رئيس الطائفة الإنجيلية يشهد افتتاح مبنى خدمات ومكتبة كنيسة المقطم.. صور    آخر تحديث: سعر الدولار صباح تعاملات اليوم الخميس 25 أبريل 2024 في مصر    تطبيق التوقيت الصيفي في مصر 2024: خطوات تغيير الساعة وموعد البدء    تأثير حملة "خلّوها تعفن" على أسعار الأسماك واللحوم في مصر    محافظ الغربية يتابع الموقف التنفيذي لكورنيش المحلة الجديد    تراجع إنتاج السيارات في المملكة المتحدة خلال مارس الماضي    حماس تبدي استعدادها لإلقاء السلاح في حالة واحدة فقط    الدفاع المدني الفلسطيني: الاحتلال دفن 20 شخصا على الأقل بمجمع ناصر وهم أحياء    الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام المسجد الأقصى    إصابة 3 أشخاص في انقلاب سيارة بأطفيح    مسلسل البيت بيتي 2.. تفاصيل العرض ومواعيد الحلقات على منصة شاهد VIP    الرئيس السيسي: سيناء تشهد جهودا غير مسبوقة لتحقيق التنمية الشاملة    شوشة عن إنجازات سيناء الجديدة: مَنْ سمع ليس كمَنْ رأى    البحرية البريطانية: بلاغ عن حادث بحري جنوبي غرب عدن اليمنية    الكويت ترحب بنتائج تقرير أداء "الأونروا" في دعم جهود الإغاثة للفلسطينيين    مواعيد مباريات الخميس 25 إبريل - الأهلي والزمالك في بطولة إفريقيا لليد.. ومواجهة صعبة لمانشستر سيتي    صباحك أوروبي.. بقاء تشافي.. كذبة أنشيلوتي.. واعتراف رانجنيك    مفاجأة غير سارة لجماهير الأهلي قبل مواجهة مازيمبي    الأهلي يصطدم بالترجي التونسي في نصف نهائي كأس الكؤوس لليد    موعد مباراة الزمالك وشبيبة أمل سكيكدة الجزائري في نصف نهائي كأس الكؤوس لليد    "أبو زعبل للصناعات الهندسية" تكرم المحالين للمعاش    التريلا دخلت في الميكروباص.. 10 مصابين في حادث على صحراوي البحيرة    مصرع وإصابة 10 أشخاص إثر تصادم سيارتين في البحيرة    «التعليم» تستعرض تجربة تطوير التعليم بالمؤتمر الإقليمي للإنتاج المعرفي    حمزة العيلى عن تكريم الراحل أشرف عبد الغفور: ليلة في غاية الرقي    اليوم.. حفل افتتاح الدورة ال 10 لمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    الليلة.. أنغام وتامر حسني يحيان حفلا غنائيا بالعاصمة الإدارية    وزير التعليم العالي: تعزيز التعاون بين منظومة المستشفيات الجامعية والتابعة للصحة لتحسين جودة الخدمات    التحقيق في سقوط سيارة من أعلى كوبرى روض الفرج    الشواطئ العامة تجذب العائلات في الغردقة هربا من الحر.. والدخول ب20 جنيها    نشرة مرور "الفجر ".. سيولة بمحاور القاهرة والجيزة    بعثة الزمالك تغادر مطار القاهرة استعدادا للسفر إلي غانا لمواجهة دريمز    فرج عامر: لم نفكر في صفقات سموحة حتى الآن.. والأخطاء الدفاعية وراء خسارة العديد من المباريات    انقطاع مياه الشرب عن منشية البكري و5 مناطق رئيسية بالقاهرة غدًا    وزير النقل يشهد توقيع عقد تنفيذ أعمال البنية الفوقية لمشروع محطة الحاويات تحيا مصر 1 بميناء دمياط    فن التهنئة: استقبال شم النسيم 2024 بعبارات تمزج بين الفرح والتواصل    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس25-4-2024    أمر عجيب يحدث عندما تردد "لا إله إلا الله" في الصباح والمساء    هل يوجد فرق بين صلاتي الاستخارة والحاجة؟ أمين دار الإفتاء يوضح    عادل الغضبان يهنئ أبناء محافظة بورسعيد بالذكرى ال 42 لعيد تحرير سيناء    هيئة الرعاية بالأقصر تعلن رفع درجة الاستعداد تزامنا مع خطة تأمين ذكرى تحرير سيناء    الصحة: 3.5 مليار جنيه لإنجاز 35 مشروعا خلال 10 سنوات في سيناء    حبس المتهم بإنهاء حياة شخص بسبب الخلاف على المخدرات بالقليوبية    لأول مرة .. أمريكا تعلن عن إرسالها صواريخ بعيدة المدى لأوكرانيا    احتجاجات طلابية في مدارس وجامعات أمريكا تندد بالعدوان الإسرائيلي على غزة    علماء بريطانيون: أكثر من نصف سكان العالم قد يكونون عرضة لخطر الإصابة بالأمراض التي ينقلها البعوض    هل ترك جنش مودرن فيوتشر غضبًا من قرار استبعاده؟.. هيثم عرابي يوضح    مشاجرات خلال اعتقال الشرطة الأمريكية لبعض طلاب الجامعة بتكساس الرافضين عدوان الاحتلال    المنيا.. السيطرة على حريق بمخزن أجهزة كهربائية بملوى دون خسائر في الأرواح    الاحتفال بأعياد تحرير سيناء.. نهضة في قطاع التعليم بجنوب سيناء    أحمد موسى: مطار العريش أصبح قبلة للعالم وجاهز لاستقبال جميع الوفود    هل يجوز قضاء صلاة الفجر مع الظهر؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    رئيس «الطب النفسي» بجامعة الإسكندرية: المريض يضع شروطا قبل بدء العلاج    مش بيصرف عليه ورفض يعالجه.. محامي طليقة مطرب مهرجانات شهير يكشف مفاجأة    تقسيط 30 عاما.. محافظ شمال سيناء يكشف مفاجأة عن أسعار الوحدات السكنية    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    حظك اليوم برج الميزان الخميس 25-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    فريد زهران: نسعى لوضع الكتاب المصري في مكانة أفضل بكثير |فيديو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحليل سياسي
ألف باء
نشر في الجمهورية يوم 21 - 08 - 2017


لم يعرف التاريخ شعبا أسوأ حظا من الأكراد..!
ظلمتهم الجغرافيا . فجعلت أرضهم مغلقة بلا منفذ . ووزعت قبائلهم علي 5 دول . فعاشوا فيها مشتتين ومضطهدين .. لأنهم دائما ¢الأقلية¢ في كل دولة ..!.
وظلمهم قادتهم في كل العصور . باتخاذ مواقف غير محسوبة .. أدت الي تعرضهم لانتكاسات واحباطات وخدع ومآس لاحصر لها ..! . وظلموا أنفسهم .. لأنهم لم يتعلموا من دروس التاريخ ..!
عندما نشبت الحرب العالمية الأولي أعلن الأكراد دخول الحرب . واشتركوا فيها دون أن يكون لهم أي مصلحة في ذلك .. والنتيجة : اصابتهم بخسائر جسيمة في الأرواح والممتلكات ..!
- سمحوا للدول الكبري باستخدام قضيتهم كورقة في لعبة الصراعات بينها .. فاذا ما انتهت اللعبة . فقدت الورقة قيمتها ولم يجن الأكراد شيئا ! .. حتي أصبح يضرب بهم المثل في المواقف التي يتم فيها اللعب بشخص ما أو خداعه .. فيطلق علي ذلك ¢استكراد¢ . وهو مصطلح جديد في اللغة العامية يعني أكل حق شخص ما ..!
- عاشوا حياتهم يبنون مواقفهم علي حسابات خاطئة .. ويصدقون كل من يعدهم باقامة دولتهم التي يحلمون بها ¢كردستان¢ .. وهو حلم يبدو من المستحيل تحقيقه في ظل الوضع الدولي الراهن . لأن الدول الخمس التي يعيش فيها الأكراد . وهي : تركيا . والعراق . وايران . وسوريا وأرمينيا . لن تسمح أي منها باقتطاع شبر واحد من أراضيها لاقامة دولة ¢كردستان¢ عليه ..!
