اتسم هذا الدين دوما بأنه ينهي المؤمن عن كل ما يلحق الضرر بمؤسسة الأسرة فجعل من أصول الاجتماع الإنساني عدم الضرر والافساد . قال تعالي: "غير مضار وصية من الله والله عليم حليم" "النساء 12". وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم لا ضرر ولا إضرار من ضار ضره الله ومن شاق شق الله عليه. وقرر الفقهاء لذلك القاعدة الأصولية. فحيثما تكون المصلحة فثم شرع الله. إن أعمال هذه الأصول الشرعية تتجلي فائدته في تأسيس صرح الأسرة علي المرأة والرجل علي أساس مكين إذ ان صلاحهما كفيل بصلاح منظومة الأسرة كلها يقيم لبنة قويمة في المجتمع تؤسس مجتمعا موحدا ومتماسكا متي صلحت وحداته الرئيسية المرأة والرجل فهما قلب الأسرة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله. ويلزم لذلك أن يكون تشريع الاجتماع الزوجي قائما علي صلاح الأسرة إذ بصلاحها صلاح المجتمع فلا يعدل عنها ولا يرضي عنها بديلا. ان الاهتمام بتربية الفتاة والفتي قاعدة أساسية لتقويم شخصيتهما وقوة ادراكهما وعمق فهمهما لإنشاء أسرة قوية يتوفر لدي طرفيها الفتاة والفتي الوعي الصحيح بمقومات الأسرة ومقاصد الاسلام من تشريعها كواحة للسكينة والطمأنينة والاستقرار العائلي فيجد فيه أفراد الأسرة التربية القويمة والرعاية الواجبة لتكون بحق نموذجا للأسرة السعيدة المتماسكة العارفة بحق الله ربها القائمة بأعبائها ومسئوليتها الاجتماعية. وهذه الأبعاد الضرورية للشخصية العائلية مطلب حتمي لإقامة نموذج الأسرة في الشريعة طبقاً للقاعدة الفقهية: الوسيلة إلي الواجب واجبة وقاعدة: ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ولا يتأتي ذلك في الزواج في سن صغيرة تكون فيها الزوجة كالطفلة لم تكتمل أنوثتها بعد فكيف لها أن تتزوج وتقيم كيان أسرة وتحمل وتضع مولودها وهي لم تكمل بعد عناصر تربيتها الشخصية فكيف تستطيع أن تكون مسئولة عن تنشئة طفل أو طفلة وهي نفسها لا تزال في مرحلة عمرية مبكرة وهذا ما لا يتسني معه قدرتها علي القيام بأعباء الزواج والتربية لأن فاقد الشيء لا يعطيه. وقد أثبتت تجربة الزواج في سن مبكرة ان في هذه الثقافة والتقاليد التي أفرزها هذا الخطاب المغلوط عن زواج البنت وهي صغيرة من أشباه العلماء وقوع مآس وأمراض جسدية واجتماعية نتيجة غرس هذه الثقافة وتحكم تلك التقاليد البالية حتي أصبحت هذه الزيجات المبكرة تشكل شبح أسرة لا يتوفر عندها الوعي برسالة الزواج وأقرب إلي العبث واللهو بهذه المؤسسة العظيمة. وبتطبيق ذلك علي تحديد سن للزواج فلا يجوز أن يحتكره فئة أو جماعة أو يستبد به البعض ويقصي رأي مؤسسة الأزهر الشريف والعلماء النابهين كما لا يستقيم إغفال المستجدات التي طرأت علي المجتمع ولا أن يضر بمصلحة الأنثي في بناء شخصيتها والمشاركة في خدمة المجتمع وملاحظة دورها المجتمعي وقوامه بناء الأسرة الصالحة ونعرض فيما يلي لجوانب الزواج المبكر.