حذر رئيس الوزراء اللبنانى المستقيل نجيب ميقاتى من أن المضى فى ضرب المقومات الاقتصادية للدول التى تشهد اضطرابات سياسية، يصيب مستقبل الشباب العربى فى الصميم، ويدفعه إلى اليأس والهجرة، بحيث تفرغ هذه الدول من الطاقات التى ستعيد البناء من جديد. واعتبر خلال افتتاحه اليوم "المنتدى الاقتصادى العربى" بحضور الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى، أن الدول العربية تحتاج إلى التأسيس لربيع اقتصادى عربى قوامه التجدد ومواجهة التحديات الاقتصادية، إضافة إلى العناية بالربيع العربى الشبابى. وأكد أن رفع الحواجز الاقتصادية بين الدول العربية لتحقيق الإفادة المشتركة من مقومات وثروات كل دولة والتأسيس للسوق العربى المشترك، يشكل أساسا صالحاً للبدء بخطوة حقيقية نحو ازدهار الاقتصاد العربى، ودعا إلى تحييد الاقتصاد العربى عن تداعيات الخلافات السياسية ومفاعيلها الأمنية وإعطاء الفرصة للشباب العربى، لكى يساهم فى إطلاق عجلة النمو مجددا فى الدول العربية، لاسيما منها تلك التى شهدت وتشهد خلافات سياسية واضطرابات أمنية. وتطرق ميقاتى إلى سياسات حكومته الداخلية، موضحا أن خيار "النأى بالنفس" لم يحل دون معالجة الحكومة للملف الإنسانى، الذى تمثّل بنزوح الآلاف من السوريين إلى لبنان إلى درجة لم تعد فيها القدرات اللبنانية الذاتية كافية لتأمين الرعاية الاجتماعية، والصحية والتربوية اللازمة لهم، ومن هنا كانت النداءات إلى المجتمعين العربى والدولى للمسارعة فى دعم لبنان والوفاء بالالتزامات التى أقرها مؤتمر الدول المانحة فى الكويت، لاسيما وأن أعداد النازحين فى تزايد، فيما أن إمكانات الدولة اللبنانية المخصصة للاهتمام بهم إلى تراجع كبير. وأعرب عن أمله فى أن تتضافر جهود القيادات اللبنانية خلال الفترة المقبلة للمحافظة على الاستقرار الأمنى و السياسى من خلال إنجاز قانون جديد للانتخابات، وتشكيل حكومة جديدة تنتقل إليها مسئولية استكمال مسيرة المحافظة على الوحدة الوطنية، وتحصين السلم الأهلى وتنشيط الحياة الاقتصادية. وأشارت إلى أن حكومته أولت الثروة النفطية الموعودة الاهتمام والعناية، وأنجزت خطة متكاملة للتنقيب عن النفط والغاز، حيث بدأ تطبيقها منذ أشهر بعد وضع النصوص القانونية اللازمة وتشهد مراحل تنفيذ هذه الخطة إقبالا من الشركات العالمية التى سارعت إلى تقديم العروض وطلبات الحصول على التراخيص اللازمة على نحو يحفظ حقوق الدولة اللبنانية من جهة وحقوق الشركات من جهة أخرى، ولن تنقضى سنة 2013 إلا وتكون الإجراءات التنفيذية للمباشرة بالتنقيب عن النفط والغاز قد اكتملت وفق البرنامج الذى أعده مجلس الوزراء. وأكد أن القطاع الخاص اللبنانى أثبت قدرته على التأقلم مع الكثير من المعوقات، وتمكن من متابعة مسيرة النمو رغم التحديات والصعاب التى تواجهه بسبب الأوضاع المتأزمة والأزمات السياسية المتتالية التى يشهدها لبنان منذ سنوات عديدة، والتى كان لها الأثر الواضح فى لجم القدرات التى يختزنها الاقتصاد الوطنى، كما أثرت على وتيرة النمو وأخّرت الكثير من الإصلاحات. من جهته، أكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، أن المصارف اللبنانية العاملة فى مصر تعمل بشكل طبيعى داخليا، وأن صعوبة إخراج العملات الأجنبية لا تشكل خطرا لأنها مأخوذة بعين الاعتبار من الأساس لجهة تأثيرها على تركيبة الأموال الخاصة. وأوضح أن المصارف اللبنانية أصبحت تتمتع بملاءة تتعدى العشرة فى المائة، وفقا لبازل وهذا أمر مهم ولافت حيث إن هناك دولا عدة لم تستطع بلوغ 7 فى المائة. وقال سلامة فى كلمة مسجلة أمام منتدى الاقتصاد العربى إن وجود المصارف اللبنانية فى سوريا لم يعد يشكل خطرا بعد انخفاض تسليفات المصارف للاقتصاد السورى من 5 مليارات إلى نحو 6ر1 مليار دولار، علاوة على أخذ التحفظات اللازمة. وعن الاقتصاد اللبنانى أكد سلامة أن الوضع النقدى مستقر والليرة اللبنانية عملة ثابتة، وأن هدف مصرف لبنان إبقاء الفوائد مستقرة، ويتدخل لشراء سندات الخزينة بالليرة حرصا على استقرار الفوائد ووتيرة التسليف، مشيرا إلى زيادة موجودات المصرف من العملات الأجنبية إلى 36 مليار دولار، مما يسمح بثبات واستقرار العملة الوطنية. وأوضح أن المصرف توقع عام 2013 عاما صعبا نتيجة مواجهة استحقاقات عدة، منها ما هو مرتبط بسوريا ومنها ما يتعلق بالوضع الداخلى والاستعداد للانتخابات النيابية وتحديات أخرى لها علاقة بالوضع الاقتصادى والاجتماعى فى ظل المطالبات بزيادة الأجور.