انطلاق برنامج لقاء الجمعة للأطفال بالمساجد الكبرى الجمعة    الجامعة العربية توصي مجلس الأمن بالاعتراف بمجلس الأمن وضمها لعضوية المنظمة الدولية    محمود عاشور: لم أكن أعلم بقرار إيقافي عن التحكيم.. وسأشارك بأولمبياد باريس    الإفتاء تحسم الجدل بشأن الاحتفال ب شم النسيم    ننشر جدول أعمال جلسات مجلس النواب الأسبوع المقبل    تخفيض سعر الخبز السياحي بجنوب سيناء    ننشر أول جدول أعمال لمجلس النواب بمقره بالعاصمة الإدارية    غرفة الحبوب: مفيش مخبز في مصر هيبيع بأكثر من 1.5 جنيه يوم الأحد.. الغلق للمخالفين    وزير المالية يلقى البيان المالى لموازنة 24/25 أمام مجلس النواب الاثنين    د.حماد عبدالله يكتب: صندوق موازنة للأسعار !!    صندوق النقد: تحرير سعر الصرف عزز تدفق رؤوس الأموال للاقتصاد المصري    5 أيام راحة.. شم النسيم وعيد العمال إجازة واحدة في مصر    الرئاسة الفلسطينية: الفيتو الأمريكي ضد مشروع عضويتنا بالأمم المتحدة "غير أخلاقي"    أول تعليق من حماس على الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة    وزير الخارجية الأسبق يكشف عن نقاط مهمة لحل القضية الفلسطينية    خبير عسكري: هجوم إسرائيل على إيران في لبنان أو العراق لا يعتبر ردًا على طهران    سكرتير المنيا يشارك في مراسم تجليس الأنبا توماس أسقفا لدير البهنسا ببني مزار    "ليس لدي أي تأثير عليه".. كلوب يتحدث عن إهدار صلاح للفرص في الفترة الأخيرة    "عملية جراحية خلال أيام".. إصابة لاعب سيراميكا بقطع في الرباط الصليبي    فيوتشر يرتقي للمركز الثامن في الدوري بالفوز على فاركو    الدوري الأوروبي – فريمبونج ينقذ سلسلة ليفركوزن.. ومارسيليا يقصي بنفيكا بركلات الترجيح    "دوري مصري ومنافسات أوروبية".. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    بسبب "عباس الرئيس الفعلي".. عضو مجلس إدارة الزمالك يهاجم مشجع (صورة)    إصابة 4 أشخاص فى انقلاب سيارة على الطريق الإقليمى بالمنوفية    ظهور أسماك حية في مياه السيول بشوارع دبي (فيديو)    انهيار منزل من طابقين بمدينة قنا    مصرع شخص وإصابة 8 آخرين إثر حادث تصادم بطريق المريوطية فى العياط    "تعليم الجيزة" تكشف نسب حضور الطلاب للمدارس وأسباب تواجدهم هذه الفترة    برج الدلو.. حظك اليوم الجمعة 19 أبريل 2024 : يساء فهمك    أحمد الطاهري يروي كواليس لقاءه مع عبد الله كمال في مؤسسة روز اليوسف    فيفي عبده ضيفة ياسمين عز في برنامج "كلام الناس".. غدًا    فيلم مشرف .. إلهام شاهين تشيد بفيلم الرحلة 404    هدى المفتي جريئة وفيفي عبده كلاسيك.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    دعاء السفر كتابة: اللّهُمّ إِنّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السّفَرِ    دعاء للمريض في ساعة استجابة يوم الجمعة.. من أفضل الأوقات    النشرة الدينية.. هل يجوز تفويت صلاة الجمعة بسبب التعب؟.. وما هي أدعية شهر شوال المستحبة؟    طريقة عمل الدجاج سويت اند ساور    طريقة عمل الكب كيك بالريد فيلفت، حلوى لذيذة لأطفالك بأقل التكاليف    مات حزنا على فراقه، مؤذن يلحق بابنه الإمام بعد أسبوع من وفاته بالغربية    محافظ الإسكندرية يفتتح أعمال تطوير "حديقة مسجد سيدى بشر"    سيد عيد يدخل تاريخ الدورى المصرى.. 4 قصص صعود للممتاز مع 3 أندية مختلفة    نبيل فهمي يكشف كيف تتعامل مصر مع دول الجوار    يقفز بقيمة 120 جنيهًا.. أسعار الذهب اليوم الجمعة 19 أبريل «بيع وشراء» في مصر (التفاصيل)    باختصار.. أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. الاتحاد الأوروبى يشيد بدور مصر فى تحقيق السلام المستدام بالمنطقة.. ونتنياهو يطلب تدخل بريطانيا وألمانيا لمنع إصدار أوامر اعتقال ضده من الجنائية الدولية    شعبة الخضر والفاكهة: إتاحة المنتجات بالأسواق ساهمت في تخفيض الأسعار    متحدث التعليم: لا صحة لدخول طلاب الثانوية العامة لجان الامتحانات بكتب الوزارة    القوات الجوية الروسية تقصف مواقع للمسلحين فى سوريا    بسبب أزمة نفسية.. فتاة تنهي حياتها بالحبة السامة بأوسيم    المشدد 5 سنوات لشقيقين ضربا آخرين بعصا حديدية بالبساتين    دعاء الضيق: بوابة الصبر والأمل في أوقات الاختناق    لإقامتها دعوى خلع.. المشدد 15 عامًا لمتهم شرع في قتل زوجته بالمرج    تحذير شديد بشأن الطقس اليوم الجمعة : تجنبوا السفر لمدة 4 ساعات (بيان مهم)    البيت الأبيض: واشنطن وتل أبيب تتفقان على الهدف المشترك بهزيمة حماس في رفح    أخبار 24 ساعة.. مساعد وزير التموين: الفترة القادمة ستشهد استقرارا فى الأسعار    فحص 1332 مواطنا في قافلة طبية بقرية أبو سعادة الكبرى بدمياط    جامعة برج العرب التكنولوجية تختتم اليوم مشاركتها في مؤتمر «EDU-TECH»    وكيل الأزهر يتفقد التصفيات النهائية لمشروع تحدى القراءة في موسمه الثامن    ردد الآن.. دعاء الشفاء لنفسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"اليوم السابع" يستعرض ذكريات سيدات صاحبة الجلالة "ماما نعم وسناء البيسى وسكينة فؤاد وإقبال بركة" مع نهاية عام وبداية آخر بأحلام جديدة

مع نهاية عام حافل بأفراحه وأحزانه، قرر "اليوم السابع" أن يحتفل ببدء عام جديد بمداعبة ذكريات أربع سيدات، لهن ذكريات وأسرار بين جنبات قصر صاحبة الجلالة "ماما نعم، وسناء البيبسى وسكينة فؤاد وإقبال بركة"، أربع نساء قضين عمرهن الذهبى ببلاط صاحبة الجلالة المقدس الذى شهد أولى خطواتهن ولحظات صعودهن خطوة بخطوه حتى استقررن على عرش قلوب آلاف المحبين من مريدى الكلمة والأدب والفنون، فحفرن أسماءهن بحروف من نور.
نعم الباز: لا أقبل أشياء جميلة ليست لى.. وعلى أمين قال لى "إنتى أفشل صحفية شفتها".. والتليفزيون المصرى تراجع ومذيعاته ببغاوات
نعم أحمد خليل الباز، أو كما نعرفها ماما نعم صاحبة القلم الحاد والرأى الذى لا يعرف الحياد، عرفت بماما نعم بعد اعتناقها لقضية الطفل العربى، واهتمامها بإعداده لمواجهة الغد.
فى تمام السادسة توجه فريق عمل "اليوم السابع" لمنزل ماما نعم، الذى أبهرنا بتواضعه وبساطته الشديدة، وبدفء وحنان شديد استقبلتنا ماما نعم، واستفاضت معنا فى حديث اتسم بالهدوء وحكمة امرأة أفنت حياتها فى خدمة بلاط صاحبة الجلالة.
عُرفتِ ب "الصحفية المشاغبة" بين جدران أخبار اليوم، حدثينا عن تلك التجربة؟
ضاحكة، وظيفة الصحفى هى توصيل المعلومة للقراء، فمبدئى هو أن صاحب الجلالة القارئ وليست الصحافة، فنحن نعمل لدية ولأجله، نتبنى آراءه فى الإصلاح ودرء الفساد، وأنا طول عمرى بحاول الوصول للحقيقة بأى طريقة.
ماذا عن دور مصطفى وعلى أمين؟
على أمين كان يبعث الأمل فى الموتى، يوميا كان لازم أقرأ عمود "فكرة" لمصطفى أمين، والمجموع لم يسعفنى، ورغم أنى كنت بتمنى التحق بكلية الفنون الجميلة إلا أن المجموع لم يسعفنى فبحثت عن ما أتميز به، فذهبت لعميد كلية الآداب وكان وقتها عالم الجغرافيا عز الدين فريد، وطلبت الالتحاق بالكلية، لكنه اشترط على العمل بجريدة حتى يوافق على التحاقى بكلية الإعلام، وكانت جريدة الأخبار جريدتى المفضلة، إلا أن على أمين كان مسافر مع أول بعثة مصرية تخترق الستار الحديدى الذى قام به ستالن، مع هيكل وإحسان عبد القدوس وعلى حمدى الجمال، فتواصلت مع مصطفى أمين وقلت له: "عايزة أقابل حضرتك لمشكلة مصيرية"، وبالفعل قابلته وقلتله إن مصيرى متوقف على الالتحاق بالعمل بالجريدة، وحينها طلب منى كتابة طلب فورى، وبالفعل شكر فى أسلوب كتابتى وعينى سكرتيرة لشئون الإنتاج الأدبى للقراء، ولأنى صغيرة طلبت منه جواب أننى أعمل بالجريدة رفض وقال لى "لازم تتعلمى الناس تصدقك من غير جوابات"، وكان من أهم مواقف على أمين معى أننى كنت كاتبة موضوع بمجلة الجيل وغير لى عنوانه رفضت وقلتله "لا أقبل أشياء جميلة ليست لى"، أنت عنوانك أجمل من عنوانى هتحط عنوانك هشيل اسمى، وبالفعل شال عنوانه ووضع عنوانى وكتب اسمى على الموضوع.
من صاحب الدور الأكبر فى حياه نعم المهنية؟
من أعظم الناس تأثيراً فى حياتى الأستاذ صلاح هلال نائب رئيس تحرير "آخر ساعة" والأستاذة فتحية بهيج أعطتنى أول فرصة لحضور المؤتمرات وحفلات السفارات، وأنا ابنة ال19 عاما، فعندما سافرت لندن لإجراء عملية جراحية لها بالقلب كلفتنى بمسئولية باب "النص الحلو" بمجلة "آخر ساعة".
