رئيس جامعة جنوب الوادي: لا خسائر بالجامعة بسبب سوء الأحوال الجوية وتعطيل العمل غدًا    مكتبة مصر العامة بالأقصر تحتفل بالذكرى ال42 لتحرير سيناء.. صور    وزير الصحة يهنئ إيهاب هيكل ومجلس «أطباء الأسنان» للفوز في انتخابات النقابة    إزالة 27 حالة تعدٍّ على أراضي الدولة ضمن حملات الموجة ال 22 في الشرقية    جامعة القاهرة تناقش دور الملكية الفكرية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة    غدًا.. قطع المياه عن قريتين ببني سويف لاستكمال مشروعات حياة كريمة    محافظ كفرالشيخ: استلام 47 ألف طن بشون وصوامع الأقماح    مصر تستهدف بيع أصول حكومية قيمتها 3.6 مليار دولار بالعام المالي المقبل    «الجارديان» عن مسؤول أممي: العدوان الإسرائيلي على غزة خلف 37 مليون طن من الأنقاض    الإمارات تستقبل دفعة جديدة من الأطفال الفلسطينيين الجرحى ومرضى السرطان    برقم مثير.. محمد عبد المنعم ومعلول يبصمان على ثنائية تاريخية في الأهلي    قائمة باريس سان جيرمان لمباراة لوهافر بالدوري الفرنسي    بيريرا يكشف حقيقة رفع قضية ضد حكم دولي في المحكمة الرياضية    تفاصيل 9 ضوابط استعدادًا لامتحانات الشهادة الإعدادية    وزير التعليم ومحافظ الغربية يفتتحان معرضًا لمنتجات طلاب المدارس الفنية    طبيب نفسي يوضح الأسباب وراء قضية مقتل طفل شبرا    الإعدام والمؤبد للمتهمين باللجان النوعية في المنوفية    وزيرة التضامن: فخورة بتقديم برنامج سينما المكفوفين بمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    علي الطيب يكشف تفاصيل دوره في مسلسل «مليحة»| فيديو    الليلة.. أصالة تلتقى جمهورها فى حفل بأبو ظبي    أهمية وفضل حسن الخلق في الإسلام: تعاليم وأنواع    الصحة: فرق الحوكمة نفذت 346 مرور على مراكز الرعاية الأولية لمتابعة صرف الألبان وتفعيل الملف العائلي    رئيس البرلمان العربي يكرم نائب رئيس الوزراء البحريني    محافظة القاهرة تكثف حملات إزالة الإشغالات والتعديات على حرم الطريق    السيسي يتفقد الأكاديمية العسكرية بالعاصمة الإدارية ويجري حوارًا مع الطلبة (صور)    التنمية المحلية: تدريب 2034 قيادة علي منظومة التصالح في مخالفات البناء بالمحافظات    كرة اليد، موعد مباراة الزمالك والترجي في نهائي بطولة أفريقيا    مديرية الشباب بالشرقية تنفذ دورات لطرق التعامل مع المصابين    خالد بيبو: لست ناظر مدرسة «غرفة ملابس الأهلي محكومة لوحدها»    «شريف ضد رونالدو».. موعد مباراة الخليج والنصر في الدوري السعودي والقنوات الناقلة    بعد فتح التصدير.. «بصل سوهاج» يغزو الأسواق العربية والأوروبية    «السياحة»: زيادة رحلات الطيران الوافدة ومد برنامج التحفيز حتى 29 أكتوبر    رئيس جهاز العاصمة الإدارية يجتمع بممثلي الشركات المنفذة لحي جاردن سيتي الجديدة    تعليم الإسكندرية تستقبل وفد المنظمة الأوروبية للتدريب    سياحة أسوان: استقرار الملاحة النيلية وبرامج الزيارات بعد العاصفة الحمراء | خاص    تحرير 134 محضرا وضبط دقيق بلدي قبل بيعه بالسوق السوداء في المنوفية    قوافل بالمحافظات.. استخراج 6964 بطاقة رقم قومي و17 ألف "مصدر مميكن"    استمرار حبس عاطلين وسيدة لحيازتهم 6 كيلو من مخدر البودر في بولاق الدكرور    أبو الغيط: الإبادة في غزة ألقت عبئًا ثقيلًا على أوضاع العمال هناك    هيئة شئون الأسرى الفلسطينيين: الوضع في سجون الاحتلال كارثي ومأساوي    حان وقت الصفقة.. تحرك جديد لعائلات الرهائن الإسرائيليين في تل أبيب    بسبب البث المباشر.. ميار الببلاوي تتصدر التريند    وزيرة التضامن توجه تحية لمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير بسبب برنامج المكفوفين    خبيرة: يوم رائع لمواليد الأبراج النارية    الليلة.. أحمد سعد يحيي حفلا غنائيا في كندا    وسط اعتقال أكثر من 550.. الاحتجاجات الطلابية المناهضة لإسرائيل بالجامعات الأمريكية ترفض التراجع    بيان عاجل لهيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة ويأثم فاعله    «بيت الزكاة» يستقبل تبرعات أردنية ب 12 شاحنة ضمن حملة إغاثة غزة    متصلة تشكو من زوجها بسبب الكتب الخارجية.. وداعية يرد    مستشار الرئيس الفلسطيني: عواقب اجتياح رفح الفلسطينية ستكون كارثية    هل يوجد تعارض بين تناول التطعيم وارتفاع حرارة الجسم للأطفال؟ هيئة الدواء تجيب    الكشف على 165 مواطنًا خلال قافلة طبية بالزعفرانة وعرب عايش برأس غارب    طلب إحاطة يحذر من تزايد معدلات الولادة القيصرية    أفضل دعاء تبدأ وتختم به يومك.. واظب عليه    وزير الخارجية يتوجه إلى الرياض للمشاركة في أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي    إشادة دولية بتجربة مصر في مجال التغطية الصحية الشاملة    "كنت ببعتله تحياتي".. كولر يكشف سر الورقة التي أعطاها ل رامي ربيعة أثناء مباراة مازيمبي    عمل نفتخر به.. حسن الرداد يكشف تفاصيل مسلسل «محارب»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خلف الأبواب
يقدمها: صلاح حامد
نشر في الجمهورية يوم 28 - 11 - 2018

كانت "لميس "تعرف نقاط القوة. في جمالها. من نظرات الرجال "الولْهانة". والنساء "الغيْرانة".. وكانت تدرك أن ملامحها الرقيقة. كنسمة العصاري. تحت ظل شجرة . علي ضفاف النيل. هي جواز مرورها. إلي العالم المخملي. كما في حواديت "ألف ليلة وليلة".
لكنها كانت تستيقظ من هذه الأحلام الوردية. علي قسوة الواقع. تماماً كما يلهث الظمآن في البيداء. وراء الماء » فلا يجد إلا السراب.. فتتساءل بينها وبين نفسها : كيف لفتاة فقيرة. أن تتزوج بشاب ثري.. لا.. لا.. هذا يحدث فقط. في الأساطير. وأفلام "الأبيض والأسود ". التي كانت تدغدغ مشاعر المصريين. بعد ثورة 23 يوليو 52. لتمنحهم الأمل في مستقبل أفضل.
في المقابل.. كانت الرغبة في تحقيق شيء مميز. تعود لتدفعها إلي التفاؤل.. ولِمَ لا.. أليست تمتلك المواصفات العاطفية. القياسية. التي جعلت الأمير. يقع في غرام سندريللا. ويجعلها مَلِكة علي قلبه. ومملكته ؟
وهذا هو ما حدث بالفعل. فقد التقت الأمير. الذي جاءها راكباً سيارته الفارهة.. لكن كان الفارق كبيراً. بين نبل وشهامة. أمير سندريللا. وبين "وحوش" القرن الواحد والعشرين. الذين "ترعرعوا" علي أخلاق.. و"قذارة" الإنترنت .
فكيف انتهت قصة "الجَمِيلةْ.. والوحُوشْ "؟!
***
ظلت "لميس "- والاسم مستعار - ترفض العرسان. في انتظار فارس الفرسان. بمواصفات هذا الزمان: شقة فاخرة وسيارة فارهة. ويا حبذا لو يكون. من رجال الأعمال.. خشيت الشابة الجميلة. أن تفوتها الفرصة. فوافقت علي عريس. دخل من "الشباك ".. كان العريس فيه كل المواصفات. لكنه يريدها زوجة عرفية.. وفي مقابل ذلك. سيزنها بميزان الذهب .
وافقت.. فهداياه الثمينة . تأخذ بمجامع القلوب والألباب.. كانت تدرك أنه زواج مؤقت. لكنه خطوة نحو الهدف. و"صفقة". ستحرز فيها "سوبر هاتريك " بلغة كرة القدم . فقد منحها العريس. أكثر مما كان يطوف بخيالها.. لكن : أيُ الناس ليس به عيوب ؟
كان العريس مولعاً ب "أفلام البورنو ". التي تزين للشواذ انحرافهم.. رفضت رغباته المنحطّة. فهجرها. لأنه لا يستسيغ من العلاقات الحميمة غيرها.. لكنها خرجت من التجربة. "ميسورة "وإن كانت "مقهورة ".
