صداقات أوباما عاطف عبد الجواد من بين مصادر المتاعب التي يواجهها المرشح الديموقراطي باراك أوباما صداقته بالبروفسور رشيد خالدي الأستاذ في جامعة كولومبيا في نيويورك، وهو من أقوى انصار القضية الفلسطينية. بدأت صداقة أوباما وخالدي في جامعة شيكاغو عندما كان الرجلان استاذين فيها. ولأن أوباما ثنائي اللون والعرق والدم والنشأة، فقد جذبته دائما صداقات مع أشخاص من انحاء العالم، من باكستان الى افريقيا. ولد أوباما في جزيرة هاواي الأميركية التي هي ولاية اميركية ولكنها منفصلة عن يابسة القارة الأميركية وتقع بعيدا عن الولاياتالمتحدة وقريبا من شرق آسيا. أوباما أبوه من كينيا ، وله أخوة غير اشقاء ابوهم اندونيسي. كما ان له اخوة غير اشقاء في كينيا. وفي هاواي ذهب أوباما الى المدرسة وامتزج بأهل الجزيرة الذين هم ليسوا من الأوروبيين البيض. ثم درس أوباما في مدرسة اوندونيسية عندما ذهب مع أمه الأميركية البيضاء إلى هناك بعد زواجها من اندونيسي. وأثناء دراسته الجامعية في نيويورك ، عاش أوباما في شقة صغيرة شاركه فيها طلبة باكستانيون. وبعد تخرجه عمل استاذا للقانون الدستوري في جامعة شيكاغو حيث قابل زميله الفلسطيني الاصل رشيد خالدي وتأثر إلى حد كبير بمؤلفاته وأفكاره المتعاطفة مع فلسطين. ولما تحول أوباما الى السياسة المحلية في شيكاغو ، التقى برجل اعمال سوري الاصل اسمه انطوان رزق ، الذي ساعده في شراء بيته في المدينة في بداية حياته السياسية. لكن ارتباط أوباما برزق ( طوني رزقو) جذب الانتباه الى رجل الأعمال هذا ، وأدين بتطهير الأموال والفساد في محاكمته التي انتهت هذا الشهر. كل هذه الصداقات والارتباطات العائلية والشخصية اسهمت في مزيد من المتاعب للمرشح الديموقراطي من جانب خصومه. لكن مسلسل المتاعب يستمر اليوم من جديد بسبب صلة أوباما بمستشار الأمن القومي السابق زبيجنيو بيرجنسكي. كان بيرجنسكي مستشارا للرئيس الأسبق جيمي كارتر وهو احد كبار مهندسي معاهدة كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل في اواخر السبعينات. ورغم ان بيرجنسكي في الثمانين من عمره الآن فهو لا يزال مؤلفا نشطا ومحللا سياسيا في مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية، والأهم اليوم هو انه مستشار لباراك أوباما في الشئون الدولية والسياسة الخارجية. وكان ارتباط أوباما بالدكتور بيرجنسكي من اهم العوامل التي دفعت عناصر بين يهود اميركا وإسرائيل الى تصوير المرشح الديموقراطي على انه رجل لا يصادق إسرائيل. وكان هذا الاتهام بالتالي هو احد الأسباب التي دفعت السناتور أوباما الى محاولة تبديد الشكوك بنواياه نحو إسرائيل فألقى خطابا أمام منظمة مناصرة لإسرائيل بدا فيه وكأنه ضد رشيد خالد خالدي وزبيجنيو بيرجنسكي. بدأ هجوم العناصر اليهودية على بيرجنسكي عندما انتقد الرجل العملية العسكرية الإسرائيلية في لبنان صيف عام 2006. ثم ايد بيرجنسكي استاذين اميركيين آخرين قالا إن اللوبي الإسرائيلي في وشنطن مفرط في قوته ونفوذه على السياسة الخارجية الأميركية بما يضر بمصالح الولاياتالمتحدة. هذان الأستاذان ، وهما جون ميرشايمر وستيف والت، نشرا كتابا ضم دراستهما الأكاديمية، وطالبا بنقاش عام حر في المجتمع الأميركي والإعلام لقضية النفوذ الإسرائيلي المفرط على صنع القرار الأميركي. بيرجنسكي ضم صوته الى صوت هذين الاستاذين، وقال إن اللوبي المناصر لإسرائيل في اميركا يوجه بسرعة تهمة معاداة السامية لأي شخص ينتقد نفوذ وقوة هذا اللوبي. ووجه بيرجنسكي انتقاده بصورة خاصة نحو كبرى منظمات اللوبي الإسرائيلي ، وهي منظمة ايباك، فقال إن هذه المنظمة عارضت على الدوام حل الدولتين ، كما انها ضغطت وخوفت على الدوام اعضاء الكونجرس بصورة غير صحية على حد تعبير بيرجنسكي. وقررت عناصر يهودية في الولاياتالمتحدة وإسرائيل ان تصف بيرجنسكي بمعاداة إسرائيل فرد مستشار الأمن القومي السابق بالقول إن اللوبي المناصر لإسرائيل لا يناقش بالعقل بل يهاجم بتوجيه التهمة وتلطيخ السمعة. ولأن أوباما يستشير بيرجنسكي في شئون السياسة الخارجية فقد تحولت الصلة بين الرجلين الى مصدر جديد للتهم ضد أوباما من جانب عناصر يهودية، وهو النمط نفسه الذي واجهه أوباما بسبب صداقته برشيد خالدي ، ولكن لأن بيرجنسكي له نفوذ اكبر على مؤسسة السياسة الخارجية في واشنطن فإن المتاعب أكبر. في الاسبوع الماضي وقف أوباما امام مؤتمر منظمة ايباك وتعهد بدعم امن إسرائيل وبتقديم 30 بليون دولار من المساعدات لها خلال عشر سنوات ، وببقاء القدس عاصمة موحدة لإسرائيل. لكن أوباما ادرك فيما يبدو أنه افرط في محاولة تبديد مخاوف اليهود وفئات غير يهودية من الناخبين الأميركيين، فقد عدل تصريحاته وقال إن مستقبل القدس هو موضع مفاوضات بين الإسرائيلين والفلسطينيين. وأوضح مساعدون لأوباما ان بقاء القدس موحدة لا يعني حرمان الفلسطينيين من اتخاذها عاصمة مشتركة لهم. غير ان هذه التفسيرات الجديدة لما ورد في خطاب أوباما اشعل موجة جديدة من المخاوف والانتقادات من جانب بعض اليهود وبعض الجمهوريين الذين قالوا: انظروا كيف يتقلب أوباما في كلامه ووجهات نظره. وقالوا: هذا دليل آخر على انه لا يمكن الثقة بهذا المرشح. بيرجنسكي لديه خطة محددة لحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، وللتعامل الأميركي مع ايران. ولكن ما يخصنا هنا اليوم خطته للسلام الإسرائيلي الفلسطيني. عناصر هذه الخطة هي: تخلي الفلسطينيين عن حق العودة. اقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح. تقاسم القدس عاصمة لفلسطين وإسرائيل. عودة إسرائيل الى حدود 4 يونيو 1967 مع تعديلات متكافئة في الحدود لكل من فلسطين وإسرائيل. يقول بيرجنسكي: إذا نفذت هذه الخطة يمكن ان تتحول إسرائيل وفلسطين الى سنغافورة الشرق الأوسط. وهذا من مصلحة الولاياتالمتحدة ايضا. عن صحيفة الوطن العمانية 9/6/2008