- لكن لأن المناطق التي يعيش عليها الأكراد في هذه الدول االخمس متصلة جغرافيا .. فانهم ينامون ويصحون كل يوم علي أمل ضم هذه المناطق في دولة واحدة تجمعهم .. وهو أمل صعب المنال جدا .. لم يتحقق في تاريخهم الطويل الذي يمتد لأكثر من 4 آلاف عام سوي مرة واحدة فقط .. ولفترة قصيرة جدا لم تكمل 11 شهرا ..
* قصة قيام هذه الدولة تعود الي فترة ما بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية . فرغم أن شاه ايران رضا بهلوي أعلن الحياد أثناء الحرب . الا أن ستالين اتهمه بأنه كان متعاطفا مع هتلر ودفع بالقوات السوفيتية للتوغل في الأراضي الايرانية . فهرب رضا بهلوي الي الخارج وتم تنصيب ابنه محمد رضا بهلوي مكانه .. كان ستالين يخطط لتوسيع نفوذ الاتحاد السوفييتي في محيطه الاقليمي بآسيا وخلق كيانات موالية له . فشجع الأكراد علي اقامة دولة مستقلة لهم علي جزء من الأراضي الايرانية ..
* تم الاعلان عن قيام هذه الدولة يوم 22 يناير عام 1946 . عندما وقف القاضي محمد زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني في ساحة جوارجرا ¢القناديل الأربعة¢ بمدينة ¢مهاباد¢ التي تقع في أقصي شمال غرب ايران . وأعلن مع مصطفي البرازاني عن قيام جمهورية كردستان الديمقراطية ذات الحكم الذاتي . وذلك وسط اجتماع حاشد حضره مندوبون يمثلون المناطق الكردية في كل من ايران والعراق وتركيا وسوريا .. الدولة الوليدة قامت علي ثلث المناطق التي يعيش عليها الأكراد في هذه الدول . وهو الجزء الذي يقع داخل ايران .. وأعلن أن عاصمتها مدينة ¢مهاباد¢ . ورئيسها القاضي محمد . وقائد جيشها مصطفي البرازاني . وقد أطلق عليها فيما بعد اسم ¢جمهوپرية مهاباد¢ ..
* لكن شاه ايران تحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية التي ضغطت بدورها علي الاتحاد السوفييتي فسحب قواته من الأراضي الايرانية ..
* بعد ذلك دفع شاه ايران بقواته الي مدينة ¢مهاباد¢ . فاقتحمتها في 17 ديسمبر 1946. وألقت القبض علي القاضي محمد ورفاقه . وتم اعدامهم شنقا في 30 مارس 1947 بنفس ساحة ¢القناديل الأربعة¢ .. بينما فر مصطفي البرازاني الي الاتحاد السوفييتي . حيث أقام به 12 عاما ومنحه السوفييت رتبة ¢جنرال¢ ..
* هكذا اسدل الستار علي ¢جمهورية مهاباد¢ الكردية الأولي .. الدولة الوحيدة في تاريخ الأكراد كله .. والتي لم تكن سوي ¢ورقة¢ في لعبة لعبها ستالين لمعاقبة رضا بهلوي علي تعاطفه مع هتلر .. وعندما انتهت اللعبة .. سقطت الورقة ..!
تكرار المحاولة
رغم خيبات الأمل التي صاحبت الأكراد علي مدي عصور التاريخ . في كل محاولة لاقامة دولة مستقلة تجمعهم "أكثر من 20 محاولة" .. الا أن حلم اقامة هذه الدولة لم يفارقهم أبدا ..!
- الآن تتكرر المحاولة .. يقودها مسعود البرازاني حاكم اقليم كردستان بشمال العراق . الذي أعلن يوم 7 يونيو 2017 عن اجراء استفتاء شعبي بالاقليم يوم 25 سبتمبر2017 لتقرير مصير الاقليم . حول ما اذا كان سيبقي جزءا من العراق أو يستقل عنه ..
- حسابات البرزاني قامت علي أساس أنه عندما أجري الاستفتاء علي الدستور العراقي في عام 2005 .. قامت منظمات المجتمع المدني بوضع صناديق خارج لجان التصويت للاستفتاء علي استقلال اقليم كردستان عن العراق . فجاءت النتيجة بالموافقة علي استقلال الاقليم بنسبة 98,89% ..