بالطبع.. هذه الزيجة السرية. كانت غائبة عن الجميع. اللهم عدد محدود من أسرتها. وصديقاتها.. لكن "أسرار "طلاقها السريع. احتفظت به لنفسها. فليس كل ما يُعرف يُقال. وتحملت سخريتهم. واتهامهم بأنها "غاوية فقر ". لأنها تركت حياة النعيم. والنوم علي مراتب "ريش النعام ". وعادت تمشي فوق الشوك.. "من تاني " كما يقول "حليم ".
لمسة جنون
حاولت التلميح لهم. بأن "الشوك ينبت وسط الزهور ". وأن الرجل الذي تزوجته. "نسيج لوحده". فلم يفهمها أحد. فقررت أن تبتعد. وتمنح نفسها فرصة لالتقاط الأنفاس. تستعيد فيها السلام الروحي.. واتجهت إلي مواقع التواصل الاجتماعي. تتسلي في محبسها الإنفرادي. ووجدت في "الشات "حرية التنفيس عن آلامها.. فالأسماء مستعارة. والتكليف مرفوع .
وتقابلا في غرفة "دردشة". كان شاباً خفيف الظل. منطلق. وسريع البديهة. وكان حديثه يجعلها لا تتوقف عن الضحك. ويبعث الحياة في قلبها العليل.. كانت "لميس "بعد تجربتها الفاشلة. إمرأة شابة صغيرة وهشّة. كورقة شجر في الخريف.. وكانت مثل بطارية فارغة. تحتاج إلي إعادة شحن. فأصبح وجوده بالنسبة لها. من ضرورات الحياة. كالماء والهواء.. فالحب للمرأة كالرحيق للزهرة.
لكن "علاقات النت ". نهايتها تعيسة.. هكذا حدثتها نفسها !!
فترد علي مخاوفها : وهيّ الدنيا تصبح "جِنَان ". إلا بلمسة جنون.. وحنان ؟
قلادة الألماظ
الحاحه في لقائها. شجعها علي أن تخرج بالحب إلي النور.. التقته في مول شهير. وكبير.. وكان اللقاء بعد أيام الجفاف.. خير من ليلة الزفاف.. انبهر بأناقتها ورشاقتها.. وانبهر أكثر بالمجوهرات التي تزين عنقها. وتتدلي من أذنيها. وتملأ أصابع يديها.. فقد كانت هذه كل "غنيمة "جواز السر .
طلبها للزواج.. قالت بدلال : بسرعة كده. هوّ احنا لسّه عرفنا بعض. قال : وهل قلادة الألماظ تحتاج للتفكير . فيما إذا كانت تستحق أن نقتنيها ؟
كلامه أعجبها.. مالت إليه وصدقته. وتمنت أن يعوضها. فلقاء الحبيب هو الطبيب. وعلاج القلوب.. لكن حبل الكذب قصير. فلم يكن "خبير كمبيوتر ". كما قال. بل خبيراً في النصب علي القوارير ".
تركته وعادت للمشي علي الأشواك.. "من تاني "
***
يقول الفلاسفة : ليس هناك أشخاص يتغيرون.. ولكن أقنعة تسقط .
ضربة شمس
في إحدي أمسيات الصيف الماضي. كان "مصطفي "يقف شارد الذهن. في انتظار "المترو ". ليعود إلي منزله. كان عقله يدور بعنف. مثل "خلاطة "الخرسانة. وهي تمزج الأسمنت مع الزلط والرمل .. وكانت مشاهد المشاجرات مع زوجته. تمر أمام عينيه. كشريط فيلم سينمائي "كئيب".. والأكثر سوءاً. أنه لا بصيص أمل. في التغيير في المستقبل .
لم يكن يدري أن هناك صيَّادة تراقبه. وتنتظر الفرصة. لوضعه في الشباك. التي نصبتها له.. وحتي عندما جلس في مقعد. لم يلتفت ليري السيدة. التي جلست بجواره. فهي بالنسبة له. "واحدة والسلام "
انتبه من شروده. علي صوت أنثوي لطيف. يقول له : "انت وصلت فين "؟
نظر إلي جارته مستطلعاً. فإذا بعينيه تقعان علي وجه مألوف.. كانت زميلته "شمس ". فارتسمت علي وجهه. ابتسامة رضا عريضة. تكفي لإسعاد نصف سكان القاهرة الكبري. علي أقل تقدير. فهو - من وجهة نظره -. كان علي موعد مع الحظ .
أحلام اليقظة
لم تكن "شمس "صاروخاً في عالم الجمال. لكنها بملابسها القصيرة. الساخنة. تستطيع السيطرة علي أصحاب القلوب المحرومة. بغمزة عين واحدة.. وهو نفسه طالما شغلته. في أحلام اليقظة. لولا خجله. الذي يمنعه أن يكون من يبدأ بالكلام.
