"التار ولا العار" شعار يجب أن يسقط.. والمناسبة هي جريمة ثأر جرت أحداثها منذ أيام. مما أعاد إلي الأذهان العديد والعديد من جرائم الثأر التي جرت علي مدي العقود التي خلت والتي يعاني من أسبابها ومقدماتها وتداعياتها أهالينا في صعيد مصر تحديداً. البدائية. القبلية. العصبيات العائلية. العادات والتقاليد البالية. الأمية بكافة أشكالها أبجدية أو دينية أو ثقافية. غياب القانون والدولة الرخوة.. كلها عناصر تمهد الطريق إلي الشجار والتعارك ربما لأتفه الأسباب. وتشتعل "العركة" ويتصاعد لهيبها ويسقط القتيل الأول وتدور العجلة. عجلة الأخذ بالثأر ولا تتوقف عن الدوران لتصل المحصلة إلي عدد لا بأس به من القتلي طالما الأسباب التي أفضت إلي هذه النتائج مازالت قائمة ولم تغب. والأخذ بالثأر منظومة بدائية ممقوتة حضارياً وليست وليدة اليوم ولا الأمس القريب أو البعيد. لكنها متجذرة في العمق العربي واجتثاث جذورها يتصل بغياب العناصر المذكورة في صدر المقال.. ونطالع صفحة التاريخ: * حرب الباسوس في الجاهلية بين بني تغلب وبكر ابني وائل: ذات يوم رأي كليب بن ربيعة التغلبي ناقة "الباسوس" وقد دبت في أرض هي تحت حمايته فأمر بقتل الناقة دون نقاش. و"الباسوس" هي خالة جساس بن مرة البكري شقيق جليلة زوجة كليب. ظل جساس يتحين الفرص كي يأخذ الثأر حتي اغتال كليباً. ودارت رحي المعارك وتساقط القتلي والجرحي من الجانبين علي مدي أربعين سنة. * حرب داحس والغبراء: نشبت بين قبيلتين عربيتين هما "عبس" و"ذبيان" في النصف الثاني من القرن السادس للميلاد واستمرت قرابة الأربعين عاماً وكان سببها المباشر رهان في سباق بين فرسين هما "داحس" و"الغبراء". * في السنوات الأخيرة من عصر الخلفاء الراشدين: صفحة دموية أخري سجلها التاريخ حيث دارت معركة النهر بين الخوارج من ناحية وأتباع الإمام علي بن أبي طالب من ناحية أخري. قتل فيها من قتل وجرح فيها من جرح. ومن بين القتلي والد "فطام بنت الأخضر" وشقيقها. كانت فطام هذه امرأة رائعة المحيا. فائقة الجمال ومحط اشتهاء الكثيرين. هام بها عبدالرحمن بن ملجم وخطبها بالفعل وعندما أراد إتمام الزواج كان إصرارها علي الأخذ بثأر أبيها وشقيقها أولاً. وطلبت منه إما ثلاثة آلاف عبد أو قتل علي بن أبي طالب. فقام بتنفيذ طلبها بقتل الإمام علي وارتوت أرض كربلاء بالدماء.. وتمضي الأيام. والعقود والقرون والثأر هو الثأر.. حتي في القرن الواحد والعشرين.. والحديث يتواصل.