- قامت أيضا علي أساس أن هناك قوي اقليمية ودولية سوف تدعمه . لأن لها مصلحة في تقسيم العراق .. هي اسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية ..
- مصلحة اسرائيل في قيام دولة مستقلة باقليم كردستان .. تتلخص في أن هذه الدولة سوف تتحول الي قاعدة عسكرية لاسرائيل علي حدود كل من ايران وتركيا والعراق .. وقصة التحالف الاستراتيجي بين الأكراد واسرائيل معروفة ..!
- أما مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية .. فتتلخص في أن قيام دولة مستقلة باقليم كردستان . سوف يوفر للولايات المتحدة البديل الأنسب لنقل قواعد حلف شمال الأطلنطي من تركيا الي كردستان . اذا واصل أردوغان توثيق علاقته مع الروس . وشراء أنظمة دفاعية من الصين . والتحدث بصوت عال مع واشنطن .. عندئذ يمكن لواشنطن طرد تركيا من حلف شمال الأطلنطي ..!
- هناك مصلحة شخصية أيضا لمسعود برزاني في استقلال الاقليم .. تكاد تكون هي المحرك الأساسي في دعوته لاجراء هذا الاستفتاء .. وهي أن يبقي علي رأس السلطة كرئيس لدولة كردستان الجديدة ومؤسسها. بعد أن انتهت المدة الدستورية لرئاسته لاقليم كردستان منذ عام 2015 ..!
رغبة مسعود برزاني البقاء في السلطة دفعته الي تعطيل برلمان كردستان عن العمل عام 2015 . عندما فشل في الحصول علي موافقة البرلمان علي تمديد ولايته لرئاسة الاقليم عامين اضافيين . بعد انتهائها في 20 أغسطس 2015 ..
- تعطيل البرلمان أدي الي تعقيد المشهد السياسي داخل الاقليم .. فبينما أصر الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة برزاني علي التمديد له لعامين آخرين . وقال : ¢انه رجل المرحلة الذي لابديل له . سيما في الأوقات العصيبة الراهنة التي يمر بها اقليم كردستان . استنادا الي التحديات والمخاطر المحدقة بالاقليم وكيانه السياسي القائم¢ ..
- تمسكت الأحزاب الأخري بعدم الموافقة علي التمديد . وأبرزها الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي السابق جلال طالباني . بالاضافة الي ¢حركة التغيير¢ , و¢الاتحاد الاسلامي¢ . و¢الجماعة الاسلامية¢ .. وطالبت بتغيير النظام السياسي في الاقليم الي نظام برلماني . يتم فيه انتخاب رئيس الاقليم عن طريق البرلمان . وليس عن طريق الاقتراع الشعبي المباشر . باعتبار أن الاقليم مازال جزءا من العراق وليس دولة مستقلة .. كما دعت بعض القوي السياسية الأخري الي تطبيق نظام ¢اللامركزية¢ في ادارة الاقليم . بما يتطلبه من سحب معظم صلاحيات رئيس الاقليم واسنادها الي رؤساء المدن للقضاء علي البيروقراطية .. بل وصل الأمر ببعض القوي السياسية الي المطالبة بتقسيم الاقليم الي ادارتين حكوميتين . احداهما في أربيل والأخري في السليمانية علي غرار ما حدث أثناء فترة الاقتتال الكردي بين عامي 1994 و2006 ..
- حاول برزاني الوصول الي صفقة سياسية مع أحزاب المعارضة لكنه فشل .. فاعتبر أن عدم موافقة البرلمان علي التمديد له في رئاسة الاقليم يعد ¢انقلابا سياسيا¢ .. وقام بتعطيل عمل البرلمان بصورة كاملة .. واستمر في السلطة ..!!
* في تلك الآثناء كان تنظيم داعش يبسط سيطرته علي مساحة واسعة من الأراضي العراقية ويحتل مدينة ¢الموصل¢ . بينما كان الجيش العراقي في حالة انهيار كامل . وحكومة بغداد غارقة في الصراع حول توزيع الحقائب الوزارية . واقليم كردستان مهدد بالوقوع تحت سيطرة قوات داعش . التي كانت قد تمكنت بالفعل من احتلال بعض القري الكردية..!