لكنها - علي عكسه تماماً -. تجيد العزف علي أوتار القلوب.. قالت له : لماذا تركب مواصلات "الغلابة ".. قال : أنا محظوظ. لأن سيارتي في الصيانة. وكنت علي موعد مع "القمر ".. ضحكت.. كانت تري في عينيه. بريق رغبة مكبوتة. كلما مرت أمامه في العمل. فقررت أن تنصب له الشباك. فاصطياد أمثاله. أمر سهل المنال .
الجحيم
قالت له : "بلاش بكش "انت رجل متزوج ؟
- رد : هل تقصدين المرأة. التي أحالت حياتي جحيماً ؟.. ثم أضاف : ناس لها "النكد "- وأشار إلي نفسه - .. وناس لها "جميلة الجميلات "- وأشار إليها - .
صدرت عنها "تنهيدة ".. قالت : "الحال من بعضه ". يبدو أنني وأنت من "المتاعيس ".. لكن الفارق بيننا. أنك ميسور. وتستطيع - كرجل - أن تتزوج بأخري "تدلّعك ".. لكن أنا ياحسرة "أروح فين ؟".
كانت "شمس "في عصمة رجل. ومع ذلك بدأت تنصب شباكها. لإصطياد زوج أخر. و"شرعي "كمان.. فالرجال - عندها - مجرد سلالم. تصعد فوق أكتافهم. أو علي ظهورهم. للوصول للهدف : الثروة والمركز الإجتماعي.. أمّا هو.. فقد كانت ثروته عقارات وأراضي . تركها له والده.. والوظيفة مجرد "واجهة "اجتماعية .
دبلوماسية
كان الحوار بينهما. يدور في إطار دبلوماسي. فالمكان لا يسمح بتبادل العواطف.. خلال الأيام التالية. كانت تذهب إليه لتثير شجونه. ثم تهرول مبتعدة. وتتركه "يغلي "كالمرجل. ليذهب إلي "الفخ"علي قدميه. وهو في غاية الرضا. والسعادة .
وكما كانت تتوقع. لم تكن الفريسة. تمتلك القدرة. علي المزيد من الصبر. وعذاب الانتظار.. اتصل بها يطلبها للغداء معه. فلم تناور. واضاءت أمامه الإشارات الخضراء .
في جلسة "الفضفضة ".. قالت له : انا خلاص "زهقت "من هذا الرجل - تقصد زوجها - .
- بادر بالرد : إخلعيه.. من لايصون النعمة. التي بين يديه. يتركها لمن يقّدر قيمتها .
* قالت باستكانة المغلوبة علي أمرها : "وبعدين اروح فين"؟
- رد : أنا جاهز وتحت الأمر .
* قالت : لا.. أنا "مش خرّابة بيوت ".. وبعدين "خايفة تعشمِّني ". فلا أطول بلح الشام ولا عنب اليمن .
ولكي تثير فيه عاطفة الرجولة والنخوة.. أكملت : حرام عليك.. يبدو إنك خبير. في اللعب بقلوب النساء .
- رد : أقسم بالله إني جاد .. المغفّل فقط من يطرق الحظ بابه. فلا يفتح له .
لعبة الستات
خلال هذه الجلسة الرومانسية. اتفقا علي كل شئ.. سيترك زوجته في عصمته. لترعي الأبناء.. وسيشتري لحبية القلب شقة تمليك بإسمها. لتضمن مستقبلها. ويتزوجا شرعياً. بعد حصولها علي الخلع .
خلال مناوشات الخلع مع زوجها. وفترة العِّدة. كانت حريصة. علي أن تظل نار الرغبة . في أوج اشتعالها. وتأججها. فالجائع إذا إمتلأ بطنه. فترت همَّته.. وهكذا تحولت النزوة. التي لم يستطع الحصول عليها مجاناً. إلي زواج شرعي.. لكن: هل يستطيع رجل أن ينام. قرير البال. بجوار حيَّة رقطاء ؟
بعد عدة أسابيع فقط من الزواج. وصلته الاخبار. بأنها تقضي لياليها. في السهر خارج البيت. مستغلة قضاءه الليل في "البيت الثاني "... عاتبها.. قالت إنها لن تعيش وحيدة. بين أربعة جدران.. جلس مع نفسه. يحسب المكسب والخسارة. من هذه الزيجة. فوجد أنها "خربت بيته ". ولم يحظ علي الحب. والسعادة. فقد شرب من نفس الكأس. التي سقي بها زوجها الأول .
طلقها لينساها.. لكنه لم يتخلص من شرورها. فهي الأن تطارده بالقضايا في المحاكم .
***
قال الفيلسوف اليوناني سقراط : الكذّابون خاسرون دائماً. ولا سيّما أن أحداً لا يصدقهم .. حتي ولو صدقوا .