وماذا عن أحمد رجب؟
رجب طائر الحرية المحلق، عملت معه وهو نائب رئيس تحرير مجلة "آخر ساعة"، وكان هذا آخر منصب يقبل به رجب فهو رجل لم يخلق للمناصب ولم يفضلها أبدا، رجب صاحب قلم حر وكان ومازال يحررنا معه، فهو الأقدر على تقديم نقد بناء.
متى تكون الإثارة الصحفية موظفة؟
قضايا الرأى العام من أنواع الإثارة المطلوبة، كقضايا محاربة الفساد، ولكن مع تحرى الدقة فى أسلوب العرض فغير هذا يعتبر تزيفاً لوعى الجماهير، وصحافة الإثارة ما هى إلا وسيلة لزيادة نسبة توزيع الجرائد، لكن المطلوب توزيع متوازن لمعلومة صحيحة لتحقيق خدمات جماهيرية.
هل كان هناك بالماضى قضايا صفراء؟
كثير كهدم كبرى عباس نتيجة سوء حال الأساسات، السمكة المتحدثة وغيرها.
هل استطاعت أخبار اليوم الحفاظ على جماهيريتها حتى الآن؟
نعم، مع إنها أصبحت "دولتلية" إلا أنها استطاعت أن تحافظ على شعبيتها، يكفى أن مصطفى حسين ما زال بها فهو أحد أعمدة أخبار اليوم، فهو دولة مستقلة بذاتها، وعلى أمين كان عبقرياً فى تنظيم الجريدة، فكان يوجه الناس لقراءة الجريدة من الصفحة الأخيرة، فوضع عموده "فكرة" بالأخيرة، واليوميات ومقالات للنخبة ك "العقاد وسلامة موسى والمازنى وعلى أمين ومصطفى أمين والكاريكاتير"، فضلاً عن أبواب المرأة والعمال وأبواب خاصة للطفل والعديد، أما اليوم فالمثقف يقرأ العناوين فقط وعددا قليلا من المقالات المهمة.
لماذا قال كامل الشناوى لماما نعم "إنتى رغاية قوى"؟
ضاحكة: "كامل الشناوى من أعظم الكتاب الساخرين، وفى إحدى المرات كنت بمكتبه جالسة فى صمت منصتة لحديثه مع ضيوفه ومع رؤسائى، وأتعلم مما يقال وفجأة وجدته يقول لى "انتى رغاية كده ليه، قلتله أنا ماتكلمتش ولا كلمة، قالى انتى رغاية بعنيكى وودانك، وده نوع تانى من الرغى".
وهل كان كمال الشناوى "شخص رغاى"؟
كامل كان من المتكلمين العظام، ما خرج منه كتابة لم يخرج من أى كاتب عالمى آخر.
من هم أشهر الرغايين الذين عاصرتهم نعم الباز؟
الصحفى كامل زهيرى لو قعدنا فى مكان كنت أعشق الكلام معه، والفنان عبد الوهاب كان من كبار المتكلمين، ومصطفى أمين، بالإضافة للكاتب الساخر محمود السعدنى ده راجل مافيش بعده، ومن الشعراء عبد الرحمن الأبنودى، ومن الصحفيات سناء فتح الله رائعة، وصافيناز كاظم.
عشقتِ الفن، هل وقع الفن الحالى له نفس التأثير على نعم الباز؟
أنا شديدة الولع بالفنون، خاصة رقص الباليه، وأعجبنى جداً مشروع عبد المنعم كامل عندما أخرج كل أنشطة الأوبرا بالقلعة، وقدم عروضها مجانا للناس، وأقام ثلاثة مسارح "مسرح سارية الجبل ومسرح البانوراما ومسرح محكى القلعة"، ونحن شعب شديد الولع بالفن، "لو اديتى اى مصرى قطعة طين هيشكلها، فالتاريخ خلد على جدران المعابد بالفن".
حليم.. ماذا عنه؟
حليم إنسان رائع وكان دءوب على النجاح ومتجدد، إلا أننى كنت أرفض طغيان أخبار مرضه على أخباره الفنية، ونحن بطبيعة الحال شعب ناقد ونبحث عن الحقيقة، وأثناء حوارى مع سعاد حسنى حاولت الوصول منها لحقيقة أمر انتشار شائعة زواجهما، وكنت كلما حاولت محاصرتها بالأسئلة تهرب منى وتراوغ بذكائها المعتاد، فسألتها صراحة ماذا يمثل حليم بالنسبة لك قالت بصراحة "فوق خط الحب"، كان تعبيراً رائعاً، فسعاد ذكائها فى تعبيراتها كان كذكائها فى التمثيل.
إذن ليس صحيحاً أنها كانت فارغة الفكر أو شخصية سطحية؟
لا بالعكس، فعلى الرغم من عدم ارتياد سعاد المدارس إلا أنها ثقفت نفسها بنفسها بدرجة عالية، فكانت تقرأ لسلامة موسى والعقاد وأنيس منصور، فهى عانت وتمزقت بين والديها بعد انفصالهما، وأنا أعتقد أن ما عانته فى بيت أبيها كان سببا رئيسيا فى عدم رغبتها إنجابها أطفال.
هل تمسككِ بمبدأ البشر قبل الخبر سبب لكى متاعب مهنية؟
نعم وكثيراً، طب هحكيلك حاجة: "المتاعب وصلت لدرجة أن مصطفى أمين بإحدى المرات قال لى انتى أفشل صحفية شفتها بحياتى بعدما كشف علمى بخبر انفصال الملكة دينا عبد الحميد عن زوجها الملك حسين، وحرمانها رؤية ابنتها، وعندما سمح لها زوجها بضم ابنتها والطلاق، صرحت لى بهذا الخبر لكنها استئمنتى على عدم نشره قبل حصولها على الوثيقة حتى لا يعند الملك، وبالفعل حافظت على العهد لدرجة أنه عندما عرف الأمر بعد ثلاثة شهور حاولت رئيسة الشئون العربية بجريدة الأخبار الوصول لتفاصيل الخبر، إلا أن الملكة رفضت وقالت لها "نعم الباز تعرف كل حاجة من ثلاثة شهور"، فشكتنى لمصطفى أمين وعنفنى بتلك الكلمات، فقلت له "الملكة صحبتى ومقدرش أفقدها، واللى اتكسر ما يتصلحش"، فمصطفى كان يعتنق نظرية أن الخبر أهم من البشر، وهى نظرية يعتنقها الكثيرون، ولم يرضَ عنى إلا بعدما قمت بنشر سلسلة الخطابات المتبادلة بين محمد عوض محمد وطه حسين، وقال لى: "لو ماكنتيش فى حياتك عملتى غير السلسلة دى فانتى صحفية عظيمة".
هل انتى راضية عن الوضع الفنى الحالى؟
الوسط الفنى الحالى هو إفراز عصر، وعصرنا مافيهوش عبقريات، فهذا الإفراز كويس قوى وعلى قدنا، أما الآن فالمشاهد أصبح مستهدفا ومجرد وسيلة لإدرار الأموال والربح السريع.
سمعتِ أبو الليف يا ماما نعم؟
لا أستطيع أن أعيب فى أحد، فأنا ماسمعتوش لأن حتى منظره غريب يمكن أبناء هذا العصر يهمهم، فأنا مؤمنة بمقولة على بن أبى طالب "دعوا أبناءكم يعيشون زمانهم فقد عشنا زماننا".
ووجدتها تنادى على حفيدتها الصغيرة لتسألها عن رأيها فى المطرب الشعبى أبو الليف كواحدة من أبناء هذا العصر لتؤكد لى مريم صاحبة 18 عاما، أنه مطرب صاحب صوت جميل لكنه لن يستمر، كما أن الشباب الآن ملول بطبعه يبحث عن كل ما هو جديد وغريب ومختلف وهكذا.
لماذا يا ماما نعم أصبحت سمة الشباب الآن هى الملل؟
تأثير الفضائيات لعب دورا كبيرا فى تشتيت وجدان الشباب، فلا توجد مادة أو منهجية معينة تسير عليها الفضائيات، فلا يوجد شاب الآن يجلس أمام التليفزيون ساعتين على بعض، كما أن الجيل الحالى بلا قدوة يقدره على عكس الماضى كان لدينا قنوات ثابتة وكنا ننتظرها، وانتظار الشىء يولد ثباتا بداخل الفرد.
فى أحد مقالاتك صرحتِ بأن لك منهجية خاصة فى علاقتك بالقرآن، حدثينى عن تلك المنهجية؟
أنا من عائله مشايخ، جدى كان رجلا أزهريا، ووالدى خريج دار العلوم وكان رجلا مستنيرا، وكنت أتسابق مع أصدقائى فى قراءة القرآن وختمه فى ثلاثة أيام، الآن أنا وصلت لمرحلة الرغبة فى فهم كل معنى يحمله القرآن، فبدأت بالاستعانة بالتفاسير وأصبحت أقرأه ببطء، وأدون تعليقات عند كل سورة، ومفهومى أو تساؤلى عن كل آية، ثم أجلستنى بجوارها وفتحت المصحف الشريف وأوضحت لى تفسير بعض الآيات.
كيف يمكن أن تكون لنا منهجية خاصة تجاه حياتنا بشكل عام؟
لابد من التأمل والتفكير.. فالإنسان كالطبيعة متجدد دائما خلاياه القديمة تسقط وتتبدل، ودايما بدعى ربنا آخر عضو يموت فيا هو مخى من غير المخ الإنسان ولا حاجة، وأصعب وقت مر عليا وقت إصابة زوجى بمرض الزهايمر، دائما كان يقول "الكلمة على لسانى لكن فوق ضلمة".
ما سر إعجابك بالسفيرة الأمريكية الحالية؟
أنا معجبة بها كمواطنة أمريكية بتحب بلدها، فهى تجوب كل المصالح والمؤسسات بمصر لمعرفة جهات صرف المعونات الأمريكية، لكنها لغم موقوت عملت بالعراق واليمن ودمشق، وآخر مناصبها مدير إدارة إسرائيل بوزارة الخارجية.
على ذكر التليفزيون بعد 50 عاما هل أنتِ راضية عن الوضع الحالى له؟
لا التليفزيون تراجع بشدة لأنه أصبح "دولتللى" الدولة استعملته أكثر من الازم، على عكس بداياته، فالتليفزيون كان خدميا يهدف لخدمة الناس، الآن أصبح فى خدمة الدولة وليس الناس.
