"تعليم دمياط" تفتح ملف صرف مستحقات رصيد الإجازات في ورشة عمل    ضمن «تمكين».. جامعة بنها تنظم ورشة تدريبية عن ريادة الأعمال لذوي الهمم    "تعليم القاهرة" تدعو الطلاب لضرورة الاستفادة من المنصة اليابانية    «تطوير التعليم بالوزراء» يعلن إطلاق برنامج مجاني لتعلم اللغة الإيطالية لتأهيل الشباب لسوق العمل الدولي    عمرو الورداني: أصحاب الهمم باب من أبواب النصر والرحمة في المجتمع    بنك الاستثمار القومي يخفض حصته في «إيجيترانس» إلى 18.3%    «الأوقاف»: تعديل القيمة الايجارية لأملاك الوقف    الجريدة الرسمية تنشر قرار اعتماد تعديل مخططات تفصيلية ل5 مدن بالقليوبية    مشتريات عربية وأجنبية تقود صعود مؤشرات البورصة بمنتصف التعاملات    حماس: سلمنا جثمان أسير إسرائيلي ونواصل إنهاء الملف بالكامل    حصيلة إصابات الحرب على غزة تتجاوز 171 ألفا    ترقب أمريكى لزيارة بوتين للهند.. توقعات باتفاقات دفاعية وتسهيل التجارة    عبد الرحيم علي ينعى شقيق الكاتب الصحفي إسلام عفيفي    كأس العرب 2025.. ثنائي مصر وعلي معلول في التشكيلة المثالية للجولة الأولى    عبور مئات الشاحنات المحملة بالمساعدات الإنسانية من معبر رفح لإغاثة قطاع غزة    ترامب: بوتين يرغب فى إنهاء حرب أوكرانيا.. واجتماع موسكو كان جيدا    كورتوا: ريال مدريد محظوظ بمبابي    توروب يبدأ التحضير لمواجهة إنبي بخطة شاملة وتجهيزات خاصة في الأهلي    بعد مصدق.. مغربي جديد يهدد الزمالك بفسخ التعاقد    الكشف عن الموعد الجديد لنهائي كأس ليبيا على استاد القاهرة    غنام محمد على رادار الأهلي تمهيدا لرحيل ديانج في يناير    الداخلية تضبط 12 متهما باستغلال الأطفال في أعمال التسول بالقاهرة    الداخلية تضبط شخصين بحوزتهما كروت انتخابية بمحيط لجان فى طما    الإسكندرية تشهد طقسا خريفيا مع بداية نوة قاسم    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى أوسيم دون إصابات    الأطفال افتكروه لعبة.. وصول لجان من البيئة والطب البيطرى لمتابعة تماسيح الشرقية    معرض القاهرة الدولي للكتاب يطلق جائزة نجيب محفوظ بقيمة 500 ألف جنيه    مراسلة "إكسترا نيوز": إقبال كثيف منذ اللحظات الأولى لفتح اللجان بإمبابة    "آثار القاهرة" تنظم ندوة علمية حول النسيج في مصر القديمة واتجاهات دراسته وصيانته    هل بول القطط نجس؟ وحكم الصلاة فى المكان الملوث به.. الإفتاء تجيب    مباحثات مصرية - بريطانية لتعزيز الاستثمارات في مجال الرعاية الصحية    جامعة أسوان تطلق القافلة السنوية لجراحة تجميل الأطفال بالمجان    لماذا يرتفع ضغط الدم فى الصباح وكيفية التعامل معه؟    حصر مخالفات العمالة في منشآت كبرى وإصدار إنذارات ومحاضر لعدم الالتزام بالقانون    وزير الكهرباء يبحث مع «أميا باور» الإماراتية التوسع في مشروعات الطاقة المتجددة    موعد صلاة الظهر..... مواقيت الصلاه اليوم الخميس 4ديسمبر 2025 فى المنيا    اسعار المكرونه اليوم الخميس 4ديسمبر 2025 فى محال المنيا    المعرض الدولى الرابع للصناعات الدفاعية ( إيديكس - 2025 ) يواصل إستمرار فعالياته وإستقبال الزائرين    وزير التنمية المحلية: تنفيذ 57 حملة تفتيش ميدانية على 9 محافظات    طرح برومو ملوك أفريقيا استعدادًا لعرضه على الوثائقية الأربعاء المقبل    محكمة جنح أول الإسماعيلية تؤجل نظر محاكمة والد المتهم بجريمة المنشار    أسيوط.. العثور على جثة مواطن وابنته بترعة الإبراهيمية عقب اختفائه وأبنائه الأربعة في ديروط    الحقيقة الكاملة حول واقعة وفاة لاعب الزهور| واتحاد السباحة يعلن تحمل المسئولية    مصر تقيم احتفالية كبرى لوزراء البيئة وممثلي 21 دولة من حوض البحر المتوسط    تحقيقات عاجلة بعد اعتداء على ممرضة في مستشفى الفيوم العام    الصحة: مباحثات مصرية عراقية لتعزيز التعاون في مبادرة الألف يوم الذهبية وتطوير الرعاية الأولية    بيراميدز يخسر جهود زلاكة أمام بتروجت    رمضان 2026| سوسن بدر تتعاقد علي «توابع »ل ريهام حجاج    اليوم الثاني للتصويت بالبحيرة.. إقبال لافت من الناخبين منذ فتح اللجان    استمرار الغلق الكلي لمحور 3 يوليو.. تعرف على البدائل    هل وجود الكلب داخل المنزل يمنع دخول الملائكة؟.. دار الإفتاء تجيب    لو عندى نزلة برد أعمل إيه؟.. الصحة توضح خطوات التعامل والوقاية    اللهم إني أسألك عيش السعداء| دعاء الفجر    دولة التلاوة.. المتحدة والأوقاف    حلمي عبد الباقي يكشف إصابة ناصر صقر بمرض السرطان    محمد رجاء: لم يعد الورد يعني بالضرورة الحب.. ولا الأبيض يدل على الحياة الجميلة    وزير الثقافة يُكرّم المخرج القدير خالد جلال في احتفالية كبرى بالمسرح القومي تقديرًا لإسهاماته في إثراء الحركة المسرحية المصرية    كأس إيطاليا – إنتر ونابولي وأتالانتا إلى ربع النهائي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حمزة علاء الدين.. أبو الموسيقى النوبية ''المجهول'' (بروفايل)
نشر في مصراوي يوم 17 - 04 - 2014

