ذكر تقرير اقتصادي أن عملية خفض سعر الفائدة التي أقدمت عليها الصين والتي اعتبرت الأكبر من نوعها وذلك منذ حوالي 11 عاما تعكس القلق الحكومي ازاء مخاطر تنامي ضغوط البطالة وما يترتب عليها من اضطرابات في الوقت الذي قد يواجه فيه الاقتصاد الصيني تباطؤا ملحوظا في معدلات النمو. ويري أحد الخبراء الاقتصاديين لدي مصرف "كريدي سويس" عن منطقة أسيا أن الصين التي تعد أكبر دول العالم من حيث عدد السكان تستهدف الاحتفاظ بمعدل نمو اقتصادي 8 % كحد أدني لضمان توفير فرص العمل الجديدة للعمالة النازحة إلي المدن. وأشار التقرير الذي أوردته شبكة بلومبرج الأخبارية إلى سعي الصين حاليا لابقاء معدل البطالة دون ال4.5 % وهو ما سيمثل أعلي مستوي منذ حوالي عشر سنوات. ويحذر في ذلك الصدد أحد الخبراء من أن حوالي 20 % من العمالة المهاجرة إلي المدن قد تفقد وظائفها بسبب انعاكسات الأزمة العالمية علي النمو في الصين. وقد أشار رئيس المجلس الوطني للاصلاحات والتنمية في الصين إلي تراجع بعض المؤشرات الخاصة بالاقتصاد الصيني بشكل سريع خلال الشهر الحالي الأمر الذي يتطلب اجراءات عاجلة وسريعة لتنشيط معدلات. وتواجه بالفعل حركة الصادرات الصينية التي تمثل الدعامة الأساسية للنمو الاقتصادي للصين ضغوط بسبب مظاهر الكساد التي تخيم حاليا علي أسواق الولاياتالمتحدة وأوروبا واليابان. وتأتي عملية خفض الكبيرة التي اجراها بنك الصين لسعر الفائدة علي الاقراض وذلك بعد اقل من ثلاثة اسابيع من خطة الانعاش الاقتصادي التي أعلنتها الحكومة بتكلفة تصل إلي 4 تريليونات يوان. وكان البنك الدولي قد كشف في تقريره الربع السنوي الخاص باقتصاد الصين عن إمكانية تراجع النمو على مستوى رابع أكبر اقتصاد في العالم إلى حوالي 7.5% العام المقبل وهو ما سيعد أدنى معدل يسجل منذ نحو 18 عاما. وعزا البنك الدولي في تقريره ذلك التراجع الملحوظ الذي قد يشهده الاقتصاد الصيني بعد أن أحرز نموا بلغ 12% العام الماضي إلى مظاهر الكساد التي بدأت تصيب أغلب الاقتصادات الصناعية والتي ستؤدي إلى خفض معدلات الاستهلاك بشكل واضح وهو الأمر الذي قد يؤدي إلى حدوث أول تراجع في حركة الواردات عالميا وللمرة الأولى منذ العام 1982. ويشير لويس كويجس كبير المحللين لدى البنك الدولي أن تراجع حركة الواردات عالميا سينعكس بصورة سلبية على الاقتصاد الصيني خاصة وأن الصادرات تمثل دعامة أساسية لمعدلات النمو السريعة التي حظي بها الصين على مدى السنوات الأخيرة. وقال في تصريحات أوردتها صحيفة "شينا ديلي" عبر موقعها الالكتروني إن النصف الأول من العام المقبل سيكون الأكثر صعوبة للاقتصاد الصيني غير أنه أكد أن الصين ما زالت تمتلك الأدوات الكفيلة بضمان استمرارية النمو بمعدلات جيدة. وأشار لويس كويجس إلى أن أكثر من نصف النمو المتوقع تحقيقه العام المقبل سيتأتى من خلال خطة الإنعاش الاقتصادي التي أعلنتها مؤخرا الحكومة الصينية بتكلفة تصل لنحو 4 تريليونات يوان (586 مليار دولار) التي ستهدف تنشيط الاستثمارات ودعم مشاريع البنية التحتية لتحفيز الطلب المحلي. وأكد التقرير أن تلك الخطة تمثل عامل أساسي لاستمرارية النمو الاقتصادي مشيرا إلى إمكانية إقدام الحكومة على زيادة حجم ميزانيتها للعام المقبل. وتتضح أول مؤشرات انعكاس الأزمة على الاقتصاد الصيني من خلال البيانات المتعلقة بتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر لأسواق الصين والتي بدأت تشهد تراجعا في معدلات النمو, فعلى الرغم من وصول النمو السنوي لحركة الاستثمار الأجنبية على مدى التسعة الشهور الأولى من العام الحالي إلى حوالي 39.9% وارتفاع استثمارات الشركات الأجنبية لتبلغ 74.4 مليار دولار إلا أن حجم الاستثمارات المباشرة المتدفقة للصين قد بلغت خلال الشهر الماضي 6.64 مليار دولار فقط مقارنة بالمستوى الشهري المسجل على مدى العام الحالي في حدود 8.3 مليار دولار. وأشار تقرير لصحيفة "شينا ديلي" إلى أن تلك البيانات الخاصة بوزارة التجارة الصينية تعكس أيضا وجود تباطؤ في معدل نمو الاستثمارات الأجنبية المباشرة والذي بلغ خلال النصف الأول من العام حوالي 45.6%.