تحل غداً الأحد الذكري ال 40 لانتصارات 6 أكتوبر عام 1973. وهي ذكري غالية لا ينكرها إلا جاحد. ذكري أول انتصار يحرزه العرب في العصر الحديث.وهو الانتصار الذي شهد به الأعداء قبل الأصدقاء. ومنهم الجنرال الفرنسي الراحل أندريه بوفر الذي قال: "إن النجاح العظيم الذي حققه العرب في هجومهم يوم 6 أكتوبر إنما يكمن في أنهم حققوا تأثيراً سيكولوجياً هائلاً في معسكر الخصم وفي المجال العالمي كذلك". أما أهارون ياريف مدير المخابرات الإسرائيلية الأسبق فقال بمرارة: "لا شك أن العرب قد خرجوا من الحرب منتصرين بينما نحن من ناحية الصورة والإحساس قد خرجنا ممزقين وضعفاء". وتحمل انتصارات أكتوبر دروساً مفيدة أري من الضرورة استحضارها لعلها تساعدنا في علاج الجراح التي تسخن جسد الأمة حالياً.. فقد كانت الحرب نموذجاً للعمل العربي المشترك الجاد والفعَّال. فكانت معركة العرب جميعاً رغم انها دارت علي جبهتي مصر وسوريا. حيث تشير الوثائق إلي مشاركة من جيوش الجزائر وليبيا وتونس والمغرب والسودان والكويت والعراق والأردن في القتال. بينما ساهمت بقية الدول العربية بحظر النفط وتقديم المال والسلاح.. ونذكر علي سبيل المثال ان الطائرات العراقية شاركت بسربين جويين في الضربات الجوية خلال حرب أكتوبر علي الجبهة المصرية. أما التواجد العراقي علي الجبهة السورية فبلغ في نهاية الحرب طبقاً للاحصائيات الرسمية: فرقتين مدرعتين و3 ألوية مشاة وعدة أسراب طائرات. قوامها 000.30 جندي وأكثر من 250 دبابة و500 مدرعة وسربين من طائرات ميج 21 و3 أسراب من طائرات سوخري سو 17" وتشير الوثائق أيضاً إلي أنه تم تكليف القوات الكويتية بحماية دمشق وانتشرت مواقعها بالقرب من ضريح السيدة زينب. ثم ألحقت بعدها بالفرقة الثالثة في القطاع الشمالي في هضبة الجولان ثم شاركت في حرب الاستنزاف ضد القوات الإسرائيلية. وظلت القوة في الأراضي السورية حتي 25 سبتمبر .1974 أما الجانب الآخر المشرق لحرب أكتوبر والذي أقلق الدول الغربية يتمثل في استخدام سلاح البترول في المعركة.. وتشير الوثائق إلي أن الاستعداد لاستخدام هذا السلاح بدأ قبيل وقوع الحرب بحوالي شهرين. وبالتحديد في أغسطس 1973 عندما قام السادات بزيارة سرية للعاصمة السعودية الرياض والتقي بالملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود يرحمهما الله حيث كشف له السادات عن قرار الحرب علي إسرائيل إلا أنه لم يخبر الملك فيصل عن موعد الحرب مكتفياً بالقول إن الحرب قريبة.. وقد طلب السادات خلال اللقاء أن تقوم السعودية ودول الخليج بوقف ضخ البترول للغرب حال نجاح خطة الهجوم المصرية.. وفي 17 أكتوبر عقد وزراء النفط العرب اجتماعاً في الكويت. تقرر بموجبه خفض انتاج النفط بواقع 5% شهرياً ورفع أسعار النفط من جانب واحد.. وفي 19 أكتوبر طلب الرئيس الأمريكي نيكسون من الكونجرس اعتماد 2.2 مليار دولار في مساعدات عاجلة لإسرائيل.. الأمر الذي أدي لقيام الدول العربية المنتجة للنفط لإعلان حظر علي الصادرات النفطية إلي الولاياتالمتحدة. مما خلق أزمة طاقة خنقت أمريكا وكل الدول الغربية المساندة لإسرائيل.. ومن يومها بدأ هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكية في ذلك الوقت في تشكيل مجموعة الطاقة تضم كبري الدول المستهلكة للنفط.. ومن يومها أيضاً بدأت القوي الغربية بقيادة الولاياتالمتحدة بوضع خطط للسيطرة علي منابع النفط حتي ولو باستخدام القوة المسلحة حتي لا تتكرر الأزمة النفطية التي وقعت خلال حرب أكتوبر 1973 واتفق تماماً مع ما ذهب إليه الكثير من خبراء الاستراتيجية إلي أن حرب العراق وإيران عام 1979 وغزو العراق للكويت عام 1990 والغزو الأمريكي للعراق عام 2003 يدخل في إطار مخطط لسيطرة علي النفط العربي. أري أن تعميق حالة الانقسام التي تعيشها الأمة. والمساعي الرامية لتدمير الجيوش العربية تدخل في مخططات الأعداء لعدم تكرار نصر عربي مماثل لنصر أكتوبر. وأعتقد جازماً أن الخروج من الأوضاع المتردية التي نعيشها تتطلب استحضار روح أكتوبر لإعادة حشد مقدرات الأمة لإسقاط كل المخططات المعادية.