وماذا عن حال مذيعاته، هل هن بالفعل سبب من أسباب تراجع مستوى التليفزيون المصرى؟
لا ليس ليهم أى دخل فهن بغبغاوات، يمثلون صوت أسيادهن، فهناك الكثير من المواهب الشبابية تود تقدم برامج لكن لا يوجد إمكانيات.
لماذا أجندة الطفل مازالت تهم ماما نعم؟
الطفل المصرى هو احتياطى هذه الأمة، فهناك بلاد تعتمد على الذهب أو بترول أو أحجار كريمة، أما نحن فالاحتياطى بتاعنا بشر فمصر هبة المصريين وليست هبة النيل.
لا يوجد برامج للطفل تتسم بالمتعة، أين المتعة؟
فاقد الشىء لا يعطيه، فالقائمون على صناعة برامج الأطفال فاقدون للمتعة والخبرات، بالإضافة لاقتحام "الكسيبة" عالم الطفل من أجل الاستفادة المادية.
لماذا ازداد عدد أطفال السرطان وأطفال الشوارع وأطفال الملاجئ والأحداث؟
مافيش أسرة مرتاحة، لا يوجد نظام يعدل بين الناس، فالأنظمة تأخذ شكل الدستور، فالأم الآن تذهب بأبنائها إلى الجحيم، عندما تخرجه من المدرسة من أجل صنعة، بالإضافة للمفهوم الخاطئ عن تنظيم الأسرة، ففى المجتمعات الفقيرة كالصعيد والقرى هناك مفهوم عند النساء أنه كلما حبلت المرأة يغسل جسدها.
شايفه بكره إزاى؟
مع كل الضلمة مصر جايه والآتى أفضل، فمصر سار على أرضها 8 أنبياء، شعيب وإدريس وإبراهيم وموسى وهارون ويوسف ويعقوب غير العذراء مريم، فالتعاليم والخير فى وجدان المصريين.
يعنى انت متفائلة؟
عندى طموح فى التغيير، ومصر شهدت حراكا سياسياً كبيرا، ومؤخرا اجتمع جمال مبارك بالمثقفين لعرض الأجندة الثقافية الخاصة به، إلا أننى كنت أتمنى أن يجتمع بالعمال، ويناقش مشاكلهم، فالأجندة الثقافية لا تهم الكثير، فكما اجتمع بكبار المثقفين كنت أتمنى أن يجتمع بريس للعمال حتى يعى مشاكلهم ويناقش أحوالهم لماذا لم يجتمع بالعمال المضربين، هل الجمهورية ليس بها غير مثقفين أو لجنة السياسات، البلد 80 مليونا، أنا لست ضده فالبلد بها 60 مليون جمال مبارك، وأنا مع كل الشباب الذين يريدون الترشح مثله.
سناء البيسى: أنا من الصحفيات المدللات.. وهيكل معايا فى كل أزماتى
"البساطة والأناقة وعذوبة الكلمات" صفات تستشعرها وأنت تصافح تلك السيدة وتلامس أناملها التى ذابت بعد مشوار طويل من العطاء الفكرى والإنسانى، "اليوم السابع" التقى مع سيدة استطاعت أن تحصل على ثقة الملوك والأمراء مبكرا، بكلمات راقية ورائقة فتحت لنا سناء البيسى خزانة ذكرياتها واستفاضت معنا فى الحديث عن ذكريات وأيام لا تنسى.
تخرجتِ عام 85 الآن كيف تقيمين تجربه التعليم؟
تتنهد: "أقولك إيه بس التعليم فى مصر بايظ خالص، بيتجه لتعليم القشور والاتجاه للتعليم الأجنبى زاد عن التعليم العربى، والطالب لدوقتى بيحفظ المناهج علشان يدلق وبعد الامتحان خلاص مفيش أى نوع من الاستفادة، والنتيجة المتعلمين كتير لكن مفيش مثقفين".
منير كنعان نقطه ومن أول السطر؟
منير هو اللى علمنى يعنى إيه لون، ماكنش الزوج الغيور، وعمره ماطالبنى مطالب الزوج المصرى العادى، وعمره ما تدخل فى نظام حياتى ولا أنا، كنت أحترمه واحترم تجاربه الفنية، من غيره أنا امرأة مجوفة "كامرأة سلب منها جنينها".
بدأت محررة بأخبار اليوم كلمينى عن المرحلة الأولى فى حياتك المهنيه؟
كنت لسه فى سنة أولى صحافة وكان أول عام للقسم، وفى يوم زارنا الأستاذ مصطفى أمين وفى نهاية زيارته طلب من كل الدفعة كتابة موضوع عن زيارته الكلية، وبعدما قرأ كل الورق بعث لإدارة الكلية وقالهم: "أنا عايز الطالبة دى بالذات تيجى وتدرب فى أخبار اليوم".
ليه.. إية السر؟
ضاحكة: " أنا ما كتبتش حاجة أكثر من "حضر اليوم الكاتب والصحفى الكبير مصطفى أمين لكلية الإعلام، لكنى مافهمتش ولا كلمة من كلامه لأن كل الكلام راح فى دخان سيجارته"، فعجبه تعليقى لأنى جمعت بين الخبر والملاحظة، وفعلا ادربت بأخبار اليوم وأنا بنت ال16 سنة.
احكى لى عن يوميات الأخبار؟
كان مصطفى أمين بنفسه يجيب لنا كل الجرايد والمجلات علشان نقرأها ونلخصها، فأسسنا أرشيف أخبار اليوم بالقراية والتعب، اللى دلوقتى انتو بتجيبوه بضغطه زرار، وبعدها اختارنى محررة الطيران فى أخبار اليوم فكنت أطير مع كل خط جديد.
ماذا عن التحديات اللى قابلتك؟
أكثرهم ثقة حرم الرئيس مبارك ورفضها مراجعة حواراتى قبل النشر، كانت ديماً تقوللى"أنا ماقراش وراكِ ياسناء"، مصطفى أمين منحنى مسئولية عظيمة بتنصيبى رئيسة قسم المرأة بأخبار اليوم، كنت بكتب أى شىء بالصفحة من غير رقيب.
ماذا عن خطوة نص الدنيا؟
أستاذ إبراهيم نافع كان مصمما يؤسس مجله جديدة تنافس المجلات العالمية، وفى يوم جالى شايل كل المجلات والصحف العالمية وطلب منى تأسيس مجله ماتقولش عنهم وقالى"فى خلال شهرين هنأسس المجلة"، حسيت إن مفيش فايدة من المسئولية، وبالفعل خرجت نص الدنيا، وأول عدد حقق نص مليون جنيه إعلانات، وعدد توزيعنا كان بيوصل ل120 ألف، كنت عايزة نص الدنيا تكون مؤسسة لوحدها داخل الأهرام.
احكى لى عن الصعوبات؟
تتنهد وتقول: "أقول لك إيه أنا عانيت قوى لمدة 7 سنين فى الأهرام، لما أستاذ هيكل رحل عن الأهرام تعبونى قوى، كان شغلى مضطهد، إلى أن تقلد أستاذ على أمين رئاسة تحرير الأهرام أنصفنى وأعادنى لقسم المرأة، لكن فجأة وبعد 50 سنة صحافة وبلا مقدمات قالولى مع السلامة، فجأة خدوا منى نص الدنيا.
تقصدى إيه إنهم أخدوا منك "نص الدنيا"؟
عمرى ما فكرت فى سن المعاش، لكن أرجع وأقول يمكن لأنى أنا أسست المجلة، واعتبرتها بنتى اللى خرجتها ولبستها وفسحتها اتصدمت من خبر معاشى، حسيت إن تعب 17 سنة من عمرى راح فى مافيش، لكن فى نفس اليوم كلمنى أستاذ أسامة سرايا من مكتب أستاذة أفكار وقال لى"يا أستاذة سناء أنا بتكلم من مكتبك وهاجى لحضرتك البيت"، وفعلا بعد ساعات شرفنى مع أستاذ خيرى رمضان وقال لى الأهرام كله بصفحاته تحت أمرك.
إيه أكثر المكالمات اللى هزت حضرتك بعد ترك منصب "نص الدنيا"؟
هزتنى قوى مكالمة الأستاذ حسنين هيكل، كان ديما بيتابعنى ووسط مشاغله كان يرفع سماعة التليفون ويقول لى "يابنتى إنتى الوحيدة اللى يتشتغلى فى مصر"، ولما سبت المجلة لقيته بيتصل ويقول لى "سناء إوعى تضايقى انتى قدامك مستقبل ثانى"، الراجل ده ديما بلاقيه فى أزماتى.
شايفه حال نص الدنيا دلوقتى ازاى؟
مجلة جديدة تصطبغ بأفكار ورؤية أستاذة أفكار الخرادلي، والحمد لله صلتى مستمرة بولادى بالمجلة فهم "نقاوة عينى".
ودور موسى صبرى فى حياتك؟
موسى صبرى كان الصديق والأخ الكبير، بس أنا ما اشتغلتش معاه لأنه كان رئيس تحرير الجيل، لكن كانت بتجمعنا علاقة صداقة ومودة، أنا اللى عرفته بمراته مدام إنجيل رياض الله يرحمها كانت زميلة وصديقة فى أخبار اليوم، وكنعان كان صديق موسى فكنا نخرج إحنا الأربعة مع بعض"، كان راجل نزيه ونضيف، وكان يرفض أى هدايا حتى لو كانت ضمن مجموعة هدايا لجميع رؤساء التحرير.
هل بكيتِ لما توفى؟أنا شخص متماسك لحد كبير دمعتى صعبة وماحبش حد يشوفنى بعيط، لدرجة إنى يوم وفاة أمى معرفتش اعيط، حزنى بيكون داخلى.
شخصية أثرت حياتك المهنية؟
أحمد بهاء الدين له بصمة كبيرة فى حياتى، كان من الشخصيات الهادية تسمحلك تتناقشى معاها بهدوء، وفى الأهرام كان مكتبه قريب من مكتبى لدرجة إنه كان مخصص زرار فى تليفونه خاص بمكتبى، بعد ضعف نظره فى آخر أيامه، كانت بتجمعنا صداقة جميلة فهو من بارك زواجى بكنعان، كان صديقا مقربا، وديما كنت بالجأله فى أزماتى.
