المثل البلدي بيقول "اللي ما يشوفش من الغربال أعمي" ويبدو أن معظم المسئولين في مصر مابيشوفوش من الغربال أو انهم علي الأقل بيستعموا. فما يحدث في الشارع المصري الأن يؤكد أننا ذاهبون في سكة لا يعلم نهايتها إلا الله، فالجميع في مصر من أصحاب القرار قرروا تفويض الفريق السيسي والقوات المسلحة في عمل كل شئ نيابة عنهم علي شرط ألا نحرمهم من الهجوم والتظاهر وقلة الأدب ضد الجيش، لأن الواجب أن الجيش يرعي العملية التعليمية وأيضا يقيم المباريات الكروية وبالمرة يوصل المياة والنور للبيوت والشركات والمصانع وأن يحمي المؤسسات ويبني الكباري ويشرف علي الدخول في الجامعات والمدارس وبالمرة يوزع البطاقات وأيضاً يدخل التلاميذ إلي المدارس والحضانات ويقف علي الكباري والطرق لتنظيم المرور وأي شئ يخطر علي بال أحد في مصر، أما الباقون فالمشاهدة هي أفضل شئ علي الإطلاق. والحقيقة أن المشهد في مصر أصبح مأساويا للغاية، فملاعب الكرة مغلقة ويبدو أن الصديق الوزير "طاهر" قرر أن يتبني دوري القنوات الفضائية لأنه بدون وجع دماغ أو حضور جماهير وكله كاميرات وأضواء وبالتالي فالعائد منه أفضل بكثير من المحاره لعودة النشاط الرياضي في مصر المتوقف منذ ثلاث سنوات. وأخشي ايضاً أن يقع الصديق طاهر في فخ اللوائح وبند ال8 سنوات والكلام الفارغ الذي يملأ الساحة الرياضية من بعد ثورة يناير المباركة جداً والتي جعلت البعض يتصور أنه الحاكم بأمره بعد أن فهم الحرية تعني الفوضي وأن الديمقراطية تعني أنه لا رأي يعلو فوق رأيه. من هنا عمت الفوضي كل الأرجاء فالملاعب أصبحت خرابا دائما ورأينا ناديا مثل النادي الأهلي يهرب من جمهوره ليلعب مباراته الودية في ملاعب سرية خوفا من اعتداء الجماهير علي اللاعبين والجهاز الفني. وللأسف الشديد لم نسمع كلمة واحدة من مجلس إدارة الأهلي المحترم ليشجب أو يندد أو يتخذ إجراء واحدا ضد هؤلاء الخارجين عن القانون بل الأعرب من ذلك أننا رأينا من تعدي علي اللاعبين يسافر معهم علي نفس الطائرة دون أن يجرؤ مدير الكره أو مدرب الفريق أو رئيس بعثة أن يوجه لهم ولو كلمة عتاب. ولكن الأغرب أن نفس المشجع الذي تعدي بالسب والضرب علي أحد نجوم الأهلي بالمطار هو نفسه الذي قبل أيدي رجال الشرطة في جنوب إفريقيا عندما أشعل شمروخا في الملعب فوجد الشرطة تحيط به لتمسكه وتحاكمه لأن هناك شيئا رائعا اسمه القانون فبكي وصرخ ولم ينقذه سوي مسئول مصري بعد أن تعهد بأنه لا يعرف القانون في جنوب إفريقيا. وبصعوبة بالغة نجحوا في إطلاق سراحه والأهم أيضاً أن مشجعاً أخر متهوراً نزل إلي أرض الملعب في نفس المباراة وهذه وهذه المرة لم يشفع له أحد لأن نزول الملعب في جنوب إفريقيا جريمة ومازل هذا المشجع يقبع في سجون في سجون جنوب إفريقيا للمحاكمة بتهمة اقتحام أرض الملعب، أي أنهم يعرفون أن هناك قانوناً لذلك لا يجرؤون علي خرقه في أي مكان باستثناء مصر فقط لأنها باختصار دولة بلا قانون. والمتابع لما حدث أمام نادي الزمالك من أسلوب أصبح معروفا للجميع من حرق وتدمير وتحطيم، ثم وبكل أسف نجد بعضاً من الإعلاميين يتعاطف معهم ويحاول بكل الطرق أن يبدل الحقيقة. ونري أيضا أغنية يصنعها زملاء مشجع راح ضحيتهم وهو للأسف شاب في مقتبل العمر لا يتجاوز 16 عاماً فقتلوه بتهورهم وسلوكهم الخارج عن القانون ثم يذهبون إلي أبيه ليلاً بكاء أو انهياراً ثم إذاعة الأغنية عبر الصفحات والمواقع قتنقلب الحقيقة ونعود للدفاع عن مجموعة خارجين عن القانون حرقت المحلات داخل نادي الزمالك وقالوا إنها كانت تمثيلية مع مجلس الإدارة، دمروا بوابات النادي وقالوا إنها كانت كميناً من مجلس الإدارة وروعوا الأعضاء فخرج الأطفال مسرعين وهم في حالة من الهلع والخوف من حمام السباحة بالمايوهات، ووراءهم جري المشجعون وسط توسيلات من أولياء الأمور بعدم المساس بأبنائهم وسط ضحكات واستهتار ولا مبالاة. والمشهد نفسه نراه اليوم في معظم جامعات مصر فالحملة العنيفة التي انتشرت في كل وسائل الإعلام وصاحبها خوف