* هذه الظروف ساعدت مسعود برزاني علي البقاء في السلطة دون أن يواجه باعتراضات شعبية تذكر ..
* وحرصا منه علي التأكيد بأنه ¢رجل المرحلة¢ .. أخذ يظهر أمام كاميرات التلفزيون بالزي العسكري الميداني وهو يتفقد قوات ¢الباشمرجة¢ المرابطة علي حدود الاقليم . لصد أي هجوم محتمل من داعش..
* في نفس الوقت استغل انهيار الجيش العراقي وتقهقره بعيدا عن تخوم الاقليم . وبدأ يبسط سيطرته علي المناطق المتنازع عليها .. خاصة في كروك التي تعوم علي بحيرة من البترول .. كما استمر في بيع البترول بمعدل نصف مليون برميل يوميا بمعزل تام عن حكومة بغداد . حتي يتمكن من ادارة الاقليم بصورة مستقلة ..
* رافق ذلك استحداث اجراءات أمنية فرضها لتكريس فكرة استقلال الاقليم عن العراق .. حتي وصل الأمر الي درجة منع أي مواطن عراقي من دخول اقليم كردستان دون الحصول علي موافقة أمنية مسبقة . ووجود كفيل كردي له.. !
* هكذا تمكن مسعود البرزاني من تمهيد الواقع علي الأرض لفصل اقليم كردستان عن العراق واعلان قيام دولة كردية مستقلة في الاقليم .. فأعلن يوم 7 يونيو 2017 أن واقعاً جديداً قد طرأ وفرض نفسه . وأن مسألة استقلال اقليم كردستان ¢ بكامل حدوده التاريخية¢ أصبحت متوقفة علي بعض الاجراءات الخاصة بالاعداد لاجراء استفتاء عام في الاقليم والمناطق المتنازع عليها ..
ردود الفعل
بمجرد اعلان برزاني عن اجراء الاستفتاء علي استقلال اقليم كردستان .. انطلقت موجة من ردود الفعل المحلية والاقليمية والدولية علي هذا الاعلان .. وبرزت التحديات التي تواجه عملية الاستفتاء علي كافة الأصعدة .. نلخصها فيما يلي :
* علي الصعيد الداخلي الكردستاني. توجد تيارات معارضة قوية لاجراء عملية الاستفتاء في الوقت الراهن لعدم توفر الظروف الاقليمية والدولية المناسبة له .. فضلاً عن مشكلات أخري تتعلق بالوضع الاقتصادي المتردي داخل الاقليم بسبب تفشي الفساد . حتي أصبحت حكومة الاقليم عاجزة عن دفع مرتبات الموظفين .. بعض موظفي الحكومة لم يحصلوا علي مرتباتهم منذ 5 شهور! .. كما أصبحت الحكومة عاجزة عن توفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين . وبلغت الديون المستحقة عليها 32 مليار دولار .. بالتالي فان الاستفتاء في ظل هذه الظروف قد يقود الي قيام دولة فاشلة مفلسة .. لعل ذلك هو ما ساعد علي ظهور حركة شعبية تتنامي داخل اقليم كردستان تقول : ¢لا للاستفتاء¢ .. !
* علي الصعيد العربي .. أكدت مصر ضرورة الحفاظ علي وحدة العراق وسلامته الاقليمية . واعتبرت أن أي تحرك في اتجاه الاستفتاء لابد وأن يحظي أولا بموافقة الحكومة المركزية في بغداد .. كذلك كان موقف جميع الدول العربية استنادا الي المواثيق الدولية . كميثاق الأمم المتحدة وميثاق جامعة الدول العربية التي تؤكد كلها علي وحدة أراضي الدول وسيادتها علي كامل أراضيها رسالة أبو الغيط
الموقف العربي عبر عنه أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية في ¢رسالة خاصة¢ بعث بها الي مسعود برزاني . أكد فيها علي أن ¢الاستفتاء المزمع اجراؤه في 25 سبتمبر المقبل سيحمل رسالة سلبية لأبناء الشعب العراقي من غير الأكراد. ويفتح الباب أمام رياح الشرذمة والتفتيت. ويزيد من تعقيد الأوضاع الاقليمية. بل قد يسهم في تعقيد المشهد الكردي ذاته بصورة لا يرغب فيها أحد¢..
