أثارت تصريحات الدكتور هاني قدري دميان، وزير المالية المصرى ، بفرض 5% ضريبة سميت بضريبة "الأغنياء" على من يتعدى دخله المليون جنيه سنويا، تستمر لمدة ثلاث سنوات، الجدل بين خبراء المال والاقتصاد، فبعضهم رأى أن القرار بداية حقيقية لتحقيق العدالة الاجتماعية وتقليل عجز الموازنة العامة للدولة، فيما رفض البعض القرار معتبرين أن فرض هذه الضريبة يعد هروبا من تطبيق الضريبة التصاعدية والتي طالب الجميع بتطبيقها منذ اندلاع ثورة 25 يناير، خاصة وأن الاقتراح جاء متزامنا مع تجدد الدعوات بتطبيق الضريبة التصاعدية. وتساءل الكثيرون، هل تقلل ضريبة الأغنياء من عجز الموازنة العامة للدولة؟، وهل تكون الضريبة أولى الخطوات لتحقيق العدالة الاجتماعية في ظل حكومة محلب؟، وهل ستساهم في حل المشكلات الاقتصادية التي تمر بها البلاد؟، ام سينعكس الأمر على المستثمرين والراغبين فيه؟. المؤيدون: قرار صائب بجانب الضريبة التصاعدية في البداية أكدت الدكتورة عالية المهدي، العميد الأسبق بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، أن فرض وزارة المالية ضريبة الدخل على من يتعدي دخله المليون جنيه أو ما يسمى "ضريبة الأغنياء"، يعد قراراً صائباً ويعد الحل الوحيد أمام حكومة المهندس إبراهيم محلب لتقليل عجز الموازنة العامة الذي بلغ 200 مليار جنيه حتى الآن. ولفتت إلى أنه بمجرد أن يتم تقليل عجز الموازنة العامة، يعني توفير كافة السبل اللازمة لتحقيق العدالة الاجتماعية، إذ أن فرض الضريبة سيؤدي لزيادة دخول العاملين بالدولة سواء القطاع الخاص أو العام. وأوضحت أن ضريبة الدخل "ضريبة الأغنياء" تعد من أهم الضرائب التي تطبقها عدد كبير من الدول الأجنبية، وأبرزها الولاياتالمتحدة، والسويد، وبريطانيا، وسويسرا، وألمانيا وغيرها من البلدان، الأمر الذي ساهم في حل أية مشكلات اقتصادية قد تمر بها هذه البلدان، مشيرة إلى أن مصر تسعي لأن تخطو خطوات هذه البلدان لتخرج اقتصادها من النفق المظلم الذي يعيشه لأكثر من أربعة سنوات ماضية. وأضافت "المهدي" أن تطبيق ضريبة الدخل قراراً لابد منه خلال الفترة الراهنة إلا أنه لا يعني أن تتجاهل الحكومة تطبيق الضريبة التصاعدية، بجانب أن تقرر وزارة المالية فرض هذه الضريبة بصفة دائمة وليس بصفة مؤقتة حتى وإن تم حل جميع الإشكاليات الاقتصادية بمصر، خاصة وأن استمرار فرضها سيساهم في رفع معدلات الضريبة، وبالتالي ترتفع مستويات الدخول بمصر. وأيدها في الرأي الدكتور عبد الرحمن العليان، الخبير الاقتصادي وعميد المعهد العالي للاقتصاد، فقال أن فرض الضريبة على الدخل سيساهم في حل عدد كبير من الإشكاليات الاقتصادية في مصر، وعلى رأسها ارتفاع عجز الموازنة العامة وارتفاع معدلات التضخم، لافتاً إلى أن فرض الضريبة يعد بداية الطريق لفرض الضريبة التصاعدية. وأضاف العليان أن المستفيد الأكبر من فرض الدولة لضرائب جديدة هو المواطن محدود الدخل، خاصة وأن الهدف من فرض هذه الضرائب هو تحسين الخدمات