«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اعرف أكثر عن "فرط الحركة وتشتت الانتباه وطرق العلاج السلوكي والطبي"
نشر في بص وطل يوم 01 - 10 - 2015

لأم عبدالجليل، ابن عمره تسع سنوات، ويدرس في الصف الرابع الابتدائي، عن حاله تقول: «أعاني من فوضويته، وعدم التزامه بالأوامر والقوانين التي أفرضها عليه في المنزل، إضافة الى حركته المستمرة، وكثرة كلامه، وصوته المرتفع… ما يخلق جواً من التوتر في المنزل وفي المدرسة أيضاً. أجده يهدأ قليلاً بسبب الأدوية التي يتناولها، وهو متفوق في مادة الرياضيات، ودائماً ما أعمل على تحفيزه فألاحظ تحسناً في نفسيته، وأقنعه بعدم الخوف من المشاركة بالفصل، لكنه كان يخبرني بأنه يخاف من أن ينعته أحدهم بالغباء أو عدم المعرفة، ومع ذلك أشجعه على أن الإجابة الخاطئة لا تعني الفشل، ولا بد للإنسان الذي يبحث عن النجاح من أن يواصل تعليمه باستمرار».
وتؤكد أم عبدالجليل أنها تُدرّس ابنها في مدارس خاصة، «لأن هناك وللأسف عدداً قليلاً جداً من أفراد المجتمع ممن يملكون معلومات عن اضطراب فرط الحركة، وهم غالباً الشريحة المثقفة، والمشكلة تكمن كذلك في المعلمين الذين لا يملكون معلومات كافية عن المرض وطريقة التعامل مع الطفل المريض، خاصةً أنه يحتاج إلى رعاية أكثر من الأطفال الآخرين في المدرسة.
حتى أن علاجه يتم في مستشفيات خاصة، نظراً الى المعاناة التي عشتها مع بدء اكتشافي حالته بالنسبة الى بعض المستشفيات الحكومية، من حيث عدم إعطاء المعلومات الكافية عن حالته الصحية، أو التشخيص الخاطئ، غاضّين الطرف عن الاهتمام بالجانب النفسي للأطفال».
في هذا التحقيق سلطت «لها» الضوء على مشكلات اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه لدى الأطفال، وكيفية انخراطهم في التعليم العام، في ظل غياب مدارس خاصة تهتم بهم في السعودية، خاصة بعدما حذرت بعض الدراسات الحديثة من تنامي معدلات الإصابة بهذا الاضطراب قياساً بالمعدلات العالمية في الولايات المتحدة الأميركية.
كما زارت فرع جمعية دعم اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (أفتا) في جدة، للوقوف على رأي المتخصصين من الأطباء، ومعالجي هذا النوع من الاضطراب.
تشكل أم عبدالجليل نموذجاً واحداً بين الأمهات اللواتي يعانين من تصرفات أبنائهن المصابين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، الأمر الذي قد يُسبب إحراجاً لهن في الأماكن عامة أو داخل المنزل أو حتى بين الأهل والأقارب.
تقول: «على الأهل متابعة أبنائهم، خاصة الأم التي تتلقى في العادة الشكاوى من أهلها أو أهل زوجها أو من المدرسة أو الجيران، وعليها أن تدرك أن ابنها يعاني مشكلة، ويجب أن تذهب به الى أحد الاختصاصيين للكشف على حالته الصحية، وكيفية التعامل معه بطريقة صحيحة».
وفي السياق ذاته، نشرت بعض الصحف المحلية خبراً يفيد بأن طبيبة الأسنان السعودية في مستشفى الملك عبدالعزيز في الحرس الوطني، الدكتورة نسرين الحقيل، تمكنت من تسلق أعلى قمة في العالم، قمة إفريست، بالغةً ارتفاعاً تجاوز ال 5400 متر عن سطح البحر، في الخامس من نيسان/أبريل 2015، لتسليط الضوء على معاناة المصابين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه في السعودية، ولدعم جمعية دعم اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (أفتا)، وتعريف المجتمع بجهود الجمعية، ونشر ثقافة التعامل مع الأطفال المصابين بهذا المرض، والدعوة إلى إنشاء مراكز وعيادات لعلاجهم.
جمعية دعم اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (أفتا)
تأسست هذه الجمعية في 18 أيلول/ سبتمبر 2008 في الرياض، وسُجلت في وزارة الشؤون الاجتماعية، وافتُتح فرع لها في المنطقة الغربية في جدة عام 2013. تتلخص رسالة الجمعية في تحسين سلوك المصابين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، من خلال رفع الوعي وتقديم الخدمات.
