتحدثون ان أحدا لم يشاهدهم..
وقد كان المفروض ان يتم الإعلان عن هذه البرامج في تلفزيون آخر يشاهده الناس، ولو على حساب الضيوف، الذين بددوا طاقتهم في اجتماع سري.