"أباياسا أبافيسكنا .. وي شوب دارينايا .. واي واي شورتيل فايافي .. ووه نوبتو مالينتو" أو " تُرى هل سيكون في وسعنا أن نقول إنه لا شيء حدث .. يا عمرنا أنتِ مستقرة في روحنا .. يا نوبة يا موطن الجميع وحبهم الكبير". هكذا يشدو النوبيون في أغانيهم حباً لبلادهم، وإحياءً لذكرى آلمهم. الموسيقى والفن، أحد المميزات للنوبيين عن غيرهم، فأفراحهم تغمرها البهجة، تمتلئ بالغناء والرقص، لدرجة اعتبار عدم رقص من يأتي إليهم في أفراحهم "عيبة". ونتيجة لهذا العشق الجنوني للرقص والغناء، برزت منهم أسماء لامعة في العالم، لم تنل حظها من الشهرة في مصر، لتجاهل الإعلام المصري بمختلف وسائله لهم بشكل تام، لعل أبرزهم، "حمزة علاء الدين"، الذي ذاعت شهرته بالعالم كله، لمهارته في العزف على آلة العود، وآلة "الطار" النوبية. ولد حمزة في توشكى، وهاجر مع أهله بعد بناء السد العالي، له العديد من الألبومات أهمها ألبوم "موسيقى النوبة" وألبوم "العود"، ومن أهم أغانيه "يا عرافة"، فضلاً عن وضعه الموسيقى التصويرية لفيلم "الحصان الأسود للمخرج فرانسيس فورد كوبولا". وتوفي عام 2006 بأحد المستشفيات بكاليفورنيا، وسط اهتمام وتغطية إعلامية بأمريكا واليابان وتجاهل من الإعلام المصري بكافة وسائله. "يا بيوت السويس يا بيوت مدينتي ..أستشهد تحتك وتعيشي إنتِ"، تلك الأغنية التي يرددها المصريون منذ عشرات السنين، لكن دون الاهتمام بمعرفة منشدها، الذي غناها. إنه الفنان النوبي "محمد حمام"، وسط المقاتلين والفدائيين في السويس وقت سنوات حرب الاستنزاف في نهاية الستينيات من القرن الماضي. حمام، هو مثل آخر للفنانين النوبيين المجهولين للشعب المصري. ولد في حي بولاق عام 1942، وهو الحي الذي جمع النوبيين المهربين من أراضيهم بعد التعلية الثانية لخزان أسوان في بداية الثلاثينات. كان شاعراً في بدايته، ولم يهتم بالغناء كثيرًا، بالإضافة إلى كونه مناضلا سياسيًا حيث كان ضمن الحركة الشيوعية المصرية، وكون فرقة "أولاد الأرض"، التي طاف بها كل محافظات، ومدن مصر. ويعد حمام، واحدًا مِنْ ضمن مَنْ حاولت السلطات طمس تاريخه ونضاله ومواقفه الرافضة للديكتاتورية، وقال عنه الكاتب الكبير محمود أمين العالم "صوتك يمنحني حزناً ينتهي بالتفاؤل". أما ابن النيل "علي كوبان"، فهو الفنان النوبي الذي يستمع لأغانيه العالم بأكمله. كان والده تاجرًا له مركب شراعي يرسو عند معبد كوبان بالنوبة القديمة؛ لذا التصق الاسم بالأب والابن. كان الأب محبا للغناء، وهو ما ورثه الابن عن أبيه. أمضي "كوبان" عمره يغني ويعزف ويُطرب النوبين، فقدم أغاني التراث والفلكلور النوبي في الأفراح والمهرجانات الشعبية، فذاعت شهرته في مختلف دول العالم، ونال العديد من الجوائز الدولية أهمها فوزه بالأسطوانة الذهبية في مهرجان ألمانيا السنوي للفلكلور عام 1990، حيث شارك كوبان فيه ممثلاً لمصر، ومن أهم أغانية أغنية "سكر سكر". وتتوقف أفريقيا كلها عند اسم، يعد مطرب أفريقيا الأول، هو محمد وردي، ذلك الفنان الذي ذاعت شهرته في منطقة القرن الأفريقي، وأثيوبيا. كان محبًا للأدب والشعر والموسيقي منذ صغره. نجح في إدخال القالب النوبي والأدوات الموسيقية النوبية مثل"الطنبور" في الفن السوداني، كما عرف عنه أيضاً أداء أغانيه باللغتين النوبية والعربية وأهمها "نور العين"، و"المنفى" أو "قلت ارحل ". وتتميز أغانيه بالتنوع بين الرومانسية والوطنية والأناشيد الثورية إلي أن توفى العام الحالي. أما عن الفن النوبي المعاصر، والذي يحاكي كل ماهو قديم فهناك، كرم مراد، الذي بدأ مشواره الفني في نهاية التسعينات. وأبرز أغانيه "النيل بيتمشي" و "خبيز أمي" و"المرايا ". يقول كريم ل "الوطن":"أنا نوبي . أطمح أن أكون مغنيًا لكل الوطن العربي وليس لأهل النوبة فقط". وعن إحيائه لاحتفالية "الفن ميدان"، الخاصة باليوم النوبي العالمي، يضيف كريم:"سأغني كل ما تطلبه اللحظة الفارقة، التي تمر بها بلادنا "، وأضاف:"نحن في أمس الحاجه إلى التواصل مع أفريقيا، والنوبة هي مدخل التواصل مع أفريقيا موسيقيًا . أما "بلاك تيما"، فهي فرقة نوبية نالت شهرة بالغة، وشاركوا في فاعليات الاحتفال باليوم النوبي العالمي من خلال حفلتهم بمكتبة الإسكندرية والتي غنوا فيها أغاني نوبية خاصة بهم تعبر عن معاناة النوبه أهمها أغنية "النيل تابوت" للشاعر ضياء الرحمن، وهو نوبي أيضاً حيث تقول كلماتها: "النيل تابوت .. لما عطش شرب البيوت .. لعب الولاد ويا البنات .. الأمسيات على الشطوط .. ازاي يا نيل وأنت الوجود .. تمحيني من وش الوجود". يذكر أن النوبيين يعتمدون في موسيقاهم على السلم الخماسي بشكل أساسي. والسلم الخماسي هو الذي يسقط الدرجتين الرابعة والسابعة من السلم الموسيقي العادي. ويعتبر السلم الخماسي من أشهر السلالم الموسيقية، وأكثرها انتشاراً في موسيقى شرق أفريقيا مثل (السودان والصومال وأثيوبيا)، ودول شمال أفريقيا مثل "النوبة في جنوب مصر"، ودول شرق آسيا مثل "الصين واليابان" بالإضافة إلى أنه تم نقل السلم الخماسي إلي القارة الأمريكية من خلال أغاني الزنوج.