كما يهدفون الى أن تصبح الجمعية، المناصرة الرئيسية للمصابين بهذا المرض في السعودية، ومصدر دعم لهم بتقديمها أفضل الخدمات البحثية والعلاجية.
في مقر الجمعية في فرع جدة، التقينا المسؤولة الإدارية في «أفتا» ندى الشريف، فحدّثتنا عن آلية عمل الجمعية في ما يتعلق بزيادة الوعي بالمصابين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، قائلة: «يتواصل الأهالي معنا عبر الهاتف، وأغلب الاتصالات نتلقاها للاستفسار عن الأعراض التي تخص اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، كأن يذكروا أن لديهم أبناء يُطردون من المدرسة، ولا يقوون على التصرف معهم في المنزل أو في الأماكن العامة، فنخبرهم بأننا لا نستطيع الحكم على الطفل بأنه مُصاب بفرط حركة، ذلك أن الجواب النهائي يتلفّظ به الطبيب المختص.
وبالتالي نرسل اليهم قائمة بالأطباء الذين نتعاون معهم، سواء في المستشفيات الحكومية أو الخاصة، وتبقى للأسرة الحرية في اختيار الطبيب المناسب. وبعد التأكد من التشخيص، يُحدد الطبيب ما إذا كانت الحالة تحتاج الى علاج دوائي، فتستمر المتابعة معه نظراً الى اختلاف الجرعات، ومن ثم يتواصل معنا في الجمعية لمتابعة العلاج من الناحيتين التربوية والسلوكية… وهذا ما نعني به العلاج المتكامل، أي الدوائي والتربوي والسلوكي معاً».
وتشير الشريف إلى أن الجمعية تقوم بإعداد ورش عمل ومحاضرات للأهالي والتربويين: «في الجمعية، لدينا مجموعة من الاختصاصيين والأطباء النفسيين، وأطباء المخ والأعصاب، وأطباء أطفال».
فرط الحركة وتشتت الانتباه… وأخطاء شائعة
وتلفت الشريف إلى «أن هناك الكثيرين ممن يخلطون بين هذا الاضطراب وطيف التوحد، وهو أقل درجات التوحد، والفارق بينهما بسيط جداً، لذلك نجد أن بعض الحالات التي تم تشخيصها كانت تعاني طيف التوحد وليس فرط الحركة وتشتت الانتباه. كما أن ليس كل حركة يقوم بها الطفل، يجب أن تُعرّف باضطراب فرط حركة أو تشتت انتباه.
فالأطفال بطبيعتهم لا بد من أن يتحركوا، لكنّ هناك أعراضاً لا بد من الانتباه اليها. في البداية، يجب تشخيص حالة الطفل قبل السابعة من عمره، أي في سن الأربع سنوات، ويجب تحديد أمكنة معينة كالمنزل والمدرسة، أو المنزل والأماكن العامة، ومن الضروري أن تستمر الأعراض لمدة أقلها ستة أشهر.
ومن الأعراض أيضاً، تأثير الحالة في حياته الأكاديمية والاجتماعية. وفي العادة، تتلخص الأعراض لدى الكبار بصعوبات في تنظيم الحياة اليومية، وفي الحفاظ على مستوى ثابت في العمل، فنجد الشخص المصاب يتنقل بين وظيفة وأخرى.
أما لدى الأطفال، فتتجلّى الأعراض بانخفاض المستوى الأكاديمي، ورغم أن نسبة الذكاء لديهم عالية جداً، لكن درجاتهم في المدرسة تكون سيئة… وهكذا».
الاضطراب في نظر المجتمع
اختصاصية علم النفس المجتمعي في جمعية «أفتا» سارة العيسى، توضح «أن معظم الأطفال يتم تشخيص حالتهم بطيف التوحد، ذلك أن الأعراض متشابهة، وهناك الكثير من الحالات التي تُشخص بطريقة خاطئة، التوحد واضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، ولا بد من توضيح بعض الأعراض المختلفة، فطفل التوحد، يكرر التصرف نفسه، كما أن من الصعب تشخيص فرط الحركة، نظراً الى عدم وجود تحاليل مخصصة لهذا الاضطراب، لكن التشخيص لدى المختص، وحده ما يثبت أن الطفل يعاني اضطراب فرط الحركة».