شديد من وزير التعليم العالي عن "الضبطية القضائية" وقبلها بالطبع كان الحكم التاريخي بإلغاء الحرس الجامعي أعطي الفرصة تماما لعدد من الشباب الخارج عن القانون ليحول ساحات الجامعات إلي ساحات حروب وقتال بدلاً من أن تكون منبراً للعلم والإبداع فوجدنا التعدي باللفظ والقول علي فضيلة الدكتور علي جمعه مفتي الجمهورية السابق، ووجدنا التطاول والتعدي باللفظ علي معظم رؤساء الجامعات، وأيضاً شاهدنا محاولات البعض التعدي علي شاب مصري نموذج رائع للعلم وهو المستشار العلمي للرئيس عصام حجي وغيرها الكثير من السلوكيات التي لم نراها علي مر التاريخ في مصر. ومع ذلك لم نسمع عن التحقيق أو الفصل عن المتسبب في كل هذه الخروقات لأنهم باختصار أصبحوا حاكمين لا محكومين بل الأغرب أنني رأيت أحد الطلاب في حديث تلفزيوني يصف ما حدث في مصر إنه إنقلاب وأن سلطة الإنقلاب تقتل الطلاب وتطاردهم رغم أن الصورة في البرنامج كانت توضح مدية الخروج عن أللآداب والأخلاق والقانون داخل ساحات الجامعات المختلفة، فوجدنا شماريخ وصواريخ وأسلحة بيضاء وأعيرة نارية يقولون عليها إنها من نوع جديد تطلق نيران في الهواء مسافة محدودة ناهيك عن انتفاضة الحجارة داخل الحرم الجامعي وكأنه تحول إلي ساحة حرامية ولي حرم ساحة جامعية. ثم تجد من يدافع لك عن الحرية وعن حقوق الطلبة وحقوق الإنسان وعد المساس بأي طالب أياً كان ما فعله لأن هذه هي الحرية تماما مثلما تغافلنا عما كان يحدث يحدث في المدرجات وكنا نقول إنهم قلة قليلة لا خوف منها حتي وصلوا بنا في النهاية إلي إلغاء النشاط الرياضي بالكامل للعام الثالث علي التوالي في مصر وسط سعادة سعادة بالغة من اتحاد الكرة لأنه سيكون بعيداً عن الحساب. وحتي الوزير الذي مازلت أثق فيه طاهر أبو زيد يبدو أنه أقتنع بأنها فكرة طيبة أن يتم إلغاء كل الأنشطة الرياضية المحلية وبالتالي لن تكون هناك أيضاً محاسبة عن شئ. هذا هو الوضع في مصر فالخطة محكمة لإغلاق الجامعات لدرجة أنني سمعت سيدة فاضلة تعمل استاذاً في جامعة حلون تعلن علي الهواء مباشرة أنها لن تذهب للتدريس في الجامعة لأن حياتها في خطر وتدعو زملائها كافة بعدم الذهاب للجامعة حتي يعود الأمن وطبعاً معها كل الحق مع هذا الانفلات الخطير في السلوك والخروج عن كل الأعراف والتقاليد. وعندما تسأل في الجامعة تجد السادة الأساتذة عينهم علي انتخابات العمادة ورئاسة الجامعات والأخوة الطلاب عينهم علي انتخابات اتحاد الطلاب, ولا أحد علي الإطلاق عينه علي مصر فقط بعض المصالح الشخصية،ولو استمر الأمر بهذا الشكل ستمتد هذه الحركة لتشمل المدارس وبعدها المصانع والشركات والمؤسسات،وإذا سألت أحد عن الحل ستكون الإجابة : البركة في الجيش والشرطة وإذا تحركوا صرخ الجميع حقوق الإنسان .. حقوق الطلاب..حقوق الأولتراس . ولم يسأل أحد نفسخ علي الإطلاق عن حقوق المصريين!؟ ولم يخرج أحد ليعترف بأن من يقوم بهذه الأعمال لا يتجاوز 2% فقط لا غير من جموع الطلاب أو العمال أو الموظفين أو المشجعين ولكن وبكل أسف مع وجود حكومة مهتزة تخشي من تطبيق أحكام نهائية من المحاكم المصرية وتصدر القرارات وتتراجع فيها ولعل أضحوكة التسعيرة الجبرية التي تحولت بقدرة هائلة إلي مهلة ثم إلي فترة سماح وبعدها تري ماذا سنفعل، أو قرار وزير التعليم بإستئناف التعليم فوراً في عدة محافظات ثم تأجيله وكأننا لدينا حكومة صباحية وأخري مسائية، أو أنهم يعملون بالمثل القائل "قرار الليل مدهون بزبدة يطلع عليه النهار يسيح" وبصراحة لن يستقيم الوضع في مصر طالما ظلت الأيدي مرتعشة. وبصراحة أكبر لن ينجح الجيش ولا الفريق السيسي فقط في التصدي لكل ما يحدث من خروج عن النظام في مصر لأن ما يحدث هو خروج عن معني المكونات الأساسية للدولة من أمن وتعليم واقتصاد وصحة وخدمات كلها الآن تعاني من قصور شديد وإهمال بالغ، وكأنهم يدعون الناس بوضوح وبكل صراحة علي الترحم علي أيام مبارك بل أن البعض الآن يقول أن مرسي قد ظلم وكان من الواجب أن يحصل علي فرصته كاملة.