تشهد الدائرة الثالثة بمحافظة الأقصر، ومقرها مركز إسنا، واحدة من أكثر المعارك الانتخابية سخونة في سباق انتخابات مجلس النواب 2025، بعدما احتدم الصراع بين 24 مرشحًا يتنافسون على مقعد واحد، في مشهد يعكس حالة من الشراسة والتحدي غير المسبوقين في تاريخ المنافسات الانتخابية بالمنطقة. تعد إسنا من أكبر دوائر محافظة الأقصر من حيث الكثافة السكانية والامتداد الجغرافي، وهو ما جعلها دائمًا ساحة انتخابية مشتعلة، تتقاطع فيها التحالفات القديمة مع الحسابات الجديدة، وسط حضور قوي ومؤثر للقبائل والعائلات الكبرى التي تمتلك ثقلًا اجتماعيًا قادرًا على ترجيح كفة أي مرشح. ويرجع اشتعال المنافسة في إسنا إلى الطبيعة القبلية الواضحة للمجتمع المحلي، حيث تتكتل العائلات لدعم أبنائها المرشحين بدافع الانتماء القبلي قبل أي اعتبارات سياسية أو حزبية. وباتت التحالفات القبلية العنصر الأكثر تأثيرًا في خريطة المنافسة، إذ يعكف كل مرشح على توطيد علاقاته داخل العائلات الكبرى، ومحاولة كسب الأصوات من خلال الروابط الاجتماعية والعلاقات الشخصية أكثر من الاعتماد على البرامج الانتخابية. وفي ظل اقتراب موعد الاقتراع، تشهد الدائرة تحركات مكثفة واجتماعات عائلية متتالية، في مشهد أشبه ب"حرب انتخابية" صامتة، يتسابق فيها المرشحون لكسب التأييد عبر الزيارات الميدانية واللقاءات القبلية، فضلًا عن الحملات الدعائية المكثفة التي تغزو الشوارع والميادين. وتشير التقديرات الميدانية إلى أن الصوت العائلي والقبلي سيكون الحاسم في تحديد الفائز بالمقعد، خصوصًا في ظل تعدد المرشحين وتوزع الأصوات على كتل قبلية متفرقة، ما يجعل نتيجة المعركة مفتوحة على كل الاحتمالات حتى اللحظة الأخيرة. ويرى مراقبون أن المال الانتخابي بدأ يلعب دورًا في بعض المناطق، حيث يسعى عدد من المرشحين إلى تعزيز حضورهم وسط الناخبين من خلال المساعدات والخدمات المباشرة. في المقابل، يركز آخرون على الرمزية الاجتماعية والوجاهة القبلية، معتبرين أن التمثيل البرلماني في إسنا لا يقاس بالبرامج السياسية بقدر ما يقاس ب"مكانة العائلة" و"رصيدها التاريخي" في المجتمع المحلي. ومع استمرار حالة الحشد والتحفز، تبقى الصورة في دائرة إسنا غامضة ومفتوحة على أكثر من سيناريو، في ظل احتدام المنافسة بين المرشحين المستقلين المنتمين لعائلات كبيرة. ويرجح مراقبون أن تشهد الدائرة مفاجآت في اليوم الأخير من التصويت، خاصة مع تغير موازين التحالفات في اللحظات الحرجة.