• المحكمة اعتمدت علي تقرير المراقبيين الدوليين لإثبات تورط إسرائيل في قتل جنودنا محكمة إسرائيلية ابتدائية، أيدت حكم محكمة استئناف القاهرة برئاسة المستشار محمد البرديسي، والصادر ضد السفير الإسرائيلي بصفته، بإلزامه كمندوب عن الحكومة الإسرائيلية في مصر بدفع مبلغ 10 ملايين دولار أمريكي لأسرة الجندي المصري الشهيد عامر أبو بكر، وذلك بعد أن قتله جنود الصهاينة مع شهيدين أخرين بقذيفة دبابة ميركافا عند العلامة الحدودية رقم "3"، وذلك عام 2004. الحكومة الإسرائيلية طعنت على الحكم، وتدخلت بكل قوة لايقاف حكم المحكمة الإسرائيلية، والذي أثبت تورط اسرائيل في خطأ عنصري أدى لمقتل جنودنا على الحدود، خصوصا بعد أن فضح تقرير المراقبيين الدوليين اسرائيل بتوزيع منشورات عنصرية ذات طابع ديني تحث الجنود الصهاينة على الإعتداء على الجانب المصري لخرق معاهدة كامب ديفيد التي وصفوها بالحجر العثر أمام حلم الدولة الصهيونية الكبرى. البداية كانت في مصر أمام المحكمة، ولكن الحكاية بدأت منذ سنوات حارب أشرف محروس لتطويق اليهود واجبارهم على الاعتراف بعنصريتهم. على الرغم من أن هذه النوعية من الدعاوى القضائية دائما ما تحصل على رفض بعدم الإختصاص، بسبب توقيع مصر على اتفاقية فيينت، والتي تنص المادة "31" على عدم جواز اقامة دعاوى قضائية ضد الدبلوماسيين لعدم عرقلة مهامهم، لكن محكمة الإستئناف ارست مبدأ قانونيا في مثل هذه النوعية من القضايا، وهو أن كل ما لا يعرقل مهام عمل السفير أو القنصل الأجنبي يجوز مقاضاته فيها. جاء الحكم الذي سطرته بأحرف من نور محكمة استئناف القاهرة برئاسة المستشار محمد البرديسي، لصالح أسرة الشهيد عامر أبو بكر الذي قتل على الحدود المصرية مع الأراضي المحتلة، بقذيفة دبابة اسرائيلية ليثلج صدر كل مصري، ويشعره أنه أخيرا أصبح لنا صوت يصل الى كل أنحاء الأرض، وأن الدم المصري لن يذهب هدرا. عشرة ملايين دولار أمريكي، قيمة التعويض التاريخي، مع الزام اسرائيل بدفعه لأسرة الشهيد، وهنا على الكيان المحتل اثبات مايزعمه أمام العالم باحترام الشرعية وسيادة القانون. المستشار محمد البرديسي أكد في حيثيات الحكم أن تخلي القاضي المصري عن النظر مثل هذه الدعاوي من شأنه الإخلال بالنظام القانوني بمصر، والذي يعمل على صيانة حياة الأفراد، وعدم الاعتداء عليها بأي صورة من الصور، كما أن تخلي القاضي الوطني يتعارض مع النظام السياسي والاقتصادي وبحولها الى دولة بلا سقف ولا أبواب ولا نوافذ حتى وان كان بعض ابنائها من غير البارين، تعودوا على الإنبطاح والخضوع للأجانب، ولا يهمهم مصلحة المصريين، وانما مصالحهم الشخصية فقط، وباعوا كل شيء من أجل تلك المصالح. وعن تراخي وزارة الداخلية، حيث أن الشهيد المصري كان ضمن صفوف الأمن المركزي قال القاضي .."إن الإهمال أمر غير ثابت بالأوراق، حيث أن اتفاقية كامب ديفيد قيدت الحكومة المصرية بالنسبة لاعداد الجنود، ونوعية تسليحهم، الأمر الذي يجعل وزير الداخلية لا يقدر على حماية نفسه في هذا المكان". أما بالنسبة لرقم التعويض وهو الملايين العشرة أكد القاضي بقوله:" إن الحكم مساو لما حكم في تعويض أهالي حادث لوكيربي الشهير الصادر عن المححكمة الإسكتلندية بل إن دماء الشهيد المصري لاتساويها دماء في شتى بقاع الأرض، وأن أموال اسرائيل كلها لاتعوض الجندي حياته التي فقدها، والمحكمة تأخذ في ذلك بالمعايير الدولية التي عمل بها بين أمريكا وليبيا وعن الخطوات القادمة لتنفيذ الحكم". ... "أخبار الحوادث" كانت في "كفر دمنتو" التابعة لمركز المحلة الكبرى بمحافظة الغربية، قصدنا عائلة الجندي عامر الذي سالت دماؤه جراء القذيفة الإسرائيلية الغادرة التي أودت بحياته في الحال مع اثنين أخرين من شهداء الوطن، قابلنا والد الشهيد عامر الذي لم تجف دموعه منذ مقتله عام 2004، تذكر الأب اليوم الذي تلقى فيه خبر استشهاد ابنه الأكبر على الحدود مع الأراضي