وتضيف: «لا بد من توضيح أن فرط الحركة وتشتت الانتباه، اضطراب عصبي وليس مرضاً، يُولد مع الطفل، ومن غير الممكن أن تكون هناك إصابات مفاجئة بهذا الاضطراب، فهو عبارة عن خلل أو نقص في موصلات الدماغ، بحيث لا تصل الأوامر كما يجب، ما يؤدي الى الاندفاعية أو تشتت الانتباه. وهو ثلاثة أنواع: إما تشتت الانتباه، أو فرط الحركة، أو كلاهما.
ونجد تشتت الانتباه لدى الإناث بصورة واضحة. أما الذكور، ويشكلون النسبة الأعلى في الإصابة، فيعانون اضطراب فرط الحركة أكثر، أو النوعين معاً.
وأظهرت نسب التشخيص إصابة أنثى واحدة بهذا الاضطراب في مقابل أربعة ذكور. وليس هناك إثبات علمي حول أسباب الإصابة بهذا الاضطراب، رغم تأكيد البعض أن عامل الوراثة قد يؤثر بنسبة 90 في المئة في إصابة الأطفال، الى جانب سلوكيات الحامل، كالتدخين».
وعن غياب مدارس خاصة بذوي اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، تؤكد العيسى أن «هؤلاء الأطفال يجب عدم وضعهم في مدارس خاصة بهم، بل على العكس، من الضروري دمجهم مع الأطفال الطبيعيين، ذلك أن أطفال هذه الفئة يتأثرون بالأشخاص من حولهم، والمدارس لا بد من أن تقوم بخطوات بسيطة، كأن يحتوي المعلم داخل الفصل الطفل المضطرب، فيبعده مثلاً عن الشبابيك والأبواب، ويحرص على إجلاسه الى جانب أطفال هادئين، ليتأثر سريعاً بهم. لذلك نحن بحاجة الى تدريب المعلمين وتأهيلهم لاستيعاب هذه الفئة».
وتضيف العيسى: «ترفض المدارس الخاصة استقبال هذه الفئة من الأطفال بين الخامسة والسادسة من أعمارهم لعدم قدرة المسؤولين في المدرسة على تحمل سلوكيات الأطفال الذين يعانون هذا الاضطراب.
وهناك الكثير من الأسر التي قدمت إلى الجمعية بعد معاناة طويلة من هذه المسألة، إذ تطالب المدرسة الأهل بإحضار مربية ترافق الطفل، أو البحث عمن يقوم بتعديل سلوكه، من ثم إعادته الى المدرسة. وفي مواجهة هذه التقصيرات، تعقد جمعية «أفتا» شراكات مع الجهات المختصة، وفي طليعتها وزارة التربية والتعليم، والتي أثمرت عن برنامج «مرشد أفتا».
كما يتخلص عملنا بزيارة المدارس الحكومية، وبدء دورات وإطلاق محاضرات توعية للمعلمات للتعريف بالاضطراب وأعراضه، والأسباب والعلاج، فيتم التركيز على العلاج التربوي بشكل مكثف، لأن هذا الجانب يقع على عاتق المدرسة والمعلمات، من حيث الانتباه الى الطالبات، وتقصّي أسباب ضعفهن وقصورهن في أي جانب من الجوانب الأكاديمية.
وفي ختام الزيارة، نطلب منهم إرسال أرقامنا الى الأهالي للتواصل معنا، وبدورنا نقوم بإرشادهم الى أماكن التشخيص، ومن ثم نُعد ورش العمل ونلقي عليهم المحاضرات ليتمكنوا من تعديل سلوك أطفالهم في المنزل».
العلاج السلوكي
تشير العيسى إلى أن العلاج السلوكي «يعد جزءاً جوهرياً من علاج اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه لدى الأطفال والمراهقين بحيث تتفق الأبحاث العلمية والتربوية، على أن لاستخدام العقاقير المحفزة واستراتيجيات العلاج السلوكي معاً، تأثيراً فعالاً في تحسين درجات هذا الاضطراب.
كما يعتبر العلاج السلوكي، الوحيد غير الطبي الذي يحظى بدعم وتوثيق علمي واسع. ويجب التنبيه إلى أن مكونات العلاج وطبيعة الأهداف، عملية تتم بصورة فردية، وتختلف وفق احتياجات كل فرد، وطبيعة الأعراض وحدّتها».