هل حضرتك بتفقدى النوع ده من الصدقات دلوقتى؟
طبعا خاصة بعدما أغلبهم ماتوا، لما بدور عليهم مابلاقيهمش، تعرفى لما واجهت ضغوطات بأخبار اليوم كنعان اشتكى لأستاذ هيكل، طلبنى فورا وعينى رئيس قسم المرأة بالأهرام، وقالى اعتبرينى أبوكى واخوكى، وقعدنى فى مكتب الدكتورة بنت الشاطئ، أنا بعتبر نفسى من الصحفيات المدللات، جميع رؤساء التحرير ادونى فرص وشجعونى.
إزَاى قدرتى توفقى بين الفن التشكيلى والعمل الصحفى؟
بابتسامة رقيقة تقول: "الفن التشكيلى هو الفسحة بتاعتى، لكن الكتابة معاناة كبيرة".
هل يوجد ما يعرف بالفنان المطبع؟
ممكن، كنعان نفسه جتله فرصة أنه يعرض بمعرض فى الزمالك ومعرضه كان هيتنقل لإسرائيل ويزوره السفير لكنه رفض بشدة، حتى هشام ابنى رفض رحلات الجامعة لإسرائيل لإدراكه أنها ستكون وصمة فى حياة والده ووالدته.
وماذا عن موقف د.هالة مصطفى باستقبالها السفير الإسرائيلى بمكتبها؟
أقولك إيه أنا ما اعملش كده، بصراحة لا تعليق
تعاونتِ مع عمنا صلاح جاهين فى مسلسل "هو وهى" احكى لى عن الكواليس؟
كان راجلا رائعا فى وقت فرحة كان ممكن يقوم ويرقص باليه، وكان ديما يتمنى يخرج كتاباتى للنور، وبعدما كتبت مجموعتى القصصية "هى وهو" اختار منهم 15 قصة للتليفزيون، ومن الذكريات الحلوة اتصال جاهين الساعة 3 الفجر وسألنى "كنعان بيصالحنى ازاى لما بيزعلنى فقلتله بالشكولاتة"، فكتب أغنية سعاد الشهيرة "الشكلاته".
عن حال الصحافة هل أنت راضية عن الوضع الصحفى الحالى؟
أنا مبسوطة بتجربة الصحف الخاصة القادرة على المعارضة، لأنى ماعشتش الوقت ده من الحرية، فأقل إشارة ممكن تحدث إثارة، لدرجة اعتراض أخبار اليوم على موتيفه رسمتها لأنف منحوتة، وقالوا هيتقال إنها لعبد الناصر.
والصحافة النسائية هل حضرتك راضية عنها؟
مابفضلش مصطلح الصحافة النسائية، بحس أنها لابسه مريلة مطبخ، مافيش حاجه اسمها صحافة نسائية إلا لو تخصص، فلو عندى تخصص لدرجة إنى أنشىء مجلة خاصة بالمطبخ أو الكوروشيه أو الأمومة والطفولة فقط هى دى الصحافة النسائية، لكن المرأة هى نصف المجتمع "نصف الدنيا".
هل الصحف الورقية ممكن تختفى فى ظل التقدم التكنولوجى للصحافة؟
ضاحكة: "بالنسبة لجورنالك طبعا من حقك تقولى كده، لكن إطلاقا عينى لازم تشوف، اللى بيعرضه الكمبيوتر هو محتوى الكتاب والورق، وكل ماعليكى هو أنك بتقللى الجهد والمساحة.
اجتماع الجمعة الشهير لمصطفى أمين، والذى ساهم فى إخراج كوادر صحفية هامة، لماذا لا نرى هذه الاجتماعات بالمؤسسات الصحفية؟
لأن ببساطه مافيش حد عايز يساعد الجيل اللى بعده، بقى فى بخل، الأساتذة قلوا والكل خايف على كرسيه وماحدش بيدور على المواهب وينميها، قليلين قوى فاهمين إن الجواهر لما بتحيط بيه مش بتقلل من قيمته بل بالعكس بيلمع اكتر وسطهم، أنا اتربيت كده.
هل الصحف القومية مكبلة ببعض القيود؟
ممكن يكون لتلك القيود وجود لكنى لم أشعر بها ولم تمارس على إطلاقاً، لكن لازم تقال الكلمة بطريقه متزنة.
إذن هل الصحف القومية حيادية؟
لا لكن مافيش إثارة بدون امتلاك حقائق، ولو وجدت حقائق مؤكدة تجدين أى قضية مثارة بالأهرام، كقضية مصانع الألبان وغيرها.
لكن البعض يرى أن هذا التجدد هو تقليد للسياسة التحريرية للصحف الخاصة؟
إلى حد كبير نعم، وأوقات بلاقيهم مزودنها خاصة فى فرد الأخبار "الفنية"، لكن ارجع وأقول مش عيب اننا ناخد من بعض لغاية ما نستقر على شكل معين، لكن أنا مؤمنة إن كل جرنال له شخصيته، فالأهرام له وقاره وشخصيته، ومابحبوش يقلد قوى.
البعض يرى نظام تعيين رؤساء تحرير الصحف القومية وراء هذا التراجع؟
أكيد لابد من اختيار الشخص المناسب وصاحب الخبرة المناسبة، فليس لمجرد أنه شخص موالى ينفع يكون رئيس تحرير.
الحركات السياسية الشبابية المتعددة "6 أبريل وكفاية"، هل هذا الحراك بيدل على اتساع سقف الحرية بمصر، ولا فشل الدولة فى احتواء طاقات الشباب؟
الاتنين، لأن فعلا كان استحالة حد يقدر يعترض على سياسة الدولة، إلا إذا كان فى سقف حرية وعالة، وأنا بعتبر اللى بيحصل ظاهره صحيه، وفى نفس الوقت الأيدى طايلة لقمع أى فوضى، مش للدرجة اللى احنا متصورينها.
الصراع المصرى المصرى (محامين وقضاة) (حكومة وشعب) هل ينبئ بالفوضى؟
للأسف هذا الصراع فى تزايد، الإضرابات بتزيد، لكن أنا اكتشفت انه صراع موجود من زمان للحصول على المطالب، لكن فيه خط أحمر لو اتخطناه ممكن الأمر يتحول لفوضى والدولة والمسئولين لازم يحسوا إن الجرس بيضرب .
فيما يخص البرادعى، مش هسال عنه كظاهرة، ولكن هل فكرة التغيير فى حد ذاتها ممكن تفيد البلد؟
الدم الجديد مهم طبعا وهيفيد البلد، لكن سعات الحنكة مطلوبة، ومش شرط إن الكبير اللى قعد فترة ما يجيش تانى، فالشخص اللى موجود ممكن يتغير ويغير من اللى حواليه، وسعات الواحد بيخاف من التغيير على البلد، وأكبر دليل يوم ما وقع الريس بمجلس الشعب كلنا قمنا وقفنا حسيت إن مصر هتروح مننا.
لكن وقتها البديل لم يكن مطروح؟
طب تفتكرى البديل ده ولمؤخذه ينفع، البرادعى مش هو البديل، لكنى أنا عندى تصور لشخصية محدش واخد باله منها.
زى مين مثلا؟
محمود محى الدين الراجل ده فيه أمل تجربته العالمية بالبنك الدولى هتضيفله كثير، أنا مش بطرحه ضد شخص بعينه، لكن أنا بطرحه لبعدين، ولو كانت فاروق حسنى كان حصل على اليونسكو مع تقليد محى الدين البنك الدولى أكيد مصر كانت اختلفت، خسارة إن فاروق مااخدهاش
حضرتك ضد أو مع تدخل منظمات حقوق الإنسان فى مراقبة الانتخابات؟
بعد تجربتنا الفاشلة، والنسب المرتفعة فى النتائج الناجحة أنا مش ضدها، وزى الخبرا الأجانب بأى موقع.
سكينة فؤاد: المُخلص الفرد سيتحول لديكتاتور آخر.. والفلاح المصرى يعيش أسوأ حالاته.. والحزب الحاكم يصنع المعركة الانتخابية ويديرها بنفسه
سيدة تشكلت على ضفاف القنال، أثرتها بورسعيد برمالها الناعمة فأصبحت من المشاغبات المشاكسات ببلاط صاحبه الجلالة، عرفت برزانتها الفكرية ورجاحة كلماتها، شكلتها الأزمات وأصلبت من عودها الانتصارات، وزادت من انتمائها للبلد ولقضايا وطنها، بين كتبها وأوراقها استضافت سكينة فؤاد "اليوم السابع" على مدار ثلاث ساعات بمنزلها.
بور سعيد وشعب المقاومة الحرة، كيف أثرت بورسعيد فى تشكيل وعى سكينة فؤاد؟
بورسعيد مدينة بحر أبيض متوسط، ومدن البحر تخلق فى الفرد الانفتاح مبكرا، بورسعيد شكلت لدى الوعى بالوجود وبالطبيعة، فمدن البحر الأبيض بها مزيج من الحضارة الأوروبية والعبق الشرقة، كما أن الصياد كان جزءاً أساسياً من وجودى، فمذهبة "الرزق على الله لكن لابد من الكفاح ولابد من الذراع يضرب الموج"، فضلا عن منظر الصيادين وهم يرمون الشباك ويقاومون البرد بالفجر، ولا تنسى إن بور سعيد شعب المقاومة، فألعاب الطفولة كانت كيف نشاغب عساكر الانجليز، وعندما كانوا يتحدثون عن العولمة كنت أضحك لأننا عرفنا العولمة قبل أن يعرفها العالم لأننا مجتمع يتكون من أبناء مصر واليونان والفرنسيين والانجليز، مواطنين من أنحاء الدنيا وهو ما تشابك مع أدبى وكتاباتى.
هل انتقلتِ من بور سعيد؟
والدى كان يعمل بالشرطة، ومهنته كانت تفرض علينا التنقل المستمر، مما منحنى فرصة التعرف إلى القرية والمدينة، والفارق بينهما، لكنى دائما كنت ألجأ لبلدى أتكاتف مع أهلى، ففى اللحظة الوطنية يصبح فيها الوطن حبة العين.
عن ماذا كنتِ تبحثين؟
كان لابد أن أظل بين أهلى، فمصر كلها فى لحظة ألم، لكن خط القنال هو خط المواجهة الأول، كان لابد أن لى أعرف ماذا يفعل أهلى فى تلك اللحظة كيف تتم المواجهة.
عاصرتِ نكسة 67، وحرب 73 احكى لى عن أجواء الفترتين بشوارع بورسعيد؟
فى 67 كانت الصدمة فوق الطاقة، والانتصار يأتى بعد مواجهات لكن حدث اضطراب فى القيادة العسكرية، فالجيش المصرى لم يحارب بل فرض عليه ألا يواجه، وتحول حلم النصر ب67 فى بورسعيد إلى مشروع قومى حتى تحقق بنصر أكتوبر 73، وتحت جلد المصريين يكمن شعب لا يموت، ينتظر المواجهة باللحظة الحاسمة، وفترتى 67 ثم 73 من اللحظات التى فجرت هذه الطاقات الوطنية بكل مستوياتها، فالمصرى يصنعه التحام قيادة بشعب واحترام القيادة للشعب.
