لم تأت مواقف السعودية والإماراتوالكويت الداعمة "مصر ضد الإرهاب وضد التدخل الأمريكى والأوربى في مصر 30 يونيو" من فراغ وإنما ينطلق من رصيد قوى من العلاقات المتينة التي تجسدت في الحروب التي خاضتها مصر ضد الكيان الصهيونى، وخاصة حرب 73. أدرك الملك الراحل عبدالعزيز آل سعود بكل وضوح الأهمية الإستراتيجية للعلاقات المصرية السعودية حتى إن له مقولة شهيرة «لا غني للعرب عن مصر ولا غني لمصر عن العرب» ولذلك عمل على إيجاد علاقة قوية ومستمرة مع مصر. أيضا كان لمصر والسعودية دور كبير في التوقيع على ميثاق جامعة الدول العربية وأبدت المملكة العربية السعودية مطالب مصر في جلاء بريطانيا عن أراضيها ووقفت بجوارها تدعمها في الجامعة العربية والأمم المتحدة وجميع المحافل الدولية للحصول على الاستقلال التام. وقد وصي الملك عبدالعزيز ملك السعودية - كما صرح الكاتب الصحفي الكويتي أحمد الجار الله لسائل الإعلام - بأن الملك أوصى ابناءه قبل موته قائلا لهم:وقال «عليكم بمصر انتبهوا يا أولادي بمصر، وبعلاقة طيبة بأهلها وبها». وفي 27 أكتوبر 1955 وقعت المملكة السعودية مع مصر اتفاقية دفاع مشترك بين البلدين وقع عليها الملك فيصل والزعيم الراحل جمال عبدالناصر، وأثناء العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 دعمت المملكة مصر بكل ثقلها مصر سياسية وعسكريا واقتصاديا فقدمت لمصر 100 مليون دولار بعد سحب العرض الأمريكي لبناء السد العالي. وفي 30 أكتوبر 1956 أعلنت المملكة التعئبة العامة لجنودها لمواجهة العدوان الثلاثي على مصر، وعقب العدوان الإسرائيلي على مصر وسوريا والأردن عام 1967 توجه الملك فيصل بنداء إلى الزعماء العرب بضرورة الوقوف إلى جانب مصر وتخصيص مبالغ كبيرة لمصر لتمكينها من الصمود واستمرت المساندة السعودية حتي حرب أكتوبر 1973 وبذلك أسهمت في كثير من النفقات التي تحملتها مصر قبل الحرب واثنائها. وبمجرد وقوع نكسة 5 يونيو 67 بادرت السعودية إلى الدعوة إلى انعقاد قمة الخرطوم في العاصمة السودانية في 29 أغسطس 1967 والتي جمعت الملك فيصل وعبدالناصر - رحمهما الله - بالرغم من الخصام بينهما بسبب تدخل عبدالناصر في مسألة اليمن وكانت نتيجة القمة أنه لا صلح ولا اعتراف ولا تفاوض مع إسرائيل، وبذلك غلبت المملكة السعودية الشأن العام على الخاص وانتشلت الوضع العربي من انهيار نفسي كان من الممكن أن يؤدي إلى كوارث كثيرة. وكان للسعودية كغيرها من الدول العربية دور قوى في حرب 6 أكتوبر وذلك باستخدام سلاح النفط، حيث بدأت المساعدات العربية والتضامن العربي لمصر قبل قيام حرب أكتوبر 73 بسنوات، حيث اجتمع الرئيس السادات مع العاهل السعودى الراحل الملك فيصل في الرياض سرا في إطار التحضير لحرب أكتوبر والبحث عن اتفاق بموجبه يستخدم العرب سلاح النفط كجزء من الصراع العسكري وذلك في 15 سبتمبر 1973. وفي 16 أكتوبر 1973 أعلن أعضاء منظمة الدول المصدرة للبترول «اوبك» خطر تغطى ضد أوربا وأمريكا وذلك لدفع الدول الغربية لإجبار إسرائيل على الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة بعد حرب 1967. وأعلنت دول الأوبك «إيران - السعودية - العراق - الإمارات - الكويت - وقطر» أنها سوف تتوقف عن امدادات النفط إلى الولاياتالمتحدة والبلدان المؤيدة لإسرائيل في صراعها مع مصر وسوريا. واتفق أعضاء المنظمة على استخدام نفوذهم على آلية ضبط أسعار النفط في أنحاء العالم من أجل رفع أسعار النفط بعد فشل المفاوضات مع شركات النفط الكبري، وكان لهذا اثر كبير لأن معظم الاقتصاديات الصناعية كانت تعتمد على النفط الخام الذي تعتبر دول الأوبك مصدراً أساسياً له. وبفعل الحظر البترولى استجابت البلاد المستهدفة «الغربية» بمبادرات واسعة لاحتواء اعتمادهم المستقبلي على الغير، وكانت أول رد فعل لدول الأوبك هو فرض حظر على شحنات النفط الخام للغرب وأمريكا وهولندا بعد أن زودت هولندا إسرائيل بالأسلحة وسمحت للامريكيين باستخدام المطارات الهولندية لدعم إسرائيل، ونتيجة لذلك ارتفع سعر النفط واستمر في ارتفاعه حتي عام 1986. وحين أعلن ريتشارد نيكسون رئيس الولاياتالمتحدة اعتماد 2٫2 مليار دولار مساعدات لإسرائيل قررت السعودية وليبيا فرض حظر على الصادرات النفطية إلى أمريكا وخفض الإنتاج بنسبة 25٪ فاضطر وزير الخارجية الأمريكي هنرى كيسنجر للذهاب إلى السعودية ليدعو الملك فيصل إلى التراجع عن قرار حظر البترول عن الدول الداعمة لإسرائيل ومنها أمريكا وهولندا والبرتغال، وقال له «إن طائرتي خالية من الوقود واحب تمويها، فرد عليه الملك فيصل بدعابة إن امنيتي أن أصلي بالمسجد الأقصي فهل تساعدني أمريكا في ذلك». وبمجرد أن علم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان حاكم الإمارات بقيام حرب أكتوبر 1973 وكان موجودًا في بريطانيا اتخذ قرارًا تاريخيا بدعم المعركة القومية وقال: «ندعم مصر حتي آخر فلس في خزينتنا»، وعندما عجزت خزينتة عن الوفاء بوعده لم يتردد وقام باقتراض 50 مليون جنيه استرليني من البنوك الاجنبية بلندن وأرسلها إلى مصر وسوريا دعمًا وتعزيزا لهما في حربهما ضد إسرائيل. وعقد الشيخ زايد مؤتمرآً صحفياً بلندن في 7 أكتوبر 1973 معلنًا موقف بلاده بدعم دول المواجهة مع العدو الصهيوني ووقوف دولة الإمارات إلى جانبهم بكل وضوح قائلا: سنقف مع المقاتلين في مصر وسوريا بكل ما نملك وليس المال أغلي من الدم العربي وليس النفط أغلي من الدماء العربية، وأصدر الشيخ زايد أمرًا بإعلان حالة الطوارئ القصوى في أجهزة الإعلام الإمارتية لدعم المعركة كما تهيأ جيش الإمارات للتحرك في أي وقت بعد أن فتحت الدولة رسميًا مكاتب للتطوع وفرضت ضريبة جهاد على التجار والشركات ورجال الأعمال إلى جانب استقطاع راتب شهر كامل من العاملين بالإمارة بمبادرة ذاتية إضافة إلى دعم شخصي من الشيخ زايد بمبلغ 100 مليون استرليني للمعركة إلى جانب تقديم المساعدات العينية التي تمثلت في مستشفيات الميدان وعربات الإسعاف والأجهزة الطبية التعويضية للمصابين. أيضا دفع الشيخ زايد على نفقته الخاصة مصاريف انتقال 40 صحفيًا من مختلف دول العالم إلى دمشق والقاهرة