يوماً بعد آخر تتوالي الأزمات في مختلف دول العالم. وفي كل مرة يخرج الرئيس التركي رجب طيب أردوغان موجها خطابا عاطفيا للشعب التركي مستغلا الأزمات التي تكون علي الاغلب موضع اهتمام العالم العربي والإسلامي لتعويض تراجع شعبية حزب العدالة والتنمية في الداخل. خاصة مع قرب الانتخابات المحلية المقرر اجراؤها في 31 مارس الجاري. وفي وقت تمر فيه تركيا بفترة صعبة اقتصاديا مع دخولها مرحلة ركود للمرة الأولي منذ عشر سنوات. يحاول اردوغان ان يرفع شعبية حزبه أملا باجتذاب الناخبين من خلال البحث عن فرصة يستطيع بها رفع سقف الخطاب السياسي والإعلامي والدعائي التركي خاصة ان هذا الخطاب يجد ارضية خصبة ورواجاً في الشارع الإسلامي. ولكنه لا يجد مردوده الحقيقي في عالم السياسة. خاصة أنه لا يقترن بأي أفعال علي الارض. مؤخرا وجد اردوغان في حادث مذبحة المسجدين في نيوزيلندا فرصة جديدة لمواصلة الركوب علي الموجة والمتاجرة بالدم والدين التي ينتهجها لتحقيق مصالح خاصة. حيث اصر علي عرض لقطات فيديو للحادث علي الرغم من حجبه من معظم المواقع علي الإنترنت اثناء تجمع انتخابي واصفا الحادث بأنه صدم تركيا اكثر من أي دولة مسلمة اخري. وانه جزء من هجوم اكبر علي تركيا والاسلام. سبقت فنزويلا ازمة نيوزيلندا عندما أعلن زعيم المعارضة خوان جوايدو نفسه رئيسا مؤقتا للبلاد حيث أعاد الرئيس التركي لساحة التنديد والشجب. ضد الممارسات الامريكية التي اعلنت دعمها علي الفور لجوايدو. فاستغل اردوغان الازمة للظهور في موقف "الرئيس الشهم" الذي يقف بجانب الشرعية في وجه انقلاب غادر. استغل اردوغان ازمة فنزويلا ايضا لمهاجمة الاتحاد الاوروبي. حيث اتهم الاتحاد بالسعي للاطاحة بالرئيس الفنزويلي نيكولاس مادور. علي حساب الديمقراطية ووجه أردوغان حديثه للاتحاد خلال خطاب متلفز. قائلاً: تتحدثون عن انتخابات ديمقراطية وتسعون للاطاحة بحكومة عبر العنف والتحايل. أما القضية الفلسطينية فشهدت حروبا كلامية شنها اردوغان ضد اسرائيل عدة مرات وصلت بعضها إلي التهديد بقطع العلاقات بين الطرفين كشكل من اشكال الدعم للقضية الفلسطينية. إلا أنه في النهاية لا يتخطي حديثه اطار الكلمات التي لا ولن تلمس ارض الواقع. رغم كل المواقف المزيفة التي يعلنها اردوغان بخصوص القضية الفلسطينية فهو مازال يحتفظ بعلاقة متينة مع اسرائيل يبرهنها عودة زخم التعاون العسكري بين الجانبين ووصول حجم التبادل التجاري إلي ذروته حيث بلغ في عام 2016 قرابة 4.341 مليار دولار أمريكي. ناهيك عن ارسال اكبر وفد اقتصادي تركي مكون من 120 رجل أعمال إلي إسرائيل في 2017. متاجرة اردوغان. بالفلسطينيين وقضيتهم. أثبتها الإسرائيليون أنفسهم من خلال تصريح أدلي به "يؤاف جالنت" عضو المجلس الوزاري المصغر للشئون الامنية والسياسية في اسرائيل عندما صرح قائلا إن حقيقة اطلاق اردوغان لتصريحات نارية من وقت لآخر يعكس حاجته السياسية الكلامية الخاصة.. اتركوه يتكلم نحن نعلم ايضا كيف نتكلم.. لكن عندما يصل الأمر إلي حدود التطبيق العملي فاعتقد أن لتركيا مصالح أخري.