** يحدثوننا عن التسامح والقيم والمبادئ واحترام القانون والمقدسات والحرية الشخصية والنزاهة والشفافية.. ويطالبوننا بما هو اكثر حتي ينصلح حالنا والأهم حتي يرضوا عنا ويقبلونا في زمرتهم وتابعيهم.. وتابعي تابعيهم.. وفي الوقت نفسه يمارسون ضدنا ابشع انواع التطرف واشد الوان الظلم أقسي صنوف القهر دائما وليس احيانا.. يرتكبون كل انواع الجرائم ضد الانسانية ويتحدثون عنها بدم بارد وقلب ميت.. ويشاركون في الاحتفالات بذكراها الاليمة.. وحكايتهم تذكرنا بنوادر أحد الائمة في مساجد قرانا العتيقة حينما كان يري احتجاج الناس وتذمرهم من طريقته وحاله معهم وانه ليس امامهم خيار إلا أن يطيعوه ويستمعوا له علي الاقل.. بل وان يصلوا وراءه الفروض رغم كراهيتهم له.. فكان يحثهم ويخاطبهم بل ويأمرهم في عظاته بكل بجاحة ووقاحة ايضا..: "خذوا بقولي ولا تأخذوا بفعلي..!". الايام الاخيرة شهدت جدلاً كبيرا حول واقعتين مهمتين: واحدة في اليابان والثانية في نيويورك بأمريكا.. وامريكا كانت هي المحور الرئيسي في الواقعتين.. والواقعتان كاشفتان وكفيلتان ببيان الحقيقة المرة لواقع السياسة المعاصرة والعلاقات الدولية الحاكمة في عالم اليوم.. خاصة عندما تكون امريكا طرفا او احد زبانيتها او ربيباتها اللاعب أو الفاعل أو المفعول به أو حتي المفعول معه.. في امريكا يستعدون للاحتفال بذكري احداث الحادي عشر من سبتمبر إياها الشهر القادم.. والبوادر من الان تشير إلي أنه ستكون احتفالية لتكريس الحقد والكراهية لكل ما هو إسلامي أو له صلة بالإسلام.. واشعال نيران التعصب والتطرف ضد المسلمين في كل زمان ومكان.. هذا هو الظاهر حتي الان.. ومما يثير الاسي والحزن أن كبار الساسة حتي في اعلي درجات السلم بما فيها البيت الابيض قد خضعت لتأثيرات المتطرفين والمتشددين والعنصريين.. وبدأوا في الاستجابة لهم ولمطالبهم والتراجع عما ابدوه من مواقف علنية فيها شبهة تسامح.. لا بل قدر من العقلانية إذا اردنا التحديد والوصف الدقيق.. ماذا حدث؟! الرئيس الامريكي باراك أوباما الذي علي ما يبدو أنه تأثر بما قرأه عن حب العرب للخطابة والبلاغة وانهم أمة كلام في كلام علي الفاضي دون المليان خدعنا وذوق لنا كلاما معسولا في حفل للافطار في البيت الأبيض.. وتحدث بلسان الحكيم والفيلسوف في حق الشعب كل الشعب وطوائفه في العيش بسلام وفي ان يكون لكل فئة وخاصة المسلمين اماكن للعبادة وغير ذلك من كلام عن احترام المقدسات.. وحقهم في بناء مسجد في مانهاتن بنيويورك بالقرب من مكان التفجيرات التي شهدها مركز التجارة العالمي في احداث الحادي عشر من سبتمبر الشهيرة.. قال اوباما "إن للمسلمين نفس الحق في إقامة شعائر دينهم كغيرهم من الامريكيين. واضاف بأن هذا الحق يشمل حق بناء مسجد ومركز ديني علي أرض خاصة في حي مانهاتن بنيويورك. وقال: "علينا جميعا احترام الحساسيات المحيطة بالمشاريع المنوي اقامتها في تلك المنطقة من حي مانهاتن فالارض صفر هي فعلا ارض مقدسة ولكن دعوني اتكلم بوضوح: كمواطن امريكي وكرئيس. أؤمن بأن للمسلمين نفس الحقوق في ممارسة شعائر دينهم كغيرهم من الامريكيين. بما في ذلك حقهم في بناء مسجد لهم علي ارض خاصة ما دام ذلك يتماشي مع القوانين والشروط المحلية هذه هي امريكا. والتزامنا بالحرية الدينية يجب أن يكون صلباً. وقال الرئيس اوباما في خطبته امام مأدبة الافطار "إن تنظيم القاعدة ليس مرادفا للاسلام. وأن "قضية القاعدة هي ليست قضية الاسلام. بل انها تشويه كبير للاسلام" إن زعماء القاعدة ليسوا زعماء دينيين. بل ارهابيون يذبحون الرجال والنساء والاطفال الابرياء". لم يكد السيد الرئيس الامريكي يخرج من حفل الافطار حتي فوجئ بعاصفة من الانتقادات اذ كيف يؤيد بهذا الحماس الواضح انشاء مسجد ومركز