ما الذى تغير فى تلك العلاقة؟ إقصاء الشباب عن العمل السياسى وإغراقه فى التفاهة وتنويمه مغناطيسيا بأننا انتصرنا وانتهينا بنصر 73، بل كان يجب أن يكون الانتصار بداية لصنع انتصارات على جبهة القتال الداخلية من انتصارات علمية واجتماعية واقتصادية، فاتفاقية السلام من أكبر أوهام العصر الحديث، فالعدو يحارب بالسلام كما يحارب بالحرب، لكنه فرض على شعب مصر أن يضع السلاح ويفرغ الرأس من التفكير على اعتبار أننا انتصرنا وتم إنجاز كل شىء، فما حدث هو تفكك فى كل شىء.
ما السبب فى هذا الترهل الفكرى السائد الآن؟
المحاولات الإعلامية لتسطيح الفكر المصرى، كره القدم كمثال مع التأكيد بأننى لست ضد الرياضة، ولكنها جزء من منظومة خاطئة، فبالمونديال الأخير القتال لشعوب تحقق القتال فى مجال العلم، والإثارة الإعلامية، واعتبار أننا أمام معركة فتح فإذا لم ننتصر فنحن منكسرون.
لكن البعض يرى أن الناس تحاول البحث عن فرحها؟
أنا ضد هذه الفرحة فماذا بعد الكره، فالفرحة يجب أن تكون غير مزيفة، يجب أن تكون على حساب أن يعمل الفرد وينتج، فالشعوب التى تلعب جيدا هى التى تعمل جيدا، أما نحن فلا نلعب ولا نعمل، هذا فضلا عن مأساتنا المتجددة كل شهر رمضان، فأى عقل يحتمل كل هذا الكم من المسلسلات وأى وقت يحتمل، والدراما فن رائع لكن ما يقدم هو فن التسطيح، فالإضحاك أصبح عبر التشويه وعبر نماذج بشرية ممسوخة ليس عبر دراما اجتماعية، لا أدين جميع المسلسلات ربما هناك الجيد ولكن أقول هذا ما سلط على العقل المصرى، وعلى النقيض ما هى نسبة برامج العلم وسباق العلم، ما هى نسبة صناعة الوعى لدى الشباب، ولا أحمل الإعلام وحده المسئولية، فهناك خطاب دينى يشارك فى تشكيل الوعى المصرى وخطاب تربوى وتعليمى منهار بالكامل، فضلا عن غياب الخطاب الثقافى.
على ذكر الدراما ماذا عن "ليلة القبض على فاطمة" بين الخيال والواقع؟
فاطمة بطلة حقيقية، فالكاتب دائما لدية قرون استشعار وبصيرة تستبصر أمته، خاصة إذا كان يعشقها وينتمى إليها، وهناك من الغرائز إذا انتميت لمكانك تبصرى بتلك الغريزة قبل أن تلمسى الواقع، ف"ليلة القبض على فاطمة" أعبر خلالها عن استبصارى بالخطر القادم، وأن هناك شيئا ما يطارد الحق والعقل، مع إن فاطمة كتبت فى فترة مبكرة قبل أن نصل إلى ما نحن فيه، تحديدا بعد الانفتاح أو السداح مداح كما سماها أحمد بهاء الدين، بعدما بدأ الثراء والتربح المغالى دون قواعد، وهنا كانت أسطورة الأخ الذى لم يشارك فى صناعة النصر، والذى تحقق فى ليلة عبور فاطمة، ولكنها اخفت الحقيقة وصنعت التمثال، وعبد الناس الكذب الذى أصبح كل دوره تغيب الحقيقة، وأصبح همه "لو تموتى يا فاطمة" لأن فاطمة كانت حقيقته، وأنهيت الرواية بمطاردة فاطمة ووضعها فى مستشفى للأمراض العقلية فكنت أشعر أن هناك زمنا قادما من يقول فيه الحق سيطارد ويصبح مصيره وراء أسوار بعيدة عن الواقع، فلو احتكمنا إلى القوة الحقيقية من المفكرين والعلماء ورجال الدين المحترمين ما كنا وصلنا لهذا المصير.
هل أصبحنا نعيش بهذا العصر؟
نعم ومن فتره طويلة جدا، وهذا حصاد تراكمى.
أحمد الجندى وجريدة الأخبار، حدثينى عن تلك الفترة؟
تتنهد وتقول: "البعض يعتبر أن زواج المهنة الواحد مشكلة، لكن تجربتنا بها ثراء، كان إنسانا حضاريا، فحواراتنا ومشاغباتنا كانت تصل لمعارك فكرية لا تنتهى، واستفدت منه كثيرا، فهو كان نموذجا لحب الرجل لنجاح زوجته ولا يرى بهذا النجاح تقليلا من قيمته، وهو كان من أكبر قيادات أخبار اليوم"، ولأنه كان إنسانا معطاء لم يعكر حياتنا أى غيرة مهنية، بل كان أكثر غضبا منى فى أزماتى، "كان نموذجا لا يتكرر لزمالة وصداقة العمل عندما تكون داخل البيت".
لاحظت شرودك وعودتك بالذكريات "بتفتكرى إيه دلوقتى"؟
أتذكر الآن كيف اتسعت العلاقة ليس فقط لحدود الزوج، ولكن كان الصديق والأخ والأب، المدهش أنه كان بأيامه الأخيرة قلقا على وحدتى، فهو كان لا يقلقه مرضه أكثر من قلقه على آثار المعارك التى سوف أقودها من بعده وكيف ستنعكس على، وطلب منى أن أسجل ما تعرضت له من تجربة صحفية فى كتاب.
من هم الشخصيات التى أثرت حياتك الصحفية والأدبية؟
فى البداية أنا قارئة جيدة، قرأت مبكراً لبنت الشاطئ ود.أمينة السعيد، وبالجامعة كان أساتذتى من كبار الأساتذة والصحفيين كخليل سباط وإبراهيم إمام وحسنين عبد القادر، وقرأتِ مبكرا عن تاريخ نضال المرأة بالصحافة، فالصحافة النسائية لعبت دوراً رائداً، فالمرأة كانت رئيسة تحرير، وكانت مهمومة بقضايا الوطن والتحرير والثورة، ولماذا لم تدخل المرأة البرلمان، وكانت الصحافة النسائية فى مقدمة الصحافة التى أثارت قضية فلسطين ونبهت إلى ما يفعله الصهاينة.
لماذا تبنيتِ قضايا القمح؟
مشكلة القمح مذهلة، فكل ما يكتب اليوم عن المشكلة كتبت عنه وتحدثت عنه كثيرا فيما مضى، لكن دون مجيب، فالقمح ليست مشكلة زراعية بل هو مشكلة سياسية تحتاج لإرادة وطنية وقرار وطنى، فلو استدعى الرئيس مجلستا من العلماء الحقيقيين وما أكثرهم فى مصر وخبراء لحلت الأزمة، فلا يمكن أن يوجد مسئول يستطيع أن يدير منظومة الخبرة العظيمة التى كان يمتلكها الفلاح، أما الآن فالفلاح المصرى فى أسوأ حالاته، فأنا شاهدت بعينى علماء تطارد مشروعاتهم، بينما يتقدم الصفوف جهلاء لا يملكون نفس الخبرات ولا العلم، شاهدت كيف لدى مراكز البحوث الزراعية من الأبحاث لو طبقت لاكتفت مصر من إنتاجها الزراعى، وشاهدت كيف طحنت أمهات القمح حتى لا توزع على الفلاحين بعد أن طور الإنتاج، ليعطى الفدان 25 إردبا بدل من 17، شاهدت علماء يعرضون أكفانهم ويذهبون لصناع القرار، وبسبب حملتى التى نشرتها بالأهرام عن القمح تعرضت للاضطهاد وقيل لى إن هناك مسئولين يريدون توقف الحملة التى أعتبرها شرفا لى لاستنادى على وثائق علماء كبار، وبالفعل لم يجدد لى بالأهرام وبعث لى جواب استغناء.
ماذا عن المشروع النووى الإيرانى وما يلقاه من مهاجمات وانتقادات ووعيد من دول كبرى كأمريكا وإسرائيل؟
أليس مدهشا أن يهاجم المشروع النووى الإيرانى، وتصبح إسرائيل هى القوة المهيمنة بالمنطقة، وتملك جميع أسلحة التهديد، ما المانع أن تمتلك إيران أو أى دولة عربية، فلا تسأليننى عن إيران، بل أين ذهبت قوة مصر.
وهل أصبحنا شعبا ضعيفا؟
نحن الضعف بعينه، الضعف العلمى والتعليمى والصحى وفى كل المجالات، فنحن نغترف من مخزون هذه الأمة، وأى شعب آخر كان انتهى من زمان، مع إننا نملك من الثروات الطبيعية والبشرية ولكنها قوة مبعدة ومطاردة.
تقلدتى منصب رئاسة تحرير مجلة "الإذاعة والتليفزيون" من 93:83 حدثينى عن التجربة كيف أتت ولماذا انتهت؟
التجربة كانت نوعا من الصعود الطبيعى لصحفية تعشق بلاط صاحبة الجلالة، تمتلك كما يقال مالا بأس به من الكفاءة، إلا أننى واجهت معارك تافهة فى محاولات لمنعى من الترقى لرئيسه تحرير، للأسف كان هناك مخاوف من رئيس التحرير وركنت وأقصيت من ممارسة دورى، لصعودى المبكر للمنصب إلا أننى تنبهت مبكرا أن المعركة الحقيقية أن اكتب وأنتمى، فما أسهل أن يقتل الإبداع، وبعد معارك صاخبة توليت رئاسة التحرير، وأثناء ذلك جاء تعيينى فى مجلس الشورى، وواجهت منذ عينت بالمجلس حربا ضروسا، وكان لدى المسئولون أدوات بشرية جاهزة لصناعة معارك، وكأنه لا حساب للكفاءة، وكان على ألا أنشغل بنجاح المجلة قدر انشغالى بإثبات حقى بهذا المنصب، وجدت نفسى داخل حرب وسأتوقف عن الكتابة، وأضيع كما ضاع علماء بدل من زراعة الأرض بالقمح، وتحولوا إلى مطاردين، فالإداريات تعطل أكبر مبدع، ورفضت هذا العبث وتقدمت باستقالة مسببة، وأغلقت مكتبى وظلت معى المفاتيح، واليوم أمتلك أسرة من القراء لا عدد لها، فلا يمكن أن تكتبى كلمه بمحبة ولا تصل للناس، والقلم الذى يشترى نجاحه بثمن رخيص حرم نفسه من ثراء عظيم وهو الانتماء للناس.