وعن استراتيجيات العلاج السلوكي، تقول العيسى: «هناك العديد من المناهج والاستراتيجيات التي تندرج تحت مسمى العلاج السلوكي، وجميعها تشترك في هدف عام، وهو تحليل سلوك الطفل ودراسة بيئته، لتحديد كيفية التدخل وتحسين السلوك.
وعلى المحيطين بالطفل معرفة هذه الاستراتيجيات التي تستخدم سلوكيات الطفل والمراهق بطريقة أكثر فعالية. وللوصول إلى الهدف المرجو، يُحتم على والديّ الطفل ومعلميه والمعالجين، اعتماد طرق فعّالة للتعامل مع الطفل المصاب، وهذه الطرق تستند إلى قواعد أساسية.
ولا بد من التركيز على دور الوالدين، فهو عامل أساسي في مساعدة طفلهما، وقد يحتاجان إلى الدعم والمشورة، وفي إمكانهما الإفادة من إرشادات «أفتا» عبر مجموعات التدريب والدعم التي نوفرها، فتقلّ عندها صعوبة الأهل لدى معرفتهم الاستراتيجيات التي تساعدهم في تعديل سلوك أبنائهم».
وتؤكد: «هناك بعض الإرشادات التي يمكن الأهل تطبيقها في الحياة اليومية، منها وضع نظام يومي يحدد به وقت النوم، وتناول الطعام والاستحمام وأداء الواجبات، كما يجب تنظيم بيئة الطفل من خلال غرفة نومه ومكان دراسته ولعبه، وتوفير أجواء هادئة له أثناء أدائه واجباته أو تناوله الطعام، ومكافأته وتشجيعه حين قيامه بسلوكيات ايجابية تتناسب مع قدراته وعمره.
أما وسائل القصاص فيجب أن تكون بطريقة ثابتة ومحددة مُسبقاً، بعيداً من العقاب البدني أو تجريح الطفل أو شتمه».
العلاج الطبي
استشارية نمو الأطفال في مستشفى الملك فيصل التخصصي في جدة الدكتورة سهير حسن بلخي تشير الى «أن معظم الحالات يتم تحويلها من جانب الجمعية، أو بسبب إثارة المدرسة هذا الأمر.
وفي كثير من الأحيان، يكون هناك تواصل بيني وبين المدرسة، ويخبرونني بأن هناك طفلاً يعاني تصرفات معينة، وقد أعطينا اسمك للأهل للتواصل معك.
وغالبية الحالات التي تصلني الى العيادة هي اضطراب فرط الحركة، والبعض الآخر من النوع الثالث، أي فرط الحركة وتشتت الانتباه معاً.
وكثيراً ما نلاحظ أن الذكور يعانون في العادة فرط الحركة والاندفاعية، الأمر الذي يلفت انتباه المدرسة اليهم، وبالتالي يتم إخبار الأهل. أما بالنسبة الى الفتيات فأغلب الحالات تدور في إطار تشتت الانتباه أو الشرود».
وتضيف: «اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، هو اضطراب نمائي عصبي، يصيب الأطفال، ويتم اكتشافه ما بين خمس وست سنوات، والأعراض تشمل إما فرط الحركة أو تشتت الانتباه أو النوعين معاً.
وعادة تتمحور الشكاوى حول أن الطفل لا يجلس في مكان واحد، وأنه في حركة مستمرة، ومندفع لا يتوخى الحذر، وقد يتصرف من دون التفكير في عواقب الأمور، إضافة الى التسرع والعجلة في حل المسائل المدرسية على سبيل المثال، كما قد يكون شديد الملل، وينتقل بالتالي من مشروع الى آخر من دون إتمام ما بدأه أولاً… وهذه الأعراض لا بد من أن تستمر أقلّه ستة أشهر، كما يجب أن تظهر في أماكن مختلفة… في المدرسة، المنزل، لدى الجيران، في الحيّ، وهذه أحد شروط التشخيص».
وعن العلاج الدوائي تورد بلخي: «في البداية، لا بد من التأكد من صحة الطفل بشكل عام، وعدم وجود عوامل أخرى قد تؤثر في عدم قدرته على التركيز مثلاً، أو في التحكم في الحركة، مثل فقر الدم أو مشاكل الغدة الدرقية، أو حتى اضطرابات النوم… وما إن يتم علاج الأمور السالفة الذكر، حتى نبدأ بتحديد الأدوية والعقاقير التي تتطلبها حالة الطفل.
