إن ما ننعم به اليوم من استقرار وأمن على ارض قطاع غزة بعد دحر للاحتلال الصهيوني ، يأتي بفضل الله أولا ثم سواعد المقاومة الفلسطينية التي استطاعت وبإمكانياتها البسيطة من تحقيق النصر، وإلحاق الهزيمة على ما كان يعرف بالجيش الذي لا يقهر.
إن الانتصار الفلسطيني هنا كان انتصاراً استراتيجياً لأنه يعبر عن قوة صاعدة وليست غاربة، هي قوى الإسلام والحضارة الإسلامية التي يمكن أن تكون بديلاً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً للرأسمالية والعولمة والمشروع الأمريكي الصهيوني، وأنها قادرة على إنقاذ الشعوب العربية والإسلامية من الحكومات الفاسدة.
وهكذا فإن انتصار حركة حماس في فكرها وبرنامجها ،هو انتصار حضاري استراتيجي، نوعي، وسيكون بداية لصعود منحنى الحضارة الإسلامية من جديد ، وانتهاء إسرائيل وأمريكا، وبداية نزول منحنى الحضارة الغربية.
وفي المقابل فالحسم العسكري الذي قامت به حركة حماس أتاح حريةَ التدريب وقوة التسليح ودقة التصويب لجميع فصائل للمقاومة ، كما أن القضاء على زمرة دايتون أدَّى إلى عدم نجاح معظم عمليات الاحتلال الصهيوني لاغتيال المجاهدين وإفلاتهم من قصف طائرات الاستطلاع الصهيونية ، وأصبح الاحتلال الصهيوني يفكر مئة مرة قبل إقدامه على احتلال القطاع.
ولم يشعر المجاهدون في غزة بالأمن والأمان وحماية الظهر كما يشعرون اليوم , حيث عانوا في السابق من تهديد ووعيد سلطة الرئيس عباس ، التي كانت تُهيمن على الأجهزة الأمنية في غزة ، وكانت هذه الأجهزة تنشر الرعب والفوضى والفلتان في القطاع ، بل إنها كانت تطلق النار على المجاهدين وتعتقلهم، ولعل الفيديو الشهير لأبي مازن ، وهو يأمر قواته بإطلاق النار على مطلقي الصواريخ بهدف قتلهم خيرُ شاهدٍ على ذلك.
وفي الاتجاه المقابل يرى الأمريكان والأوروبيين بخطورة تنامي الحركات الإسلامية ووجوب إدخال إصلاحات بنيوية وإدارية على الأجهزة الأمنية التابعة للرئيس محمود عباس، لجعل حربها ضد نشيطي حركتي حماس والجهاد الإسلامي في الضفة الغربية أكثر فعالية ، وذلك من خلال القضاء على امتداد الحركات الإسلامية ، التي تشكل خطرا على حياة ومصالح تلك الفئة المأجورة الخائنة .
وكان ذلك من خلال كيث دايتون وهو اللواء (ميجور جنرال) الأمريكي المسئول عن التنسيق الأمني بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وهو الذي يقدر كيفية دعم الأجهزة الأمنية الفلسطينية وكيفية توجيهها نحو الأعمال التي ترضي إسرائيل وأمريكا أمنيا ، ضمن خطة منهجية نسجت خيوطها قي واشنطن وتل أبيب .
ففي الوقت الذي تتمتع فيه المقاومة في غزة بالدعم والحماية ، يلاحق أبو مازن وعناصره رجال المقاومة ، ويشدد من عمليات القمع والإرهاب والاعتقال ، ضد أبناء الحركة الإسلامية ومؤسساتها ، وضد المؤسسات التي تدعم المقاومة في الضفة الفلسطينية المحتلة ، ولكن المستغرب هنا اعتقال النساء وزجهم لهذه الحرب ، التي باتت واضحة المعالم ، ومكشوفة الهوية ، وأصبحت هذه الأجهزة مجردة من جميع مُثل وقيم وأخلاق الشعب الفلسطيني , والأجهزة الأمنية بذلك توفر كل الظروف التي يتم التنسيق من خلالها بينها وبين الاحتلال من أجل ارتكاب جرائمها بحق أبناء شعبنا في الضفة وخاصة أبناء الحركة الإسلامية.
هدفهم الأسمى هو تطبيق خطة دايتون وتوفير الحماية للجنود الصهاينة حيث قامت أجهزة عباس في الضفة مؤخرًا بتحرير عدد من الجنود الصهاينة الذين دخلوا إلي مدن الضفة وكادوا أن يقعوا في أسر المقاومة الفلسطينية لولا تدخل رجالات دايتون ، وذلك تنفيذا لما تم الاتفاق عليه في كواليسهم .
وتتجاهل هذه الأجهزة بشكل سافر الممارسات القمعية التي ينفذها الجيش الإسرائيلي والمستوطنين ضد شعبهم في الضفة من اقتلاع للأشجار وتسميم مئات الآبار الارتوازية إضافة للحواجز العسكرية التي تقيمها إسرائيل في الضفة, والحصار الخانق الذي يفرضه الاحتلال على قطاع غزة بتأييد من أبي مازن والدليل على ذلك إدخال شاحنات محملة بالرايات الصفراء إلي القطاع على معبر إيرز في ذكرى اغتيال الراحل أبو عمار برغم منع الاحتلال من إدخال الأغذية والأدوية وذلك لأهداف باتت مكشوفة ومعروفة للجميع .
ودفع الرئيس عباس الطابور الخامس في غزة ؛ لإشاعة البلبلة والفوضى وإفشال الحكومة التي تساند المقاومة وتوفر لها الأمن ، وما حدث من إشاعة الفوضى على أيديهم في مهرجان ذكرى اغتيال الراحل أبو عمار عقب انتهاء المهرجان و إطلاق النار على الجماهير المشاركة في المهرجان و على الشرطة التي تكفلت بتوفير الأمن للمهرجان .
فشلت السلطة الفلسطينية الأوسلوية الدايتونية في جولتها السابقة ضد المقاومة ، وستفشل الآن وهي تحاول القضاء على المقاومة وسلاحها بحجة القضاء على الفلتان لإرضاء دايتون ولكن كل المخططات التي يقوم بها أبو مازن ستبوء بالفشل لأن الحكومة الفلسطينية برئاسة الأستاذ إسماعيل هنية قامت من خلال الدعم الشعبي الفلسطيني القادر على الإطاحة بالمؤامرة التي يحيكونها.
ومن هنا أدعو الرئيس ابو مازن إلي الكف عن الاعتداءات المتواصلة ضد الحركات الإسلامية في الضفة والكف عن إثارة الفوضى في القطاع , والعمل على دعوة جميع أطياف الشعب الفلسطيني إلي رص الصفوف ضد الاحتلال ، لأن الشعب هو الخاسر الوحيد , وتوحيد جميع الجهود من أجل الدفاع عن المسجد الأقصى الذي يدنس كل يوم من قطعان المستوطنين, وادعوه إلى الاستفادة من التجارب السابقة التي حدثت في القطاع .