ثقافي اسلامي بالقرب من المكان الذي شهد الواقعة.. وعلي الفور اظهر تراجعا واضحا وقال في تصريحات له "إنه لم يكن يعلق علي حكمة اتخاذ هذا القرار". وقد علقت صحيفة الديلي تلجراف البريطانية علي موقف اوباما بالقول: إن هذا التصريح قد أسعد كثيرين في اليسار رغم أنه عرض الرئيس لتوبيخ ديموقراطيين ممن يخوضون معركة شاقة للاحتفاظ بمقاعدهم في الانتخابات التمهيدية في نوفمبر المقبل. كما أثار استياء كثيرين في اليمين. وبين الجماعات المعنية بضحايا التفجيرات. وتقول الصحيفة إنه في خلال 24 ساعة من تصريحه رأينا أوباما يصر علي أنه لم يكن يقصد الإشارة إلي أنه "يؤيد بناء المركز الاجتماعي. وإنما كان ببساطه يوضح أمراً قانونياً". وتنقل الصحيفة عن اوباما قوله "لم أكن أعلق ولن أعلق علي الحكمة من اتخاذ قرار إقامة مسجد هناك. وإنما كنت أعلق بشكل خاص علي الحقوق التي يتمتع بها الناس والتي ترجع إلي عهد "آبائنا" المؤسسين". وتوضح التلجراف أن قرار بناء مركز إسلامي من 15 طابقاً ويشمل مسجداً في مانهاتن. علي بعد بنايتين فقط من موقع تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر قد أثار الغضب الشديد لدي الكثيرين من الامريكيين حيث عارضه أكثر من ثلثيهم. وتشير الصحيفة البريطانية إلي أن توضيح أوباما لم ينجح في وقف حدة انتقاد المحافظين له. ويتزامن مع هذا الجدل دعوات للاسف تقودها كنائس واساقفة لحرق القرآن الكريم واعتبار يوم 11 سبتمبر الذي يأتي هذا العام عقب عيد الفطر المبارك مباشرة يوما عالميا لحرق القرآن الكريم.. يحدث كل هذا منهم وعندهم ويحدثوننا عن التسامح وضرورة احترام الاخر وحرية الأديان وغير ذلك من لافتات يضحكون بها علينا ويصدقهم المغفلون والمرتزقة من السبوبات غير الحكومية بالدولار واليورو ايضا.. ** والحدث الثاني: الاحتفال بالذكري 65 سنة علي تفجيري هيروشيما وناجازاكي اليابانيتين بالقنابل الذرية في العام ..1945 وهو الاحتفال الذي قررت امريكا ان تشارك فيه لأول مرة.. وحضره ايضا للمرة الأولي الامين العام للامم المتحدة بان كي مون ففي يوم السادس من أغسطس عام 1945 كان سكان مدينة هيروشيما علي موعد مع إحدي أبشع صور الوحشية التي تفتق عنها العقل البشري لتدمير الإنسانية حيث حلقت طائرة من سلاح الجو الامريكي علي مدينة هيروشيما حاملة علي متنها افتك ما توصلت إليه العقلية البشرية الشيطانية من أسلحة الدمار الشامل: قنبلة نووية مخصبة باليورانيوم اطلق عليها "الطفل الصغير" بقوة تدميرية تساوي 12.500 طن من مادة تي ان تي شديدة الانفجار وعلي أثرها ذابت جثث اكثر من 70.000 في النار فورا. 140.000 كانت حصيلة القتلي حتي نهاية ديسمبر 1945. وآخر إحصائية رسمية لكارثة هيروشيما تتجاوز 242.000 إنسان. بعد ثلاثة أيام من كارثة هيروشيما كررت الولاياتالمتحدةالامريكية المأساة في مدينة ناجازاكي اليابانية. حيث ألقت طائرة أمريكية قنبلة نووية أخري علي المدينة بقوة تدميرية تساوي 22.000 طن من مادة تي ان تي اودت بحياة ما يزيد علي 70.000 إنسان. وبعد ستة أيام من تفجير القنبلة علي نجازاكي. في الخامس عشر من أغسطس. أعلنت اليابان استسلامها لقوات الحلفاء. حيث وقعت وثيقة الاستسلام في الثاني من شهر سبتمبر. مما أنهي الحرب في المحيط الهادئ. رسميا. ومن ثم نهاية الحرب العالمية الثانية. ببساطة شديدة انهم يقتلون القتيل ويسيرون في جنازته.. وليس هناك مانع أن يذرفوا الدموع ويقدموا ما يسمونه بالمساعدات حتي ولو كانت مسمومة أيضا. ومن أراد المزيد والاستزادة من امثلة ذلك التسامح علي الطريقة الامريكية والغربية الحديثة فليقرأ ولينظر ويتابع ما حدث ويحدث في العراق وفلسطين وافغانستان وباكستان.. وهلم جرا.. ولا أراكم الله مكروها في تسامح لديكم..!!