لتغطية أخبار المعركة، مصرحا للجميع بأنه عندما تفتح أفواه المدافع سوف تغلق على الفور صنابير البترول ولن نكون بعيدين عن المعركة. وفى هذا السياق نشرت جريدة الأهرام يوم 15 أكتوبر 1973 في تقرير مفصل لها أن الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان هو أول حاكم عربي يعلن تبرعه ويحدد موقفه بوضوح. قبل اندلاع حرب 73 بعام كامل تقريبا أوفدت مصر الفريق سعد الدين الشاذلي إلى العراق مرتين في 26 مايو 72 و2 يوليو 72 وقابل الشاذلي الرئيس العراقي أحمد حسن البكر وطرح مشاركة العراق في حرب محتملة مع إسرائيل. وأكد الرئيس العراقي استعداد بلاده إرسال قوات عسكرية حال نشوب الحرب ووضعت الحكومة العراقية في فبراير 1973 مبلغ 7 ملايين جنيه استرليني في حساب باسم الحكومة المصرية وطلبت من مصر أن تبلغها بجميع احتياجاتها العسكرية، وسافر نائب رئيس الجمهورية صدام حسين إلى فرنسا لشراء معدات عسكرية لمصر ووصلت هذه المعدات إلى مصر في مارس 1973 ومنها سربين من طائرات هوكرهنتر وعددها 20 طائرة تمكنت من ضرب مواقع صواريخ هوك في سيناء وضرب مواقع المدفعية وتدمير دبابات العدو وسط سيناء. وفي 7 أكتوبر 1973 أعلن العراق مشاركته الرسمية في الحرب ماديًا ومعنويا وعسكريا حتي إنه بعد انتهاء الحرب تسلم السفير العراقي في مصر من وزير الحربية المصري أحمد إسماعيل وسام نجمة الشرف العسكرية منحه الرئيس أنور السادات إلى قائد السرب العراقى الذي حارب على الجبهة المصرية وقتل منه ثلاثة طيارين وتم أسر ثلاثة طيارين آخرين وتدمير 8 طائرات. أما الكويت فقد ارسل أميرها الصباح السالم الصباح بناء على اتفاق تم مع الرئيس جمال عبدالناصر لواء كامل من الويتها الثلاثة إلى مصر في4 يونيو 1967 مما يدل على عمق العلاقات بين مصر والكويت. وشارك الجيش الكويتي بلواء عسكري «اليرموك» في التصدى للعدوان الإسرائيلي ولم يعد اللواء إلى بلاده إلا بعد انتهاء الحرب في ستبمير 1974. وبذلك شارك لواء اليرموك في حرب الأيام الستة على الجبهة وفي سنوات الاستنزاف على جبهتي سيناء وقناة السويس ثم شارك أيضا في حرب أكتوبر 1973 على جبهة القتال لدعم القوات المصرية واستشهد من اللواء 37 عسكريًا كويتيًا من بينهم الرائد خالد الحيران والملازم على الفهد، أيضا أرسلت الكويت لواء الجهراء إلى سوريا للاشتراك في حربها ضد إسرائيل. ويذكر الفريق عبدالرحمن زاهر، رئيس جمعية الصداقة المصرية الكويتية، أن الكويت هي أول دولة عربية تقطع البترول عن دول الغرب في حرب أكتوبر 1973، كما منعت أي طائرة غير عربية من عبور سمائها أو أي قطعة بحرية من العبور في مياهها، وكانت أكبر نسبة من الشهداء من الكويت وقد تم تدمير 85٪ من الطائرات الكويتية و100٪ من القاذفات وكانت كلمة الله أكبر سلاح للجنود في معركة النصر التي وقف فيها الجميع صفا واحدًا لاسترداد كرامة الدول العربية. ولعبت مصر دورًا رئيسيا في دعم استقلال الكويت عام 1961 في محاولة لنزع فتيل الأزمة بين الكويت والعراق قبيل الغزو العراقي وشاركت مصر في تحرير الكويت.