اللواء صلاح فرج أحمد. واحد من أبطال حرب أكتوبر. وأحد أسود تحرير "تبة الشجرة" وهو الموقع الذي كان مخصصاً كمقر لقادة العدو. يحمل في ذاكرته الكثير من أسرار هذه المعركة التي رفعوا خلالها شعار "لن نرضي إلا بالنصر أو الشهادة.. قال ل"الجمهورية" لا أستطيع أن أتحدث عن يوم 6 أكتوبر أو يوم النصر والكرامة دون الحديث عن خطة الخداع الاستراتيجي التي تمت علي مستوي القوات المسلحة والتي كانت سبباً من أسباب النصر بعد توفيق الله سبحانه وتعالي. ولابد أن أشير إلي أن هذه الخطة خدعت قواتنا الباسلة قبل خديعة العدو وحلفائهم حيث لم نكن نعلم كمقاتلين بموعد الحرب. وبدأت خطة الخداع الاستراتيجي بإعلان القوات المسلحة عن توجه عدد من الضباط لأداء العمرة. وأن الرئيس سيقوم بزيارة لروسيا ومنح عدد من الضباط والجنود إجازات وتم منح كل منا "مظروف مغلق" وصدرت لنا تعليمات شفهية بعدم فتح المظروف إلا بعد لحظة وصول كل منا إلي منزله مباشرة. وكانت المفاجأة أن بداخل المظروف جملة واحدة فقط "أرجع إلي وحدتك فوراً" وكانت هذه الكلمة بالنسبة لنا بمثابة أمر واجب التنفيذ. وكانت أيضا أحد أهم اركان خطة الخداع. وكان لموشيه ديان مقولة شهيرة يؤكد خلالها أن الجندي المصري إذا ارتدي "الخوذة" فإن القوات المسلحة قد رفعت استعداداتها من اتخاذ تدابير لمواجهة العدو لذلك كانت كافة تحركاتنا كضباط وجنود قبل الحرب بدون خوذات. ففي يوم 6 أكتوبر وتحديدا الساعة الثانية عشرة ظهراً. بدأ قائد الكتيبة في تجميعنا وكنا نجهز الأفراد ونعد تجهيزات المواقع خاصة في موقعي كقوات "مشاة" وبدأ العبور بضربات القوات الجوية والمدفعية الساعة الثانية وعشر دقائق علي الضفة الشرقية للقناة. ثم بدأ العدو يتدخل بقواته الاحتياطية القريبة المتمثلة في الدبابات ونحن كقوات مشاة كان متوفراً لنا أسلحة ومضادات للدبابات "الأر بي جي" فقمنا بالتعامل مع دبابات العدو وتدميرها واسر بعض جنودها. ثم واصلنا الهجوم لتحقيق المهمة المباشرة للوحدة. وبدأنا في تحقيق المهام الموكلة لنا من قبل القادة حتي يوم 8 أكتوبر وهي معركة تبة الشجرة. واضاف "تعاملنا في هذه المعركة باستخدام تكتيكات صغري للاقتراب من التبة قبل الهجوم عليها خاصة وأن هذا الموقع كان مخصصا لقادة العدو وكان مزودا بتسليح معين لحمايتهم. ولكي نتغلب علي هذا بدأنا الاقتراب بمجموعات صغري إلي أن تم اقتحام التبة وبدأنا في تحريرها ثم تم مع التعامل مع العدو الذي انسحب فورا. وفي يوم 9 أكتوبر بدأت المعركة الرئيسية لتبة الشجرة بعد استيلائنا عليه. حيث بدأ الطيران الإسرائيلي والمدفعية ودبابات العدو في التعامل معنا لاسترجاع هذه التبة وكانت عقيدتنا القتالية في هذا اليوم النصر أو الشهادة وكانت كل خطوة نتقدمها لا نتراجع فيها رغم ضغط العدو علينا بشدة وإحداث بعض الخسائر ولكن إيماننا بعقيدتنا القتالية جعلتنا في صمود. وبدأ قائد الكتيبة اللواء رجب عبدالرحيم عثمان في إعطائنا الأوامر بالنزول من التبة وصراحة كان قراراً حكيماً لتقليله الخسائر. وتمت مواصلة الهجوم واحتلال الميول الشرقية للتبة. واستمر العدو في توجيه ضرباته علي تبة الشجرة. وقال اللواء صلاح فرج "قامت قوات الاستطلاع بإبلاغنا بتقدم لواء مدرعات مكون من 111 دبابة ونحن كتيبة مشاة. أي لا وجه للمقارنة بين القوتين. وبدأنا نخطر المدفعية لتقوم بضرب العدو وكان من طبيعة العدو عند الهجوم دفعه بمفرزه أمامية عبارة عن سرية دبابات وعندما تعاملت المدفعية مع هذه السرية تم تدمير المفرزة بالكامل وتراجع العدو للخلف. ثم واصلنا الهجوم إلي يوم 18 اكتوبر وبدأنا في أسر الدبابات. واستطرد قائلاً "لابد أيضا أن نوضح أن الانتصارات التي تحققت في تبة الشجرة جاءت إثر قبول السادات وقف إطلاق النار الذي لم يلتزم به العدو وكنا نتعامل مع جيشه كما كان يتعامل معنا إلي أن بدأت المحادثات وإعلان وقف إطلاق النار. ذكر اللواء فرج أنه من اللحظات التي لم ينساها هي لحظة وصول قواتنا وسيطرتها علي الضفة الشرقية والتي سجدوا خلالها جميعاً علي الأرض "شكراً لله" كنا علي أرض المعركة لا نميز بين مسلم وقبطي لأن مصر وطننا جميعا وأن الدم الذي روي أرض سيناء هو دم المواطن مسلماً كان أو مسيحياً. وعن مرحلة استعداداته التدريبية للمعركة قال اللواء صلاح فرج "تخرجت من أول يناير 1973 أي قبل الحرب ب10 أشهر وكانت أغلب تدريبنا علي العبور في ترعة الاسماعيلية باعتبارها القناة كنوع من المحاكاة وكانت جميعها تدريبات واقعية. وكان لدينا يقين بأن "العرق في التدريب يوفر الدم في المعركة" لذلك كنا نبذل جهودا كبيرة في التدريب إلي أن وصلنا لدرجة الاحتراف وبدأنا نشترك في خطة الدفاع الاستراتيجية للحرب ببناء أنفاق لتخزين معدات العبور وتجهيز حفر للذخيرة وباقي الشئون الإدارية للجنود وتخزين المياه وتجهيز المقاتل. وأكد أن مشروع ازدواج قناة السويس الذي تم إنجازه وخطة تنمية سيناء التي يجري تنفيذها حاليا تعد تكليلاً لنصر أكتوبر المجيد ولا تقل أهميتها عنه في ظل قيادة سياسية واعية حريصة علي تحقيق أمال وتطلعات الشعب المصري وقوات مسلحة قوية قادرة علي تأمين إرادة ذلك الشعب العظيم.