في إحدى الليالي الحارة، بينما يكتنف الهدوء قرية ''توشكى'' القريبة من وادي حلفا في السودان، كان صوتا ما يصدر من أعلى الجبل الذي يتوسط القرية، يخرج على إثره الأهالي من منازلهم ملتحفين بالفزع والاندهاش، يصعدون الجبل لمعرفة مصدر الصوت، ليجدوا الطفل ''حمزة علاء الدين'' ممسكا ب ''الطار'' النوبي، منغمسا في حالة من النشوة وهو يُصدر موسيقى غير منتظمة، مشهد يليق ببداية موسيقي ومطرب نوبي سيصبح فنه ذات يوم ملئ السمع والبصر في دول العالم.

''الخوص'' كان رفيقه الدائم في صغره يضعه بين راحتيه برفق، يحوله إلى آلة أشبه ب ''العود'' وينطلق به في قريته يجمع تفاصيلها في ذاكرتها، الجبال والنيل، البيوت والبشر، الأصوات من حوله التي فجرت فيه حبه للموسيقى، الأغاني النوبية التي يشدوا بها الجميع في الأفراح، وجد الفتى ضالته في هذا العالم فأصبح مولعا به وأخذ يتقدم خطوة تلو الأخرى مُعلنا عن سطوع نِجمه ''بدأ يغني في أي تجمعات نوبية والناس تِحب صوته'' يقولها المطرب كرم مراد ابن شقيقة ''علاء الدين'' بينما تلوح في عينيه علامات الفَخر.

القاهرة كانت محطة جديدة في رحلة ''علاء الدين''، انتقل إليها باحثا عن فرصة حقيقة ليصل فنه إلى الجميع، لكن رغبة الأسرة جنحت بأحلامه إلى دربا أخر ليصبح مهندسا للكهرباء في سكك حديد مصر، لكنه سرعان ما يغير وجهته، ويعود لحنينه الأصلي..فبدأ بدراسة الموشحات، وفَرد جناحيه وأنطلق في مساره المُحبب وتعلم آلة العود والموسيقى العربية بمعهد الملك فؤاد، وخفق قلبه بقوة عند سماع صوته عبر إذاعة السودان التي طلبت منه تسجيل الأغاني النوبية ''بقى المطرب النوبي رقم واحد.. وسجل عدد كبير من الأغاني في الإذاعة السودانية''.

بالترحاب والموافقة تلقف ''علاء الدين'' عروض سفره للسودان وانضمامه للإذاعة، عاش هناك لفترة وبدى في أحسن حالاته وتشوقه لتطوير موسيقاه أثناء زيارة وفد إيطالي للإذاعة فارسلوا إليه منحة لتعلم الموسيقى في إيطاليا.. الأحداث كانت متلاحقة وطموحه يدفعه إلى مزيد من المغامرة، لم يخشَ السفر وقرر أن يصنع اسما له ولبلاده النوبة ''من السودان لإيطاليا لأمريكا.. طموحه كان كبير وعنده ثقة إن امكانياته عالية جدًا''.

