القاهرة : صدر حديثا كتاب "الشخصية الاسرائيلية بين العالمية والخصوصية .. انعكاساتها داخليا واقليميا" للاستاذ الدكتور محمد محمود ابو غدير استاذ اللغة العبرية والدراسات الاسرائيلية عن مركز الدراسات الشرقية التابع لجامعة القاهرة والذى يعد من أكبر المراكز البحثية المصرية المتخصصة فى الشؤون الاسرائيلية. يقع الكتاب فى قسمين، الأول يتناول قضية أزمة الهوية الاسرائيلية من حيث جذورها فى التاريخ اليهودى وتطورها حتى وصلت الى ماهى عليه الان، ويؤكد المؤلف ان المواطن الاسرائيلى حاليا ليست له أية علاقة بماضيه الدينى والتاريخ اليهودى، فالمجتمع الاسرائيلى ماهو الا خليط من البشر نشأت بينهم الكثير من الازمات ليس اهمها أزمة الهوية فحسب، بل هناك أزمات اخرى مثل عدم التجانس الاجتماعى والثقافى وأزمة التوتر المتزايد فى الحياة اليومية، فالمواطن الاسرائيلى يعتمل بداخله صراع بين عالمين متناقضين هما عالم الماضى بموروثاته ومعتقداته التى تقوم على الصراع مع الاخر ، وعالم الحاضر الذى يدعوه إلى أن يكون انسانا طبيعيا مسايرا للتغيرات الحضارية المتسارعة. ويؤكد هذا القسم من الكتاب وجود مشكلة حادة فى اسرائيل تتمثل فى فشل الدولة فى تخليص الاسرائيليين من حياة العزلة التى اعتادوا عليها قبل قيام الدولة عام 1948 والتقليل من شعورهم الدائم بعدم مساواتهم مع الاخرين . كما يتناول الابعاد المختلفة لمدى نجاح الحركة الصهيونية فى تحقيق مشروعها لبناء مجتمع اسرائيلى متسق، وتكوين شخصية اسرائيلية بناءة يمكنها حماية الدولة وقيادتها نحو بر الامان، ويؤكد المؤلف الفشل الذريع للحركة فى ذلك، مدللا بمثل بسيط يتمثل فى ظهور حركات ثقافية اسرائيلية احتجاجية مناهضة للمشروع الصهيونى ولسياسات اسرائيل تجاه الفلسطينيين والعرب ومن ابرزهم حركة مايعرف ب "المؤرخون الجدد". ويتناول القسم الثانى من الكتاب مجموعة من الدراسات التى تناقش انعكسات الهوية الاسرائيلية فى التعامل مع الاخر سواء على المستوى الداخلى او المستوى الاقليمى، وفى هذا الصدد يطرح مؤلف الكتاب قضية خطيرة تتعلق بالتغلغل الاسرائيلى فى افريقيا وأثره على الامن القومى المصرى من جانب، وعلى مشروع الشرق الاوسط الكبير من جانب آخر، ويحاول رصد وتحليل التصرفات الاسرائيلية فى أفريقيا من اجل مد نفوذها الاستراتجى للتخفيف من الحصار العربى والاسلامى المفروض عليها. كما يناقش المؤلف فى هذا القسم قضية تنامى المد الدينى داخل الجيش الاسرائيلى واثره على اسرائيل والمنطقة ، ويوضح تركيبة الجيش الاسرائيلى واختلافه عن بقية شعوب العالم ، وتلك المكانة الخاصة التى يحتلها الجيش داخل نسيج المجتمع الاسرائيلى وعدم القدرة على الفصل او التمييز بين ماهو عسكرى وماهو مدنى داخل اسرائيل ، حيث يؤكد المؤلف ان الجيش الاسرائيلى هو بمثابة الموجه الاعلى للتوجهات الاجتماعية فى اسرائيل بكل المجالات سواء السياسية او الاقتصادية او الثقافية اوحتى الاجتماعية . يذكر أن الكتاب يقع فى 267 صفحة، وهو بمثابة دراسة تجمع بين العمل الاعلامى والسياسى والعمل الاكاديمى ، وذلك من خلال تقديم معلومات غزيرة عن المجتمع الاسرائيلى سياسيا، اقتصاديا، انثروبولوجيا، ديمغرافيا، وطائفيا ومناقشاتها وتحليلها بشكل علمى وبعيد عن التعصب والانحياز، وذلك من اجل ابراز الحقائق وقراءة الاحداث فى الداخل الاسرائيلى قراءة متانية للاستفادة منها فى التعامل مع الشخصية الاسرائيلية.