حَربْ "الحَرِيمْ "
توقف موكب العُرسْ. أمام باب عمارة. في حي قاهري راقي. انطلقت الزغاريد. وكلاكسات السيارات. تشق سكون المساء. في الحي الهادئ. فتجمّع الجيران للفُرجة علي الزفّة.. لم يكن يظهر من مفاتن العروس. سوي عينيها.. لكن كان ذلك يكفي. لإشعال نار الإعجاب.. والغيرة. ف- "العيون منبع الدفء. ومقر الأسرار".
إشرأبت الأعناق. لتري العروس من بين الزحام. واتسعت الأحداق. وزاد خفقان قلوب الصغار والكبار. فمثل هذه العيون الفاتنة. قد لا يُقَّدر لهم. رؤية مثيلاتها. حتي أخر العمر .
تمني الجميع أن تظل العروس. واقفة في مرمي العيون. حتي الصباح. فلا أحد سيلوم. من يتطلع إلي عروس. في ليلة زفافها .
لكن هذه الأماني. لم يكن تتشارك فيها النساء. مع الرجال.. وما حدث بعد ذلك. أكثر خطورة.. وإثارة !!
***
في تلك الليلة. "انغرست "شوكة في قلب كل إمرأة. من سكان العمارة. فأزواجهن - بدون قصد - زادوا وعادوا. في وصف جمال وقوام العروس. الذي يفوق قوام العارضة ناعومي كامبل. ولاعبة التنس أنَّا كارنيكوفا .
بالطبع.. لا تستطيع أي زوجة. أن تتهم زوجها بأن "عِينُه زايغة. أو أنه "رجُلى بِصْبَاص "- علي رأي الفنان عبد المنعم مدبولي -.. وإلا لماذا تتجمل العروس. وتجلس في الكوشة. وتسير في الزفَّة.. أليس ليراها الناس ؟
لكن المشكلة. أن العريس لم يكن شاباً غريباً. سيغلق بابه علي نفسه. ويكفي "خيرُه شرُّه ". فينساه الناس. ويتوقفوا عن الحديث. عن جمال زوجته.. فقد كانت تربطه صلات القربي. بكل السكان.. فالعمارة "عائلية ". شيَّدها الجد الأكبر ليعيش فيها الأبناء والأحفاد. والكل "أهل وأقارب ".
زيارات إلزامية
وهكذا.. كانت هناك زيارات إلزامية. للترحيب بالعروس. التي جاءت من خارج العائلة. وتقديم التهاني والنقوط للعريس - ابن العيلة - .. وبالطبع تكون العروس في انتظارهم متألقة. متأنقة. ولأن "مفيش حد غريب ". فإنها تتحدث علي سجيتها. فتأخذ بالأفئدة قبل العقول .
بدأت الغيرة "تنهش "في قلوب نساء العمارة. فلا حديث للشباب والرجال. إلا عن "ظُرف "وأناقة ورشاقة "هالة ". التي كسر "شريف "من أجلها "القاعدة ". وتزوج من خارج العائلة. في بادرة من المؤكد أنها "ستكرر ". بعد نجاح هذه التجربة .
كانت الزوجة الحسناء - بدون قصد - تصب الزيت "المغلي "علي نار الغيرة. فتزيدها اشتعالاً. بعدم تجنب الحديث. مع الرجال من اقارب زوجها. فهي اجتماعية بطبعها. ولا أحد "يشبع "من الحديث معها.. هذه اللقاءات العفوية. كانت "تتعذّب "بها جاراتها. كما تتعذب الفأرة. التي تلعب بها القِطة. قبل أن تأكلها .
ومرة أخري.. كانت نساء العمارة في "ورطة ". فلا يستطيع أحد. أن يتهم العروس الشابة. أو الرجال. ب- "قِلّة الأدب".. فاللقاءات بريئة. وجماعية. وليست في الغُرف المُغلقة .
وحدة مصالح
"الغيرة "من الفاتنة الصغيرة. وحَّد قلوب النساء. اللاتي كانت بينهن في السابق "ما صنع الحّداد ". لكن مصالحهن الأن واحدة. خاصة أن علاقة كل واحدة بزوجها. وصلت حد الإحتقان. فلا حديث لأحد. إلا حول "هالة قالت.. وعملت.. ولبْسِت ". وكأنها النموج الحصري.. للمرأة العصرية .
اتفقت النساء علي شن الحرب. ضد المرأة الشابة. التي لاتربطها بهن. علاقات قُربي.. المبادرة الأولي ل- "جر شكل "الجميلة جداً. كانت من نصيب جارتها. صاحبة الشقة في الدور الأسفل منها. التي أشعلت معها "خناقة ". بحجة "الغسيل".