المحتلة.. قال بصوت مرتعش:" عدت من الحقل أخر النهار كالعادة، وجت أمور غريبة تحدث حولي، رئيس مباحث المركز طلب سرعة احضاري للمركز، لم أكن أتوقع للحظة واحدة أن الهدف من البحث عني هو اخباري بخبر استشهاد ابني البكري، سمعت الخبر لتعجز قدماي على حمل جسدي، فقدت في لحظة الأبن الكبير الذي أعتمد عليه في كل شيء، ودخلت في دوامة كبيرة من الحزن والألم، أتطوق للثأر من المجرمين، ويوم سماع حكم القاضي بألزام السفير الإسرائيلي بالتعويض تأكدت أن مصر لا تنسى أبناءها". والدة الشهيد أكدت أنها راضية بقضاء الله، وتحسب ابنه عند الله حي يرزق، وأن أموال اسرائيل كلها لا تعوضها نقطة دم واحدة من دماء ابنها الذي سال على الأرض، وان أول شيء سوف تفعله اذا حصلت على أموال التعويض هو اقامة مشروع خيري كصدقة جارية على روح الشهيد. أشرف محروس المحامي الذي حصل على هذا الحكم التاريخي، فلأول مرة تحكم محكمة مصرية على دولة أجنبية لصالح مواطن مصري، وعن رحلة الحصول على الحكم يقول المحامي:" عندما وكلني والد عامر بدأت في جمع المعلومات عن الحادث، وكنت متوقع رفض القضية لعدم الإختصاص بسبب توقيع مصر على اتفاقية فيينا، والتي تنص المادة "31" منها على عدم جواز اقامة دعاوى قضائية ضد الدبلوماسيين والقنصليات والسفارات لعدم عرقلة مهامهم ولما لهما من حصانة دبلوماسية، وبالفعل هذا ما حدث أمام المحكمة، فقد قضت برفض الدعوى لعدم الإختصاص، لكنى أوضحت أمام محكمة قصد المشرع من وضع هذه المادة في الإتفاقية، فالغرض منها حماية السفير أثناء تأدية عمله، وعدم عرقلة عمل الدبلوماسيين بالدعاوى القضائية، لكن الحصانة الدبلوماسية غيرلا مطلقة، بل مقيدة بطبيعة العمل فقط، أما ما يخرج عن نطاق عمل الدبلوماسي فيجوز اقامة الدعاوى فيها ضده. ويكمل محامي الشهيد حديثه:" ما استندت عليه لاثبات وقوع الجانب الإسرائيلي في خطأ أدى لقتل الجندي المصري هو تقرير "شافيز كولازا" رئيس لجنة المراقبيين الدوليين وقتها، فقبل واقعة التعدي أكد التقرير أن هناك منشورات عنصرية تتخذ طابعا دينا يتم توزيعها على الحدود من متطرفين يهود، يحثون الجنود الإسرائيلين على نقض معاهدة كامب ديفيد باعتبارها حجرة عثرة أمام تحقيق الحلم الأكبر في تحقيق دولة اليهود الكبرى من النيل الى الفرات، وتحث جنود الصهاينة على الاعتداء على الجانب المصري، وقد حذر التقرير من حالة التأهب التي تنتاب الجنود اليهود للأعتداء على مصر والأردن، أما بعد واقعة التعدي على الجنود المصريين أصدر المراقبون الدوليون تقريرا أخر أكد أن الحادث وقع بسبب توزيع المنشورات، وهذا أدى الى قيام بعض الجنود الإسرائيليين من الكتيبة "77" باطلاق قذيفة من دبابة ماركة "ميركافا" على العلامة الحدودية رقم ثلاثة، وانتهى التقرير لإدانة الجانب الإسرائيلي، ومن هنا تم إثبات ركن الخطأ على الجانب الإسرائيلي". وعن رقم التعويض يقول المحامي أشرف محروس:" كنا معتادين على أرقام تعويض زهيدة في مصر، أحضرت ملف حادث "لوكيربي" من المحكمة الأسكتلندية، والذي ألزم الحكومة الليبية بتعويض كل ضحية في حادث الطائرة بمبلغ 10 ملايين دولارا وقدمته للمحكمة، وذذكرت أمام القاضي أن دم الشهيد لا يعوضه مال الدنيا كله، إلا أننا نكتفي بحكم المحكمة الأسكتلندية والذي نفذته الحكومة الليبية احتراما لسيادة القانون والشرعية". أشرف محروس حاول تنفيذ الحكم داخل مصر على السفير الإسرائيلي، لكن حصانته الدبلوماسية وقفت أمامه، فكان الحل في نقل القضية برمتها الى القضاء الإسرائيلي، وبالفعل كان الحكم لصالح الشهيد المصري، بأن حكمت المحكمة الإسرائيلية بتأييد مبلغ التعويض 10 ملايين دولارا أمريكيا، لكن الحكومة الإسرائيلية طعنت على الحكم، ومنذ سنوات والقضية أمام القضاء الإسرائيلي في مماطلة واضحة لعدم احراج الحكومة الإسرائيلية، فالحكم معناه الإعتراف بعنصرية الجنود بتعديهم على الجانب المصري لهدف ديني خالص.