- أضاف الأمين العام للجامعة العربية أنه ¢فضلاً عن دقة التوقيت الحالي وخطورة الظرف الذي يستلزم تكاتفاً أكبر وتوافقاً أوسع. فان التحرك بغير اجماع وطني ومن دون تنسيق وتوافق مع الحكومة في بغداد قد يكون من شأنه تأزم الموقف ودفع الأطراف جميعاً الي اتخاذ مواقف مُتصلبة لا تخدم مستقبل العراقيين. بمن فيهم الأكراد.¢
- ركز أبو الغيط في رسالته علي موقف الجامعة العربية الرافض لمبدأ الانفصال. مشيرا الي أن ¢حقوق الأكراد لا يمكن تلبيتها بصورة كاملة الا في اطار الدولة العراقية الفيدرالية الديمقراطية¢.. كما ناشد بارزاني ¢أن تأتي المساعي الكردية من أجل تأمين هذه الحقوق وصيانتها في اطار الوطن العراقي وليس بالتحرك بعيداً عنه. وأن تكون هذه المساعي بالانسجام مع الدستور وليس بتهميشه. علماً بأن هذا الدستور سبق التوافق عليه بين مكونات الطيف السياسي كافة بديمقراطية كاملة¢.
* رد برزاني علي رسالة الأمين العام لجامعة الدول العربية برسالة قال فيها : ¢ان حكام العراق عبر تاريخه السياسي فشلوا في بناء دولة ديموقراطية وشراكة حقيقية فيما بين مكونات الشعب العراقي عبر نوع من اللامركزية أوالحكم الذاتي أوالفيدرالية¢ ..!
الموقف الأمريكي
تعارض الولايات المتحدة الأمريكية اجراء الاستفتاء من حيث التوقيت وليس من حيث المبدأ ! .. هذا ما عبر عنه وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون في اتصال هاتفي مع مسعود برزاني . فسأله برزاني عن الضمانات التي يمكن أن تقدمها واشنطن للأكراد في حال تأجيل موعد الاستفتاء .. فنصحه تيلرسون باستمرار التفاوض مع حكومة بغداد من أجل الحصول علي موافقتها علي انفصال الاقليم ..!
- كما هو واضح فان الولايات المتحدة الأمريكية ليست ضد تقسيم العراق ونشوء دولة كردية في الشمال .. لكنها تخشي أن اجراء الاستفتاء في هذا التوقيت - كما جاء في بيان لوزارة الخارجية الأمريكية - ¢يمكن أن يصرف الانتباه عن أولويات أخري أكثر الحاحا¢ مثل هزيمة تنظيم الدولة الاسلامية ..!
أخطر التحديات
* أما أخطر التحديات التي تواجه مسعود برزاني بشأن الاستفتاء الذي دعا اليه في 25 سبتمبر القادم .. فهو موقف كل من تركيا وايران الرافضين لقيام دولة مستقلة للأكراد في شمال العراق .. لأن قيام هذه الدولة سيتبعه اقتطاع الأراضي التي يعيش عليها الأكراد في كل من تركيا وايران وضمها الي الدولة الكردية الناشئة ..
* لعل ذلك هو ما دعا رئيس أركان حرب القوات الايرانية للقيام بزيارة الي تركيا الأسبوع الماضي استمرت عدة أيام . التقي خلالها بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان . وأجري مباحثات مكثفة مع القادة العسكريين في تركيا من أجل الاعداد لتحرك عسكري تركي ايراني مشترك في شمال العراق في حال اقدام برزاني علي اجراء الاستفتاء الذي دعا اليه ..