في المساء.. انعقدت في كل شقة. جلسات لمناقشة الخناقة الأولي من نوعها. في العمارة. رفعت خلالها كل زوجة شعار : "مفيش حاجةپتيجي منپالغرب تسُّر القلب "- باعتبار أن الزوجة الجديدة. غريبة عنهم -. لكن الرياح لم تأت بما يشتهي "حلف الزوجات ". فقد صدرت الأحكام ضدهن.. صحيح أن "هالة "أخطأت.. لكن كان يجب معاتبتها بالحسني.. وليس ب- "الشرشحة وفرد الملاية ". وكأن الجميع "مش أهل واقارب ".
طعنات من الخلف
بعد هذه الهزيمة. بدأ "حلف الزوجات ". شن المناوشات "من بعيد لبعيد ". وبأعذار ظاهرها الرحمة. وباطنها العذاب.. لكن كانت تخرج منها "الجميلة "منتصرة. وكأنها "هانم ".. والأُخريات "غجر".
ألقي "حلف الزوجات "بالسهم الأخير.. والخطير. انتشرت شائعات. لا أحد يعرف مصدرها. أن "هالة "سلوكها "مش ولابد". فماذا ننتظر من إمرأة جميلة. زوجها "سايب لها الحبل علي الغارب "؟
هذه المرة كانت الطعنة من الخلف و"نجلاء ".. وأمام الضغط الشديد. والمتواصل. اضطر "شريف"أن يكاشف زوجته. بما يُقال خلف الأبواب المغلقة.. ردت : "كلُّه إلا الشرف ".. لم يعد لي مكان في هذا البيت.. وتركت "البيت المسموم ". بشروط : الإقامة في مكان أخر.. أو الطلاق .
وعاد الهدوء ل "العمارة العائلية ".. ولكن علي جثة المرأة "أم العيون السود ".
***
يقول الحكماء : "يظل مشعل الحكمة متألقاً.. ما دامت عيون النساء الجميلات. لا تُلقي عليه وهجُها".
الحكاية فيها "إنّ "
في يوم لم تطلع شمسه. تزوجت "سامية "من أول عريس. طرق بابها .. كان زواجاً تقليدياً. لم تسبقه قصة حب.. فالأهم عند أسرتها أن "تتستر "في بيت العَدَل. والحب قد يأتي بعد الزواج. أو لا يأتي. فذلك لا يهم.. لأنه "ليس بالحب وحده يحيا الإنسان "- بحسب أقوال الحكماء - .
***
لم تحصل "سامية "علي مؤهل جامعي. ولا هي سليلة أسرة اسمها يدّوي ك "الطبل ". كي تتبغدد. وتبيع وتشتري في العِرسان. أو تضع ساقاً علي ساق. وتجلس "تنقِّي "و تختار. ولذلك التزمت الصمت .عندما جاءها العريس. فقالوا "السكوت علامة الرضا ". وعموماً فإن رأيها لن يقِّدم أو يؤخِّر. في شئ .
** فماذا كان ينتظرها.. في "المنطقة المجهولة "؟
***
"سامية "تروي قضيتها ل- "خلف الأبواب ". عبر الإيميل [email protected] تقول : قبل 18 عاماً. عندما جاءني "أبو عادل "خاطباً. قالت لي أمي - يرحمها الله - : "بُوسي ايدك وش وضهر ". وتم زفافي في حفل بسيط. وانتقلت إلي "عِشّة الزوجية ". التي كانت - ومازالت - "مطرحين وصالة وحمام ".
لم تكن حياتي مفروشة بالورد. لكنها مقبولة - علي كل حال -. فالزواج مثل "البطيخة ". والبنت الشاطرة. هي التي تجعل الأيام تَمرّ. والليالي تَكُّر. وهو مرابطة في بيت زوجها. لا تتزحزح منه. مهما كانت الظروف. والصعوبات. فلا مجال للعودة إلي بيت العائلة. تنفيذا لوصية والدي - الله يرحمه - : لو خرجت من بيت زوجك مطلّقة. فلن تجدي أحداً "يبصّ في وشِّك ". إلا شامت أو طامع .
بوابات الأمل
تضيف : كانت الحياة صعبة. في كنف زوجي "البخيل ". وكنت - بالضبط - كمن تهرب من المطر. فتصادف البرد. لكن سطع في "عِشّة الزوجية ". بصيص من الأمل. بعدما "اشتري"زوجي عقد عمل بالخارج.. لكن - للعلم - لم تكن سعادتي الحقيقة. في أنني قد أركب "الطيارة "وأسافر عبر المدن والوديان. ولكن لأنني سأحصل علي "هدنة ". من المشاكل الزوجية. فالبعيد عن العين. بعيد عن الخاطر .
