محيط: في ظل مؤشرات التباطؤ الأخيرة التي بدأت تواجه العديد من الاقتصاديات الناشئة كنتيجة للأزمة العالمية الراهنة كشف البنك الدولي في تقريره الربع السنوي الخاص باقتصاد الصين عن إمكانية تراجع النمو على مستوى رابع أكبر اقتصاد في العالم إلى حوالي 7.5% العام المقبل وهو ما سيعد أدنى معدل يسجل منذ نحو 18 عاما. وعزا البنك الدولي في تقريره ذلك التراجع الملحوظ الذي قد يشهده الاقتصاد الصيني بعد أن أحرز نموا بلغ 12% العام الماضي وذلك إلى مظاهر الكساد التي بدأت تصيب أغلب الاقتصادات الصناعية والتي ستؤدي إلى خفض معدلات الاستهلاك بشكل واضح وهو الأمر الذي قد يؤدي إلى حدوث أول تراجع في حركة الواردات عالميا وللمرة الأولى منذ العام 1982. ويشير لويس كويجس كبير المحللين لدى البنك الدولي أن تراجع حركة الواردات عالميا سينعكس بصورة سلبية على الاقتصاد الصيني خاصة وأن الصادرات تمثل دعامة أساسية لمعدلات النمو السريعة التي حظي بها الصين على مدى السنوات الأخيرة. وقال في تصريحات أوردتها صحيفة "شينا ديلي" عبر موقعها الالكتروني إن النصف الأول من العام المقبل سيكون الأكثر صعوبة للاقتصاد الصيني غير أنه أكد أن الصين ما زالت تمتلك الأدوات الكفيلة بضمان استمرارية النمو بمعدلات جيدة. وأشار لويس كويجس إلى أن أكثر من نصف النمو المتوقع تحقيقه العام المقبل سيتأتى من خلال خطة الإنعاش الاقتصادي التي أعلنتها مؤخرا الحكومة الصينية بتكلفة تصل لنحو 4 تريليونات يوان (586 مليار دولار) التي ستهدف تنشيط الاستثمارات ودعم مشاريع البنية التحتية لتحفيز الطلب المحلي. وأكد التقرير أن تلك الخطة تمثل عامل أساسي لاستمرارية النمو الاقتصادي مشيرا إلى إمكانية إقدام الحكومة على زيادة حجم ميزانيتها للعام المقبل. وتتضح أول مؤشرات انعكاس الأزمة على الاقتصاد الصيني من خلال البيانات المتعلقة بتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر لأسواق الصين والتي بدأت تشهد تراجعا في معدلات النمو فعلى الرغم من وصول النمو السنوي لحركة الاستثمار الأجنبية على مدى التسعة الشهور الأولى من العام الحالي إلى حوالي 39.9% وارتفاع استثمارات الشركات الأجنبية لتبلغ 74.4 مليار دولار إلا أن حجم الاستثمارات المباشرة المتدفقة للصين قد بلغت خلال الشهر الماضي 6.64 مليار دولار فقط مقارنة بالمستوى الشهري المسجل على مدى العام الحالي في حدود 8.3 مليار دولار. وأشار تقرير لصحيفة "شينا ديلي" إلى أن تلك البيانات الخاصة بوزارة التجارة الصينية تعكس أيضا وجود تباطؤ في معدل نمو الاستثمارات الأجنبية المباشرة والذي بلغ خلال النصف الأول من العام حوالي 45.6%. ويري أحد المحللين لدى مؤسسة "شينا ايكونوميك بيزنيس مونيتو" إلى أنه مع تضرر الاقتصاديات الأوروبية والاقتصاد الأمريكي نتيجة الأزمة الراهنة، ستبدأ رؤوس الأموال الأجنبية النزوح عن الأسواق الناشئة والعودة من جديد لأوطانها. وأضاف أن تدفقات رؤوس الأموال للأسواق الناشئة مثل الصين ستظل تواجه مرحلة صعبة وذلك في ضوء الاضطرابات الحادة التي تشهدها حاليا أسواق المال بمختلف أنحاء العالم.