محمد فوده حسناً فعل السيد صفوت الشريف الأمين العام للحزب الوطني باستخدامه كلمة "ضبط" الأسعار عندما قال: إن دور الحكومة ضروري في "ضبط" الأسعار. ولا يجب أن تقف موقف المتفرج.. ولم يستخدم كلمة "تخفيض". فكلمة "ضبط" تعني أن الحكومة ربما تنجح في وقف التصاعد المرعب للأسعار عند الحد الذي وصلت إليه.. أما كلمة "تخفيض" فتعني أن تتراجع الأسعار إلي ما كانت عليه منذ سنة أو اثنتين.. وهذا أمر مستحيل. فالأسعار عندما تتصاعد لا يمكن أن ترجع القهقري أبدا.. وإلا فليدلني أحد من السادة القراء أو السادة المسئولين علي سلعة واحدة انخفض سعرها بعدا أن ارتفع. والسؤال هو: هل يمكن للحكومة فعلا أن تضبط الأسعار؟! وكيف؟! خاصة أننا نعيش عصر الاقتصاد الحر وآلية السوق. ولا يمكن العودة إلي نظام الأسعار الجبرية. ما هو السبيل إذن لضبط الأسعار؟! الحكومة لديها مشروع لتطوير نحو ثلاثة آلاف مجمع استهلاكي علي مستوي الجمهورية.. وتقول إن هذا التطوير سوف يؤدي إلي أن تعرض هذه المجمعات سلعا بأسعار أقل من السوق. ربما يتحقق هذا التطوير بعد سنة أو اثنتين أو ثلاث.. فماذا سيحدث للأسعار في هذه الفترة؟! وهل يمكن لثلاثة آلاف مجمع أن تفي باحتياجات كافة المواطنين من السلع؟! الإجابة متروكة للمختصين.. لكن هذه المجمعات لا تتعامل إلا في المواد الغذائية.. فماذا عن أسعار السلع الأخري؟! ماذا ستفعل الحكومة لحديد التسليح؟! سوف يقال إنها رفعت غرامة الاحتكار إلي 50 مليون جنيه كحد اقصي؟! شيء جميل ولكن ماذا عن الاعلان الرسمي لشركة "حديد عز" بأن أسعارها بلغت ما يقرب من أربعة آلاف و500 جنيه للطن تسليم المصنع؟! فكم تبلغ تكلفة نقل طن الحديد إلي مخزن التاجر؟! ثم إلي موقع العمل؟! وما هي نسبة الربح المسموح بها للتاجر؟.. اعتقد انه مع حساب هذه التكاليف فان سعر الطن لن يقل عن 5500 جنيه!! ولماذا التركيز علي حديد عز بالذات؟! لأنه هو الذي يقود الأسعار في السوق.. وباعتبار أن المهندس أحمد عز يحتل موقعا مهما في الحزب الوطني.. والحكومة حكومة الحزب فهو مسئول ضمنيا عن ارتفاع الأسعار. ليس المقصود شخص المهندس أحمد عز ولكن لأنه يسيطر علي اكبر حصة لهذه السلعة التي تؤثر مباشرة علي حركة التنمية العمرانية والتي تؤثر بدورها في أزمة الاسكان. وكم طالبنا المهندس عز بأن يشرح لاخوانه واحبائه من مواطني مصر وجهة نظره في أسباب صعود أسعار الحديد لهذه الدرجة التي تخل التوازن في الأسواق. ورؤيته كمواطن مصري ومسئول حزبي لكيفية "ضبط" أسعار الحديد.. لكن يبدو أن الرجل اعتلي منصة عالية لا يستطيع النزول منها وجلس يتأمل أو يتفرج علي احوال الناس اللي تحت!! ونحن كمواطنين نستظل بمظلة الحزب الوطني نقول: هذا الصمت خطأ يا باشمهندس. عن صحيفة المساء المصرية 6/3/2008