تتابع في رسالتها : عشت علي الكفاف. فما كان يرسله زوجي. يكاد يكفي ضرورات الحياة لأولادي.. ومع ذلك كنت سعيدة. فالبعد عنه أكبر غنيمة. أصبح هذا الرجل - بالنسبة لي - مجرد ذكري. فاتصالاتنا محدودة. وجافة. وحتي إجازته السنوية. كان يقضي غالبيتها "عند امه ".. وهو أمر غريب ومثير للعجب.. ووراء ذلك "قصة أخري"!!
أيام وليالي النكد.
عاد زوجي من "السفرِيّة الفقْرِية ". ليستقر في القاهرة. وعادت معه "أيام وليالي النكد ". ولكي يضع حداً لهذه الحياة البائسة - كما قال -. قرر الإقامة "عند امه ".. قلت : مش مهم.. كفايه أعيش لأولادي .
لكن هذا الوضع الغريب. أثار تساؤلات الناس.. البعض قال : "الراجل اتجنن ":. وآخرون أجزموا بأننا انفصلنا بالطلاق. وجبهة ثالثة رأت في تصرفه "شُغل عيال ".
لكن الذين يفهمونها و"هيّ طايرة "قالوا : "الحكاية فيها إنَّ"
قلت : لماذا ؟
قالوا : "أصل إنت عبيطة.. شغِّلي مخك وانت تعرفي "!!
شغّلت مخي من باب حب الاستطلاع. فقط. فشجرة الحب قطعناها من زمان. وأشعلنا فيها النار. وبالبحث والتقصي وسؤال أولاد الحلال. عرفت أن الرجل "سمن علي عسل ". مع أرملة جارة أمه. و"بعلم الست الوالدة كمان ".. ربما تكون بينهما علاقة محرمة. أو زواج عرفي. والله أعلم .
حاجه ببلاش كده
كانت "الأرملة الحنون ". كاسرة عين العجوز - حماتي -. بالهدايا والمجاملات.. الغريب أنها لم تكن "غلبانة "وتستحق الصدقة. لكن - كما يقولون - "عندما تشيخ كل العيوب. يبقي البخل شابا ". لذلك شجعت ابنها. علي الارتباط بالأرملة. التي تُعطي المال. ولا تأخذ إلا "الحب ".. يعني "حاجه ببلاش كده ". وكلها مكاسب .
وصلت "سامية "في رواية قضيتها. إلي "أسخن "نقطة.. قالت : وصل الجحود و"الاستهبال "بزوجي و"امه ". أن منعا عني المصروف الشهري. بزعم أن "الإيد قصيرة. والعين بصيرة ".. ذهبت إليهم "استجدي "قوت أولادي.. أثناء الحوار. دخلت المرأة الأخري. وشاركت في الحوار. فهي "من أهل الدار ". فأثارت غضبي ورفعت صوتي.. فكان رد فعل زوجي. خارج كل التوقعات.. صفعني ونهرني بحدة : "مش دي الطريقة اللي تكلمي بيها ست ستك ".. ثم القي عليّ يمين الطلاق. وطردني من "بيت امه ".. ومن يومها وأنا "زبونة "في المحاكم. لأحصل علي الطلاق الرسمي. ونفقة الأولاد .
***
"خلف الأبواب ": "قمة الجنون أن يعيش المرء فقيرا. ليموت غنياً.. وحال هؤلاء مثل الجمل الذي ينقل السكر. لكنه يرعي الشوك.. أمّا "حسنة "هؤلاء الرجال. فهي أن "البخيل لماله. أما ماله فلعياله ".. لكن بعد الموت فقط .
طلاق "رومانسي "
في السنة الجامعية الثالثة. تقدم عريس لخطبة "مِنَّة ".. لم يكن هناك حاجة للسؤال والتحري. فوالدا العروسان أصدقاء. وشركاء في التجارة. وهذا الزواج. الذي يشبه زواج العصور الوسطي . سيُدّعم العلاقة بينهما .
كان العريس شاباً وسيماً. ورائعاً. فوافقت العروس. وتحدد موعد الزفاف. في الإجازة الصيفية.. بعد تجهيز عش الزوجية. كأفضل ما يكون .
لكن برغم التكافؤ بين العروسين.. في كل شيء تقريباً . فإن هذا الزواج انتهي بالطلاق السريع. وبطريقة "رومانسية ". لم تحدث من قبل .
***
تفاصيل پهذه القضية الغريبة. أرسلتها "مِنَّة "ل "خلف الأبواب ". عبر الإيميل com.kalfabwab@gmail. تقول : لا أخفيك سراً أنني كنت أتحرق شوقاً. في انتظار ليلة الزفاف. لأكون قريبة من العريس. الذي وجدت نفسي مُعجبة به. من أول مرة رأيته.. كنت أتمني أن أغمض عيني ثم أفتحهاپ. لأجدني في "مملكتي".