* فكرة ¢التحرك العسكري¢ ليست من عندي .. انما هي خلاصة تصريحات المسئولين الأتراك علي مدي الأسابيع الماضية بشأن اجراء الاستفتاء المزمع في اقليم كردستان .. حتي وصل الأمر بوزير الخارجية التركي جاويش أوغلو الي القول بأن اجراء الاستفتاء يعني نشوب حرب أهلية .. أسباب نشوب مثل هذه الحرب الأهلية كثيرة ومعقدة ويطول الحديث فيها . لكنها ترجع أيضا الي وجود ¢تركمان¢ يعيشون في اقليم كردستان .. وكانوا الي وقت قريب يشكلون أغلبية السكان في مدينة كركوك .. لكن بسبب الثروات البترولية الهائلة التي تمتلكها كركوك . قام مسعود برزاني علي مدي الأعوام الماضية بعملية احلال واسعة للأكراد في المدينة حتي أصبحوا يشكلون أغلبية سكانها .. لكي تصبح كركوك بعد ذلك جزءا من الدولة الكردية التي يحلم باقامتها..!
* فاذا أضفنا الي ماسبق طبيعة الزائر الايراني لتركيا .. وهو رئيس أركان حرب القوات الايرانية .. ندرك بسهولة أن هدف الزيارة هو تنسيق التدخل العسكري التركي الايراني المشترك في شمال العراق عند اجراء الاستفتاء ..
* هنا يثور سؤال : وهل ايران في حاجة الي التنسيق مع تركيا اذا ما قررت التدخل العسكري في العراق..؟
* الاجابة : نعم .. لأن ايران يمكنها أن تتدخل عسكريا كما تشاء في جنوب ووسط العراق .. لكن عندما يتعلق الأمر بشمال العراق . فلابد أن تنسق مع تركيا ..!
* هكذا يمكن القول ان تركيا وايران اللتان تختلفان 180 درجة في سوريا .. تتفقان تماما عندما يتعلق الأمر بشمال العراق .. لأن المصالح تتصالح..!
الموقف الإسرائيلي
اسرائيل هي الداعم الرئيسي لمسعود برزاني في عملية الاستفتاء علي استقلال اقليم كردستان عن العراق .. لأنها جزء من المخطط الاسرائيلي لتقسيم العراق ..
* الحديث عن علاقة برزاني باسرائيل والزيارات المتعددة التي قام بها والده مصطفي برزاني الي اسرائيل قصة قديمة لن أضيف لها شيئا .. لأنها مسجلة في الوثائق والكتب . ومتوفرة علي شبكة الانترنت بالصور والتفاصيل ..
* لكني هنا سأحاول الاجابة علي السؤال عن سبب المخطط الاسرائيلي لتقسيم العراق .. التي لاتشترك مع اسرائيل في الحدود الجغرافية ..
* قصة ذلك تعود الي تصريح صدر علي لسان الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين في عام 1989 بعدما انتهي من حربه مع ايران .. قال فيه : ¢ان العراق لديه أسلحة يمكن أن تحرق نصف اسرائيل¢ ..
* كان صدام يريد أن يثأر من اسرائيل . لأنها قامت بقصف المفاعل النووي العراقي يوم 7 يونيو عام 1981 .. بينما كان الجيش العراقي يخوض حربا ضروس ضد ايران . فلم يتمكن صدام ذلك الوقت من رد الضربة الي اسرائيل .. لذلك بعد أن فرغ من حربه مع ايران . بدأ يفكر في الثأر من اسرائيل .. مشكلته أنه صرح بذلك لوسائل الاعلام ..
* بقية القصة معروفة .. تم استدراج صدام حسين الي غزو الكويت .. ثم فرض الحصار الاقتصادي علي العراق وتجريده من أسلحته .. ثم غزو العراق .. والقبض علي صدام حسين . وتعليق رقبته في حبل المشنقة ..!
* المخطط الاسرائيلي يستهدف تقسيم العراق الي 3 دول ضعيفة .. تعيش في حالة حرب مع بعضها بسبب الخلاف حول الحدود والأرض وآبار البترول ..
* لأنه لو ترك العراق موحدا .. فربما يولد فيه صدام حسين جديد يهدد اسرائيل بحرقها ..
* لاحظ الصدفة التي جعلت مسعود برزاني يعلن عن اجراء استفتاء لانفصال اقليم كردستان عن العراق .. في الذكري ال 36 لقصف اسرائيل للمفاعل النووي العراقي.. يوم 7 يونيو 1981.. الساعة السادسة والربع مساء ..!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.