تشن جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل في الولاياتالمتحدة حملة شعواء على كاتبين أمريكيين، بعد قيامهما معا بتأليف كتاب مثير للجدل، اعتبرا فيه أن اللوبي الإسرائيلي له تأثير لا حدود له على السياسة الخارجية الأمريكية، وخاصة فيما يتعلق بقضايا الشرق الأوسط. وقد أثار الكتاب، الذي يحمل اسم «اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية الأمريكية»، الذي قام بتأليفه كل من أستاذ العلوم السياسية بجامعة شيكاغو جون مارشهايمر، وستيفن والت، أستاذ العلاقات الدولية بالجامعة ذاتها، موجة عارمة من القلق لدى تلك الجماعات المؤيدة لإسرائيل والتي تعد جزءا من قلب المجتمع الأمريكي. ويعاب على الكتاب، الذي وصفه مؤلفاه بأنه أشعل كل الأضواء الحمراء في إسرائيل أنه يكاد يجزم بأن «إسرائيل أصبحت تشكل الخطر الأكبر على الولاياتالمتحدة»، بعدما رأى أن الإدارة الأمريكية قررت شن الحرب على العراق في عام 2003، استجابة لضغط من جماعات اللوبي الإسرائيلي. وحسب موقع «سي إن إن» الأمريكي: تكمن خطورة هذا الكتاب الذي صدر في الربيع الماضي، في أنه حقق مبيعات قياسية داخل الولاياتالمتحدة وخارجها، عدا عن أن عددا من وسائل الإعلام الأمريكية قامت بإنتاج العديد من البرامج لمناقشة مضمونه، وهو ما تسبب في إثارة قلق ومخاوف الأوساط اليهودية الأمريكية. ويبدو أن الكاتبين لم يجدا وجهة يقصدانها، بعد أن أوصدت معظم منابر الرأي في الولاياتالمتحدة أبوابها أمامهما بضغط من اللوبي الإسرائيلي، سوى دولة الإمارات العربية المتحدة، بعد أن تلقيا دعوة من كلية دبي للإدارة الحكومية، ونادي دبي للصحافة، حيث استعرضا أمام عدد من الصحفيين، بعض تفاصيل الحملة التي يتعرضان لها منذ صدور الكتاب. وبهذا الخصوص قال ستيفن والت «إذا كان من السهل انتقاد السياسات الإسرائيلية وأنت في داخل إسرائيل، فإن الوضع يبدو مختلفا في الولاياتالمتحدة، إذ لا يسعك سوى الاحتفاظ لنفسك بما يجول في خاطرك عن السياسات الإسرائيلية»، لافتا النظر إلى أن هناك قائمة طويلة من الاتهامات بانتظار كل من يتناول إسرائيل بالسوء. وأشار إلى أنه وزميله مارشهايمر، تعرضا لاتهامات بمعاداة السامية، بعد صدور كتابهما، وهي الاتهامات نفسها التي واجهها الرئيس الأمريكي السابق، جيمي كارتر، بشأن كتابه «فلسطين.. السلام لا الفصل العنصري». وفي حوار مفتوح مع الصحفيين، أكد مؤلفا الكتاب أن سيطرة اللوبي الإسرائيلي على السياسة الخارجية الأمريكية تتعارض تماما مع المصالح الوطنية للولايات المتحدة، مشيرين إلى أن ضغوط هذا اللوبي كانت سببا رئيسيا في شن الحرب على العراق، التي وصفاها بأنها «كارثة على الجميع». وقال مارشهايمر، في رد على سؤال لموقع «سي إن إن»: إن إدارة الرئيس الأمريكي، جورج بوش، التي يسيطر عليها المحافظون الجدد، كانت لديها قناعة بأن الحرب على العراق ستكون في صالح الولاياتالمتحدة، وإسرائيل، كما ستكون في صالح شعوب دول المنطقة، بمن فيهم أهل العراق أنفسهم. واستدرك «ولكن ثبت بعد ذلك، أن هذه الحرب لم تكن إلا كارثة على الولاياتالمتحدة وكذلك على العراقيين، إضافة إلى أنها تسببت في خلق حالة من عدم الاستقرار، مازالت تعاني منها العديد من دول المنطقة». أما والت فحدد ثلاث استراتيجيات يتبعها اللوبي الإسرائيلي للتأثير على توجهات السياسة الخارجية للولايات المتحدة، وكذلك على المسؤولين بدوائر صنع القرار، سواء في البيت الأبيض أو في أروقة الكونجرس، موضحا أن أولى هذه الاستراتيجيات، التي أثبتت تأثيرها القوي داخل الإدارة الأمريكية، تعتمد على جذب مؤيدي السياسات الإسرائيلية، وتقديم كل الدعم الممكن لهم ماديا ومعنويا، والسعي إلى تعيينهم في مواقع تمكنهم من المشاركة بعمليات صنع القرار. وتعتمد الاستراتيجية الثانية على فرض السيطرة على الإعلام والرأي العام الأمريكي، من خلال توجيه وسائل الإعلام المختلفة لحث الأمريكيين على مناصرة إسرائيل، وتصوير أعداء إسرائيل، وكأنهم هم الذين يقومون بالعدوان على الدولة العبرية. أما الاستراتيجية الثالثة، فترتكز على ملاحقة كل من يحاول انتقاد السياسات الإسرائيلية، سواء قضائيا أو إعلاميا، واتهامه بمعاداة السامية، وكذلك تقديم شكاوى ضد وسائل الإعلام التي تنتقد تلك السياسات، بعد أن يتهموها بالانحياز للعرب. وفند الكاتبان ما تناقله البعض من أن تأثير اللوبي الإسرائيلي على السياسة الخارجية الأمريكية ربما تزايد بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، مؤكدين أن الولاياتالمتحدة تعاني من الإرهاب، قبل وقوع تلك الهجمات، بسبب سياستها المنحازة لإسرائيل. وحول التصريحات التي أدلى بها المرشح الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأمريكية باراك أوباما، بشأن القدس، قال مارشهايمر: إنها كانت متوقعة خاصة أنه أدلى بها أمام لجنة العلاقات العامة الأمريكية الإسرائيلية «أيباك»، إلا أنه أشار إلى أن تلك التصريحات كانت وبالا على أوباما نفسه. وأوضح قائلاً «رغم أن كلا من أوباما، والمرشح الجمهوري جون ماكين والمرشحة الديمقراطية السابقة هيلاري كلينتون أعلنوا جميعهم حرصهم على أمن إسرائيل، إلا أن أوباما ذهب إلى أكثر مما تطرحه الحكومة الإسرائيلية نفسها». وتجدر الإشارة إلى أن السيناتور الديمقراطي، الذي يعتبر أول أمريكي من أصول إفريقية يخوض السباق إلى البيت الأبيض، كان قد أكد خلال كلمته أمام «أيباك» أن القدس يجب أن تظل عاصمة لإسرائيل، مشددا على أنه لن يساوم على أمن الدولة العبرية. ورأى المؤلفان أن «اللوبي الإسرائيلي ليس جماعة سرية أو هيئة متآمرة، بل هو جماعة ذات نفوذ قوي، تتشابه أنشطتها مع جماعات أخرى في الولاياتالمتحدة، وتجمعها مصالح مشتركة، مشيرين إلى أنه لا تبدو في الأفق بوادر أمل، لأية تغيرات محتملة فيما يتعلق بتأثير هذا اللوبي، على السياسة الأمريكية بمنطقة الشرق الأوسط.