تضيف : حانت ساعة الزواج . وانتقلت إلي بيت الزوجية. الذي كان بالنسبة لي. بيتى صغيرى دافيء. لكنني لم أشعر بالتوافق. والتآلف. مع زوجي. برغم إعجابي به. وكان واضحاً أنه يبادلني نفس الشعور. لكننا قررنا منح أنفسنا مهلة. فربما يجمعنا الحب. الذي قد يأتي مع العشرة الطيبة. والعلاقات الزوجية الحميمة .
كنت أجبر نفسي علي التودد إليه. مع إحساسي النفور. ولكن طال الأمر. واستمر. حتي أكملت الشهر الرابع. بعد زواجي.. ولم يأت الحب. ولا حتي القبول .
تتابع : بدأت حالتي النفسية تسوء. كنت أبكي عندما أنفرد بنفسي. وكان زوجي يعانيپما أعانيه. وأكثر. بسبب محاولاته للضغط علي نفسه. ومع ذلك لم يشعر بالود والألفة تجاهي. وحتي لا أظلمه . فقد كانت فيه جوانب جيدة. وكانپعاقلاً. ورجلاً بمعني الكلمة .
تكاشفنا وعرفنا حقيقة مايدور في قلبينا.. بكينا علي حالنا. ففي حين كنا نتمني.پأن يكون هذا الزواج. هو الأول والأخير لكلينا. وأن ترفرف راية الحب. فوق بيتنا. وحينما لم يحصلپشيء من هذا. قررنا أن يكون طلاقنا ناجحاً. حيث لم يكن زواجنا كذلك.پ
جلسنا سوياً ومعنا ورقة وقلم . لنتفق علي التفاصيل. ليكون الأمر مقنعاً أمام الناس. وحتي لا نُغضب أسرتينا.. كان يلزم أن نعرف متي سيتم إعلان الطلاق. وماذا سنقول لأهلنا والناس ؟
الخبر الصاعقة
تستطرد "مِنَّة ": كنت مترددة وخائفة جداً. من وقع الصاعقة . التي سيحدثها إعلان خبر طلاقنا. وأفكر ليل نهار. في حالي بعد الإنفصال..پ فهل من المعقول. أن أكون امرأة مطلقة. في عمر الواحد والعشرين؟!!پ
كنت كذلك أفكر في والديّ. وأخوتي. وصديقاتي.. ماذا سيقولون ؟پ
وكنت أبكي علي نفسي أحياناً. وفي وأحيان أخري. أحمد الله أن هذا الشخص. هو من تزوجني. حيث كان عادلاً معي. ويخاف الله فيّ.. ولو كان شخصاً آخر. بأخلاق فاسدة. لرأيت منه الأمرَّين. ولكانت العواقب وخيمة.پ
وبعد إدارة الرأي. أعود وأطمئن نفسي. وأقنعها أن طلاقاً في حالتي هذه. وفي هذا الوقت. خير من الطلاق بعد إنجاب الأطفال. الذين لاذنب لهم. في أن يخرجوا للحياة. في أسرة فاشلة .
تقول"مِنَّة ": أعلم أن الأسرتين سيظنون. أننا أتخذنا القرار. في لحظة تسّرع. لكنني مقتنعة والحمد لله. أنناپطرقنا جميع الأبواب . في محاولة التقارب بيننا. ولم نحصل علي نتيجة إيجابية. فهذا أمر خارج عن طاقتنا. وإرادتنا. والحب بيد الله وحده. هو الذي يضعه ويرفعه .
الرجولة والشرف
تضيف "منّة ": پلم نتخذ قرارنا المثير. ليبحث كلانا عن حب رومانسي. كما الحال في الأفلام. ولا تفسير للنفورغير المبرر بيننا. إلا بحديث الرسول "صلي الله عليه وسلم " : "الأَرْوَاحُ جُنُودى مُجَنَّدَةى . فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ . وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ".پ
تحملنا تهكمات الناس. واتهاماتهم لنا ب "الدلع ". بأشياء أخري تطال رجولة زوجي. وشرفي.. لكن احتفظ كل منا بسره. ومضينا في اجراءات الطلاق. فمن يده في النار. ليس كمن يده في الماء البارد .
تنهي "منة "رسالتها قائلة : أدعوا الله لهذا الرجل المتزن. أن يرزقه الله زوجة صالحة تسعده. وأن يعوضنيپخيراً علي مافقدت.. والحمدلله رب العالمين .
***
يقول نزار قباني : "الحب للشجعان.. الجبناء تزوجهم أمهاتهم".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.