فليس كل الأطفال المصابين بهذا الاضطراب محتاجين الى التدخل الدوائي. ويمكن أن نبدأ العلاج الدوائي بالتزامن مع العلاج السلوكي، إذا رأينا أن الأعراض أصبحت تعوّق الطفل عن التقدم الأكاديمي، وتُشكل توتراً له، أو مشاكل مع أسرته، فتكون أيضاً فرصة للتجربة الدوائية».
مفاهيم خاطئة عن الأدوية المستخدمة في علاج هذا الاضطراب
«أثبتت الأبحاث أن الأدوية المستخدمة في علاج اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه فعالة وآمنة، وأن ما بين 80 و90 في المئة من الحالات التي عولجت بالأدوية، وبالعلاج السلوكي، أظهرت تحسناً ملحوظاً في تخفيف حدة الأعراض بشكل كبير لديهم»، تؤكد بلخي وتضيف: «وهناك العديد من المفاهيم الخاطئة التي يعتقدها الناس بالنسبة الى الأدوية المستخدمة في علاج هذا الاضطراب، مما قد يثير مخاوفهم من تناول الأدوية أو عدمه.
ومن هذه المعتقدات، أن الأدوية تسبب إخماد حركة الطفل، بينما تعمل في الحقيقة على زيادة إنتاج النواقل العصبية في الدماغ، لتحقيق مستويات طبيعية من القدرة على الانتباه والتركيز، وهي لا تطور الذكاء، بل تجعل الشخص قادراً على التعلم بشكل أفضل».
وعن طريقة عمل الأدوية، تشرح بلخي: «الأدوية تعمل على التقليل من فرط الحركة، بحيث يظل الطفل هادئاً مدة أطول، ويخف لديه الجري والقفز.
كما تعمل على زيادة التركيز لدى الطفل ليتمكن من القيام بالعمل الموكل إليه وإنجازه، وتزيد من استيعابه التعليمات الموجهة إليه، من جانب والديه والآخرين، فيتجاوب معها بشكل أفضل.
كما تقلل الاندفاع لديه، وتمكنه من التفكير في العواقب قبل التصرف، وتخفف من حدة القلق والاكتئاب. كما لا يعتمد الطبيب في تحديد جرعة أدوية الاضطراب على وزن الشخص المصاب، بل يبدأ بإعطائه جرعات صغيرة، يقوم بزيادتها تدريجاً، حتى يصل إلى المستوى الأمثل من جرعة الدواء، مع الحد ما أمكن من الآثار الجانبية».
أما عن مدة العلاج اللازمة فتختتم بلخي حديثها موضحةً: «تظهر النتائج الإيجابية عادة في الأسبوع الأول من بدء العلاج، ونظراً الى أن اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه يعد حالة مزمنة، يُعطى العلاج لسنوات عدة، حتى ينمو الجهاز العصبي للطفل، مع محاولة إيقاف الدواء كل سنة أو سنتين، واختبار أداء الطفل من دون العلاج، وتتكرر المحاولة مرات عدة، وفق الحالة، ورأي الطبيب المعالج.
وهناك خطوات معينة، وخطط علاجية متكاملة لمثل هذا الاضطراب تُستخدم فيها أدوية بالتعاون مع الوالدين، وفق حالة كل طفل، يقرر بعدها الطبيب إعطاء الطفل دواء محدداً دون آخر، بسبب ظهور بعض الأعراض، ولا تُوصف هذه الأدوية عادة إلا في حالات خاصة».
عن نسبة ارتفاع عدد الإصابات بهذا الاضطراب، تؤكد الشريف أن «نسبة الوعي ارتفعت في السعودية، لذلك بتنا نجد عدد حالات التشخيص في ازدياد.
ففي السابق، كان الأمر يقتصر على الشك بحالة الطفل. بكل صراحة، النسب مرتفعة جداً، ففي آخر دراسة أميركية، تبين أن النسبة وصلت إلى تسعة في المئة.
أما في السعودية، فسجلت النسبة في الرياض وحدها 12 في المئة، وفي الدمام 16 في المئة، لتظهر النسبة الأكبر ممن شُخصوا بهذا الاضطراب، في الخارج، إما في دبي أو في الولايات المتحدة الأميركية، وقد قصدوا الجمعية في جدة، إضافة الى الكثير من الحالات التي تم تشخيصها في مستشفى الملك فيصل التخصصي، ومستشفى المشفى، ومستشفى الصحة النفسية».
المصدر: مجلة لها


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.