منذ كتبت المقال الأول عن الأخلاق وأنا أعرف أن الرحلة قد بدأت وأن مرحلة(المطبات الصعبة) آتية لا ريب أدركت ذلك وأنا استمع لرأى أحد الشباب الذى قابلته منذ فترة وسألنى مباشرة: لماذا صار هناك انفصال بين الأخلاق والعبادات؟.. بين الدين والحياة؟.. لماذا أصبحنا نشاهد الناس داخل المسجد فى قمة الأدب والأخلاق وعددا ليس بقليل منهم بمجرد أن يخرج من المسجد يكون فى قمة الإنحلال والفجور صدمنى الشاب حتى أكمل فى حماس أين الأخلاق؟.. وهذا إذا واظبت على العبادات استغنى عن الأخلاق: هل الحياة شىء والدين وتأدية العبادات شىء آخر. تراجعت قليلا وأنا أتذكر سخرية البعض من دروس الأخلاق التى كنت أعطيها فى أحد المساجد فى بدايتى الدعوية، وقتها كان الناس يظنون أننى أتحدث عن المدينة الفاضلة وعن أمور خالية فلا أخلاق الآن على الأرض، وكنت أكافح وأنا أدخل فى جدل معهم مؤكدا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (الخير فى وفى أمتى إلي يوم القيامة).. للأسف عزيزى القارئ صار هناك نوعان من البشر نقابلهما فى حياتنا اليومية: الأول: عابد سيئ الخلق، والثانى حسن الخلق سيئ العبادة. نموذجان مشوهان ليسا من الإسلام فى شىء. إذن هدفنا من هذه السلسلة أن نكون عبادا ذوى أخلاق حسنة. يقول النبى صلى الله عليه وسلم (والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن قيل من يا رسول الله قال من لا يأمن جاره بوائقه).. لاحظوا كم أن الإيمان مرتبط بالأخلاق مثال: المرأة التى نشرت ثيابها المغسولة مبتلة فوق ثياب جارتها وهى جافة، كتب عليها ملك الشمال سيئة نعم سيئة كتبت عليك، هل فكرت فيها من قبل، هل خطرت على بالك من قبل من ترك سيارته أمام مستودع جيرانه وذهب ليصلى ركعتين أتراها قد قبلت صلاته؟. جاء أناس لرسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون فلانة تذكر من كثرة صلاته وصيامها وصدقتها غير أنها تؤذى جيرانها قال هى فى النار.. يقول النبى صلى الله عليه وسلم الإيمان بضع وسبعون شعبة أو ستون شعبة، أعلاها لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق.. إذن إماطة الأذى عن الطريق شعبة من شعب الإيمان فما قولك فيمن فتح شباك سيارته وأخرج بقايا ما كان يأكله وألقى بها فى الشارع، ومن أخرجت علكة من فمها وألقت بها على الأرض فى الشارع هل تصدق أنك بذلك قد فقدت شعبة من إيمانك فعلا قد فقدتها؟ إننا نريد أن نسترجع العلاقة بين الإيمان والأخلاق ونرسخها فتعتبر آثما إذا ما ارتكبت خطأ أخلاقيا . يقول النبى (الحياء والإيمان قرناء جميعا، إذا رفع أحدهما رفع الآخر.. الحياء و الإيمان يا جماعة ما أوطد العلاقة بينهما. مثلا: طالبة بالجامعة تقهقه ضاحكة بأعلى صوتها (أين حياؤها) وإذا ما أذن لصلاة الظهر تدخل المسجد لتصلى وقد تبكى من فرط الخشوع فى صلاتها، الحياء والإيمان قرناء جميعا. إذن تريد أن تعرف مستوى قوه إيمانك أخبرنى ما مستوى تخلقك أخبرك إن كنت قريبا من الله أو بعيدا عنه؟ يقول النبى صلى الله عليه وسلم : فى تصحيحه لمفهوم خاطئ لدينا عن الإفلاس أتدرون من المفلس، قالوا من لا درهم له ولا متاع. قال المفلس من يأتى يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتى وقد شتم هذا وضرب هذا وسفك دم هذا فيأخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته حتى إذا فنيت حسناته أخذ من سيئاتهم فطرحت عليه ثم طرح فى النار.. هل عرفتم الآن خطورة ما نتكلم فيه على بيوتنا العربية. لذلك إذا دقننا فى القرآن الكريم اكتشفنا شيئا عجيبا فكلما تحدث الله عن صفات المؤمنين وجدت أن ترتيب الصفات فى سياق الحديث صفة أخلاقية تلازمها (قبلها أو تليها) صفة تتعلق بالعبادة. يقول الله عز وجل (قد أفلح المؤمنين الذين هم فى صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون والذين هم للزكاة فاعلون والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين). اعتقد الآن أن صديقى الشاب الجميل سيتراجع عن موقفه فالأخلاق والعبادات متوازيان متلازمان لا ينفصلان أبدا. ونصيحة لوجه الله: خليك محترم داخل المسجد وخارجه وفى كل مكان.. فعلا.. خليك محترم.