على ذكر الصحف القومية، كيف تقرأين تعيين رؤساء تحرير الصحف القومية؟
هى مأساة ألا يأتى رئيس تحرير بالانتخاب من المحررين والعاملين، فهذا معناه الهيمنة والسيطرة، وآن الأوان أن تنتهى ملكية الدولة للصحافة.
ضد أم مع خصخصة الصحف القومية؟
أنا مع ملكيتها للعاملين بها ولمن يصنعون نجاحاتها، والحكم وفقا للنجاح، حتى تنتهى هذه التابعية.
كيف تصفين حال الصحافة المصرية بوجه عام؟
أنا سعيدة بالصحافة المستقلة، فهى الفرع الأخضر بأرض الصحافة المصرية، كبدايات الصحافة والتى قادها رواد ولم يتصوروا أن تصل الصحافة إلى التبعية التى تمارسها بعض الصحف، والتى يقولون عنها الصحافة القومية أو الرسمية، كأن الصحافة المستقلة ضد القومية، فلا يمكن أن تكون الكلمة صحيحة إلا إذا استقلت ومارست حقها فى النقد والرقابة، ولتحاسب إذا تجاوزت مع إتاحة حرية المعلومات، فكيف تحاسبين الصحافة، وهى يمنع عنها مصادر المعلومات، ومع ذلك حققت الصحف المستقلة نجاحا رغم فرض قيود رهيبة عليها.
هل الصحف القومية تراجعت أمام الخاصة؟
ارجعى لأرقام التوزيع وهبوطها، فكثير من الصحف المستقلة لا تملك رؤوس الأموال ولا الدعم الرسمى الذى تملكه الصحف القومية، فضلا عن التدخل الأمنى وحجب المعلومات، ارفعى عن الصحافة الرسمية كل وسائل الدعم.
ولمن سيكون النصر؟
للكلمة الحرة واحترام القارئ والقدرة على التعبير عن همومه، وبعض الصحف الحكومية الآن تحاول حل أزمة هبوطها بتقليد الصحف الخاصة ببعض النقد، ولكنه نقد يرقص فى وسط السلم، يحاول أن يرقص على جميع أطراف المشكلة، ولا يقول الكلمة الحاسمة، مع أن الصحافة كسلطة رقابة عندما تنطق بالحق فهى تعمل لصالح النظام لأنها تنقذه، فمن كوارث هذا النظام أنه صم الإذن وأعمى البصيرة عن قول الأمناء، فلو استفاد النظام وأدرك أن مصر ليست الحزب الوطنى فقط، ولكنها جميع القوى لتدارك أخطائه.
من الشخص الذى تترحم على أيامه سكينة فؤاد؟
النماذج العظيمة التى حققت إنجازات لمصر، فأنا مازلت أذكر لقائى مع عميد الأدب العربى طه حسين وأنا كاتبة صغيرة، وسمعت منه ثناء على لغتى العربية، لدرجة أنى خشيت أن تظهر لى أجنحة وحلق، وطلبت منه وأنا لم أكن كتبت قصة واحدة، إلا أن حلم كتابة القصة كان يداعبنى وأنا طفلة صغيرة، وكنت لى جدة من الحكايات، بطلة قصة" ست عيوش"، وكنا لا نكف عن الحكى معا، فكانت تغرف من مخزون الماضى وأنا أغرف من مخزون خيالاتى، فسألت العميد "هل تقرأ لى قصص سيادة العميد، ليقول بصوته الرخيم وأين هذه القصص، لأقول له سأكتبها بمشيئة الله، فينفجر ضاحكا ويداعبنى قائلا: "أتبعين لى السمك بالماء".
هل أصبحنا مفتقدين للقدوة؟
النسبة قليلة ولكنها موجودة، والرواج للعملة الجيدة، وهناك من المفكرين والمثقفين والعلماء لكننا نزايد على العقل بمزيد من التسطيح والكوميديا الفجة التى نعتمد على تشويه الألفاظ، على عكس كوميديا نجيب الريحانى، وكيف كان يعرى المجتمع وينتقد لسلبياته، ومع ذلك تضحكين حتى الدموع.
هل تباين معدلات توزيع الصحف القومية ينبئ عن وعى شعبى؟
بدون شك فالحركات الاحتجاجية، وجماعات العمل الوطنى أحدثت متغيرات بوعى المواطن، ومن لم يصنع هذا الوعى من خلال ثقافته، فسيكتسبه من خلال الأزمات التى يعيشها، فكيف يثق المواطن الجائع بالنظام، والمواطن الذى يحلم بمكان لابنه بسفينة صيد ولو مات على شاطئ بعيد بدل من الموت بجانبه من البطالة، فنحن شعب يحب من يعطيه بالحق، ورغم محاولات تضليل وعيه يدرك الفارق بين ما يعطى بحق وما يعطى بالاتجار به أو بصوته.
إذن كيف تقرأين تدخل لجان دولية لمراقبة الانتخابات؟
هناك نشطاء مصريون سافروا وشاركوا فى الانتخابات الأمريكية، فمن لا يخفى شيئا لا يخشى أى رقابة من أى مكان، فالحقيقة أن النظام يطور وسائل تزوير ببراعة مطلقة تحسب له، لذا نطالب بتنقية كشوف الانتخابات بالوسائل الإلكترونية المبسطة والمطبقة بالهند، فالهيئة المشرفة على الانتخابات فى الهند مستقلة تماما عن النظام الحاكم لما يمنع التزوير والبطاقة الدوارة، فالمشكلة أننا أمام نظام يحكم ويدير منظومة من ينافسه ويصنع المعركة التى تنافسه ويديرها بنفسه.
هل هذا يمهد لفكره المهدى المنتظر أو المخلص؟
أنا لا أؤمن بالمخلص، ولكنى أؤمن بالقيادة التى تنتمى للشعب، والتى تصنع الخلاص بالشعب، فالمخلص الفرد سوف يتحول لديكتاتور آخر، ونحن نحتاج لدولة مؤسسات وليست دولة المخلص، فإن كنت تتحدثين عن ابن الرئيس وهو المرشح الذى يدفعون به الآن، فأنا لدى تساءل ماذا أنجز الحزب خلال ثلاثين عاما وهل يحتاج لثلاثين عاما أخرى لتنتهى فيهم مصر.
إذن كيف أصبح الحزب الحاكم وهو بلا إنجازات؟
لأنه لا يوجد تداول للسلطة، ولا ديمقراطية حقيقية ولا انتخابات حقيقية، فالجماعات القادرة امتنعت على أن تأتى بمن يصلح لأنها وجدت أن الانتخابات عملية عبثية، فالحزب الحاكم يزور لنفسه ليظل بمكانه، ويجب أن نخوض انتخابات حرة لنرى هذه الأغلبية بعيداً عن أغلبية كرتونة البلح، وليست بحقوق المواطنة ولا عدالتها فهذه أغلبية مزيفة، فليحكِ لنا الحزب إنجازاته فى العلم والتعليم والصحة والمرض، فى بيع الأراضى فى نسب قضايا الفساد، ليته أنجز لكنت أول المصفقين، فلا أحد يريد أكثر من وطن يعود لدائرة المنافسة، فمصر تستحق ما هو أفضل.
لمصلحة من كل هذا؟
ضعف مصر لمصلحة الهيمنة الأمريكية والصهيونية فهم لا يريدون لمصر أى عناصر قوة، وأن تملكى قوتك من أهم عناصر قوتك، فبلد مثل سوريا حينما هددت من قبل الولايات المتحدة بقطع المعونات اكتفت من القمح، والسعودية زرعت قمحا بحجم التكلفة رغم رفض أمريكا فهى أدركت أن هذا أخطر وسائل الهيمنة، ونحن اعتمدنا فى وقت على قمح من السعودية، فالقضية هى الإرادة السياسية المصرية.
عُرفتِ بانتقاداتك لوزير الزراعة المصرى السابق يوسف والى، ما سر هذا الانتقاد؟
لم يكن انتقادات كانت معارك من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتى، وكانت معارك موثقة بشهادات علماء أننا نستطيع الاعتماد على أنفسنا، ونكتفى بمحصولنا، وبآخر أيامه اعترف أن مصر تستطيع أن تكتفى من القمح ووثق كلامه بالأهرام، لكن القضية قضية سياسية، وأمريكا تعتبر قضايا القمح جزءاً من الهيمنة والسيطرة، وهو ما مررنا به 67.
لماذا ترين أن خلاص البلد فى انسحاب الرئيس من الدورة القادمة وترك ساحة للتغيير؟
الرئيس كان شريكا فى صناعة نصر أكتوبر، وفى انسحابه شراكة أخرى فى صناعة نصر جديد حتى تتجدد الدماء وتتداول السلطة، فمن حق الآخرين خارج الحزب الحاكم الحصول على فرصة، وأن تتغير المادة 77 التى تنهى أبدية الحاكم، أن تدار انتخابات حرة تأتى بمجالس نيابية قادرة على صناعة التغيير، الآن وبعد 30 عاما، الحصاد واضح لكل مصرى، وهذا الواقع الذى وصلت له مصر لا يمكن أن يرضى صاحب ضمير.
تخيلى معى لو حدثت انتخابات نزيهة وشارك بها أكثر من مرشح، وفاز مرشح الحزب الحاكم، ماذا يعنى هذا؟
مرشح الحزب هو مرشح مزور وجزء من عملية التزوير، أعطنى انتخابات حرة لأثق أن القادم جاء عبر إرادة الشعب، وهذا لن يأتى إلا بابتعاد الحزب عن التزوير فهذا ما يمارس.
لماذا دافعتِ عن حملة طرق الأبواب، ووصفتها بأنها المولود الشرعى لمصر؟
لأنها تنشر الوعى بحق المصريين فى التغيير، والتأكيد على المشاركة فى صناعة المستقبل.
كيف تقرأين الصراع المصرى المصرى "حكومة وشعباً"؟
الاستعمار كان يرفع شعار "فرق تسد"، والمأساة أنه تحول بعض الحكم إلى استعمار، عندما لا ينجز نجاحات حقيقة، فبدل من الاشتباك مع الحكومة مطالبه بحقوقه فيجعله يشتبك فى معارك جانبية.