التي تقدمها الدولة للمواطنين سواء في الصحة أو التعليم أو غيرهما ، تلك القطاعات التي تحتاج لتحسين بعدما بات يشوبها عنصري الفساد والإهمال. وأوضح أن إقرار الضرائب قد يكون بديلا حقيقيا للدولة بدلا من الحصول على الإعانات وإتباع سياسة الاقتراض، وغيرها من السياسات التقشفية، والتي دائما وأبدا يدفع ثمنها المواطن محدود الدخل، مطالباً في الوقت ذاته الحكومة بضرورة أن ترفع سقف الضرائب في مصر والتي لا تزيد عن 20% في حين أن حجم الضرائب في البلدان الأجنبية تتراوح ما بين 30% و55%. ويري الدكتور كمال القزاز، الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، أن فرض ضريبة ال5% على من يتعدي دخله مليون جنيه، يعد أولى القرارات الصائبة التي اتخذتها وزارة المالية، خاصة وأن هذه الضريبة تعد الأقرب للضريبة التصاعدية - التي يتم تطبيقها على الدخول وترتفع بارتفاع الدخول، ومن شأنها تحقيق العدالة الاجتماعية وزيادة الأموال التي ستدر لخزانة الدولة. وأضاف القزاز، أن تطبيق ضريبة الدخل قد يدر للموازنة العامة للدولة نحو 50 مليار جنيه سنوياً، وهذا الأمر سيعد بداية الإصلاح الاقتصادي، كما أن تطبيقها سيعد منصفاً لمحدودي الدخل، بجانب أن الدستور قد نص في مادته 37 على فرض مثل هذا النوع من الضرائب الأشبه بالضريبة التصاعدية لخدمة الدولة أولاً ومحدود الدخل ثانياً، وبالرغم من ذلك لم يتم تطبيقها حتى الآن، وهو ما يجب أن تلتفت إليه الحكومة لتحقيق العدالة الاجتماعية. المعارضون: هروب للاستثمارات ولن يخدم الفقراء يؤكد الدكتور جلال الجوادي، الخبير الاقتصادي، أن فرض الضرائب سواء على الدخل أو غيره، قد يكون منفذا لهروب الاستثمارات من السوق المصري خاصة وأن ضخامة حجم الضرائب تعد من أكبر الإشكاليات التي يواجهها المستثمرين في مصر، موضحاً أن إقرار الضريبة يعد بمثابة تكميم أفواه المصريين عن المطالبة بتطبيق الضريبة التصاعدية، والتي كانت أهم مطالب المصريين في ثورة 25 يناير. يضيف الجوادي، أن خزانة الدولة ستعد هي المستفيد من فرض ضريبة الدخل وليس المواطن محدود الدخل كما يعتقد البعض، موضحاُ أن وزارة المالية لابد أن تقوم بقرار فرض تطبيق الضريبة التصاعدية بدلاً مت ضريبة الدخل خاصة وأن الضريبة الأولي تعد هي البداية الحقيقية لرفع سقف الضرائب في مصر، لأن حجمه يتغير بتغير قيمة دخل الفرد، ولا يعني تطبيقه فقط على فئة الأثرياء، وتعني تحقيق العدالة الاجتماعية حيث أنها لا تساوي بين محدود الدخل وبين الشخص الذي يحصل على ملايين الجنيهات. يوضح الجوادي، أن الضريبة ستساهم في زيادة موارد الدولة فقط، وليس خدمة محدود الدخل، بجانب أنها قد لا تكون حل لمشاكل الاقتصاد المصري، وإنما قد تكون سبباً في ظهور عدد من الإشكاليات الاقتصادية خلال الفترة المقبلة، ولعل أبرزها هروب الاستثمارات، الأمر الذي يترتب عليه انخفاض حجم الاحتياطي الأجنبي، ومن ثم تدهور قيمة الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية.