«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كتاب جديد : يرصد جذور العنصرية الإسرائيلية.. وامتهان المرأة والحض على قتل الأبرياء
نشر في مصر الجديدة يوم 11 - 05 - 2010

أصبح تغلغل التطرف الديني جزءاً لا يتجزأ من مكونات العنصرية الإسرائيلية؛ و في هذا الشأن لم ألجأ إلي تحليل العهد القديم الذي أحترمه بوصفه كتاباً دينياً يؤمن به اليهود كما يؤمن به المسيحيون؛ و لجأت إلي تبيان مواطن و جذور التطرف الديني من خلال أمرين أساسيين هما: الأول ويتمثل في فتاوي الحاخامات؛ والآخر يتمثل في السلوك الاجتماعي الإسرائيلي؛ سواء علي المستوي الجمعي أو المستوي الفردي؛ تجاه الآخر بصفة عامة و تجاه العربي بصفة خاصة.
اعتدنا طوال الفترة الماضية اتهام كل من يتحدث عن الشئون الإسرائيلية أو اليهودية؛ رغم وجود فارق كبير بين الاثنين؛ بمعاداة السامية؛ حتى إن الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن كان قد أصدر قانون معاداة السامية الذي يتيح للولايات المتحدة معاقبة من يتهم بمعاداة السامية في أي مكان في العالم.
ففي كتاب "فتاوى الحاخامات.. رؤية موضوعية لجذور التطرف في المجتمع الإسرائيلي" لمؤلفه الدكتور منصور عبد الوهاب، الأستاذ بكلية الألسن جامعة عين شمس، وصدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب في 375صفحة من القطع الكبير، أشار إلى أن هناك من العبارات الواردة في نص الخطاب عن أن كراهية العرب تم غرسها وتأصيلها في نفس الطفل منذ مراحل التعليم الأولي؛ مما يعد إعداداً متكاملاً للشخصية الإسرائيلية التي تتعامل فيما بعد مع الفلسطينيين في المعابر أو الحواجز أو عند الاقتحامات المتكررة التي تقوم بها إسرائيل للمناطق الفلسطينية المحتلة؛ و قال المؤلف: هذا ربما يفسر سبب قتل محمد الدرة بدم بارد؛ و لماذا يقوم ضابط بتأكيد قتل الطفلة الفلسطينية إيمان الهمص بخمس عشر طلقة.
وأضاف: يري الكاتب الصحفي يوسي جوربيتس مؤرخ و كاتب أدبي سياسي و اجتماعي أن "الديانة اليهودية في جوهرها تفرق بين اليهود و بين غير اليهود؛ أي الأغيار الأمر الذي يتجلي كل صباح في الثناء علي الرب بالقول: الحمد لله الذي لم يخلقني من الأغيار؛ و علاقة اليهودية مع الجماعات الأخرى فظيعة: فطبقاً للشريعة؛ اليهودي الذي يقتل غير اليهودي لا يعاقب. ينص القانون اليهودي علي أن المؤكد هو أن المرأة الغير اليهودية الزانية و غير اليهودي متهم بمضاجعة البهائم. ليست هناك ضرورة لإعادة شيء مفقود لغير اليهودي؛ و هناك من يقول أيضاً إن سرقة غير اليهودي لا تعاقب عليها الشريعة اليهودية. و يحظر علي اليهودي إنقاذ حياة غير اليهودي يوم السبت؛ حتي بأجر هكذا يشير الحاخام موشيه بن ميمون الذي عمل بالمناسة كطبيب لصلاح الدين". و يذهب جوربيتس في مقاله إلي ما هو أبعد من ذلك؛ حيث يتساءل: "يعاقب الإسلام الشواذ جنسياً بالموت؟ خمنوا ما مصدر هذا القانون. هل يفرض الإسلام الدين بالسيف؟
لقد كان يهودياً نفس الاعتقاد أيضاً من قبل. اقرءوا ملحمة احتلال كنعان في سفر يهوشوع وفكروا عدة مرات في نهاية هذه الملحمة بعبارة: " و قاموا بتدمير الجميع من كبيرهم إلي صغيرهم ". نعم؛ هناك فريضة تدمير شعب. هناك من يسمون هذا محو العماليق ( أهل كنعان ). قوانين حرب بدائية؟ أنظروا إلي فريضة محو سبعة شعوب و فريضة المرأة التي تتمتع بالجمال و تقوم بتنظيم عملية الاغتصاب الذي يأتي بعد الاحتلال".
ومن المعروف أن الحركة الإصلاحية ظهرت في ألمانيا في القرن 18 ، وقد جاءت هذه الحركة كنتاج للتفاعل اليهودي مع الثقافة التنويرية للمجتمع الغربي ، لذلك فقد سعى الإصلاحيون من اليهود إلى الاندماج في المجتمع الغربي، وهذا ما جعلهم يعيدون النظر في صياغة الأحكام الدينية اليهودية المتعلقة بالهوية القومية لليهود ، مثل العودة إلى فلسطين و السبت وأحكامه ، استخدام اللغة العبرية في الطقوس اليهودية ، وفصل الجنسين في الصلاة . لقد حاول نابليون في عام 1806م إيجاد مؤسسة دينية يهودية واحدة يكون لها دور في حيات اليهود في فرنسا أشبه بمؤسسة دار الإفتاء الرسمية عند المسلمين ، تعمل على تعميق ارتباطهم بالهوية الفرنسية ، وفى عام 1807م عقد اجتماع كبير للعلماء اليهود في باريس حضره 111عالماً يهوديا فرنسيا بالإضافة إلى مائة شخصية يهودية من دول أخرى .
صحيح أن المتدينين سواء الذين يتبعون التيار الديني الصهيوني أو التيار الديني الأرثوذوكسي يشكلون حوالي 28% من مجمل المستوطنين في الكيان الصهيوني، إلا أن أكثر 50% من السكان يعرفون أنفسهم كمحافظين، وهؤلاء يولون أهمية كبيرة لما يصدر عن المرجعيات الدينية .
لذلك فهناك تأثير بالغ الخطورة لأن كثير من هذه الفتاوى تحريضية وعنصرية فحسب دراسة أعدها قسم العلوم الاجتماعية في ( جامعة بارإسلان) التي يسيطر عليها المتدينين اليهود ، تبين أن أكثر من 90% منهم يعتقدون أنه في حال إذا تعارضت قوانين الحكومة مع فحوى فتاوى الحاخامات فإنهم يتجاهلون فونين الحكومة والعمل بها ويتجهون إلى ما تنص عليه الفتوى .
تحتل فتاوى الحاخامات مكانة رئيسية ضمن مكونات وآليات التحكم والسيطرة على المجتمع الإسرائيلي ، وفى بعض الأحيان تكون هي المحرك الأساسي والرئيسي تجاه بعض القضايا .
الكتاب فيه مجهودٌ ضخم يؤكده مؤلفه ومترجمه الدكتور منصور عبد الوهاب في المقدمة، عندما يوضح أن صفحات الكتاب هي حصيلة خمس سنوات من العمل المتواصل من قِبل قسم الترجمة العبرية بالمنظمة العربية لمناهضة التمييز التي ظهرت في يناير 2004 لمواجهة حملات الكراهية والتمييز ضد العرب في الإعلام الإسرائيلي قبل أن تغلق أبوابها في يناير 2009 لغياب التمويل، وهو السبب الذي لا يقتنع به المؤلف مطلقًا.
كما أشار إلى الدور الذي قام به فريق عمل الكتاب بجمع حوالي 5000 مقال صحفي من الجرائد والمجلات الإسرائيلية وأيضًا على شبكة الإنترنت، بالإضافة إلى جمع 1000 مادة فيديو تدعم موضوع الكتاب.
وأوضح أن أحداث 11 سبتمبر 2001 أتاحت الفرصة للإسرائيليين لربط التطرف والإرهاب بالعرب عامة وبالمسلمين خاصة، في ظل الدور الإعلامي العربي الضعيف الذي لم يرتق إلى الدفاع الجدي عن الحقوق والقضايا العربية.
وأضاف أن الكتاب يعد مادة خام تبنى عليها أعمال قادمة، منوهًا إلى أنه يرصد فتاوى الحاخامات -وهي واضحة تمامًا لا تحتاج إلى الشرح الكثير- بالإضافة لتوضيح بعض المصطلحات العبرية داخل المجتمع الإسرائيلي.
جاء الكتاب في عشرة فصول أو بالأحرى عشرة موضوعات رئيسة، يختص كل منها بتفاصيل الفتاوى اليهودية، التي تصدر لكل فئة يهودية، أو المرتبطة بقضية ما.
والمتتبع لفكرة الكتاب يجدها تدور حول عنصرين رئيسيين هما الامتهان للمرأة اليهودية، حتى إنه لا شهادة لها أمام المحاكم علاوة على الفتاوى التحريضية
ففي الفصل الأول يبين المؤلف أهمية فتاوى الحاخامات في المجتمع اليهودي، حيث بيَّن أنها تحتلُّ مكانة رئيسة ضمن مكونات آليات التحكم والسيطرة في المجتمع الإسرائيلي، وفي بعض الأحيان تكون هي المحرك الرئيس لموقف المجتمع تجاه بعض القضايا، ولا يشترك أن تكون هذه القضايا قضايا تشريعية تتعلق بأمر من أمور العبادات أو الأحوال الشخصية مثل تلك الفتاوى التي تتعلق بالميراث أو الزواج أو الطلاق.
وأكد المؤلف على أن فتاوى الحاخامات اليهود في إسرائيل تتناول علاقة اليهود بكل من حولهم من أفراد، سواء كانوا يهودًا من داخل مجتمعهم أو عربًا ومسلمين أو جنسيات غربية مختلفة، إضافة إلى تعامل اليهود مع عمليات السرقة والقتل، مضيفًا أن هذا النسق مهم جدًّا في توجيه السلوك داخل المجتمع الإسرائيلي، وتلك البنية المتطرفة في المجتمع والمتأصلة لدى هؤلاء الأفراد.
وشدَّد على أن تلك النزعة ليست فقط لدى اليهود في إسرائيل وحدها، ولكنها لدى جميع الكيانات الاستيطانية على مستوى العالم، ويشكِّل كل ذلك عقلية التمييز لدى يهود إسرائيل ونظرتهم إلى مَن حولهم.
ويتناول الفصل الثاني الفتاوى الخاصة بفتاوى المرأة اليهودية التي يتم التعامل معها في الديانة اليهودية في العصر الحديث كما كان يتم التعامل مع العبيد في أمريكا في القرن التاسع عشر، ويشير المؤلف إلى تلك الفتاوى المنسوبة للحاخام "يوفال شارلو"، والتي يؤكد فيها على كون المرأة اليهودية ممنوعة من الشهادة في القضاء، مبرِّرًا ذلك بالفصل بين مفاهيم القضاء والمفاهيم النسائية، وعليه فربما تكون مفاجأة لكثيرين بأن المرأة لا تشهد وأن ما تقوله يتم اعتباره "رأيًا" فقط لا غير، بل ربما يبدو مدهشًا أكثر أن تتطابق بعض فتاوى حاخامات إسرائيل مع بعض الآراء المتشدِّدة في مصر والعالم العربي، فيما يتعلق بتحريم سماع صوت المرأة حتى عبر الراديو أو شريط كاسيت! فيما يذهب حاخام آخر إلى تحريم تحرك الأم داخل منزلها دون غطاء للرأس أمام أبنائها استنادًا لتعاليم القبالا- التي هي أشبه بالصوفية اليهودية.
وفي الفصل الثالث يرصد المؤلف الفتاوى اليهودية الخاصة بالإسلام والمسيحية، ويذهب فيه المؤلف عبر ترجمة نصيَّة لفتاوى الحاخامات أنها تؤكد أن الصراع بين العرب وإسرائيل هو صراع ديني بحت وليس سياسيًّا، وكيف لا يكون هذا فعلًا ونص إحدى فتاوى الحاخامات يقول أنه ليس هناك للمسجد الإسلامي قداسة -لاحظ الفارق مع ما يحدث مع المعابد اليهودية في العالم الإسلامي- بل يعتبر المسجد مكانًا منحرفًا؛ وذلك لأن الإسلام يوصف بأنه ديانة مستحدثة على حد قول الحاخام موشيه بن ميمون، الذي له فتوى أخرى يذهب فيها لاعتبار المسيحية ديانة وثنية، وهو أمر يؤكده حاخام آخر يدعى عوزئيل إلياهو ويحرم فيه على اليهود حضور حفل زواج في الكنيسة، محرِّمًا الأكل والشرب هناك بل والتأثر بجمال المكان هناك!
التطرف والهوس باليهودية والتعامل مع الآخرين كأغيار- أي كل الشعوب غير اليهودية- يصل حدوده القصوى في فتاوى من عينة عدم مساعدة اليهودية لأي امرأة من ديانة أخرى أثناء الولادة، فيما أوصى حاخام آخر اليهود بتدمير أماكن عبادة الأغيار- المسلمين والمسيحيين وغيرهم- وذلك من أجل أن يبقى العالم قائمًا! فيما تصل إلى إسرائيل خلط الدين بالعلم عندما يصدر حاخام فتوى محددة عام 2004 يؤكد فيها أن سبب الإصابة بالسرطان هو تحوُّل بعض اليهود إلى العلمانية!
أما الفتاوى التي تم تشريعها ضد الأغيار فقد خصص لها المؤلف الفصل الرابع، وعن الفتاوى التحريضية تدور أحداث الفصل الخامس، وهي الفتاوى التي تحرِّض اليهودي على غيره، كما تناول الكتاب فصلًا خاصًّا عن الفتاوى المتعلقة بالتعامل مع الآخر العربي والفلسطيني.
ويهتم الفصل السادس بالفتاوى المتعلقة بتطبيق الشريعة اليهودية، والسابع لفتاوى حول التعامل مع الإسرائيلي وفقًا لطبقته الاجتماعية، والثامن للفتاوى التي تخصُّ كل فئة على حدة، والتاسع لليهودي خارج الوطن، خاصةً في أوروبا وأمريكا، والعاشر لليهود الذين ما زالوا يعيشون داخل بعض البلاد العربية.
وينشر المؤلف في كتابة نص رسالة وجهها تلاميذ المدارس الحكومية الدينية الإسرائيلية من الصف السابع إلى العاشر أو ما يقابل المرحلة الإعدادية عندنا للجنود الإسرائيليين الاحتياط عند اقتحامهم لطولكرم في إطار أحداث انتفاضة الأقصى التي بدأت في العام 2000‏ بسبب اقتحام آرئيل شارون لساحة المسجد الأقصى، فماذا قال هؤلاء التلاميذ في رسالتهم لجنودهم؟ قالوا ما نصه: "عزيزي الجندي، تجاوز كل القوانين، واقتل أكبر عدد من العرب؛ فالعربي الطيب هو العربي الميت‏,‏ فليحترق كل الفلسطينيين -كما الرب ذكرهم- في جهنم".
هكذا يغرسون كراهية العرب في نفوس أطفالهم منذ مراحل التعليم الأولى، وهو ما يشكل إعدادًا متكاملًا للشخصية الإسرائيلية التي تتعامل فيما بعد مع الفلسطينيين عند المعابر أو الحواجز أو عند الاقتحامات والمداهمات المتكررة للقرى والحقول والبيوت الفلسطينية، ولعل في هذه التنشئة العنصرية المتطرفة ما يفسِّر قتل الطفل محمد الدرة بدم بارد أو بتأكيد ضابط إسرائيل قتله للطفلة الفلسطينية إيمان الهمص بخمس عشرة طلقة دون أن يهتز له جفن،‏ ويشرح الكاتب الصحفي الإسرائيلي يوسي جوربيتس كيف تفرق الديانة اليهودية في جوهرها بين اليهود وغير اليهود أو الأغيار، ويفخر بذلك قائلًا: إن اليهودي يوجه شكره وثناءه إلى الله صباح كل يوم في دعائه: الحمد لهو الذي لم يخلقني من الأغيار‏.‏
ويقول الدكتور منصور عبد الوهاب : إن التاريخ اليهودي يذخر بزخم من عمليات القتل الوحشي الذي يمارسه الجنود الإسرائيليون ضد العرب عامة، وضد الفلسطينيين خاصة، وقد فسر الحاخام شموئيل بن إلياهو وكذلك أيضًا أفتى الحاخام أشير بن يحيئيل، وهو ما يفسر اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين والاستيلاء على أملاكهم، في ظل حماية القوات الإسرائيلية ودعمها للمعتدي، حيث صار استخدام القوة من قِبل الأفراد هو القانون الحاكم في العلاقة مع العرب سواء عرب الداخل أو عرب الضفة الغربية وقطاع غزة‏,‏ وإذا كانت مصادر الفكر اليهودي في عصور السلف تتمثَّل في نص العهد القديم باعتباره الكتاب الأساس للديانة اليهودية، بالإضافة لمصادر أخرى تتمثل في نصوص المشناو والجمارا والتلمود، فهناك مصدر أساسي وإضافي أيضًا يضيفه الدكتور منصور عبد الوهاب، ويرى أن المحرك لجموع المتطرفين من الجماعات اليهودية هو فتاوى الحاخامات، والتي تتمتع بقوة وتأثير داخل المجتمع الإسرائيلي تفوقان قوة وتأثير قوانين الدولة، وهو الأمر الذي يؤثر بشكل كبير على أي فرصة للسلام في المنطقة.
والكتاب لا يعيد تكرار ما سبق قوله، وإنما يدخل في العميق إلى جذور قضية أخرى لم يسبق لأي كتاب آخر التعامل معها بتوسع باستثناء الموسوعة العمدة اليهود واليهودية والصهيونية للعلامة الراحل الدكتور عبد الوهاب المسيري، وهو ذلك الجزء الخاص بالفتاوى التي تصدر عن الهيئات الحاخامية أو الحاخامات أنفسهم داخل إسرائيل، فيما يتعلق برؤيتهم للعرب عامة، وفيما يتعلق بشئونهم الداخلية الخاصة، وهو أمر يجعل الكتاب طاقة تعري المجتمع الإسرائيلي وتؤكد تطرفَه عبر منطلق ديني في كيان عنصري قائم على فكرة دينية زائفة بالأساس.
الكتاب هام في موضوعه ، لأنه يقل من يهتم من الباحثين في العالم العربي بما يصدر من المرجعيات الدينية من فتاوى ، واطلاع الرأي العام العربي والعلمي عليها ، وعلى النبع الآسن من الكراهية.
قضية الفتوى برزت فئ الآونة الأخيرة على الساحة لمالها من أهمية، فالقضية بها فوضى وتناقض في بعض الأحيان واضطراب وعند اليهود تأخذ أشكالا عنصرية أحياناً أخرى، لذا وجب الاهتمام بهذا الأمر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.