بداخل كواليس المسرح جلس الفنان القادم من جنوب مصر صامتا يحتضن عوده، يخفي رجفة تسري في جسده، فبعد لحظات سيصعد أمام 34 ألف مستمع، في أولى حفلاته أمام الجمهور الغربي بمهرجان ''نيوبروت للفنون الغنائية الإثنية'' عام 1964، همس أحد المنظمين في أذنيه معلنا ضروره استعداده، ثم دُفع على خشبة المسرح، هاله ما رأه من الأعداد الغفيرة للجماهير، أمسك بعوده، حاول أن يتماسك، أغمض عينيه، وأخذ يعزف واندمج مع موسيقاه، لكنه شعر بهدوء تام يجوب المكان، تملكه الخوف، ظن أن الجمهور لم يحب فنه، فتح عينيه ليجدهم مستمتعين بأدائه، أراد لحظتها أن يُطلق صرخة انتصار لكنه لم يفعل ''شعرت بإعجابهم بما قدمت.. بعد أن ظننت أنهم غادروا المكان أو ناموا'' من كلمات ''علاء الدين'' في حديثه عن تلك اللحظة الهامة في تاريخه.
حَمل ''علاء الدين'' على عاتقه حفظ الموسيقى النوبية من الاندثار وخاصة بعد تهجير النوبيين من أرضهم في الستينات لبناء السد العالي، فتغلفت إصداراته الفنية بموسيقى النوبة بداية من ألبومه الأول ''موسيقى النوبة'' الذي ذاع صيته في أمريكا وأوروبا ليقدم ألبومه الثاني ''إسكالية'' وتعني الساقية النوبية ''عَمل نوع جديد من المزيكا.. مَزج بين الموسيقى النوبية والمقامات الشرقية'' الأمر الذي اعتبره ''مراد'' ابن شقيقته أمرا فريدا في عالم الموسيقى.

منحة لمدة عام إلى اليابان تحولت إلى حياة كاملة استغرقت من عمره عشرة سنوات، وجد ''علاء الدين'' الراحة مع المجتمع الياباني وتزوج منهم، وانخرط في استكمال مسيرته الموسيقية التي ظهرت في 14 اسطوانة تحمل نكهة موسيقاه، شارك في العديد من المهرجانات الدولية، وعزف مع أشهر الفرق الموسيقي، وأصدر ألبومه الأخير ''أمنية'' عام 1999، وسط تجاهل تام من بلاده طوال أعوام تألقه، فلم تحتفِ به السلطة كما كانت تتعامل مع غيره من الموسيقيين والمطربين، اللهم إلا دعوة من وزارة الثقافة المصري ومنظمة اليونيسكو له في افتتاح المتحف النوبي ''يمكن بُعده عن البلد هو اللي خلاه مش معروف هنا.. لكن مصر كانت دايما جواه''.

زيارة كل 4 سنوات لبلاد النوبة كانت ضرورية لشحذ الذات وتطهير الروح، يلتقي أسرته لينعم بمحبتهم، يُغني لهم في جلسات السمر وفي أفراحهم، وينقل معاناتهم بعد التهجير عبر أغانيه لكل العالم، وفي طريق العودة يشتري كل الصحف التي تقابله ''بقعد أشم فيها ريحة الوطن 4 سنين''، وفي إحدى الزيارات يتعلق قلبه بقصيدة كتبها الشاعر ''سليمان غريب'' في إحدى الصحف فقام بتلحينها لتخرج إلى النور رائعته ''لو جيت في يوم أرسمك''.

''أنا عصفور بقلب أبيض وألف لسان.. أطير على الكون أغني للسلام للحب للإنسان.. في كل مكان'' مقطع من (مليش عنوان) إحدى أغاني الفنان النوبي، كأنه يصف نفسه، ترحاله بين بلاد النوبة والقاهرة وأمريكا وبلاد أوروبا واليابان، رحلة طويلة خاضها ''أبو الفن النوبي'' من أجل تحقيق حلمه في نشر الفن النوبي قبل أن يغادر الحياة في مايو 2006، ويُدفن في ضاحية ''نافاتو'' بمدينة سان فرانسيسكو، وسط اهتمام إعلامي كبير في دول العالم عدا بلاده مصر ''اليابان في الذكرى الأولى لوفاته عملت احتفالات عشر أيام وفاءً لذكراه.. لكن البلد هنا لا حس ولا خبر''.

للاستماع لمزيد من أغاني ''حمزة علاء الدين'' اضغط هنا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.