لا أعتقد أننى سوف أضيف جديدا إذا تحدثت بأسى عن تلك الجريمة البشعة التى راح ضحيتها وكيل وزارة الإعلام تحت عجلات ميكروباص فاجر، ولم تمنع شيخوخة الضحية صاحب الميكروباص أو التباع من دهسه بعجلات السيارة المتهالكة التى تجرى فى شوارع محافظة الجيزة منذ عدة أعوام وهى لا تمتلك أى مقومات الأمن أو المتانة، أو أدنى الشروط التى تتيح لها أن يستخدمها صاحبها فى نقل المواشى وليس الركاب من البشر. وسيناريو الجريمة لمن لا يعرفه، وكما أدلى به شهود العيان أمام جهات التحقيق تتلخص فى أن مشاجرة وقعت بين 3 أشخاص يستقلون ال "ميكروباص" وشخص رابع يستقل سيارة ملاكى بعد حدوث تصادم بين السيارتين ، وعندما وقف صاحب السيارة الملاكى أمام "الميكروباص" يحاول منعه من التحرك حتى قدوم الشرطة لتفصل فيما بينه وبين بلطجية الميكروباص ، فما كان من صاحب الميكروباص إلا أن أمر "التباع" الذى يعاونه فى تحمّيل السيارة وجمع الأجرة من الزبائن أن يتحرك بالسيارة فى محاولة للهرب فأطاع الأخير الأوامر وانطلق بالميكروباص ليصدم الرجل الذى يبلغ من العمر 74 عاما ويمر بالسيارة على جسده ويطحن عظامه. والسيناريو يشير - دون مبالغات - إلى أن الجناة وخاصة صاحب السيارة كان يريد الهرب قبل أن تحضر الشرطة والمجنى عليه الذى لا يسمح له عمره أن يقاتل 3 أشخاص - تمرسوا على أعمال البلطجة من كثرة تواجدهم فى الشارع - حاول الاستنجاد بشرطة النجدة فلم تنجده أو تحضر فى وقت مناسب لإنقاذه، وهذه المشاجرة التى يقع مثلها العشرات بل ربما المئات فى أنحاء مصر كل يوم يعلم الله كيف تنفض بخسائر أقل من القتل قليلا فلا نسمع عنها شىء وتقوم تلك المشاجرات وتنتهى دون تدخل أو حضور من الشرطة. والآن بعد وقوع الكارثة التى دائما ما ننتظرها لنتحرك لابد أن نتوقف ونسأل عن حجم الأمن فى الشارع المصرى وعن دوره وتوقيت تدخله وعن مدى اقتناع المصريين بهذا الدور خاصة وأن وتيرة العنف تتزايد وحرب الشوارع تتصاعد ليس فقط بسبب فيلم "إبراهيم الأبيض" أو ألعاب العنف الاليكترونية من عينة حرب الشوارع التى انتشرت بشكل كبير ويتربى عليها أطفالنا الآن، ولكن أيضا بسبب الإحباط الإجتماعى الشديد الذى يعشش فى نفوس العشوائيين ويدفعهم لفعل أى شىء لإثبات وجودهم أو تفريغ الطاقة السلبية لديهم بالانتقام من الآخرين وخاصة البهوات الذين يركبون السيارات الملاكى. باختصار الشارع المصرى يفتقد الإحساس بالأمن وأجهزة الأمن تركت الناس تصفى حساباتها بمعرفتها ولا تتدخل إلا بعد وقوع الجريمة وعندما تتفجر مشاجرة كبيرة فى حرب الشوارع التى انتشرت فى العشوائيات هناك مقولة مشهورة يتناقلها الناس ومنسوبة لرجال الأمن وهى : "سيبوهم يخلصوا على بعض وبعدين نتدخّل ".