أصبح مستوجبا للانتباه بقوة ذلك التواتر والانتشار المتكرر والمتتالي للشائعات أو الانباء أو التسريبات التي تتوقع عجزا في سلعة ما أو تشير إلي قصور في أحد المرافق والخدمات، بما يعني ويدل علي أزمة قادمة في الطريق تستوجب قلق الناس واثارة غضبهم واحتجاجهم. وبات واضحا للأسف ان هناك من يسعون من وراء ذلك إلي اشاعة القلق العام، وهز الاستقرار المجتمعي والترويج بالحق أو الباطل لاحتقان عام بالمجتمع، لعله يؤدي إلي تحقيق احلامهم المريضة وامنياتهم البغيضة في وأد المسيرة الوطنية واثارة القلاقل. وفي هذا السياق ما أن تهدأ أزمة قائمة الا وتطفح علي السطح بوادر أزمة اخري ينشغل بها الناس وتشتعل بها النفوس ويتناقلها الجميع، ويزداد اللغط وترتفع الجلبة وتلتهب المواقع علي شبكة التواصل الاجتماعي وعلي شاشات الفضائيات والبرامج الحوارية. وهكذا بات واضحا لكل من يعي ويفهم ان هناك من يحاول بكل الاصرار والتربص تحويل حياتنا بالحق أو بالباطل وبالصواب أو الخطأ إلي مسلسل من الأزمات المتفجرة بفعل فاعل، وبصورة لا تنتهي ولا تتوقف الا بانفجار مجتمعي شامل كامل. ودون مبالغة أصبحنا نسمع في اليوم الواحد اكثر من شائعة مرشحة للتحول إلي أزمة وجاهزة للاشتعال والانتشار في كل مكان كسريان النار في الهشيم. وفي ذلك رأينا أزمة الارز التي اشتعلت فجأة ودون توقع وتحولت بين ليلة وضحاها إلي هم قومي عام يؤرق الكل وينغص عليهم حياتهم،..، وما ان تم اخماد الأزمة حتي تفجرت أزمة السكر وكان واضحا وجود اصرار مبيت علي تحويلها هي الأخري إلي هم قومي عام. ولم يتوقف الأمر عند ذلك بل ما أن بدأت أزمة السكر في الهبوط حتي سمعنا من يزعق بأن هناك أزمة بوتاجاز محاولا بكل الجهد اثارة الناس ودفعهم للاحتجاج والغليان،..، وقبل ان تهدأ هذه العاصفة إذ بأزمة أخري أشد وأقوي تنطلق وهي نقص ألبان الاطفال بما لها من آثار عاطفية وانسانية تهز الجميع لكونها خاصة بالأطفال الذين هم فلذات الاكباد. وسواء كانت الأزمة حقيقية بمعني وجود نقص حقيقي في الالبان، أو كانت مفتعلة بمعني ان وراءها جشع ورغبة في الاحتكار وتحقيق أرباح غير مشروعة،..، فقد تحولت الأزمة إلي سيل جارف اختلطت فيه صرخات الأمهات ببكاء الاطفال وهو ما أثر علي الكل، ودفع إدارة الخدمة الوطنية بالقوات المسلحة للتدخل للتخفيف عن المواطنين والتعاقد لاستيراد كميات اضافية من ألبان الاطفال. ولكن ذلك لم يعجب البعض ذوي القلوب المريضة المتربصين بمصر الساعين لاثارة الجماهير واشعال النيران في مصر كلها،..، لذلك رأينا تهجمهم الوقح واللا اخلاقي علي رجال الجيش، بدلا من شكرهم لمحاولتهم التخفيف عن معاناة المواطنين ومعالجة الازمة وحلها،..، وهو ما يفضح سعيهم الضال وأهدافهم الدنيئة لاشاعة القلق واثارة الجماهير وهز الاستقرار،..، لذا وجب الانتباه والحذر.