سيطرت قوات النظام السوري وحزب الله اليوم الاربعاء على مدينة القصير الاستراتيجية في وسط سوريا بعد اكثر من سنة من الحصار المفروض عليها ومعارك طاحنة منذ اكثر من اسبوعين. وتعهد الجيش ب"سحق الارهابيين" اينما كانوا في سوريا، واكدت المعارضة السورية في المقابل ان "الثورة مستمرة" وان "النصر لاصحاب الحق". وتزامن ذلك مع انعقاد اجتماع تمهيدي ضم ممثلين عن الولاياتالمتحدة والامم المتحدة وروسيا في جنيف للتحضير للمؤتمر الدولي حول سوريا اعلنت بعده موسكو عدم التوصل الى اتفاق. وبسقوط القصير، لم يبق بين ايدي مقاتلي المعارضة في ريف حمص الجنوبي الا قرية البويضة الشرقية الصغيرة الواقعة شمال القصير والتي لجأ اليها المقاتلون والناشطون والمدنيون والجرحى المنسحبون من المدينة بالالاف، وقد يسهل هذا التطور العسكري، بحسب خبراء، توجه النظام نحو مدينة حمص وريفها الشمالي حيث لا يزال مقاتلو المعارضة يحتفظون ببعض المعاقل المحصنة. وتربط حمص بين دمشق والساحل السوري غربا، وتعتبر السيطرة عليها بالكامل امرا مهما للنظام لتامين امتداد جغرافي طويل له يسهل عمليات التنقل والامدادات. واعلن الجيش السوري انه "تمكن فجر اليوم من اعادة الامن والاستقرار الى مدينة القصير وتطهيرها من رجس الارهابيين بعد سلسلة من العمليات الدقيقة الناجحة التي نفذتها في المدينة وفي القرى والبلدات المحيطة بها"، مشيرا الى "مقتل عدد كبير من الارهابيين واستسلام البعض الآخر وفرار من تبقى منهم". وتوعد بيان صادر عن قيادة القوات المسلحة نشرته وكالة الانباء الرسمية السورية (سانا)، بان هذه القوات "لن تتوانى في ضرب المسلحين اينما كانوا وفي اي شبر على ارض سوريا". وبثت شاشات التلفزة السورية واللبنانية القريبة من النظام (قناتا المنار والميادين) صورا من داخل المدينة ظهر فيها دمار بالغ وصور دبابات تابعة للجيش وجنود، من دون اي اثر لوجود مدني. وقال احد ضباط الجيش السوري للمنار "نعلن مدينة القصير مدينة آمنة وندعو كافة الاهالي للعودة الى منازلهم". وقالت سانا ان الجيش "يواصل عمليات التمشيط لاحياء القصير ويضبط صواريخ وأسلحة وذخيرة ويفكك عشرات العبوات الناسفة" التي زرعها الارهابيون. كما اشارت الى ان وحدات الجيش تزيل "الحواجز والسواتر الترابية والاسمنتية التي قطع الارهابيون بها الطرق لاعاقة تقدم جنودنا"، وتدمر "العديد من الانفاق والمتاريس التي كانوا يتحصنون بها". وبث التلفزيون السوري صورا لجنود يرفعون العلم السوري على المركز الثقافي السوري وهم يهتفون "بالدم، بالروح، نفديك يا سوريا". وقال ضابط قدمه التلفزيون على انه "قائد ميداني"، "امام جهود الجيش لا توجد اي صعوبات، الجيش قادر على تدمير هذه المجموعات معها كانت قوتها". واوضح المرصد السوري لحقوق الانسان ان اقتحام المدينة تم "بعد غطاء كثيف من القصف استمر منذ ليل امس الى فجر اليوم"، مشيرا الى ان مقاتلي المعارضة "قاتلوا حتى الرمق الاخير". وقال الناشط ابو المعتصم الحمصي الموجود في البويضة لوكالة فرانس برس عبر سكايب ان الاف الاشخاص باتوا الآن محاصرين في البويضة الشرقية في ظروف انسانية سيئة للغاية. وقال "لا يوجد اي طريق ابدا لاجلاء الجرحى والمدنيين، وبينهم اطفال ونساء. لا توجد مياه ولا طحين ولا خبز ومخزون ضعيف من البرغل". وكانت تنسيقية القصير نشرت على صفحتها موقع فيسبوك نداء من مشفى البويضة الشرقية اشار الى "حملة بربرية وقصف همجي تنفذه قوات النظام" على القرية، مضيفة ان "مشفى البويضة الميداني يعج بالجرحى الآن وسط شح كبير في المواد الطبية والمعدات والشاش وغيره", وحيا الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية من جهته "ابطال الجيش الحر" الذين قدموا "ملاحم بطولية في الدفاع عن المدنيين"، في القصير، مضيفا "ستستمر الثورة المباركة، والنصر حليف أصحاب الحق". واشار الى ان "الاختلال الهائل في ميزان القوى فرض نفسه، وتمكن نظام الأسد والميليشيات الإيرانية الداعمة له من التوغل في المدينة والسيطرة على أحياء جديدة فيها". ووضع الائتلاف "الأممالمتحدة والدول الكبرى أمام مسؤولياتهم في التدخل السريع لحماية المدنيين". وكانت القوات النظامية ومقاتلو حزب الله تمكنوا منذ اليوم الاول من الهجوم في 19 ايار/ مايو من دخول القصير من الجهات الغربية والجنوبية والشرقية، وتركزت بعدها المعارك في الشمال وترافقت مع قصف مدفعي وصاروخي وجوي عنيف من القوات المهاجمة. وسبق ذلك معارك في ريف القصير خسرت خلالها المجموعات المعارضة القرى التي كانت تسيطر عليها. واعلنت موسكو بعد ظهر اليوم عدم توصل المشاركين في اجتماع جنيف التمهيدي الى اتفاق، بينما اعلن الموفد الدولي والعربي الى سوريا الاخضر الابراهيمي الذي شارك في الاجتماع تحديد اجتماع تمهيدي جديد في 25 حزيران/يونيو. في لندن، اعلن متحدث باسم الحكومة البريطانية الاربعاء ان المملكة المتحدة لديها عينات "فيزيولوجية" تؤكد استخدام غاز السارين في سوريا على الارجح من قبل نظام بشار الاسد. وفي باريس، اعلنت الناطقة باسم الحكومة الفرنسية ان فرنسا "لن تتخذ قرارا احادي الجانب" في مسالة تدخل عسكري محتمل محدد الاهداف لتدمير مخزونات الاسلحة الكيميائية في سوريا، وان الامر "في يد المجتمع الدولي". وهنأت طهران، على لسان نائب وزير الخارجية الايراني حسين امير عبد اللهيان "الجيش والشعب السوريين بالانتصار على الارهابيين التكفيريين في مدينة القصير". وفي تداعيات النزاع السوري في لبنان، قصفت مروحية عسكرية سورية الاربعاء بلدة عرسال اللبنانية الحدودية مع سوريا، بحسب ما ذكر مصدر امني لوكالة فرانس برس. وتشكل عرسال ذات الغالبية السنية والمتعاطفة اجمالا مع المعارضة السورية، منذ بدء النزاع السوري، ممرا عبر جرودها التي تملك حدودا طويلة مع سوريا للجرحى والنازحين. كما تفيد تقارير امنية عن مرور مسلحين وسلاح بين جانبي الحدود في تلك المنطقة.