هل تقبلين المشاركة بكوتة المرأة؟
لا طبعا، لأنه لا الرجل ولا المرأة يمكن أن يدخل البرلمان عبر انتخابات حرة، فالكوتة جزء من دعم الحزب لنفسه والحصول على الأغلبية للسيطرة على مجلس الشعب.
لماذا رفض حزب الجبهة الحوار مع الإخوان المسلمين؟
الحزب لا يرفض الإخوان، فلا يمكن تجاهلهم كمصدر قوة، لكن هناك نقاط خلاف حول قضايا الحكم والأقباط والمرأة، ونحن نحتكم للأغلبية.
إقبال بركة: تحويل الأزهر لجامعة عامة نوع من التفرقة العنصرية واضطهاد للأقباط.. ومصر فقدت هيبتها بين الدول العربية وبمنتهى السعادة.. وكلنا مذنبون ولا يوجد ما يسمى بالحكومة.. وجمال لا يمكن أن يشترى حب الشعب ولا ولاءه.. ولست متصالحة مع هذا المجتمع وطبيعى أن أكرهه ويكرهنى
سيدة عشقت بلاط صاحبة الجلالة، زهدت به، فأعطاها من نبعه حكمة للرأى ورجاحة للفكر، زادها العلم وزادها قلم وكتاب، سيدة صاحبة وجهة نظر فى "العيشة واللى عايشنها"، فضلا عن كونها قتالية ناضلت فى الدفاع عن حق المرأة، هى سيدة جريئة فى آرائها، صادمة أحيانا ومثيرة للجدل أحيانا كثيرة، هى الكاتبة والصحفية والإذاعية إقبال بركة "اليوم السابع" تحاور معها وتنقل معها فى محطات مختلفة من محطات حياتها ببلاط صاحبة الجلالة
"زهدت الحديث والأحاديث التليفزيونية ولا عايزة اطلع فى تليفزيونات ولا مجلات"، هكذا بدأت الأستاذة إقبال حديثها معنا لتعلن للمرة الأولى عن زهدها من البلاط الملكى، وعندما سألناها عن السبب شرحت صدرها وجالت بالقول والحديث.
من أين أتى كل هذا الزهد أهو شعور بالإشباع بعد مشوار طويل من العطاء ببلاط صاحبة الجلالة؟
تضحك وتقول: "بل من دراسة متأنية وعميقة جدا لتاريخ الأدب الإنجليزى والأدب العربى، حتى اكتشفت أن شهرة الكاتب شهرة مزيفة جدا، فهناك كتاب وشعراء كانوا فى قمة شهرتهم وتوهجهم والآن لا يذكرهم أحد، فبمجرد أن يموت الفرد ينطفئ هذا التوهج، فكثير من الكتاب العمالقة غير معروفين، فللأسف نحن بلاد غير قارئة، على عكس البلاد النامية فالشباب يعشق الكتابة حتى المتسكعين منهم لو ناقشته تجديه موسوعة ثقافية ومن أمهر القراء".
إذن هل تحويل الأعمال الأدبية لمرئية محاولة لتثقيف الشارع المصرى، وتعريفه بآدابه؟
لا هذا إفلاس فكرى لا محالة، فهو دليل قاطع على انعزال هؤلاء السينمائيين والمؤلفين عن الواقع، فالواقع الآن يعطى ألف رواية وألف قصة، لذا يسرق من غيره، على عكس ما مضى فجميع الأفلام السينمائية المقتبسة من روايات لكبار الكتاب كانت روايات واقعية من الحياة، لذا لاقت نجاحا باهرا.
ولماذا نهرب من واقعنا؟
لأنه واقع كئيب، ملىء بالكذب والنفاق، والشعب المصرى الآن تصالح أن يكذب على العالم كله ويصدقون هذا الكذب، فالمظاهر الآن أصبحت أهم من الباطن دون التقيد بأخلاق أو دين، فضلا عن تبجح الكثيرين على الكاتب والهجوم عليه دون أساس لمجرد الجدل وهم قد لا يملكون عشر أعشار ثقافته، وهو سبب من أسباب توجه معظم الكتاب للخيال والبعد عن الواقع.
هل هذا يفسر توجه الكتاب للربح المادى لتفادى النقد اللاذع من جمهور أو نقاد؟
لا يوجد نقاد أدب بمصر أبدا، هم نقاد سينما وأغلبهم صحفيون يقومون بتغطية حدث، أما النقد الفنى المدروس القائم على أسس سليمة غير موجود بالمرة، والجميع يسعى للربح المادى ومن يقول غير هذا كاذب أولهم أنا شخصيا.
ألا تجدين فى التعميم نوعاً من القسوة؟
نحن للأسف الشديد أصبحنا فى عصر المادة إلى الآن "ما قبلتش حد مش عايز"، فالكاتب زمان كان يستعين بالاحترام والهيبة، فقيمة عمله أعلى من الفلوس كالعقاد، اليوم القامة لا وجود لها بعد تبجح الكثيرين على أصحاب القامات الأدبية والفنية دون حجة مبينة، من إسفاف فى الرد والتعليق المهين على أعمالهم.
هل هذا يدل على كبت رجل الشارع وعدم قدرتها على توجيه آرائها؟
بالضبط هذه نقطة، فالكبت يولد الانفجار ونحن فى مرحلة الانفجار، فتجدى قامة كبيرة تهان من القراء بشكل فج، فضلا أن فاقد الشىء لا يعطيه فالمواطن لا يجد احتراما لنفسه فى بلده، ولا يحصل على تعليم يؤهله للعمل، فالبداية تأتى من المدارس، فهى تحصيل حاصل.
ماذا عن مدينة إسكندرية؟
أنا ولدت بالقاهرة بحى الظاهر بمصر القديمة، ووالدى إسكندرانى فكنا نقضى الصيف كله بالإسكندرية، وبعد بلوغ والدى سن المعاش كان يتمنى الرجوع لبلده التى يعشقها فاقترحت عليه أن التحق بجامعة الإسكندرية، فجامعة الإسكندرية كانت بعصرها الذهبى، وكان من زملائى العديد من الفنانين والنجوم الحالين، كمحمد نوح، وسمير عبد العزيز، والمخرج محمد فاضل، ونور الدمرداش، ووحيد سيف والمشاغب سمير غانم كان مشهورا جدا بالجامعة وموهوباً جدا.
حصلتِ على ليسانس الآداب فى اللغة والأدب الإنجليزى جامعة الإسكندرية، بالإضافة ليسانس الآداب فى اللغة والأدب العربى من جامعة القاهرة، لماذا صممت على دراسة الأدب العربى؟
كان لها قصة، فرواياتى الأولى "ونظل أصدقاء للأبد" كتبت عنها أشهر مجلة أدبية فى العالم العربى وقالت "الكاتبة التى ذبحت سيباوى"، فكنت أعانى أخطاء لغوية فادحة، والناشر لم يوف بوعده بعرض الرواية على مصحح قبل نشرها، وأنا كنت ضعيفة باللغة العربية نتيجة دراستى للإنجليزية، واستغراقى فى تعلمها، فكنا نقرأ لشكسبير وروايات بالإنجليزية بحجم المجلدات، وبعد نشر الرواية استضفت فى ببرنامج "براعم تتفتح"، وكان الضيف الكاتب عبد المنعم تليمة ومدح بروايتى مدحا عظيما ونصحنى بدراسة اللغة العربية، وسهل لى الالتحاق بكلية الآداب قسم عربى بجامعة القاهرة.
هل كنتِ متزوجة؟
كنت زوجة وأما لطفلين، ابن بالإعدادية وابنتى بالابتدائية.
ماذا عن الصعوبات كيف تتغلبين عليها؟
كان عندى الرغبة فى التعلم، واحترامى وحبى للأساتذة كان من أكبر الدوافع، فضلا عن دور زملائى، وتكمل ضاحكة: "فكان من زميلاتى جيهان السادات بجامعة القاهرة".
ما شكل العلاقة بينك وبين سيدة مصر الأولى هل كنتما أصدقاء؟
لا بالعكس، أنا كنت يسارية وضد معاهدة كمب ديفيد ورافضة لأسلوب السادات، وكنت أتجاهلها تماما، وبالكاد تبادلنا كلمات قليلة، إلا أنه بعدما توفى السادات أصبحنا صديقات جدا، فهى سيدة لطيفة جدا وذكية وثقفت نفسها بشكل رائع، فبجيلها لم تدخل الفتيات الجامعة، الحقيقة أنا أفتخر بها وآراها نموذج مشرف للمصريات.
وماذا عن ذكريات الجامعة حدثينى عن أكثر موقف لا يمكن أن تنسيه؟
تضحك مجددا وتقول: "هقولك على شىء كنت يفتخر بيه، أنا كنت بمثل بجامعة إسكندرية واختارنى محمد فاضل شخصيا بطلة مسرحية كلية زراعة، كانت من أسعد فتراتى وسمير غانم ظهر فى مشهد واحد، لكنه لما اتخرج واشتهر بثلاثى المسرح عرض على الانضمام معهم، لكنى كنت انجذبت لعالم الصحافة".
عملت بالعديد من المهن قبل التوجه لبلاط صاحبه الجلالة، ما سر هذا التحول؟
أنا بحب أعيش الحياة، وعندى حب الاستطلاع، ومن يوم ربنا ما خلقنى وأنا صحفية، والكل كان يتنبأ لى بأنى سأكون صحفيه مشهورة، وعندما مارستها أحبتتها وهى أحبتنى جدا، وبسن مبكرة جدا كانوا يستضيفوننى بالتليفزيون، وكانت سامية الأتربى تأتى المنزل وتطلب منى أكون ضيفه فى برامجها.
حدثينى عن فترة العمل الإذاعى وكيف تقرئين حال الإذاعة الآن؟
فى البداية كنت أبحث عن نفسى، كنت أكتب بمجلة "صباح الخير"، وعملت بالإذاعة لإتقانى اللغة الإنجليزية بعد إلحاح من صديقه لى وبالفعل دخلت الامتحان وكنت الأولي، والإذاعة طول عمرها أرقى من التليفزيون، لأن التليفزيون يعتمد على الشكل، على عكس المذيع الإذاعى فهو يتطلب الثقافة واللباقة وإجادة مخارج الصوت.
من الشخص الذى تدين له إقبال بالفضل؟
كثيرون سناء منصور، درية شرف الدين، فهما كانا من قمم الإذاعة وتحولوا للعمل الصحفي، ولويس جريس أعتز به جدا كأستاذ وكانت تجمعنا صداقة جميلة، وكنت أذهب له مكتبه وأجلس معه.
حدثينى عن المناخ الصحفى الذى بدأت فيه وهل اختلف هذا المناخ الآن؟
الجو كان هادئا، فكنت أجلس مع توفيق الحكيم ونجيب محفوظ وأباظة فى جلسة واحدة وأسمع حديثهم وأتعلم، وكنت أنهل من نبع المعرفة والثقافة والخبرة وكانوا يسعدون جدا بهذا، بل وأكثر من هذا "كانوا يندهوا عليا علشان أقعد معاهم، عمرى ماتخيلت أنى فرد منهم فدائما أعتبر نفسى تلميذة".
وماذا عن الوضع الصحفى الحالى؟
نحن الآن فى سوق عكاظ، زحمة، ورؤساء تحرير الصحف خاصا الصحف الخاصة كل منهم يريد أن يصبح نجم تليفزيون، فلا تجدى أحدا منهم إلا وله برنامج تليفزيون "إبراهيم عيسى وائل الإبراشى، مجدى الجلاد"، على عكس الصحف القويمة قليل جدا منهم له علاقة مباشرة بالتليفزيون،"ماعندهومش وقت، هيجيبوا وقت منين، التليفزيون يستقطع وقت كبير".
هل هذا يعنى تفضيلك للسياسة التحريرية للصحف القومية عن الخاصة؟
الحقيقة لا يوجد فرق كبير بين الصحف القومية والخاصة، مش هنضحك عل نفسنا، الصحف القومية اليوم تنافس الصحف الخاصة فى نقد الحكومة ونقد الوزراء والبحث عن العيوب والسلبيات وإلقاء الضوء على السلبيات، اشتعلت بينهم المنافسة
منافسة شريفة أم غير شريفة؟
الصحف القومية علاقتها ألطف بالوزراء والمحافظين، فهم يشعرون بدفء بها، فالنقد يكون "بحنية" وليس نقدا شرسا كما هو الحال بالصحف الخاصة، فرؤساء تحرير الصحف الخاصة يردون أن يصبحوا زعماء، كل منهم يريد أن يكون جمال عبد الناصر ويقولوا خطباً.
ماذا عن معاركك الصحفية وأعداء النجاح وكيف كان رد فعلك حينها؟
معاركى الصحفية سبقت كل هذا الجيل، فكل ما يقال على الساحة الآن سبق وناقشته، فكنت أكتب بابا أسبوعيا ثابتا بروزاليوسف بالثمانينات فى الوقت الذى كان فيه رؤساء تحرير اليوم بالثانوى، اسمه فضفضة، وكان بطلب من محمود التهامى رئيس مجلس إدارة "روزا"، وانتقدت به الأوضاع السلبية بمصر بمنتهى الجراءة، وكنا ثلاثا فى مصر معروفين بجراءة الحديث "فيليب جلاب وعادل حمودة وإقبال بركة".
وهل تلك الجراءة تسببت لكِ فى متاعب؟
أيام رئاسة عادل حمودة ل"روزاليوسف" تمتعنا بمساحة حرية كبيرة بالجريدة، وكانت بداية النقد السياسى القوى، وعادل حمودة من أقطاب مدرسة النقد ومازال إلى اليوم، ويرجع له الفضل على عدد كبير من كتاب اليوم، شجعهم وأعطاهم مساحة بروزا للكتابة، كوائل الإبراشي، إبراهيم حجازى.
صحافة المرأة هل أصبحت أكثر نضجا الآن؟
مازلت صحافة المرأة محافظة على نضجها، ولا يوجد ما يسمى بالتراجع، فنحن لا نرجع إلى الخلف، فالخلف كان أسوأ من السوء، ولكننا نسير بخطوات بطيئة، والزمن يسير إلى الأمام، ولو صدقت على تلك المفاهيم إذن فقد فشلنا جميعا، لكننى أعتبر أن كتاباتى منذ منتصف السبعينات صنعت موجة من الوعى، لأنه لم يكن هناك اضطهاد للمرأة.
لك فلسفة خاصة عن وضع المرأة فى الإسلام حدثينى عنها؟
ببداية عملى الصحفى كان هناك هجوم شرس على المرأة، تحديدا بعد نكسة 67، على السنة أئمة المساجد والتى بدأت مهاجمة المراة لخروجها للعمل واختلاطها بالرجال، مع أنه أمر طبيعي، وزاد القول حول ضرورة لبس المرأة الحجاب ورجوعها للمنزل، فانغمست فى القراءة الدينية حتى أدرك ما إذا كانوا على صواب أم لا.
وهل المرأة أصبحت تأخذ حقها؟
المرأة تأخذ حقها وزيادة لكنها جبانة، وانتهازية، متصورة أنه باستسلامها ستنتصر، بعد تعرضها لموجة عاتية من الهجوم، وهن لا قبل لهن بمواجهتها، فهى مسألة تحتاج لقدر كبير من الشجاعة والتحمل والصبر من مهاجمة السفهاء، وتقهقرها لن يؤتى بأى نتيجة.
يا ترى شايفة البلد رايحة فين؟
و"أنا مالى"، "أنا سيدة أيامى فى الدنيا معدودة الدور على الشباب، كان الله فى عونهم، فموجة التراجع والاستسلام شائعة بهذا الجيل"
ولماذا تغيرت تركيبة المجتمع كل هذه الدرجة؟
الظروف الاقتصادية أولا واقتصادية ثانيا واقتصادية ثالثا، سواء نتيجة غناء فاحش بعد هجرة الكثيرين للخليج، أو نتيجة للظروف الاقتصادية الطاحنة، لكن جزءا من المأساة انعدام ولاء الأشخاص لمصر، وارتفاع نسبة الجحود بين الناس، خاصة بعد وفاة عبد الناصر وموت هيبة مصر.
هل مصر الآن بلا هيبة؟
طبعا فقدتها فى أفريقيا، وفقدتها بين الدول العربية، وبمنتهى السعادة والرضى.
إقبال معروفة بإثارتها للجدل الواسع لآرائها المتحررة والصادمة أحيانا ألا يقلك ما تتعرضين له من هجوم؟
أنا لست متصالحة مع هذا المجتمع، أعرف عيوبه وأرى ما به من غيرة ونفاق وكذب، شىء طبيعى أن أكرهه ويكرهنى.
انقسام الشارع المصرى للعديد من التيارات السياسية، هل هذا الحراك دليل على اتساع سقف الحرية بمصر أم فشل الدولة فى احتواء طاقات الشباب وترشيد توجهاتهم؟
تلك الحركات تعتبر إرهاصات طيبة ولو استمرت فستنبئ عن مستقبل مصرى مبشر، لكن يجب أن ندرك أننا لا نملك حرية، لا حرية سياسية ولا اقتصادية ولا اجتماعية، ولا حرية دينية أو فكرية، وأكبر دليل قضية "الفتاة المسيحية كاميليا"، ولكن سقف التعبير هو من ارتفع، السماح بالكلام، وهى بداية مش بطالة، فما يحدث اسمه "انفلات"، كحال طبقة الصفوة فهؤلاء دائما غير منتمين للشعب.
ما سبب هذا الانفلات أهو أزمة فى الخطاب الدينى أم ماذا؟
سببه جهل بالدين، وهذا بسبب إهمال الدولة دراسة الدين بالمدارس، وتحول الأزهر لجامعة عامة فحدث نوع من التشتت، وحدث ابتعاد عن دراسة ومعرفة الدين الصحيح، أنا شخصيا ضد تحويل الأزهر لجامعة عامة هذا تعصب ضد الأقباط ونوع من التفرقة العنصرية، فالأزهر جامعة لا هوية له منذ أن نشأ، لماذا إذن يدرس علوم مدنية، ومن وقتها انهارت الدراسة الدينية، وتخرجت أجيال "لاهى مدنية ولاهى دينية"
هل تؤمنين أن مصر مازالت ولادة وتستطيع إخراج كوادر مؤهلة لإدارة البلد، فى ظل انحصار المستوى العلمى والدينى والثقافى؟
هناك توقف وعدم مواكبة، فلا تنسى أننا كنا سابقين كل العالم، ولفترة طويلة كانت لنا الريادة، بعضهم حصلنا والبعض سبقنا، لكن كلنا مذنبون، فلا يوجد ما يسمى بأن المسئولية الأولى والأخيرة تقع على الحكومة، ولو كانت الحكومة مخطأة فنحن من أعطاها الفرصة.
بعد الاعتزال كيف تقضين يومك؟
أنا يومى مشغول جدا، أحب قراءة الصحف فهى تستنزف وقتى لكثرتها، وأقوم أيضا بالقراءة، وأقضى مزيدا من الوقت فى التواصل مع الناس على الإنترنت، عن طريق ال"فيس بوك"، أتحدث معهم ونتبادل وجهات النظر.
وهل يمكن أن يكون للإنترنت دور فى الحراك السياسى؟
الحراك السياسى بمصر يحتاج لقيادات توجهه، فللأسف جميع القيادات المصرية الحالية كل منهم يريد أن يصبح زعيما، لكن لو أتحدت هذه القيادات نستطيع إنقاذ البلد، وغير ذلك قولى على مصر السلام، فعندما توحدت جميع القيادات تحت راية سعد زغلول ارتفع شأن مصر جدا، كذلك مع جمال عبد الناصر، وقتها عشنا عصرا ذهبيا من الفنون لا يمكن أن يعود، لكن منذ بداية حكم السادات والتجرؤ عليه سادت الفوضى، فلابد من قيادة مخلصة تستفيد من خطأ عبد الناصر أنه لم يسمح بالحرية، وخط السادات أنه لم يستشر وخلق روح التطرف الدينى بمصر، الآن مبارك أصبح متباعدا عن الشعب ولا يريد الاستجابة معهم، وأصبح غير موجود، نحن اليوم بلا قيادة سياسية، أين أنت يا مبارك!؟
هل يمكن أنه يمهد للانسحاب من الانتخابات القادمة وتمهيد الفرصة لغيره بين قوسين "نجله جمال مبارك"؟
أرى أن هذا مبالغة، وأعتقد أن جمال كأى مواطن مصرى له الحق فى الترشح، بالطبع هو مستفيد كونه نجدل الرئيس، لكنه لا يمكن أن يشترى حب الشعب ولا ولاءه.
هل أنت شخصيه متفائلة؟
جدا، وهو سر نجاحى، وسر حقد الكثيرين، دائما أنظر للكوب بأكمله، لكن علينا أولا كطبقه متوسطة أن نصلح من أنفسنا قبل التحدث عن أخطائنا، فالطبقة المتوسطة اليوم هى من تنهار وليست بأيدى الحكومة.
سناء البيسى
ماما نعم
سكينة فؤاد
إقبال بركة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.